الشارقة: «الخليج»

قررت أم سالم وزوجها، احتضان طفل بعد مرور 10 أعوام من زواجها، بسبب رفض زوجها القاطع الزواج من أخرى لإنجاب طفل، وبعد موافقة الأهل تقدمت بأوراقها إلى دائرة الخدمات الاجتماعية في الشارقة، وتعلّق بالقول: كان حظي موفقاً، لأني لم أنتظر طويلاً، بل اتصلوا بي للحضور، وعندما وقعت عيني على أحد الأطفال غمرتني عاطفة كبيرة وتوجهت إليه لأفاجأ به يقول لي «ماما»؛ يومها لم أرجع إلى المنزل إلا وسالم معي.

وهو اليوم في العاشرة من عمره، ويعلم بواقعه بعدما مهّدت له الأمر سنة بعد سنة، والغريب أنه يطلب مني احتضان طفل آخر ليصبح لديه أخ.

أما جواهر، فاحتضنت رضيعة بعمر ال4 أشهر في عام 2011، وكان وراء رغبتها في الاحتضان ابنتها الوحيدة البالغة من العمر 9 سنوات، التي كانت تصرّ على طلبها أن يكون لديها أخت، لدرجة أن نفسيتها تعبت من هذا الموضوع، وبعد محاولات جواهر المتكررة الحمل، ارتأت وزوجها احتضان طفلة، كما وافقهم الرأي الأهل من الجهتين؛ حيث أوضحت: «وبالتالي لم نواجه أي مشاكل أو استهجان في الاحتضان من المجتمع الإماراتي، بل على العكس كانت المسألة عادية».

وفاطمة لديها قصة مختلفة مع الاحتضان: «لقد حصلت الرزق بعدما احتضنت طفلاً»، هكذا تقول فاطمة التي لم يهبها الله نعمة الولادة، فقررت بعد تسعة أعوام من الزواج احتضان ولد، لتشعر بإحساس الأمومة الذي حُرمَت منه، واحتضنت رضيعاً. وكانت المفاجأة غير المتوقعة، بعد شهر من الاحتضان حملت فاطمة توأماً من الفتيات توفيت إحداهما، وبعدها حملت مرتين متتاليتين، هذه الولادات لم تدفعها هي أو زوجها لإعادة الطفل المحتضن إلى الدار، بل على العكس عدّاه فاتحة رزق، فعند قدومه للمنزل جلب الخير معه، وعمّت الأسرة الفرحة الكبيرة.

شمّا، تلك الرضيعة التي تركتها والدتها صباح يوم على بوابة أحد المنازل منذ 16 عاماً، ولتجدها عائشة ربة المنزل، وتحتضنها بعد إتمام الإجراءات اللازمة. وبعكس القصتين السابقتين فعائشة لديها صبي وبنت، وكي تكون الأمور في السليم، أرضعت عائشة الطفلة، وتعقب عائشة: هذه الطفلة أمانة في عنقني أرسلها الله عز وجل إلى عتبة بيتي كي أهتم بها وأربيها، وهي طريقي إلى الجنة، وسوف أبقى أرعاها حتى تتزوج.

هذه القصص وغيرها واقعية وتحمل الكثير من العبر والدروس في الإنسانية والعطاء والتضحية.

وتعد الشارقة، الإمارة الأولى التي طبقت برنامجاً لاحتضان الأسر للأطفال مجهولي النسب، منذ الثمانينات.

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات الشارقة

إقرأ أيضاً:

تضارب المصالح مشكلة إنسانية

مشكلة «تضارب المصالح» conflict of interests مشكلة متجذرة في فلسفة الأخلاق النفعية كما نجدها منذ العصر اليوناني لدى الفلاسفة السوفسطائيين، وكما نجدها لدى الدى المحدثين من أنصار مذهب المنفعة، وغيرهم. بل نجدها حتى حاضرة بقوة في الأدب الذي لايخلو أبدًا من الفلسفة، وفي نصائح مكيافللي للأمير التي تؤكد على تغليب المصلحة على أي شيء آخر، وعلى أن الغاية تبرر الوسيلة. ولكن هذه المشكلة قد أصبحت مطروحة بقوة في مجال الفلسفة التطبيقية applied ethics، وبوجه خاص في مجال أخلاقيات المهنة والمعاملات التجارية business ethics؛ إذ إن واقع المعاملات في هذا المجال الأخير قد أصبحت معقدة ومتشعبة ومتشابكة، بحيث تقتضي تأملًا فلسفيًّا للمشكلات التي يمكن أن تنشأ عن هذا الواقع، والتي تدخل في حالة تضارب المصالح التي تتعارض مع أخلاقيات المهنة؛ ومن ذلك على سبيل المثال: حالة الموظف الذي يعمل محاميًا أو وكيل أعمال لدى مؤسسة أو شركة ما، وفي الوقت نفسه يعمل في وظيفة ما لدى مؤسسة أو شركة منافسة؛ وحالة الأستاذ الذي يقوم بتحكيم بحث أحد تلاميذه الذي أشرف عليه هذا الأستاذ نفسه؛ وذلك بهدف تقييم جدارته للنشر؛ وكذلك حالة القاضي الذي يقوم بالتحكيم في قضية ما ضد المدعى عليه الذي تربطه بالقاضي صلة ما!

