طالما تغنت القوى الاستعمارية العالمية، بنتبنيها رعاية حقوق الإنسان، والحفاظ على كرامته وحريته، وحق الشعوب المستضعفة في تقرير المصير، وتصدير الديمقراطية الإمبريالية، لتحقيق أنموذج سياسي مثالي، على الطريقة الاستعمارية.
لكن مجال تطبيق الحريات، كان أضيق من معطياته النظرية، إذ لم تتجاوز سياسات تعزيز الانحلال والتفسخ القيمي والأخلاقي والديني، من ناحية، وتبني وتشجيع ورعاية وحماية مظاهر التعصب والعنصرية، وانتهاك الحرمات والمقدسات الإسلامية، من ناحية ثانية، ولذلك أصبح حرق المصحف الشريف، واستفزاز مشاعر المسلمين، صورة من صور حرية التعبير، في عرف القوى الاستعمارية، حاملة المشروع الحضاري المزعوم، بينما تحول فعل التظاهر الشعبي، المعارض لجرائم الإبادة الجماعية، بحق الشعب الفلسطيني أو الشعب اليمني، من منطلق إنساني بحت، فعلا خارجا عن أطر حرية التعبير.


وكذلك الحال بالنسبة لمفهوم حقوق الإنسان، في عرف الغرب الحضاري، الذي يسعى للترويج وتكريس المثلية، إقليميا وعالميا، بوصفها أهم حقوق الإنسان، وأبرز مظاهر تحرره، بينما يوصم من يعارض ذلك الفعل الشنيع، والفاحشة الكبيرة، بأنه متخلف ومتعصب وديكتاتور، ومن واجب حاملة المشروع الحضاري (أمريكا)، وأخواتها (دول أوروبا)، أن تعمل على تدجينه وإخضاعه، لمفردات مشروع الانحراف والشذوذ الشيطاني، بمختلف الطرق والوسائل والعقوبات، وصولا إلى استخدام القوة والعنف، والتدخل العسكري المباشر.
ذلك التعاطي الإمبريالي الهدام، إزاء المفاهيم والطروحات الأساسية، وسياسة الكيل بمكيالين، وفرض الرؤية الإمبريالية، بوصفها الحقيقة المطلقة، وغيرها هو الباطل المطلق، قد أسقط صورة المشروع الحضاري الغربي، وكشف زيف وقبح المشروع الاستعماري الصريح، الذي لا يتورع عن المتاجرة بالإنسان، وممارسة أبشع الجرائم والانتهاكات والإبادات الجماعية الوحشية، بحق كل من يقف في وجه هذا المشروع الاستكباري، ويسعى لنيل حريته وسيادته واستقلاله، وذلك هو عين ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية وأخواتها – في أوروبا – كردة فعل تعكس طبيعة النفس الاستعمارية المستكبرة، في تجسدها الفرعوني المطلق، حين أعلنت دعمها الكامل والمطلق، للكيان الصهيوني المحتل الغاصب، وتقديم كل أشكال المساعدات المالية والعسكرية والاستخبارية علنا، وتأييدها كل عمليات القتل والتدمير والإجرام والتوحش، والإبادات الجماعية والمحو الكلي، بحق المدنيين من أبناء قطاع غزة، وعمليات التهجير القسري الاستعمارية، لتؤكد بذلك أمريكا وأخواتها، مشاركتها الفعلية ومسئوليتها الكاملة، في كل الجرائم والانتهاكات والإبادات الجماعية الفظيعة، وبهذا يمكن القول إنه بمقدار سقوط الكيان الصهيوني الغاصب، وهزيمته النكراء الساحقة، سياسيا وعسكريا واستعماريا، فقد سقطت أيضا أمريكا وأخواتها، سياسيا وحضاريا وإنسانيا، وإن لم يكن ذلك عاجلا، على مستوى طلب الأنظمة العربية الموالية، فك الارتباط مع أمريكا، فقد تحقق فعلا على مستوى الوعي الجمعي، إذ لن ترضى الشعوب بعودة الهيمنة والتبعية لأمريكا، وأقل ما تفعله هو إرغام أنظمتها الحاكمة، على طرد سفراء أمريكا وأخواتها، وقطع التمثيل الدبلوماسي، كتعبير عن حالة الرفض الشعبي، لسياسة تلك القوى الاستعمارية، إزاء قضية تمثل صميم التدين، للمجتمعات الإسلامية، وتمثل أيقونة النضال والمقاومة، والتضحيات في سبيل الحرية، لجميع شعوب العالم، وذلك كائن عاجلا أم آجلا، ولا أدري كيف تجرأت أمريكا وأخواتها، على الإعلان والمجاهرة بذلك الموقف الإمبريالي الخطير، ألم تفكر في عواقبه؟