لاكروا: تنافس جزائري مغربي على الساحل الإفريقي بعد خروج فرنسا منه
تاريخ النشر: 21st, January 2024 GMT
نشرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية مقالا جاء فيه أن الخصمين المغاربيين الجزائر والمغرب، يتنافسان الآن حول ورقة منطقة الساحل الإفريقي بعد أن أدى خروج فرنسا والأوروبيين لترك فراغ ينتظر من يملؤه.
وقد اقترحت المغرب في نهاية كانون الأول/ ديسمبر الماضي مشروع منطقة تبادل حر مع تسهيل الوصول إلى المحيط الأطلسي، وفيما ردت الجزائر بعرض تحالف مع بلد آخر على الساحل الغربي الأفريقي متمثل في موريتانيا.
وتقول الصحيفة في هذا المقال الذي ترجمته "عربي21" إن دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لوزير الخارجية الموريطاني محمد سالم ولد مرزوق يوم الثلاثاء 16 كانون الثاني/ يناير، تمثل محاولة للوقوف في وجه الحملة الديبلوماسية والتجارية التي يقوم بها الخصم المغربي.
وفي يوم 23 كانون الأول/ ديسمبر في مراكش كان وزراء خارجية مالي والنيجر وبوركينافاسو وتشاد قد قدموا ردودا إيجابية، على المبادرة الملكية المتعلقة بتسهيل وصولهم إلى المحيط الأطلسي، عبر ميناء الداخلة في الصحراء الغربية والخاضع للسيطرة المغربية.
من جهته عبر وزير الخارجية الموريتاني ولد مرزوق يوم الثلاثاء عن عزمه مواصلة تطوير العلاقات الثنائية بين موريتانيا والجزائر.
والكلام هنا يدور حول مشروع تبادل حر لدور الساحل، مضاد للمشروع المغربي يتمثل في تسهيل الوصول إلى واجهة أطلسية عبر ميناء نواكشوط. ومنذ ذلك الوقت واجهت المغرب ارتفاعا مشطا في الرسوم الجمركية التي تفرضها عليها السلطات الموريتانية من أجل حماية أسواقها، وهو ما أدى إلى تكدس صفوف طويلة من الشاحنات على الحدود.
ويرى لويس مارتينيز الباحث والمتخصص في الشأن المغربي، أن كل هذه التحركات للظفر بمنطقة الساحل هي نتيجة مباشرة للفراغ الذي تركه الانسحاب الفرنسيين والأمريكيين من دول الساحل، وهو ما خلق وعيا لدى الرباط والجزائر حول أهمية هذه المنطقة.
ويقول مارتينيز: "هذين البلدين لديهما حلفاء أقوياء، متمثلين في الولايات المتحدة بالنسة للمغرب، والصين وروسيا وتركيا بالنسبة للجزائر، ولكنهم يبقون حلفاء بعيدين جغرافيا ولا يساهمون بشكل فعلي في خلق سياسات إقليمية للتنمية.
والآن انتبه البلدان إلى أن هنالك الكثير من الفرص الواعدة من الناحية الجنوبية، حيث توجد منطقة تضم ما بين 250 و300 مليون ساكن".
وتتساءل الصحيفة حول الأسباب التي تدفع هذين البلدين للانخراط في منطق المواجهة الذي يشمل موريتانيا التي يبدو أنها قبلت الخضوع للنفوذ الجزائري.
وبحسب الصحيفة فإن دوافع المغرب في هذا التوجه تبدو واضحة، حيث أن هذه الصفقة تبدو مناسبة جدا. في مقابل توفير منفذ بحري، إلى جانب عائدات تجارية محتملة، تتمكن هذه المملكة من فرض شرعيتها بالأمر الواقع على الصحراء.
أما بالنسبة للجانب الجزائري، فإن التوجه نحو موريتانيا هو مسألة طبيعية، خاصة وأن هذا البلد لا يزال يشهد برودا في العلاقات مع المغرب التي تأخرت في الاعتراف به حتى العام 1969، ويحرص اليوم على الحفاظ على علاقات متوازنة مع جيرانه الشماليين. أما مالي والنيجر وبوركينا فاسو من جهتهم، فإنهم ينظرون بحماس كبير لفرصة الحصول على منفذ بحري عبر الصحراء، وهي تمثل بديلا جذابا عن خليج غينيا الذي تخيم عليه أنشطة القرصنة وانعدام الاستقرار السياسي.
