“المتعامل أولاً، المتعامل دائماً على حق، رضا المتعامل غايتنا”، تعهدات تحولت بمرور الوقت إلى شعارات يرددها العديد من الشركات والمؤسسات، ولا سيما ذات الصبغة الخدمية التي لديها ارتباطات أو تعاملات مباشرة مع الجمهور، وبطبيعة الحال هناك الكثير من المؤسسات والشركات وفرق العمل التي تعتبر هذه الشعارات أشبه بـ” دستور عمل” لا يمكن التخلي عنه أو التهاون فيه، مثل أمازون التي تؤكد أن الابتكار يبدأ بالعميل، فيما يتعامل معها آخرون باعتبارها ” عبارات ترحيب” تزين صالات خدمة المتعاملين.

لماذا رضا العملاء مهم؟

يمثل رضا العملاء أمراً بالغ الأهمية لاستمرارية عمل المؤسسات وتعزيز أدائها المالي، وعلى نطاق أوسع، يعد مؤشراً أساسياً للنمو الاقتصادي، فمن الطبيعي أن تشكل الشكاوى مصدر قلق لبعض المؤسسات، باعتبارها دليلاً مؤثقاً على استياء مجموعة من المتعاملين من مستوى الخدمة أو المنتج، وبالتالي فقدان ثقتهم بهذه الخدمة أو المنتج، وبحسب تحليل لمجلة ذي إيكونوميست، فإن الشركة التي تفقد ثقة عملائها تخسر 30% من قيمتها ولو على المدى المنظور.

ما دعا العديد من المؤسسات إلى تطبيق آليات وضوابط تستهدف الحد من الشكاوى. كما أن هناك العديد من الأدلة المحلية والمعايير الدولية لمعالجة هذه الشكاوى والحد منها، مثل معيار” آيزو 10002 ” “ISO 10002” الذي يساعد المؤسسات على تحديد شكاوى عملائها وفهمها وإدارتها بنجاح، بما في ذلك التخطيط والتصميم والتشغيل والصيانة والتحسين.

لكن صندوق أبوظبي للتقاعد يرى الشكاوى من منظور آخر، ويعتبرها أداة قياس لمدى التزامه بتحقيق مستوى خدمات يلبي توقعات المتعاملين، على اعتبار أنها مدخل أساسي لعمليات التحسين والتطوير، خاصة بأنها تنقل تجربة المتعامل مع الصندوق بشكل واقعي، وتصور مشاعره ومستوى رضاه عن الخدمات المقدمة.

ومن هذا المنطلق، يتم النظر في كافة الشكاوى المقدمة من متعاملي الصندوق من قبل لجنة مختصة تضم مدراء القطاعات ويتم أخذ كل شكوى على مستوى عال من الجدية، ولكن عندما لاحظ الصندوق تراجع العدد الفعلي للشكاوى المقدمة من قبل المتعاملين اتخذ خطوة مبتكرة ومميزة، وهي إطلاق مسابقة داخلية للموظفين يططلب منهم تقديم “شكاوى افتراضية” قد يقدمها المتعامل في المستقبل، حيث منحت المسابقة الموظفين حرية التخيل والإبداع في الشكاوى ولم تضع أي شروط أو تحدد المجالات التي يجب أن تدور حولها الشكوى.

كيف استفاد الصندوق من الشكوى الافتراضية؟

تقوم فكرة المسابقة” الشكوى الافتراضية” التي أعلن عنها صندوق أبوظبي للتقاعد، على دعوة الموظفين إلى تخيل التحديات التي قد تواجه المتعاملين، ثم صياغة شكوى على لسانهم، وذلك من منطلق التعاملات اليومية للموظفين وخبرتهم ومعرفتهم بتفاصيل كافة العمليات والأنظمة والإجراءات الداخلية في الصندوق.

