يعيش الأطفال في قطاع غزة كابوسًا لا ينتهي، مع استمرار الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة واقترابه من شهره الخامس، إذ يعاني السكان من الجوع والضعف والإهمال ونقص الإمدادات الغذائية اللازمة للحياة، فالماء والغذاء نادران للغاية، كما تنتشر الأمراض في جميع أنحاء القطاع.

عمار عمار، المدير الإقليمي للإعلام بمنظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تحدث في حوار مع «الوطن»، عن الأوضاع الإنسانية الكارثية التي يعيشها الأطفال في غزة، حيث ارتفاع عدد الذين يعانون من سوء التغذية، في ظل عدم توافر المقومات لحياة كريمة لهم، كما أكد أنّ الأطفال الذين يعانون من سوء الحالة الصحية والتغذية، هم أكثر عرضة للإصابة بأمراض خطيرة مثل الإسهال.

وصول المساعدات يساعد في منع أسوأ النتائج

وفيما يلي نص الحوار:

- صف لنا الوضع الغذائي للأطفال في قطاع غزة خلال الأيام الجارية.

الوضع فيما يتعلق بتحليل هشاشة التغذية والوضع الغذائي في قطاع غزة، هو خطير بشكل خاص في شمال القطاع، والذي قُطعت عنه المساعدات بشكل شبه كامل منذ أسابيع، وجدت فحوصات التغذية التي أجريت في مراكز الإيواء والمراكز الصحية في الشمال، أن 15.6%، أو واحد من كل 6 أطفال دون سن الثانية، يعانون من سوء التغذية الحاد، ومن بين هؤلاء يعاني ما يقرب من 3% من الهزال الشديد وأكثر أشكال سوء التغذية تهديدًا للحياة، ما يُعرض الأطفال لخطر المضاعفات الطبية والوفاة إن لم يتلقوا علاجًا عاجلًا، وأُجريت الفحوصات ذاتها في جنوبي قطاع غزة وفي رفح الفلسطينية، وهناك تتوافر المساعدات بشكل أكبر، فوجد أنّ 5% من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد، وهذا دليل واضح يؤكد أنّ وصول المساعدات أمر ضروري ويمكن أن يساعد في منع أسوأ النتائج.

* كيف حال الأطفال في جنوبي قطاع غزة ومدينة رفح الفلسطينية الموجود بها أكثر من 1.3 مليون فلسطيني؟

يعاني الأطفال من أوضاع إنسانية كارثية بكل المقاييس، من حيث القصف المتواصل الذي يؤدي إلى قتل وجرح العديد منهم والنزوح المتكرر، على سبيل المثال، في رفح الفلسطينية وهي مدينة صغيرة يعيش فيها 1.3 مليون شخص، هي واحدة من أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان في العالم، هناك 600 ألف طفل يعيشون في منطقة صغيرة جدًا وفي الشوارع والملاجئ والتجمعات العشوائية، ويعيشون مرهقون دون أي حماية وفي ظروف صعبة للغاية وغير آدمية.

أطفال غزة يحصلون على لتري مياه صالحة للشرب

* ما نصيب الأطفال من المياه في غزة؟

في ظل عدم توافر المياه الصالحة للشرب، الأطفال في غزة لا يحصلون على أكثر من لتري مياه صالحة للشرب، وتستخدم في الطعام والنظافة الشخصية والاحتياجات اليومية، وهي أقل من المتطلبات الدولية الموصّى بها خلال أوقات النزاعات المسلحة أو الكوارث الطبيعية، والمقدرة بـ15 لترًا.

%70 من أطفال غزة أصيبوا بالإسهال خلال أسبوعين

* يعاني أطفال غزة من انتشار الأمراض.. هل هناك إحصائية توضح نسبة إصابتهم؟

يعاني أطفال غزة من انتشار الأمراض، وهناك 90% من الأطفال دون سن الخامسة مصابون بمرضٍ معدٍ واحد أو أكثر، وأُصيب نحو 70% من الإسهال خلال الأسبوعين الماضيين، بزيادة قدرها 23 ضعفًا مقارنة بخط الأساس لعام 2022، وهم يعيشون في أماكن غير مهيئة للعيش الكريم، ففي مراكز الإيواء المكتظة، لا تتوافر فيها أي مقومات للنظافة، ما يؤدي لانتشار الأمراض.