وتقول الصحيفة إنه بالنسبة لهذه الدول الساحلية الأربعة، التي يتراوح ناتجها القومي الخام بين 9.2 و18.4 مليار يورو، فإنه من المفيد لها تعزيز المبادلات التجارية مع المغرب التي بلغ ناتجها القومي 120 مليار يورو في 2022، ولكنها في نفس الوقت لا تريد التخلي عن الجزائر التي بلغ إنتاجها 175 مليار.
ويرى لويس مارتينيز أن "هذه الدول المحاصرة في داخل القارة الإفريقية تحتاج إلى أن تكون براغماتية وتفتح كل القنوات والسبل الممكنة حتى لا تنحاز إلى محور واحد وتصبح تابعة له بشكل كامل".
وتشير الصحيفة في ذات السياق إلى أن مالي مثلا لا مصلحة لها في مزيد توتير علاقتها مع الجزائر التي تتشارك معها 1400 كيلومترا من الحدود، وقد جاءت حادثة تبادل سحب السفراء بين البلدين على خلفية خلافات في التعامل مع الانفصاليين الطوارق لتذكرهما بأهمية الحفاظ على العلاقات.
أما النيجر التي تسير على خطى المبادرة الجزائرية للطريق العابرة للصحراء، التي يفترض أن تربط بين البحر الأبيض المتوسط وخليج غينيا في نيجيريا، فإنها لن تتخلى عن هذا الشريان المهم لاقتصادها، والذي انطلق العمل عليه منذ وقت طويل.
وختاما ترى الصحيفة أن هذه المنافسة بين المغرب والجزائر لا تزال بعيدة عن نهايتها، فيما ينتقد لويس مارتينيز التعامل الأوروبي مع هذا الملف حيث يقول: "في الحقيقة فإن أكبر الخاسرين هم نحن الأوروبيون، بما أنه تم في البداية إخراجنا منه ثم تهميشنا دون أن نبذل أي جهد لاستعادة العلاقات مع هذه الدول.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الجزائر المغرب موريتانيا المغرب الجزائر موريتانيا سياسة من هنا وهناك صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
من دونباس إلى صحراء مالي: الطوارق يستلهمون تكتيكات حرب أوكرانيا
من المسيّرات المفخخة إلى العربات الوهمية القابلة للنفخ، يعتمد مسلحو الطوارق في مالي بشكل متزايد على تكتيكات مستوحاة من خبرات أوكرانية لمهاجمة جيش بلادهم وحلفائه الروس، وفق ما أفادت مصادر وشهادات حصلت عليها وكالة الأنباء الفرنسية.
وتعيد هذه الأساليب تشكيل ميزان القوى في النزاع بين المجلس العسكري الحاكم في باماكو و"جبهة تحرير أزواد"، وهي تحالف انفصالي مسلّح يضم غالبية من الطوارق الذين يقاتلون للسيطرة على هذا الإقليم في شمال البلاد.
وفي حين تربط الطوارق علاقات بكييف، تعتمد مالي بشكل متزايد على مقاتلين روس لمواجهة المتمردين والمسلحين المرتبطين بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية الذين ينشطون في منطقة الساحل.
وقال المتحدث باسم المتمردين محمد المولود رمضان "ربما ما يجمعنا أكثر بأوكرانيا هو أنها، مثلنا، تعاني من الهمجية والإمبريالية الروسية".
في يوليو/تموز 2024، ألمح المسؤول في الاستخبارات العسكرية الأوكرانية أندري يوسوف إلى أن كييف زوّدت المتمردين بمعلومات مكّنتهم من تنفيذ هجوم.
وقتل المتمردون عشرات من المرتزقة الروس والجنود الماليين في بلدة تينزاواتين في شمال شرق مالي. وانضم المتمردون أحيانا للقتال إلى جانب "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم القاعدة.