وجاءت نتيجة المسابقة مفاجئة للجميع، حيث تقدم الموظفون بنوعية جديدة من الشكاوى وتطرقوا إلى مواضيع لم يسبق أن استقبل الصندوق شكوى من المتعاملين بشأنها، وبعد تحليل هذه الشكاوى الافتراضية تم التأكد من أنها بالفعل قد تحدث في المستقبل ولابد من اتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة لتفادي تحولها من مجرد شكوى افتراضية إلى شكوى حقيقية.

حيث كشفت بعض الشكاوى الافتراضية عن فرص لتحسين فعالية العمليات الداخلية والتي لم يكن ممكناً الانتباه إليها من خلال المراجعات الدورية، وتطرقت بعضها أيضاً إلى جوانب جديدة لم تتناولها الخطط التحسينية مثل خطورة تقديم الموظفين لمعلومات مغلوطة أو استشارات خائطة بصفة شخصية لأقاربهم وأصدقائهم خارج ساعات العمل، ما ينتج عنها اتخاذ قرارات قد تؤثر في مستقبل المتعامل.

وحتى الآن، تم إدخال 20% من الشكاوى الافتراضية التي قدمها الموظفون في خطط التحسين المستقبلية للصندوق، كما تم إعلان أسماء الموظفين الذي نجحوا في تقديم الشكاوى المتميزة التي أسهمت في الكشف عن فرص للتحسين وتكريمهم، ما أسهم في تعزيز الثقافة المؤسسية الداعمة للابتكار.

يأتي نجاح فكرة المسابقة من اتباع الصندوق استراتيجية “رضا المتعاملين من رضا الموظفين”، إذ أتاح للموظفين فرصة المشاركة في عملية تحسين تجربة المتعاملين وتطويرها، وأثنى على جهودهم فيها، وهذا بدوره يعزز مستوى الرضا الوظيفي لديهم لينعكس بشكل إيجابي على رضا المتعاملين في نهاية المطاف.

وأخيراً، فإن هذه الأفكار المبتكرة والتفاصيل المستحدثة هي التي يمكن من خلالها قياس مدى اهتمام والتزام المؤسسات بالارتقاء بمستوى خدماتها المقدمة للمتعاملين، فإذا كان الهدف الأسمى لكل مؤسسة على اختلاف حجمها أو طبيعة عملها هو تقديم تجربة متعامل بلا جهد، ففريق عمل صندوق أبوظبي للتقاعد يُسخر الوقت والجهد وقبلهما الفكر، ليس لتقديم الخدمة التي تُرضي المتعاملين فحسب، وإنما لتحقيق الغاية التي لا يحيد عنها أبداً وهي تقديم الخدمة بالشكل الذي يجعل من تجربتهم مع الصندوق أكثر سعادة. عن هارفارد بزنس ريفيو


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: صندوق أبوظبی للتقاعد

إقرأ أيضاً:

صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يصدر تقريره الثامن للاستدامة

صراحة نيوز- أعلن صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي عن إصدار تقريره الثامن للاستدامة للعام 2024، مواصلاً بذلك نهجه المؤسسي في الإفصاح الطوعي والشفافية حول الأداء الاستثماري وأثر الصندوق التنموي، وتعزيز ثقافة الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية (ESG) في إدارة أموال مشتركي ومتقاعدي الضمان الاجتماعي.

وبيّن رئيس الصندوق الدكتور عزالدين كناكريه، أن إصدار هذا التقرير لسنوات متتالية يجسّد التزام الصندوق بمسار مؤسسي راسخ، يربط الاستثمار بالكفاءة، والحوكمة بالثقة، ويضع التنمية المستدامة في صميم قراراته الاستراتيجية، وذلك من خلال تطبيق ممارسات استثمارية مسؤولة تستند إلى معايير الاستدامة، وتطوير نموذج مؤسسي يربط العائد المالي بالأثر الاجتماعي والبيئي. وأكد أن الصندوق يواصل القيام بدوره الوطني كمؤسسة استثمارية كبرى تُسهم في تحفيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل نوعية، وتعزيز العدالة الاقتصادية والاجتماعية، بما يخدم تطلعات الأجيال القادمة.