* ما حال الأطفال الذين يعانون من الإعاقات المختلفة؟

يكون الوضع أكثر سوءًا في حالة الأطفال الذين يعانون من إعاقة، وقبل الحرب كان يعاني 15% من سكان غزة من إعاقات مختلفة، وبعدها، هناك عددًا كبيرًا من الأطفال فقدوا أطرافهم، أو تعرضوا للبتر، إضافة إلى الجروح في كل أنحاء الجسد، فهم يعانون من الجوع والبرد وعدم توافر الخدمات الصحية والطبية الخاص بحالاتهم فيما يتعلق بالتأهيل الجسدي والحركي، وخدمات الرعاية النفسية بسبب الظروف والوضع الكارثي لحالاتهم، وإذا طُلب من الأطفال النزوح إلى أماكن أخرى فليس لديهم القدرة على النزوح وليس لديهم أي أدوات للمساعدة، مثل الأطراف الصناعية، حيث فُرضت على دخولها قيود، وهم بحاجة إلى التأهيل الجسدي والحركي ليتمكنوا بشكلٍ عام من استعادة بعض حركاتهم الطبيعية، كما أنّ الطرقات مُدمّرة وإذا نزحوا لا تتواجد أي نوع من الخدمات لمساعدتهم.

مليون و100 ألف طفل فلسطيني بحاجة إلى الدعم النفسي

* ما مدى احتياج أطفال غزة إلى الدعم النفسي بعد انتهاء الحرب؟

احتياج أطفال غزة إلى الدعم النفسي هائل، إذا نظرنا إلى الإحصائيات قبل الحرب، كان هناك تقريبا 500 ألف طفل بحاجة إلى الدعم النفسي، لكن مع مرور أكثر من 20 أسبوعًا من القتال والقصف الإسرائيلي المتواصل، نزح العديد من الأطفال عدة مرات، وأصبحوا يعيشون ظروفًا غير إنسانية والعديد منهم فقدوا أسرهم ووالديهم واخوتهم، وكانوا ضحية للقصف المتواصل، كما فقدوا أطرافهم.

هناك 1.1 مليون طفل بحاجة إلى دعم نفسي هائل، وله تبعات طويلة الأمد، وتعمل «يونيسف» على تقديم الدعم النفسي حاليًا من خلال نشاطات ترفيهية في مراكز الإيواء ومقدمي الرعاية النفسية، واستطعنا الوصول لـ60 ألف طفل، ولكن إذا قارننا النسبة بعدد الأطفال، فالاحتياجات الإنسانية هائلة، وبسبب الأوضاع الراهنة، فلا يمكن أن نوسع استجابتنا في الدعم النفسي إلا بوقف إطلاق النار، لأنه الحل الوحيد لوقف قتل الأطفال وحمايتهم من تبعات القصف والأوضاع النفسية المترتبة، وهذا سيساعد المنظمات الدولية ويونيسف بتوسيع استجابتها بشكل كبير بوضع برامج متوسطة وطويلة الأمد فيما يتعلق بالدعم النفسي للأطفال في هذه الظروف.

الأطفال تظهر عليهم علامات الخوف طوال اليوم

* كيف ترى التغير الكبير في مظهر الأطفال وحالتهم قبل الحرب وبعدها؟

رأيت أطفالًا انتشر الشيب في رؤسهم وأطفالًا تغيرت لون بشرتهم. وعندما نقوم بنشاطات ترفيهية أو أنشطة نفسية مع الأطفال في مراكز الإيواء المختلفة، يبدأ الطفل في الاستجابة ويبتسم ويلعب وتتغير نفسيته كأنّه طفل مرة أخرى، لكن بعد انتهاء النشاط يعود إلى الحياة والأوضاع الإنسانية الكارثية والقصف المتواصل، فبالتالي هو يعيش في دوامة لا تنته من التبعات النفسية المتكررة التي ستتركه شخص مؤذي لنفسه ومن حوله، أي «توكسيك»، هناك عدد كبير من الأطفال تظهر عليهم علامات الخوف طوال اليوم ولا يستطع النوم، إضافة إلى صراخ وبكاء متواصل ولا يتفاعلون مع أقرانهم، هناك تبعات نفسية هائلة نراها على الأطفال في غزة.

* قالت «يونيسف» إن عدم إدخال المساعدات سيؤدي إلى وفاة أطفال غزة.. هل يمكن تحديد المدة التي سيبدأ عدم إدخال المساعدات في التأثير بشكل كبير بحيث يؤدي إلى استشهاد أطفال غزة؟

نتيجة الأوضاع الإنسانية وارتفاع الحاد في معدلات سوء التغذية بين الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات، سيُشكل ذلك تهديدًا خطيرًا على صحة الأطفال، والأزمة الإنسانية، فيما يتعلق بعدم الوصول إلى مياه الصالحة للشرب وانتشار الأمراض، كل هذه العوامل مع بعضها ستشهد انفجارات في حالات وفاة الأطفال، ويمكن تجنبها بوقف القتال، وبالتالي دخول المساعدات إلى غزة.

