مؤشّرات كثيرة... هل اقتربت نهاية المعارك في جنوب لبنان وغزة؟
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
تنشط الدبلوماسيّة الأميركيّة تجاه تل أبيب، لإنهاء الحرب على غزة، خلال أسابيع أو أيّام قليلة، مع تزايد وتيرة المعارك في جنوب لبنان، واشتداد القصف الإسرائيليّ على القطاع الفلسطينيّ، الذي يشهد حرباً مُدمّرة منذ 7 تشرين الأوّل الماضي. وقد يكون أبرز مُؤشّر على رغبة إدارة الرئيس جو بايدن وقف إطلاق النار على كافة الجبهات، إقتراب الإنتخابات الرئاسيّة، الذي يتنافس فيها مع دونالد ترامب، الذي أثبتت آخر الإستطلاعات، أنّه يتقدّم على الرئيس الحاليّ، بسبب الحرب في فلسطين.
وربما يكون من المُؤشّرات الأخرى التي تتخوّف منها الإدارة الأميركيّة، هي إطالة الحرب في غزة، ما قد يُؤدّي إلى تفجير الوضع الأمنيّ أكثر في جنوب لبنان، وبقيّة البلدان في الشرق الأوسط، حيث النفوذ الإيرانيّ، وتواجد الفصائل المسلّحة المُواليّة لطهران، والتي تشنّ هجمات يوميّة، على القواعد الأميركيّة في سوريا والعراق، وتستهدف السفن التجاريّة في بحر العرب، والبحر الأحمر، وخصوصاً تلك المُتّجهة إلى تل أبيب.
وبحسب محللين عسكريين، فإنّ إسرائيل ترغب في تمديد الحرب، لأنّها لم تُحقّق أيّ هدفٍ حتّى الآن، وهذا الأمر تخشاه أميركا، التي كلّفها دعمها المُطلق لتل أبيب، خسارة إقتصاديّة، تتمثّل بإرسال المساعدات العسكريّة العاجلة إلى حليفتها في الشرق الأوسط، وأمنيّاً، عبر تهديد مصالحها في سوريا والعراق، وسياسيّاً، عبر انخفاض تأييد الشارع الأميركيّ للمعارك في غزة، وتدّني عدد مُؤيّدي بايدن بشكل لافت.
وبينما تُصّر الحكومة الإسرائيليّة على إكمال الحرب، حتّى تحقيق كافة الأهداف التي وضعتها، ومنها القضاء على "حماس"، أو أقلّه على قادة "الحركة"، يستبعدّ المحللون العسكريّون أنّ تستمرّ تل أبيب بعمليّتها الأمنيّة في غزة، لأنّ إقتصادها أصبح يُعاني كثيراً، وقد انخفضت قيمة عملتها، إضافة إلى أنّ الحركة الإقتصاديّة والسياحيّة والإنتاجيّة متوقفة منذ 7 تشرين الأوّل، وخصوصاً بعد استدعاء الإحتياط بشكلٍ فوريّ للخدمة العسكريّة.
كذلك، فإنّ إسرائيل تُواجه مشكلة نزوح غير مسبوقة، تمتدّ من مستوطنات غلاف غزة، وصولاً إلى المستعمرات القريبة من جنوب لبنان، وهؤلاء المستوطنون يُبدون غضباً على حكومة بنيامين نتنياهو، التي لم تستطع حمايتهم، وقامت بتسليحهم، عوضاً عن كشف مُخطّط عمليّة "طوفان الأقصى" وإفشاله، واعتراض الصواريخ التي تُطلق من غزة ومن لبنان.
وأمام هذا الواقع، يقول المحللون العسكريّون، إنّ الضغط الداخليّ، أكان شعبيّاً أو سياسيّاً، يزداد على نتنياهو، لإنهاء الحرب فوراً، واستعادة الرهائن الإسرائيليين لدى "حماس"، الذين يُقتلون إمّا في الغارات الإسرائيليّة على مناطق غزة، وإمّا عبر العمليّات الإسرائيليّة الفاشلة، التي تهدف إلى استرجاعهم بالقوّة العسكريّة.
ويُشير المحللون إلى أنّه كلّما أطالت إسرائيل الحرب، كلّما زاد الخطر على توسّعها إلى جنوب لبنان وبعض البلدان في المنطقة، فإيران وضعت إستراتيجيّة ناجحة، عبر تحريك الحوثيين في اليمن، وضغطهم على حركة الملاحة البحريّة من جهّة، وعبر "حزب الله" في الجنوب، الذي يضرب أهدافاً إسرائيليّة من دون توقّف، من جهّة أخرى.