وأضاف أن التقرير يعكس جهود الصندوق خلال عام 2024 في مواءمة أنشطته الاستثمارية والتشغيلية مع أولويات التنمية المستدامة، من خلال تضمين أهداف ومؤشرات قياس تتماشى مع الخطة الاستراتيجية للصندوق، وتدعم الأثر المجتمعي والمؤسسي والبيئي لأنشطته المختلفة.

ويستعرض التقرير النموذج الاستثماري المستدام للصندوق، والذي يركّز على تحقيق التوازن بين العائد المالي والبعد التنموي، من خلال تنويع القطاعات المستهدفة والتوسع في الاستثمارات طويلة الأجل ذات الأثر المجتمعي والاقتصادي. ويعزز هذا التنوع القطاعي والجغرافي مرونة الاقتصاد الوطني، ويسهم في تطوير بيئة أعمال جاذبة، ويرسّخ دور الصندوق كمؤسسة تدير أموال المشتركين والمتقاعدين بكفاءة ونزاهة، وفقًا للمعايير الفضلى للحوكمة والاستثمار المسؤول.

ويُبرز التقرير جهود الصندوق في تطوير رأس المال البشري وتعزيز البنية المؤسسية، من خلال الاستثمار في بناء القدرات، ورفع كفاءة الكوادر، وتمكين المرأة في مواقع القيادة. كما يستعرض التقدم المحرز في التحول الرقمي ضمن الاستراتيجية الوطنية، بهدف أتمتة الإجراءات وتعزيز الحوكمة وفعالية الخدمات. ويغطي التقرير محاور تشمل الأداء المالي، والأثر المجتمعي والاقتصادي، والتوزيع الجغرافي والقطاعي للاستثمارات، ما يمنح أصحاب العلاقة رؤية شاملة لمسارات التأثير المؤسسي للصندوق.

ويعكس التقرير نضوج تجربة الصندوق في الإفصاح الطوعي وتعزيز الحوكمة، بما يعزز المساءلة ويبني الثقة مع أصحاب العلاقة. ويؤكد كذلك استمرار الصندوق في تطوير أدواته المؤسسية وتعميق شراكاته، بما يعزز مكانته كمؤسسة وطنية ذات أثر تنموي مستدام، تُسهم في بناء اقتصاد أكثر مرونة وعدالة، يحفظ حقوق الأجيال الحالية ويخدم تطلعات المستقبل.
ويمكن الاطلاع على التقرير كاملاً عبر الموقع الإلكتروني للصندوق: www.ssif.gov.jo

مقالات مشابهة

  • هيئة الرقابة ومكافحة الفساد توقّع مذكرة تفاهم مع صندوق الاستثمارات العامة
  • «السوق المالية» توافق على طرح وحدات صندوق الإنماء لأسهم سوق نمو
  • مدير صندوق مكافحة الإدمان: أكثر من 34 ألف متطوع يشاركون في نشر الوعي بمخاطر المخدرات
  • صندوق تنمية المهارات يختتم برنامج الثقافة التنظيمية وتعزيز الأداء
  • أمير المنطقة الشرقية يستقبل مدير عام صندوق تنمية الموارد البشرية
  • “الجامعة الإسلامية” تُطلق مبادرة “تطوير خدمات الحج والعمرة” لتحسين تجربة ضيوف الرحمن
  • صندوق الأزمات المصرفية.. آلية قانونية جديدة لحماية النظام المالي من الانهيار
  • تعزيزًا لتنوّع موارد تمويله.. صندوق الاستثمارات العامة يؤسس برنامجًا عالميًا للأوراق التجارية
  • صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي يصدر تقريره الثامن للاستدامة
  • صندوق الاستثمارات العامة يؤسس برنامجه الأول للأوراق التجارية