* ما الجهود التي تحاول «يونيسف» بذلها لمساعدة الأطفال في غزة؟

يونيسف تقوم بتقديم المساعدات وتوصيلها وتقديم الدعم النفسي، وهناك برامج الحماية فيما يتعلق بالأطفال المنفصلين عن أهاليهم ومن ليس لديهم مرافق، وتحديد أماكنهم وتقديم المساعدات العاجلة ووضعهم في أماكن آمنة مع شركاء حتى يتم تحديد ما إذا والديهم أو أقاربهم على قيد الحياة.

نوفّر الأغذية العلاجية للأطفال والحفاضات، بالإضافة إلى النظافة والاحتياجات الخاصة بالنساء، ونقوم مع شركائنا ببناء دورات مياه، ونحاول توفير الوقود أيضًَا لمحطات التحلية التي تعمل بشكل جزئي وتوفير المياه الصالحة للشرب، فهناك العديد من المساعدات والنشاطات التي توفرها يونيسف، لكن بسبب الاحتياجات الإنسانية الهائلة في قطاع غزة لا تكفي المساعدات التي تقدمها يونيسف أو حتى المنظمات الأخرى.

المساعدات التي تدخل إلى غزة غير كافية، ويجب بشكل أساسي زيادة دخول عدد الشاحنات إلى غزة والمساعدات الإنسانية، ويجب رفع القيود فيما يتعلق بوصول المساعدات إلى الشمال، لأنّ ما يصل إلى شمال غزة غير كافٍ، وأيضًا دخول الوقود للمساعدة في نقل المواد إلى المناطق المختلفة، كما أنّ انقطاع الاتصالات يعوق تنسيق العملية الإنسانية في غزة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: اليونيسيف قطاع غزة أطفال غزة الأزمة الإنسانية في غزة الأمم المتحدة إلى الدعم النفسی فی مراکز الإیواء الذین یعانون من الأطفال فی غزة یعانون من سوء سوء التغذیة فی قطاع غزة فیما یتعلق من الأطفال بحاجة إلى أطفال غزة أطفال ا ألف طفل

إقرأ أيضاً:

طبيب أطفال في غزة: لن أترك مرضاي مهما حدث

نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني مقالا بقلم الدكتور هشام أبو عون، رئيس وحدات العناية المركزة للأطفال وحديثي الولادة في مستشفى "جمعية أصدقاء المريض الخيرية" بمدينة غزة، يقدم فيه شهادة حية عن الأوضاع المأساوية في القطاع.

وقال الكاتب إنه قضى 25 عامًا من العمل في رعاية الأطفال، وإنه اختار هذا الاختصاص إيمانًا منه بأن الأطفال يمثلون المستقبل، ويستحقون أفضل الخدمات الصحية وأقصى درجات العناية. لكنه اعتبر أن تلك الأحلام أصبحت جزءا من الماضي بسبب حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الأونروا: غزة تعيش كابوس الدمار والنزوح والجوع منذ عامينlist 2 of 2"الإغاثة الإسلامية" تكشف تطور إستراتيجية العمل الإنساني في سورياend of list

وأكد أن ما يعيشه سكان غزة كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى، حيث تجاوز الجميع حدود طاقتهم على الاحتمال، وأنه لا يعلم إذا كان سيبقى على قيد الحياة في الغد أم لا.

ظروف قاسية

وذكر الكاتب أنه يشرف على وحدتي العناية المركزة للأطفال وحديثي الولادة في مستشفى جمعية أصدقاء المريض الخيرية بمدينة غزة، وهما وحدتان تم إنشاؤهما بدعم وتعاون مع مؤسسة "الإغاثة الطبية للفلسطينيين".

وقال إنه يتابع حاليًا علاج 19 مريضًا، بينهم 3 أطفال في قسم العناية المركزة، و10 من حديثي الولادة في وحدات العناية المركزة ومستويات الرعاية الأخرى، مضيفًا أن معظمهم في حالة حرجة، إذ أصيبوا جراء الهجمات العسكرية الإسرائيلية، فبُترت أطراف بعضهم، واخترقت الشظايا أعضاء آخرين، في حين سُحق بعضهم تحت أنقاض المباني المنهارة.

