الحبس الاحتياطى ليس عقوبة، هو حقيقة قانونية، لذا كان من الضرورى وجود تشريع ينظم ذلك الأمر وإجراء تعديلات تشريعية لتقليل مدد الحبس الاحتياطى مع وجود بدائل فى بعض الحالات التى لا تشكل تهديداً للأمن القومى والأمن العام، مثل تحديد الإقامة وغيرها من البدائل. ولا شك أن الهدف من فتح ملف الحبس الاحتياطى هو تعزيز سيادة القانون وحفظ الحقوق والحريات لتحقيق العدالة الناجزة وذلك من خلال تخفيض مدد الحبس الاحتياطى فى كل الجرائم مع وجود إجراءات بديلة للحبس الاحتياطى فى بعض الجرائم وهو ما يتطلب تعديلات تشريعية من خلال مجلس النواب، حيث يتم وضع حد أقصى لمدد الحبس الاحتياطى مع تقليل المدد الحالية وتنظيم حالات التعويض، لأنه فى النهاية الحبس الاحتياطى تدبير احترازى وليس عقوبة، وهو ما ينظمه قانون الإجراءات الجنائية.

الحبس الاحتياطى ليس مجرد مواد قانونية يتم تعديلها أو ملف على طاولة الحوار الوطنى أو لجان برلمانية، ولكن يأتى الملف من خلال التوجه ضمن جهود الدولة لتعزيز سيادة القانون وضمان حقوق الإنسان، وهو ما يعكس التزاماً بتطوير نظام قضائى عادل وشفاف لتحقيق العدالة الناجزة.

لم يأتِ فتح الحوار حول الحبس الاحتياطى فجأة بل هو من مطالب وتوصيات الحوار الوطنى والمطالبة بوضع حلول نهائية لملف الحبس الاحتياطى والتوصل إلى توصيات لرفعها للبرلمان لتحويلها إلى مواد تشريعية وقوانين. كما تأتى أهمية ملف الحبس الاحتياطى أنه أحد المكونات والمحاور المهمة فى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى ومن بينها محور خاص حول الحبس الاحتياطى ومن قبلها خطوات تحقق العدالة الانتقالية من خلال تشكيل لجنة العفو الرئاسى مبادرة من الرئيس وتم من خلالها الإفراج عن كثير من الحالات ودمجهم مجتمعياً.

والحوار الوطنى يلعب دوراً مهماً، حيث يضم كل أطياف وفئات المجتمع عبر حوار شفاف والوصول إلى مخرجات مهمة من خلال مناقشات دون سقف أو خطوط حمراء حيث لاقت المخرجات التى توصل إليها الحوار الوطنى اهتماماً كبيراً من الرئيس السيسى الذى أحال المخرجات إلى الحكومة لتنفيذها فوراً.

وفى هذا الإطار يعد الحوار الوطنى المنصة الأفضل لمناقشة الحبس الاحتياطى كقضية مهمة وحساسة تتطلب تعديلاً تشريعياً لقانون الإجراءات الجنائية، ويوجد نواب وأعضاء باللجنة التشريعية داخل لجان وأمانة الحوار الوطنى إضافة إلى التنوع الكبير للجان الحوار.

كما تأتى أهمية ملف الحبس الاحتياطى والاتجاه إلى تعديل مدد الحبس إثر قيام مجلس النواب منذ فترة بتشكيل لجنة خاصة منبثقة من اللجنة التشريعية بمجلس النواب لتعديل قانون الإجراءات الجنائية والتى عقدت اجتماعات مطولة لعدة شهور وانتهت من التعديلات وأعلنت عن مسودة لمشروع القانون وتوصيات حول الحبس الاحتياطى وغيرها من المواد بهدف تحقيق العدالة.

وما يعكس جدية الدولة أيضاً للتعامل مع ملف الحبس الاحتياطى تكليف المستشار حنفى جبالى، رئيس مجلس النواب، وهو رجل قانون وقاضٍ فاضل، للجنة التشريعية بعقد اجتماعاتها خلال الإجازة البرلمانية للانتهاء من قانون الإجراءات الجنائية ليكون قد تم الانتهاء من مواده لإقرارها من الجلسة العامة مع بداية دور الانعقاد المقبل وهو الانعقاد الخامس من الفصل التشريعى الثانى. وتسعى الدولة من خلال محاور عديدة إلى إقرار العدالة الناجزة وتحقيق سيادة القانون دون إخلال بالحقوق والحريات، حيث تسعى مصر لأن تكون هناك حياة كريمة وعدالة ناجزة فى الجمهورية الجديدة التى يشارك فيها كل المصريين دون إقصاء. ومصر التى تواجه الظروف والتحديات، من أهم محاور خطتها بناء الإنسان، حيث أطلق الرئيس السيسى قبل سنوات، ومنذ عام 2021، الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان من أجل الإنسان المصرى.