، وفي معنى شراكتها الفعلية مع الكيان الصهيوني الغاصب، كل تلك المجازر الجماعية والإبادات الوحشية والإجرام المطلق، بحق شعب أعزل، كل ذنبه أنه سعى لنيل حريته، حيث بلغ عدد ضحايا المجازر الصهيونية، التي باركها الغرب الاستعماري، حوالى 2700 شهيدا، وأكثر من 9600 جريحا، حتى لحظة كتابة هذا المقال، على مدى تسعة أيام، استهدفت فيها الأبراج السكنية والأسواق والمستشفيات، والنازحين والمنكوبين، والمسعفين وحتى طواقم الأونروا، بالإضافة إلى فرض حصار خانق على القطاع، برا وبحرا وجوا، وقطع إمدادات الكهرباء والماء والأدوية والمواد الغذائية والمشتقات النفطية والوقود، وكل مقومات الحياة الضرورية، بما يعكس طبيعة الشخصية اليهودية الصهيونية، ذات النزعة الإجرامية المتوحشة، المتطرفة في التعصب والعنصرية، التي تقدس العنف المطلق، بحق الآخر (الغوييم)، من غير اليهود، ورغم كل ذلك الإجرام والتوحش الصهيوني، وتوظيف الماكينة الإعلامية الإمبريالية، لتضليل الرأي العام، وشيطنة المقاومة الفلسطينية، والانحياز الإمبريالي المعلن، وتواطؤ أنظمة العمالة والنفاق والتطبيع، إلا أن ذلك لم يغير من حقيقة الهزيمة النكراء الساحقة، التي لحقت الكيان الصهيوني الغاصب، وأسقطت أركان هيمنته واستبداده وعربدته، وأعلنت بدء العد التنازلي، في مسيرة السقوط المخزي المهين المذل، لذلك الكيان الغاصب، ورعاته الإمبرياليين المستكبرين، وفقدانهم مكانتهم القيادية والريادية، حضاريا وسياسيا وقيميا، إلى غير رجعة، لأن الشعوب الإسلامية، وشعوب العالم المناهض للإمبريالية، لم ولن تنسى لأمريكا وأخواتها، هذا الموقف الإمبريالي المشين.
في المقابل استطاعت المقاومة الفلسطينية، فرض معادلتها الخاصة، محليا وإقليميا وعالميا، وفرضت صورة جديدة للصراع مع المحتل الغاصب، مؤكدة حق الشعوب في الحرية والاستقلال، وطبيعة المعركة القائمة بين رواد الحرية، وصانعوا المشروع الحضاري الحقيقي، من ناحية، وممثلي قوى الهيمنة والاستبداد والإجرام، وحاملوا مشروع استعباد البشرية، من ناحية ثانية، الذين دقوا – بأنفسهم – آخر مسمار في نعشهم، ليخطوا مسيرة زوالهم إلى الأبد.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تركيا: استهداف إسرائيل لأسطول الحرية "قرصنة" تتجاوز كل الأعراف

أكدت وزارة الخارجية التركية أن التدخل في المياه الدولية ضد أسطول الحرية، الذي انطلق بهدف كسر الحصار على غزة، يعد عملا من أعمال القرصنة التي ارتكبتها حكومة بنيامين نتنياهو.

 

وأكدت الخارجية في بيانها أن هذا الهجوم، الذي استهدف ناشطين مدنيين بينهم مواطنون أتراك وأعضاء في البرلمان، يشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي، مشيرة إلى أن استهداف المدنيين الذين يسعون إلى إيصال المساعدات الإنسانية لغزة يعد تجاوزا خطيرا لكل الأعراف والقيم الإنسانية.

