ما الطريقة المبتكرة التي اتبعها صندوق أبوظبي للتقاعد لتحسين تجربة عملائه؟
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
“المتعامل أولاً، المتعامل دائماً على حق، رضا المتعامل غايتنا”، تعهدات تحولت بمرور الوقت إلى شعارات يرددها العديد من الشركات والمؤسسات، ولا سيما ذات الصبغة الخدمية التي لديها ارتباطات أو تعاملات مباشرة مع الجمهور، وبطبيعة الحال هناك الكثير من المؤسسات والشركات وفرق العمل التي تعتبر هذه الشعارات أشبه بـ” دستور عمل” لا يمكن التخلي عنه أو التهاون فيه، مثل أمازون التي تؤكد أن الابتكار يبدأ بالعميل، فيما يتعامل معها آخرون باعتبارها ” عبارات ترحيب” تزين صالات خدمة المتعاملين.
لماذا رضا العملاء مهم؟
يمثل رضا العملاء أمراً بالغ الأهمية لاستمرارية عمل المؤسسات وتعزيز أدائها المالي، وعلى نطاق أوسع، يعد مؤشراً أساسياً للنمو الاقتصادي، فمن الطبيعي أن تشكل الشكاوى مصدر قلق لبعض المؤسسات، باعتبارها دليلاً مؤثقاً على استياء مجموعة من المتعاملين من مستوى الخدمة أو المنتج، وبالتالي فقدان ثقتهم بهذه الخدمة أو المنتج، وبحسب تحليل لمجلة ذي إيكونوميست، فإن الشركة التي تفقد ثقة عملائها تخسر 30% من قيمتها ولو على المدى المنظور.
ما دعا العديد من المؤسسات إلى تطبيق آليات وضوابط تستهدف الحد من الشكاوى. كما أن هناك العديد من الأدلة المحلية والمعايير الدولية لمعالجة هذه الشكاوى والحد منها، مثل معيار” آيزو 10002 ” “ISO 10002” الذي يساعد المؤسسات على تحديد شكاوى عملائها وفهمها وإدارتها بنجاح، بما في ذلك التخطيط والتصميم والتشغيل والصيانة والتحسين.
لكن صندوق أبوظبي للتقاعد يرى الشكاوى من منظور آخر، ويعتبرها أداة قياس لمدى التزامه بتحقيق مستوى خدمات يلبي توقعات المتعاملين، على اعتبار أنها مدخل أساسي لعمليات التحسين والتطوير، خاصة بأنها تنقل تجربة المتعامل مع الصندوق بشكل واقعي، وتصور مشاعره ومستوى رضاه عن الخدمات المقدمة.
ومن هذا المنطلق، يتم النظر في كافة الشكاوى المقدمة من متعاملي الصندوق من قبل لجنة مختصة تضم مدراء القطاعات ويتم أخذ كل شكوى على مستوى عال من الجدية، ولكن عندما لاحظ الصندوق تراجع العدد الفعلي للشكاوى المقدمة من قبل المتعاملين اتخذ خطوة مبتكرة ومميزة، وهي إطلاق مسابقة داخلية للموظفين يططلب منهم تقديم “شكاوى افتراضية” قد يقدمها المتعامل في المستقبل، حيث منحت المسابقة الموظفين حرية التخيل والإبداع في الشكاوى ولم تضع أي شروط أو تحدد المجالات التي يجب أن تدور حولها الشكوى.
كيف استفاد الصندوق من الشكوى الافتراضية؟
تقوم فكرة المسابقة” الشكوى الافتراضية” التي أعلن عنها صندوق أبوظبي للتقاعد، على دعوة الموظفين إلى تخيل التحديات التي قد تواجه المتعاملين، ثم صياغة شكوى على لسانهم، وذلك من منطلق التعاملات اليومية للموظفين وخبرتهم ومعرفتهم بتفاصيل كافة العمليات والأنظمة والإجراءات الداخلية في الصندوق.
وجاءت نتيجة المسابقة مفاجئة للجميع، حيث تقدم الموظفون بنوعية جديدة من الشكاوى وتطرقوا إلى مواضيع لم يسبق أن استقبل الصندوق شكوى من المتعاملين بشأنها، وبعد تحليل هذه الشكاوى الافتراضية تم التأكد من أنها بالفعل قد تحدث في المستقبل ولابد من اتخاذ إجراءات تصحيحية سريعة لتفادي تحولها من مجرد شكوى افتراضية إلى شكوى حقيقية.
حيث كشفت بعض الشكاوى الافتراضية عن فرص لتحسين فعالية العمليات الداخلية والتي لم يكن ممكناً الانتباه إليها من خلال المراجعات الدورية، وتطرقت بعضها أيضاً إلى جوانب جديدة لم تتناولها الخطط التحسينية مثل خطورة تقديم الموظفين لمعلومات مغلوطة أو استشارات خائطة بصفة شخصية لأقاربهم وأصدقائهم خارج ساعات العمل، ما ينتج عنها اتخاذ قرارات قد تؤثر في مستقبل المتعامل.
وحتى الآن، تم إدخال 20% من الشكاوى الافتراضية التي قدمها الموظفون في خطط التحسين المستقبلية للصندوق، كما تم إعلان أسماء الموظفين الذي نجحوا في تقديم الشكاوى المتميزة التي أسهمت في الكشف عن فرص للتحسين وتكريمهم، ما أسهم في تعزيز الثقافة المؤسسية الداعمة للابتكار.
يأتي نجاح فكرة المسابقة من اتباع الصندوق استراتيجية “رضا المتعاملين من رضا الموظفين”، إذ أتاح للموظفين فرصة المشاركة في عملية تحسين تجربة المتعاملين وتطويرها، وأثنى على جهودهم فيها، وهذا بدوره يعزز مستوى الرضا الوظيفي لديهم لينعكس بشكل إيجابي على رضا المتعاملين في نهاية المطاف.