ووفق المحللين العسكريين، فإنّ المعارك في غزة أخذت بعداً إقتصاديّاً وسياسيّاً، ولم تعدّ تتعلّق بتحقيق نصرٍ إسرائيليّ وأميركيّ على "حماس"، فواشنطن منهكة، والتضخّم ارتفع فيها منذ بدء الحرب في أوكرانيا، وهي لم تعدّ تستطيع تأمين السلاح والأعتدة كما في السابق لكييف، وهذا الأمر مُهدّد بالفعل، إذا خسر بايدن الإنتخابات الرئاسيّة، لأنّ ترامب سيُنهي التدخّل الأميركيّ بشكل عاجل ضدّ روسيا، وسيعود إلى تقليص مساهمة بلاده في ميزانيّة "الناتو".
ويُضيف المحللون أنّ الحرب في غزة قد تكون كلّفت بايدن وحزبه الإنتخابات الرئاسيّة، وإدارته تعمل في الوقت الراهن، على إقناع إسرائيل بإنهاء الأعمال القتاليّة، ما قد يعود إليه إيجابيّاً في الشارع الأميركيّ، لكن يقول المحللون، إنّ واشنطن تأخّرت كثيراً، ولم تنجح في استثمار ما يجري في فلسطين، لصالح الرئيس الأميركيّ الحاليّ، لكن لا شيء يمنعها من المُحاولة، وخصوصاً إذا صوّرت نفسها أنّها كانت طرفاً أسياسيّاً في عودة الهدوء والإستقرار إلى غزة ومُحيطها، وكسبت بطريقة ما أصوات الأقليّات في أميركا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: جنوب لبنان الحرب فی فی غزة التی ت
إقرأ أيضاً:
بين التفاؤل الأميركي والمماطلة الإسرائيلية: إلى أين تتجه مفاوضات شرم الشيخ؟
يطرح محللون أسئلة عن مدى كفاية الزخم الدبلوماسي الهائل لكسر جدار العناد الإسرائيلي، وعن قدرة واشنطن على فرض تسوية على الطرفين، وإلى أي مدى يمكن أن تقبل المقاومة الفلسطينية بصيغة "وقف الحرب مع بقاء الاحتلال".
وتفرض هذه التساؤلات نفسها بقوة مع دخول محادثات شرم الشيخ يومها الثالث، وسط مؤشرات متباينة بين تفاؤل معلن من الوسطاء وصمت إسرائيلي مريب يثير القلق في جدية تل أبيب في التوصل إلى اتفاق شامل.
وشهدت المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في مدينة شرم الشيخ تصعيداً دبلوماسياً لافتاً، حيث انضمت وفود جديدة من فصائل فلسطينية إلى جانب ارتفاع مستوى التمثيل الدولي.
وكشف مصدر قيادي في حماس، أن الحركة طلبت انضمام ممثلين عن حركة الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى فريق التفاوض، في حين أكد مصدر في الجهاد الإسلامي أن وفد الفصائل يسعى للوصول إلى اتفاق ينهي معاناة الشعب الفلسطيني ويوقف الإبادة الجماعية.
وعلى صعيد الحضور الإسرائيلي والأميركي، وصل وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية رون ديرمر إلى شرم الشيخ، إلى جانب مبعوثي الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر.
وفي مؤشر على الأهمية القصوى التي توليها الأطراف الإقليمية والدولية لهذه المفاوضات، انضم إلى المحادثات رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المخابرات التركي إبراهيم قالن، ورئيس المخابرات العامة المصرية حسن رشاد.
وفي هذا السياق، نقلت شبكة "سي إن إن" عن مصادر مطلعة وجود إشارات إيجابية بشأن المحادثات، في حين ذكرت أكسيوس عن مسؤول في البيت الأبيض أن هناك تقدماً جيداً يمكن أن يفضي إلى اتفاق خلال أيام.
وأفاد بيان لحركة حماس أن المحادثات ركزت على آليات تنفيذ إنهاء الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع، مشيراً إلى أنه تم تبادل كشوف الأسرى المطلوب إطلاق سراحهم وفق المعايير والأعداد المتفق عليها.
أهمية الحضور الدبلوماسي
وبالانتقال إلى قراءة هذا الزخم الدبلوماسي، يرى أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم فرحات أن حضور رؤساء الأجهزة الأمنية المصرية والتركية ورئيس الوزراء القطري، إضافة إلى انضمام الجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي إلى المفاوضات، يشكل زخماً دبلوماسياً كبيراً.
إعلانويلفت فرحات إلى أن الوفد الأميركي تلقى تعليمات بعدم مغادرة القاهرة دون اتفاق، مشيراً إلى أن جميع الأطراف معنية بالتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب وتبادل الأسرى، باستثناء الوفد الإسرائيلي.
