قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: "المؤسسات الدينية الوسطية هي الروافد الأزهرية التي تحمل المنهج الوسطي المعتدل وتعمل على نشره في الأمة الإسلامية، وهي على اختلاف وظائفها وتنوع تخصصاتها، من تعليم أكاديمي وبحث علمي أو دعوة وإرشاد أو إفتاء وتوجيه، تمثِّل خط الدفاع الأول في معركة الوعي والدفاع عن الهُوية الوسطية ورصد كل ما يتهدد الأمة والأوطان من أفكار هدامة منحرفة سواء أكانت أفكارًا متشددة متطرفة تدعو إلى العنف والقتل والإرهاب، أو أفكارًا منحلَّة تدعو إلى التمييع والإلحاد وتعادي كل مكارم الأخلاق".

وأضاف مفتي الجمهورية أن هذه كلها أفكار تعمل على تهديد سلامة الوطن وتدمير حاضره ومستقبله، وتعمل على إضعاف الأمة في معاقل قوتها وحصون عزتها ودروع حمايتها، أعني بذلك وعيَ الأمة وعقولَ أبنائها وبخاصة الشباب الذين هم أمل الأمة وصناَّع المستقبل وأهم عوامل التقدم والنهضة في جميع الأمم.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها نيابةً عنه الدكتور علي فخر، رئيس القطاع الشرعي بدار الإفتاء المصرية، في المؤتمر الثالث الذي تنظمه كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة تحت عنوان: "نحو شراكة أزهرية في صناعة وعي فكري أمن- رؤية واقعية استشرافية" بمركز الأزهر للمؤتمرات بمدينة نصر.

أضاف مفتي الجمهورية أن الأزهر الشريف بتاريخه العريق هو المنبع الصافي الذي تنبع منه كل روافد العلم والمعرفة والدعوة والخير والعطاء للعالم كله بشكل عام ولأمتنا الإسلامية بشكل خاص ولوطننا مصر بشكل أخص، وهذه الشراكة الأزهرية الوسطية موجودة بالفعل، لأن المنهج المعرفي منهج واحد، والغاية التي نسعى إليها هي غاية واحدة، كما أن الخطر الذي نواجهه جميعًا هو خطر واحد وإن تنوَّعت أشكاله في صورة انحلال وإلحاد، أو تطرف وإرهاب، أو غير ذلك، فكله خروج عن حدِّ الوسطية والاعتدال وبُعد عن الصراط المستقيم والعقل القويم.

وأشار المفتي إلى أنَّ الناظر إلى واقعنا المعاصر وما شابه من ثورة عظيمة في وسائل الاتصال وتمكُّن وسائل السوشيال ميديا من التأثير الكبير على صناعة الرأي وعلى توجيه الفكر وعلى عقول الجماهير بالخير أو بالشر، يدرك حجم المخاطر الجمَّة التي تواجه وعي الجماهير وعقول الشباب، ومن ثم تواجه المؤسسات الدينية الأزهرية المسؤولة عن حماية الوعي.

وأكَّد أن ذلك يحتِّم علينا أن نفعِّل تلك الشراكة القائمة بالفعل بحكم الاشتراك في المنهج والغاية، وأن نتابع بالرصد والتحليل ثم بالعمل المشترك وبالمواجهة العلمية الجادة، كلَّ ما يوجَّه إلينا من حملات مغرضة تهدِّد عقول أبنائنا وتعمل على تزييف وعي الجماهير.

وتابع مفتي الجمهورية: "إنني أريد في هذا الصدد أن أسجل شهادة حق لله تعالى ثم للتاريخ في حق شعب مصر العظيم، وهي أن شعب مصر بتكوينه الحضاري وأصالته الوطنية، كان دائمًا عند حسن الظن به، وكان دائمًا وفي كافة التحديات الخطيرة التي واجهت الوطن على الدرجة العليا من الوعي والفهم الذي أبهر العالم كله".

وأشار إلى أن الشعب المصري استجاب بكل إخلاص وجِدية إلى تحذير المؤسسات الدينية من موجات العنف والتطرف والإرهاب، والْتزم بتديُّنه الموافق للمنهج الوسطي المعتدل، واستجاب إلى نداء المؤسسات الدينية بضرورة التمسك بمكارم الأخلاق والبعد عن الابتذال والانحلال والأفكار المنحرفة التي تصل به إلى معاداة الدين وهجر كتاب الله وسُنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وأضاف أن شعب مصر لفظ بفطرته النقية هذه الأفكار المنحرفة جميعًا، واستجاب شعبنا الكريم إلى نداء المؤسسات الدينية الوسطية التي دعته إلى ضرورة المحافظة على وحدة الوطن وسلامة أراضيه وعدم الالتفات إلى ما تردده الأبواق العميلة الخائنة، فالتف بكل عزم وجدية حول قيادته الواعية المتمثلة في فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي حفظه الله تعالى. لقد كان شعب مصر دائمًا هو بطل معركة الوعي وحماية الأوطان.