وقال مدير برنامج الساحل في مؤسسة كونراد أديناور في مالي أولف لايسينغ إن "أوكرانيا أرادت أن تبهر شركاءها الغربيين عبر الادعاء بأنها تساعد المتمردين في مهاجمة روسيا في أفريقيا أيضا. لكنها قللت من شأن الرأي العام لأن المتمردين يُعتبرون إرهابيين في عواصم دول الساحل".
حلف موسكو الأفريقي
وتأسست "جبهة تحرير أزواد" في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، وتتألف في معظمها من الطوارق، وهم شعب أمازيغي شبه بدوي يعيش في مناطق تمتد عبر الصحراء الكبرى والساحل، ويسعى منذ عقود إلى إقامة دولة مستقلة في شمال مالي.
ودول مالي والنيجر وبوركينا فاسو تحكمها مجالس عسكرية متحالفة مع موسكو. وتتهم هذه الدول أوكرانيا بتزويد جبهة أزواد بالأسلحة.
وقال رئيس الوزراء المالي الجنرال عبد الله مايغا أمام الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي "مهما بدا الأمر بعيدا، فإن الحرب في أوكرانيا والإرهاب في الساحل مرتبطان"، مضيفا أن "النظام الأوكراني أصبح أحد أبرز مزوّدي الجماعات الإرهابية في العالم بمسيّرات انتحارية".
لكن أوكرانيا وجبهة أزواد نفتا مرارا تلك الاتهامات.
وقال رمضان "لم نتلق أي مساعدة مادية من أوكرانيا، لا طائرات ولا أسلحة ولا معدات أخرى"، مضيفا أن "قوتنا تكمن في تصميمنا ودهائنا وقدرتنا على التدريب والتنظيم الذاتي".
لكنه أوضح أن بعض مقاتلي الجبهة تلقوا تدريبات متخصصة في أوكرانيا على استخدام طائرات "إف بي في" (المسيّرات بنظام الرؤية من منظور الشخص الأول)، مضيفا أنه "عند عودتهم إلى الميدان، عززوا قدراتهم العملياتية بشكل كبير، ودربوا بدورهم مقاتلين آخرين في هذا المجال الإستراتيجي. واليوم أصبحت هذه التقنية جزءا أساسيا من قدراتنا القتالية".
وتُستخدم هذه الطائرات المسيّرة المحمّلة بالمتفجرات والموجّهة عبر نظارات معززة بالواقع الافتراضي لتنفيذ هجمات ضد قوافل الجيش المالي أو قواعد تضم مرتزقة روسا تابعين لـ"فيلق أفريقيا"، الذي يخضع مباشرة لوزارة الدفاع الروسية ويُعتبر خلفا لمجموعة فاغنر.
الضرب دون مواجهة
وقال الباحث رضا اليموري -من مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد- إن استخدام هذه الطائرات "يتيح للجبهة تجنب المواجهة المباشرة مع جيش مالي وشريكه الروسي الأفضل تجهيزا".
وفي فبراير/شباط الماضي، أعلنت الجبهة إسقاط مروحية تابعة للجيش المالي في الشمال بواسطة طائرة مسيّرة، وهو ما نفته السلطات التي قالت إنها "اعترضت طائرة مسيّرة أطلقها إرهابيون واستعادتها".
وتستخدم "جماعة نصرة الإسلام والمسلمين" بدورها طائرات مسيّرة مفخخة لمهاجمة القوات المالية.
تعتمد الجبهة أيضا على تقنيات تم تطويرها في أوكرانيا، منها مجسمات مطاطية لعربات وشاحنات تُستخدم كطُعم للتضليل.
وفي يوليو/تموز الماضي، عرضت السلطات المالية شاحنات وهمية قابلة للنفخ قالت إنها تابعة للمسلحين، في حين نشرت جبهة أزواد صورا لطائرات مسيّرة تعمل بأسلاك ألياف بصرية يصعب رصدها أو تعطيلها.
لكن بحسب لايسينغ، فإن "الطائرات التركية منحت الجيش المالي وشريكه الروسي تفوقا واضحا على مسلحي الطوارق عندما سيطرا على معقلهم في مدينة كيدال عام 2023″، مضيفا أن "المسلحين والجهاديين لجؤوا لاحقا إلى استخدام طائرات تجارية معدّلة، لكنها تبقى أقل تطورا من النماذج التركية".