وأوضحت أن إسرائيل، من خلال استخدامها العنف ضد الجهود السلمية الرامية إلى رفع الحصار وإعلاء القيم الإنسانية، تصعد التوترات في المنطقة وتقوّض فرص تحقيق سلام دائم وعادل.

 

وأضاف البيان أن تركيا اتخذت جميع المبادرات اللازمة لضمان الإفراج الفوري عن مواطنيها المحتجزين لدى القوات الإسرائيلية وإعادتهم إلى البلاد، مشيرة إلى أنها تتابع كذلك أوضاع الناشطين من الدول الأخرى بالتنسيق مع الجهات المعنية.

 

وختمت الخارجية التركية بالتأكيد على أن أنقرة ستواصل دعمها الثابت للقضية الفلسطينية، وستستمر في نضالها الدبلوماسي والسياسي لإنهاء ما وصفته بـ"الإبادة الجماعية" المستمرة في غزة.

 

الفصائل الفلسطينية: استهداف مركبات للاحتلال في خان يونس وإيقاع أفرادها بين قتيل وجريح


تمكنت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، صباح أمس الثلاثاء، من استهداف جيبين عسكريين لجيش الاحتلال الإسرائيلي من نوع همر بقذيفتي الياسين 10.

وحسب ما جاء في بيان للقسام: أوقعونا جنود العدو بين قتيل وجريح على خط إمداد العدو بالقرب من عيادة جورة اللوت جنوب مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة ورصد مجاهدونا هبوط الطيران المروحي للإخلاء.

 

اقتحام المتطرف بن جفير للمسجد الأقصى

في سياق آخر، قالت حماس، إن اقتحام المتطرف بن جفير للمسجد الأقصى تزامنا مع الذكرى 35 لمجزرة الأقصى الأولى  ليس حدثًا عابرًا، بل رسالة عدوانية تسعى إلى تكريس واقع التقسيم الزماني والمكاني، وفرض السيطرة الاحتلالية على المسجد الأقصى، في إطار مشروع تهويدي متكامل يستهدف الوجود العربي والإسلامي في القدس.

 

وأضافت حماس: ندعو جماهير شعبنا في القدس والضفة والداخل المحتلّ إلى الرباط والتواجد المكثّف في باحات الأقصى حمايةً له من مخططات الاحتلال، كما ندعو الدول العربية والإسلامية والمنظمات الدولية إلى تحمّل مسؤولياتها السياسية والقانونية والأخلاقية في وقف هذا العدوان المتواصل.

 

قوات الاحتلال تغلق الحرم الإبراهيمي أمام الفلسطينيين بالتزامن مع الأعياد اليهودية

أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء، الحرم الإبراهيمي الشريف أمام الفلسطينيين حتى يوم غد /الخميس/، بحجة الاحتفال بالأعياد اليهودية بالحرم وساحاته، وشددت من إجراءاتها العسكرية وأغلقت جميع الحواجز العسكرية والبوابات الإلكترونية المؤدية للحرم لتأمينهم.

 

وكثفت قوات الاحتلال وفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، من تواجدها على كافة المداخل المؤدية إلى الحرم لتأمين وصول المستعمرين إلى مدينة الخليل والمناطق الأثرية بذريعة الاحتفال بالأعياد اليهودية، وأغلقت بعض الأسواق في البلدة القديمة.

مقالات مشابهة

  • السعودية .. الشرطي الإقليمي في خدمة المشروع الصهيوني
  • العدو الصهيوني يواصل إغلاق الحرم الإبراهيمي وخطيب الأقصى يحذر
  • تركيا: استهداف إسرائيل لأسطول الحرية "قرصنة" تتجاوز كل الأعراف
  • قاليباف: عملية “طوفان الأقصى” وجّهت ضربة استراتيجية إلى الكيان الصهيوني
  • العدو الصهيوني يهاجم أسطول الحرية ويعتقل عشرات الناشطين
  • الرؤية ومبدأ الإنسان أولاً
  • مسير طلابي في البيضاء إحياء للذكرى السنوية الثانية لـ “طوفان الأقصى”
  • سيناء الحلم الصهيوني منذ هرتزل
  • ندوة في جامعة ذمار بعنوان “الصهيونية وخطرها على البشرية”
  • الرئيس المشاط يهنئ الرئيس المصري بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر على العدو الصهيوني الغاصب