وأخيراً، فإن هذه الأفكار المبتكرة والتفاصيل المستحدثة هي التي يمكن من خلالها قياس مدى اهتمام والتزام المؤسسات بالارتقاء بمستوى خدماتها المقدمة للمتعاملين، فإذا كان الهدف الأسمى لكل مؤسسة على اختلاف حجمها أو طبيعة عملها هو تقديم تجربة متعامل بلا جهد، ففريق عمل صندوق أبوظبي للتقاعد يُسخر الوقت والجهد وقبلهما الفكر، ليس لتقديم الخدمة التي تُرضي المتعاملين فحسب، وإنما لتحقيق الغاية التي لا يحيد عنها أبداً وهي تقديم الخدمة بالشكل الذي يجعل من تجربتهم مع الصندوق أكثر سعادة. عن هارفارد بزنس ريفيو
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: صندوق أبوظبی للتقاعد
إقرأ أيضاً:
الأردن يتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد لاستكمال المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي
توصلت الحكومة الأردنية إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع صندوق النقد الدولي، في ختام زيارة بعثة الصندوق إلى عمّان، بشأن المراجعة الرابعة لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المدعوم من تسهيل الصندوق الممدد (EFF)، والمراجعة الأولى في إطار تسهيل الصلابة والاستدامة (RSF).
الزيارة، التي أجراها فريق من خبراء الصندوق برئاسة سيزار سيرا خلال الفترة من 28 سبتمبر حتى 9 أكتوبر الجاري، جاءت ضمن إطار متابعة تنفيذ الأردن لبرنامجه الإصلاحي الذي وافق عليه المجلس التنفيذي للصندوق في يناير 2024، كما شملت المراجعة الأولى لتدابير الإصلاح ضمن تسهيل الصلابة والاستدامة الذي تمت الموافقة عليه في يونيو الماضي.
وأكد سيرا، في بيان اليوم الثلاثاء، أن أداء البرنامج الأردني ما زال يُظهر نتائج قوية رغم التحديات الإقليمية والضبابية الاقتصادية العالمية، مشيرا إلى أن الأردن أنجز جميع معايير الأداء الكمي والمعايير الهيكلية تقريباً، مما يؤكد سير البرنامج بثبات نحو تحقيق أهدافه.
وأوضح أن استكمال المراجعة الرابعة سيوفر للأردن نحو 97.7 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (ما يعادل 130 مليون دولار أمريكي)، من إجمالي 926 مليون وحدة تمت الموافقة عليها سابقاً (نحو 1.2 مليار دولار)، كما سيتيح استكمال المراجعة الأولى ضمن تسهيل الصلابة والاستدامة 79 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 114 مليون دولار)، من أصل 514 مليون وحدة تمت الموافقة عليها في يونيو 2025.
وأشار البيان إلى أن الاقتصاد الأردني يواصل إظهار مرونة واضحة، مدعوماً بسياسات مالية ونقدية متوازنة ودعم دولي مستمر، حيث تسارع معدل النمو إلى 2.7% في النصف الأول من عام 2025 بفضل توسع النشاط الاقتصادي، كما يسير أداء المالية العامة في الاتجاه الصحيح لتحقيق أهداف الموازنة، مدعوماً بجهود تعزيز الإيرادات وتوسيع القاعدة الضريبية.
وتوقع الصندوق تراجع عجز الحساب الجاري إلى نحو 5 % من الناتج المحلي الإجمالي نتيجة ارتفاع عائدات السياحة والصادرات، واستقرار معدلات التضخم حول 2% بفضل سياسات البنك المركزي الأردني وثبات سعر صرف الدينار أمام الدولار، مع احتياطيات أجنبية قوية.
وأكد البيان أن القطاع المصرفي الأردني لا يزال سليماً ويتمتع بسيولة وهوامش رأسمالية قوية، مشيراً إلى أن النمو الاقتصادي مرشح للتسارع في السنوات المقبلة ليتجاوز 3% ، مدعوماً بمشروعات استثمارية كبرى، أبرزها مشروع الناقل الوطني للمياه، إضافة إلى فرص التكامل الاقتصادي الإقليمي مع سوريا ولبنان والعراق.
وجدد الأردن التزامه بخفض الدين العام تدريجياً ليصل إلى 80% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2028 ، من خلال مواصلة إصلاح المالية العامة وتعزيز كفاءة الإنفاق وحماية أولوية الإنفاق الاجتماعي والتنموي.
كما أكد البيان أن الحكومة الأردنية تعتزم تسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية لتحفيز النمو وتوفير فرص عمل، خاصة للشباب والنساء، عبر تحسين بيئة الأعمال، وتبسيط الأنظمة، ورقمنة الخدمات الحكومية في مجالي الضرائب والجمارك، إلى جانب تعزيز شبكات الحماية الاجتماعية.
وأشار صندوق النقد إلى التقدم المحرز في تنفيذ برنامج تسهيل الصلابة والاستدامة الذي يهدف إلى تعزيز قدرة الأردن على مواجهة التحديات طويلة الأمد في قطاعي المياه والكهرباء، ورفع جاهزيته لمواجهة الطوارئ الصحية المستقبلية.
وخلال الزيارة، عقد فريق صندوق النقد لقاءات مع كل من: رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان، ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية الدكتور مهند شحادة، ووزير المالية الدكتور عبد الحكيم شبلي، ووزيرة التخطيط والتعاون الدولي زينة طوقان، ومحافظ البنك المركزي الدكتور عادل الشركس، إلى جانب عدد من الوزراء وكبار المسؤولين في الحكومة والبنك المركزي.