واختتم مفتي الجمهورية كلمته بالتأكيد على أن هذا يعني أن الشعب المصري هو شريك أصيل بجانب مؤسساته الدينية وخلف قيادته السياسية في الحفاظ على استقرار الوطن، مصداقًا لقول الله تعالى{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف: 4]. وروى الإمام الترمذي والحاكم عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنَّ اللَّهَ لا يجمعُ أمَّتي -أو قالَ: أمَّةَ محمَّدٍ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ- علَى ضلالةٍ، ويدُ اللَّهِ معَ الجماعةِ، ومَن شذَّ شذَّ إلى النَّارِ».

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الأزهر الشريف الأفكار المنحرفة الأمة الإسلامية المؤسسات الدينية المنهج الوسطي مؤتمر كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة معركة الوعي مفتي الجمهورية المؤسسات الدینیة مفتی الجمهوریة أفکار ا شعب مصر

إقرأ أيضاً:

الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يشيد بجهود الأوقاف المصرية في خدمة السنة النبوية

أشاد الأستاذ الدكتور سامي الشريف الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية بالمؤتمر الأول للسنة النبوية الذي عقدته وزارة الأوقاف المصرية بعنوان :(السنة النبوية بين الرواية والدراية والفهم المقاصدي)؛ وذلك يوم السبت الموافق 8/6/2024م. 

وقد ناقش المؤتمر قضية الدفاع عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواجهة كل محاولات النيل منها بوصفها المصدر الثاني للتشريع.

وقال إن هذا المؤتمر يأتي حلقة في سلسلة من الأنشطة والفعاليات التي أقامتها وزارة الأوقاف دفاعا عن السنة النبوية المشرفة في إطار مساعيها نحو تجديد الخطاب الديني، مضيفا أن الشبهات التي يثيرها منكرو السنة والمتطاولون عليها ليست بجديدة بل إنها بدأت منذ زمن بعيد ،ولم تتغير تلك الشبهات أو تتبدل ،لكن  الذي أسهم في انتشارها وخطورتها اليوم هو انتشار( الأمية الدينية ) بين قطاعات كبيرة  من شباب أمتنا، فضلا عن  تراجع المؤسسات التربوية والتعليمية والتثقيفية عن الاضطلاع بمسؤولياتها،  إضافة إلى التطورات الهائلة التي أحدثتها ثورتا الاتصال والمعلومات، حيث كان لتأثيرهما على  سرعة انتشار الأخبار والمعلومات والشائعات تأثيرا كبيرا على المجتمع.

وأكد معالي الأمين العام  أثناء ترأسه للجلسة العلمية الخامسة للمؤتمر أن آيات القرآن الكريم رتبت الإيمان بالله على طاعة رسوله والرضا بحكمه والتسليم لأمره ونهيه، قال تعالى:" وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ " فلا مجال لتلك الأقاويل المغلوطة والزائفة التي تدعو إلى إنكار السنة بدعوى أن القرآن يكفينا!  والتي تجعل بعض المشككين يتطاولون على أعلام الإسلام من الفقهاء والمحدثين والرواة.. 

وبيّن معاليه: أن تجديد الخطاب الديني الذي ننشده ليس انقلابا على الدين، أو تفلتا من التكاليف الشرعية، وليس ازدراء لتراثنا الإسلامي العتيد.

ودعا معالي أ.د سامي الشريف كافة المؤسسات الدينية والثقافية والتعليمية والإعلامية إلى التعاون والتنسيق بينها بهدف تبيان حقيقة السنة النبوية والأحاديث النبوية الشريفة، وجعلها ثقافة مجتمعية وأسلوب حياة بوصفها المصدر الثاني للتشريع بعد القرآن الكريم، إذ لا يمكن للدين أن يكتمل ولا للشريعة أن تتم إلا بأخذ السنة النبوية المشرفة جنباً إلى جنب مع القرآن، فهما صنوان متلاصقان لا ينفصلان ولا يختلفان.

مقالات مشابهة

  • مفتي السعودية لـ الحجاج: استشعروا عظمة فريضة الحج ونعمة الله على المسلمين
  • المفتى: الحج من العبادات التي بها مشقة والإسلام جعل مبناها التيسير
  • مفتي الجمهورية في ندوة الحج الكبرى بمكة المكرمة: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • مفتي الجمهورية: التيسير في الدين ينشأ عن رسوخٍ في العلم
  • طلاب ثانوية المنيا.. اليوم الأول في مادتي التربية الدينية والوطنية مر بسلام
  • مفتي عام المملكة يوصي ضيوف الرحمن باستشعار عظمة الحج
  • مفتي عام المملكة يوصي ضيوف الرحمن باستشعار عظمة الحج ويشيد بدور رئاسة الشؤون الدينية في نشر العلم النافع بالحكمة والموعظة الحسنة
  • مفتي عام المملكة يوصي ضيوف الرحمن باستشعار عظمة الحج ويشيد بدور رئاسة الشؤون الدينية في نشر العلم النافع
  • عادل عسوم: هويتي كسوداني
  • الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية يشيد بجهود الأوقاف المصرية في خدمة السنة النبوية