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحبس الاحتياطى العقوبات القانونية الحقوق والحريات التعديلات التشريعية قانون الإجراءات الجنائیة الحوار الوطنى من خلال

إقرأ أيضاً:

من مكتبة الإسكندرية إلى اقتصاد المستقبل

فى قلب مكتبة الإسكندرية، حيث يلتقى الماضى العريق بحلم المستقبل، برزت ملامح مرحلة جديدة من التحول الرقمى فى مصر، مع إطلاق النسخة المطوّرة من منصة إبداع مصر EgyptInnovate، خلال فعاليات قمة تكنى سميت 2025. جاءت هذه الخطوة تتويجًا لرؤية متكاملة يقودها الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، لإعادة تشكيل بيئة ريادة الأعمال فى مصر، اعتمادًا على أدوات الذكاء الاصطناعى، والتشبيك الذكى بين الشركات الناشئة والمستثمرين.

لم تكن المنصة فى نسختها الجديدة مجرد تطوير تقنى، بل كانت تجسيدًا لتحوّل فكرى كامل فى دعم الابتكار المحلى، يعكس تصميمها اهتمامًا ببناء منظومة وطنية رقمية تنقل رواد الأعمال من العشوائية إلى الاحتراف، من خلال خريطة تفاعلية تتيح الوصول إلى بيانات مفتوحة المصدر عن الشركات الناشئة والجهات الداعمة، إضافة إلى روبوت محادثة مدعوم بالذكاء الاصطناعى، يوفر استشارات فنية واقتصادية فى مراحل تأسيس ونمو المشروع.

بدا من الواضح خلال الكلمة التى ألقاها الدكتور طلعت فى الافتتاح أن التحول الرقمى لم يعد حكرًا على البنية التحتية أو التكنولوجيا بحد ذاتها، بل أصبح مشروعًا اقتصاديًا وطنيًا شاملًا، الأرقام التى طرحها تعكس حجم النقلة النوعية التى تشهدها البلاد: تضاعف حجم الاستثمارات فى الشركات التكنولوجية الناشئة سبع مرات خلال الفترة من 2020 إلى 2025 مقارنةً بالأعوام السابقة، وهو ما يشير إلى تحوّل مصر إلى بيئة أكثر جذبًا لرأس المال الجرىء.

هذه الطفرة فى ريادة الأعمال لم تكن لتحدث دون استراتيجية مدروسة، ضمن هذه الاستراتيجية، جاءت اللامركزية الرقمية كأحد الأعمدة الأساسية، مع التوسع الكبير فى عدد مراكز «كريتيفا» لإبداع مصر الرقمية، التى ارتفعت من ثلاثة مراكز فقط عام 2018 إلى 24 مركزًا موزعة على 21 محافظة، تتخطى هذه المراكز دورها التدريبى إلى كونها حاضنات حقيقية للابتكار المحلى، إذ شهدت احتضان أكثر من 69 شركة خلال عام ونصف فقط، إلى جانب تقديم الدعم الفنى لأكثر من 790 شركة أخرى، بعضها تمكن من إنتاج نماذج أولية تؤهله لدخول السوق.

الوزير لم يغفل أهمية التمويل كعنصر تمكين أساسى. فقد أبرز فى حديثه حزم الدعم المتاحة عبر برامج متعددة مثل Start IT، الذى يمنح الشركات الناشئة دعمًا نقديًا وعينيًا يصل إلى مليون جنيه، وكذلك برنامج Creativa Incubation، الذى يقدم احتضانًا متكاملًا بقيمة تصل إلى 400 ألف جنيه، كما أشار إلى اتفاقيات شراكة استراتيجية مع كيانات دولية مثل «500 Global» و«Plug and Play»، التى تمكّن الشركات المصرية من الوصول إلى الأسواق العالمية، بدءًا من القاهرة مرورًا بالصعيد وحتى الإسكندرية.

ولم يكن غائبًا عن حديث الوزير البعد الإنسانى للتحول الرقمى، إذ تم تسليط الضوء على التوسّع غير المسبوق فى التدريب وبناء القدرات، حيث قفز عدد المتدربين فى قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من 4 آلاف فقط فى عام 2018 إلى أكثر من 480 ألف متدرب خلال العام المالى الأخير، فى إطار خطة طموحة لبلوغ نصف مليون متدرب سنويًا، هذا الرقم لا يعكس فقط توسعًا فى الكم، بل يعكس تحولًا نوعيًا فى الاستثمار فى العنصر البشرى كحجر أساس فى اقتصاد المستقبل.

 

مقالات مشابهة

  • عضو بمجلس الشيوخ: مصر تثبت مجددًا أنها صوت العدالة في أزمة غزة
  • القومي لحقوق الإنسان يختتم ورشة عمل حول قانون اللجوء.. وهذه أهم التوصيات
  • سلام تحت النار
  • من مكتبة الإسكندرية إلى اقتصاد المستقبل
  • يرلماني: مصر والسعودية صمام أمان الأمة العربية ودورهما التاريخي ثابت في دعم القضايا المشتركة
  • هل تنقذ الاستئناف التيك توكر أم سجدة من الحبس 6 أشهر؟ .. القانون يجيب
  • الاحتلال يعتقل 10 مواطنين خلال اقتحام رام الله
  • خالد عمر يوسف: قرارات مجلس حقوق الإنسان وإدانة «كوشيب» انتصار لمسار العدالة
  • النائب العام يناقش مع وزير الدفاع أوضاع النيابات العسكرية وسبل تطوير أداءها
  • وزارتا العدل والموارد البشرية تطلقان عقد العمل الموحّد