غير أن مشكلة «تضارب المصالح» ليست مجرد مشكلة أخلاقية، وإنما نجدها حاضرة أيضًا وممتدة في مجال السياسة، ليس فقط على المستوى النظري، وإنما أيضًا على المستوى العملي (فيما يُعرَف بعالم أو دنيا السياسة): فعلى مستوى التنظير نجد أن واحدًا من أهم فلاسفة السياسة المعاصرين، وهو جون رولز، يُعنى في المقام الأول بقضية العدالة وبصياغة قواعد لعقد اجتماعي جديد يحكم الصلة بين مصلحة الفرد ومصلحة المجموع. وعلى المستوى العملي في دنيا السياسة نجد أمثلة عديدة لا حصر لها في عالمنا الراهن؛ ولنتأمل في هذا الصدد- على سبيل المثال- موقف بعض الدول الأوروبية التي تتخذ موقفًا مغايرًا لقرارات الاتحاد الأوروبي، حفاظًا على مصالحها الخاصة أو انتصارًا لمبادئها وسياساتها الخاصة. لقد تبدى ذلك في حالة الحرب الروسية الأوكرانية: فالاتحاد الأوروبي يتخذ موقفًا معاديًا من روسيا ويتحرش بها سياسيًّا، ويوقع عليها العقوبات، باعتبار أن مثل هذه الإجراءات ضرورية لدرء تهديدات محتملة من جانب روسيا؛ ولكننا نجد دولة مثل المجر تصر على استيراد البترول من روسيا حفاظًا على مصالحها الخاصة التي تتعارض مع مصالح المجموع. كما أننا رأينا من قبل تباين المواقف السياسية لهذه الدول من القضية الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطين، وهو تباين في المواقف إزاء حالة التعارض التي يمكن أن تنشأ بين رعاية مصالحها الخاصة ورعاية مصالح المجموع، فضلًا عن رعاية القيم الأخلاقية والإنسانية التي يمكن أن تتعارض مع المصالح الخاصة والجماعية معًا. هذا التباين في المواقف لم يتبد فقط في مواقف الدول الأوروبية، بل تبدى أيضًا في مواقف الدول العربية إزاء الأحداث المتلاحقة في هذا الصدد. وبذلك يصبح السؤال الفلسفي المطروح في مجال العلاقات السياسية هو: هل، وكيف، وإلى أي حد- يمكن للدول أن تراعي مصالحها الخاصة من دون أن تجور على القيم الإنسانية العليا؟ هذه جملة أسئلة في سؤال واحد، وهي أسئلة قد انشغلت بها طويلًا فلسفة السياسة.

ومع ذلك كله، فإن مشكلة «تضارب المصالح» تتجاوز في الحقيقة البعدين الأخلاقي والسياسي معًا، حتى إنها لتبدو مشكلة وجودية وحياتية. ولقد لاحظ علماء الرياضيات والمنطق هذه المشكلة أو المعضلة وعبروا عنها على سبيل التمثيل الرمزي باسم «معضلة السجينين»؛ إذ إن هذه المعضلة تجسد حالة التعارض بين المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية على نحو يترتب عليه احتمالات عديدة؛ وذلك حينما يواجه سجينان خيارًا بين موقفين: التعاون أو الخيانة من جانب أحدهما إزاء الآخر. السجينان اشتركا في الجريمة، وبعد القبض عليهما فصلت بينهما الشرطة لأخذ اعتراف من أي منهما (حيث إنها لا تمتلك أدلة قاطعة على قيامهما بالجريمة المشتركة): قد يكون أحدهما متعاونًا مع رفيقه بإنكار الجريمة، وقد يكون خائنًا لرفيقه بأن يعترف بالاشتراك في الجريمة، لكي ينال بذلك الاعتراف عقوبة مخففة. ويترتب على الموقف الذي يتخذه كل منهما احتمالات عديدة، وهي احتمالات تمت صياغتها رياضيًّا، ولكن هذه تفاصيل لا أهمية لذكرها هنا. فما يهمنا هنا هو التأكيد على أن هناك شيئًا شبيهًا بتلك المعضلة يحدث في حياتنا اليومية وفي العلاقات الإنسانية المعقدة؛ إذ إننا كموجودات بشرية نكون دائمًا أمام اختيارات علينا أن نتخذ قرارات بشأنها، وهي اختيارات يترتب على كل منها احتمالات عديدة.

وتلك مسائل تتطلب في حد ذاتها تأملات فلسفية مستفيضة، تتقاطع مع الوعي السياسي والاجتماعي؛ إذ لم يعد من الممكن في عصرنا هذا وضع معايير وقواعد عامة تسري في كل مجال وفي كل المواقف. وهذا يعني أن مشكلة «تضارب المصالح» في الحياة والعلاقات الإنسانية يمكن أن تشغل اهتمام الفيلسوف وعالم الاجتماع، مثلما يمكن أن تشغل اهتمام السياسي فيما يتعلق بالعلاقات السياسية أو الدولية، وهي تشغل اهتمام الفيلسوف التطبيقي فيما يتعلق بأخلاقيات المهنة والمعاملات، وهكذا.

مقالات مشابهة

  • الأونروا تكشف مخزون المساعدات الغذائية لديها.. تكفي القطاع كاملا لهذه المدة
  • "عائشة لا تستطيع الطيران" من أسبوع النقاد في (كان) إلى مهرجان مونبلييه السينمائي
  • عضو اتحاد الكرة: هناك دول تتمنى أن يكون لديها "نصف" حسام حسن
  • عضو بـ اتحاد الكرة: هناك دول تتمنى أن تكون لديها «نصف» حسام حسن
  • العزاء بين واقعية الوزير وعاطفة المجتمع!
  • برج الجدي .. حظك اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025 : وضع أهداف واقعية
  • تضارب المصالح مشكلة إنسانية
  • الحناء.. جذور تاريخية واستعــــــمالات اجتماعية وصحية
  • محافظ جنوب سيناء: منتدى كنوز الإبداع يعكس مكانة مصر الرائدة في احتضان الفن والثقافة
  • الاتحاد الأوروبي: آفاق السلام في غزة أصبحت اليوم أكثر واقعية