ولكن على الضفة المقابلة، يشير الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى إلى أن الوضع مختلف هذه المرة، موضحاً أن بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية يدرك أنه ليس لديه خيار غير الذهاب إلى هذه المباحثات، لكنه يسعى للتأثير على الاتفاق وليس إفشاله.
ويضيف مصطفى، أن المفاوضات تتجه إلى طريق مختلف، حيث توجد مطالبة بالانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة بشكل لا يتوافق مع مخطط ترامب، مبيناً أن معادلة إسرائيل كانت وقف الحرب مع البقاء في غزة، أي الاحتلال دون الحرب.
ويمضي الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية في تحليله مؤكداً أن نتنياهو يحاول التأثير على الاتفاق لأنه إذا ذهب إلى اتفاق دون ضمان بقاء الاحتلال سيسقط سياسياً.
ويلفت إلى أن إسرائيل تلتزم الصمت ولا أحد يعلق على التقدم أو المؤشرات الموجودة في المفاوضات، مشيراً إلى أن المؤشر الوحيد المتداول في إسرائيل أن ترامب يريد هذا الاتفاق وأن على نتنياهو أن يتنازل.
ومن زاوية أخرى، يستبعد الكاتب والمحلل السياسي أحمد الطناني أن يقبل الفلسطينيون بصيغة بقاء الاحتلال على الأرض، معتبراً أنها أكثر السيناريوهات صعوبة بعد صمود عامين من الحرب في القطاع، وتحمل كل هذه المعاناة.
ويوضح الطناني أن وجود الاحتلال على الأرض يعني أن النازحين لن يستطيعوا العودة إلى أماكن سكنهم، وأنه لا يوجد أفق لأي إعمار، محذراً من أن كل مؤقت مع الاحتلال يتحول إلى دائم.
ويعمق المحلل السياسي رؤيته الميدانية موضحاً، أن الخطة التي قدمها الرئيس ترامب تتضمن سيطرة جيش الاحتلال على ما مساحته 60% من مساحة القطاع، معتبراً أن هذا يضرب جوهر المرونة التي أبدتها المقاومة في عملية التفاوض، لأن هذه المرونة انطلقت من مدخل إنهاء المعاناة الإنسانية.
ويضيف الطناني أن عدم انسحاب الاحتلال يعني أن المعاناة ستبقى قائمة وأن احتمالات استئناف العدوان ستبقى حاضرة بشكل كبير.
الموقف الأميركي
وفي قراءة للموقف الأميركي، يؤكد المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية توماس وارك أن التركيز الآني هو الوصول إلى الاتفاق والتوقيع عليه، مشيراً إلى أن هناك تفاؤلاً بعض الشيء في هذه المرحلة، لكنه يحذر من أن الاتفاق قد لا ينجح رغم كل الآمال.
ويلفت وارك إلى أن ما يتم الحديث عنه هو إطلاق الأسرى وعودة السجناء الفلسطينيين والمزيد من المساعدات الإنسانية وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى خط يبقي القوات الإسرائيلية داخل معظم قطاع غزة.
غير أن أستاذ النزاعات الدولية يرى أن الموقف الأميركي يريد اتفاقاً عن الأسرى الإسرائيليين، لكن لا يوجد ضغط أميركي حقيقي على إسرائيل بعد ذلك، موضحاً أن ترامب رهن جزءاً من رأس ماله السياسي من أجل الإفراج عن الأسرى.
ويشير فرحات إلى أن إسرائيل لم تمتثل للتحذير العلني من الإدارة الأميركية بوقف القصف، حيث فاق عدد الشهداء منذ إعلان ترامب أكثر من 120 شهيداً، مما يعكس حدود الضغط الأميركي على الحكومة الإسرائيلية.
إعلانوفي تطور لافت على صعيد المفاوضات، كشف مصدر قيادي فلسطيني للجزيرة، أن حماس وافقت على إطلاق أسرى الاحتلال جميعاً وتأجيل الجثامين حتى تتوفر الظروف الميدانية الملائمة، مشيراً إلى أن الوسطاء طلبوا من الوفدين الفلسطيني والإسرائيلي أن يكون الجمعة آخر سقف للمفاوضات.
بينما يرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية أن ضمان إطلاق سراح جميع الأسرى الأحياء يمثل مطلباً رئيسياً للشارع الإسرائيلي، يؤكد أستاذ النزاعات الدولية أن التوافق على إطلاق الأسرى لا يكفي طالما أن إسرائيل لم تلتزم بعد بوقف إطلاق النار بعد حصولها على أسراها.