وأوضح الكاتب أن الأطفال الرضّع يصلون إلى المستشفى وهم يعانون من سوء التغذية ونقص حاد في الوزن، مضيفا أن أمهاتهم يفتقرن إلى المأوى الآمن والمياه النظيفة والطعام، ويُجبرن على تحمّل القصف المستمر والنزوح المتكرر، ونتيجة لهذه الضغوط النفسية الهائلة، يشهد القطاع معدلات مرتفعة للغاية من الولادات المبكرة.

وبسبب الحصار الإسرائيلي الخانق، يفتقر المستشفى -حسب الكاتب- إلى الحاضنات المخصصة لحديثي الولادة وأَسِرّة العناية المركزة للأطفال وأجهزة التنفس الصناعي، وحتى الأدوية الأساسية وحليب الأطفال، ويعتمد الأطباء كليًا على عدد محدود من أسطوانات الأكسجين التي تتناقص بسرعة.

إعلان

ويضيف الكاتب أنه رغم كل ما يبذله الأطباء من جهود، فإن العديد من الأطفال يموتون في المستشفى بسبب عدم توافر المواد الطبية اللازمة لعلاجهم، معربًا عن خشيته أن تزيد الأمور سوءا بصدور أمر إخلاء قسري للمستشفى من جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وشدد على أن إجلاء الأطفال المرضى الذين يتلقون الرعاية شبه مستحيل، لأن نقلهم دون المعدات الطبية والإجراءات الدقيقة سيؤدي حتمًا إلى وفاتهم، مؤكدًا أن الأطباء والممرضين سيواصلون أداء واجبهم حتى النهاية ولن يتخلوا عن مرضاهم رغم القصف والدمار.

الاستهداف المتعمد

وقال الكاتب إن الطواقم الطبية في غزة تتعرض لهجمات متعمدة من الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن ما جرى العام الماضي في مستشفى الشفاء مثال صارخ على هذه السياسة الإسرائيلية، حيث اقتحم الجيش المستشفى وأعدم عددا من الأطباء والممرضين والمرضى ودفنهم بالجرافات داخل المبنى.

واعتبر الكاتب أن هذه الجرائم تمثل وصمة عار على جبين الإنسانية، متسائلا إن كان مصيره ومصير زملائه سيكون مماثلا، فقط لأنهم يؤدون واجبهم الإنساني ويرفضون التخلي عن مرضاهم.

وقال الكاتب إنه يعيش كبقية الفلسطينيين المأساة اليومية التي يمر بها سكان غزة تحت القصف، في ظل غياب أبسط مقومات الحياة، وخوف دائم على سلامة أفراد عائلته الذين يتركهم خلفه عند ذهابه إلى العمل، وهو يدرك أنه قد لا يراهم مجددًا.

وشدد على أنه رغم كل ما يمر به على الصعيد الشخصي، يرفض التخلي عن دوره في تقديم الرعاية الطبية للأطفال حتى في أقسى الظروف، لأنه لا يتحمل فكرة ترك طفل مريض يواجه الموت وحيدًا، ويرى أن ذلك جريمة بحق الإنسانية وبحق الطفولة.

وختم الكاتب بأن الشعب الفلسطيني يحب الحياة مثل غيره من البشر، وله مستقبل وأطفال وأحلام وطموحات يريد تحقيقها، داعيًا إلى وقف الإبادة والحرب والدمار، وإلى مساعدة الفلسطينيين على العيش بسلام.

مقالات مشابهة

  • جامعة الأقصر تعزز دعم الطلاب المغتربين بمبادرة للدعم النفسي
  • حبس مدير مصرفي بسبب سحب 1.63 مليون بشكل غير قانوني
  • يونيسف: منع إدخال المواد الغذائية والحاضنات يفاقم أوضاع الأطفال بغزة
  • يونيسف: الحرب على غزة إهانة للإنسانية.. ووقف إطلاق النار ضرورة ملحة
  • يونيسف: الحرب على غزة إهانة للإنسانية ويجب وقف إطلاق النار
  • يونيسف: الحرب على غزة إهانة للإنسانية ووقف إطلاق النار ضرورة ملحة
  • جامعة الأقصر تطلق مبادرة للدعم النفسي للطلاب المغتربين
  • غاتوزو صوت الإنسانية من إيطاليا إلى أطفال غزة
  • طبيب أطفال في غزة: لن أترك مرضاي مهما حدث
  • الأونروا: “إسرائيل” قتلت أطفال غزة وهم نائمون