حماد صبح أكمل الرئيس التركي رجب طب اردوغان في ثلاثة أيام زيارة بلاد الحرمين وقطر والإمارات، وعقد مع الدول الثلاث اتفاقات تجارية واقتصادية وعسكرية بمليارات الدولارات ، وينوي لقاء نتنياهو وعباس هذا الشهر في بلاده . وسبق أن تبادل السفراء مع مصرإنه، بعد انتخابه في مايو الفائت لرئاسة ثالثة، يصنع النجاح وراء النجاح.
ومن نجاحاته محافظته على شعرة معاوية مع روسيا التي صدمها مؤخرا بموافقته على انضمام السويد للناتو. تجاوز صفر مشكلات مع كل الدول إلا مع جارته سوريا حيث صرح يوم 17 من الشهر الحالي في مؤتمر صحفي في مطار أتاتورك باسطنبول في طريقه إلى بلاد الحرمين بأنه لن ينسحب من شمال سوريا مبديا استعداده في ذات الوقت للقاء الرئيس بشار الأسد، وعلل رفضه الانسحاب بمحاربته الإرهاب هناك . ولنا ثلاثة أسئلة: كيف يتوقع من الأسد أن يقابله مع وجود القوات التركية في الأرض السورية بما فيه من مس خطير بالسيادة السورية؟! وألا يمكن محاربة الإرهاب مع الدولة السورية والاتفاق على مواجهته معا ؟! وألم يكن لتركيا دور كبير في صناعة بعض أطراف هذا الإرهاب؟! القيادة السورية ذكية العقل، وكبيرة القلب، وعالية الخبرة في إدارة القضايا السياسية مع الحلفاء والأعداء سواء بسواء، ولن تعجز عن حل كل المشكلات مع تركيا إذا حسنت نوايا هذه نحوها إلا أن “يعقوب” التركي في نفسه حاجة ليست سوية ولا بريئة. لقد اجتاز كل الخلافات والعقبات مع إسرائيل التي بدأت في مايو 2010 بعد أن هاجمت القوات الإسرائيلية السفينة التركية ما في مرمرة التي كانت متجهة لكسر حصار غزة ، وقتلت وجرحت عددا من الأتراك ، فحافظ على العلاقات التجارية والاستخبارية والعسكرية بين الدولتين مع سحب كل دولة لسفيرها من الدولة الأخرى، ثم أعيد السفيران، واستقبلت أنقرة الرئيس الإسرائيلي حاييم هيرتسوج ، وهاهي تستعد لاستقبال نتنياهو . ولا نغفل أنها ، تركيا ، حافظت على العلاقات الاستخبارية مع سوريا من خلال رئيس الاستخبارات التركي السابق هاكان (حقان) فيدان الذي زار دمشق في سبتمبر 2022 واجتمع مع نظيره السوري على مملوك ، ومع الرئيس الأسد . وانبثقت توقعات متفائلة بتحسن العلاقات بين الدولتين بعد صيرورة هاكان وزيرا للخارجية في الحكومة التركية الجديدة. وفي انتباهنا أن تسارع تحسن علاقات تركيا مع الدول العربية الأخرى لا يحركها، تركيا، نحو أي تحسين لعلاقاتها مع سوريا، ومن تفسيرات هذا أن الدول العربية لا تطلبه من تركيا، ولا تحضها عليه، وهذا سلوك مفهوم من دول شاركتها في تفجير الكثير من مآسي سوريا ، وإن صالحتها بعد ذلك، باستثناء مصر التي وقفت من تلك المآسي موقفا حياديا فيه بعض التعاطف مع سوريا خاصة بعد سقوط مرسي الذي قطع العلاقات الدبلوماسية معها في 2012. وخسر أردوغان الكثير من مكانته لدى الشعب العربي لعدائية موقفه لسوريا في الوقت الذي يتودد فيه لإسرائيل ويتقرب منها، وصار كثيرون يؤمنون أن السمة الإسلامية لسياسته تخفي نزعة هيمنة عثمانية جديدة تختلف عن الهيمنة القديمة التي جسدتها الخلافة العثمانية واتصفت بصدقها في الدفاع عن ديار الإسلام مدى أربعة قرون، ونعترف بأنه لولا ذلك الدفاع الصادق الحازم لكانت بلاد المسلمين خاصة العربية منها في حال لا تختلف عن حال بلاد الهنود الحمر. من حق كل بلد أن يصون مصالحه الوطنية الخاصة، وهذه الصيانة لا تتخالف مع صيانته للمصلحة الإسلامية، وفي تكاتف المصلحتين قوة وسلامة وأمان لكل الشعوب الإسلامية. والعرب مقصرون في حق أنفسهم وفي حق الإسلام تقصيرا قاتلا، ودولهم في جملتها أكثر الدول الإسلامية تقربا من إسرائيل ، ونفاقا في معاداتها خداعا لشعوبهم التي تكرهها ولا تغفر منكراتها وجرائمها في فلسطين التي تشاهدها يوميا . العرب، ودونما أي عنصرية متعصبة، يجب أن يكونوا قدوة الشعوب الإسلامية في مقاومة إسرائيل وصدق معاداتها، ويملكون كل مبررات هذا العداء ومقومات الانتصار فيه إلا أن قياداتهم لا تمثل إرادتهم الوطنية والإسلامية، وكان أن أضعفت دولها وشعوبها بدل أن تصنع قوة عربية موحدة حتى مع تعدد الأنظمة السياسية. والحصاد ما نراه الآن: ليس لدينا قوة عربية موحدة كبيرة، وليس لدينا دولة عربية قوية مثل تركيا وإيران، وما هو أسوأ نقيضا أن بعض الدول العربية تتمزق وتتفكك في حروب داخلية وصراعات طائفية، وتفتح الطريق واسعا لتمزق وتفكك دول تالية، وبعضها يتوسل الحماية من دول أجنبية خوفا على نظامه من شعبه. ومن يصنع ضعفه وهوانه بنفسه لن يقويه الآخرون ويجعلوه عزيزا، بل يطمعوا فيه ويذلوه، وهذه حال العرب في جملتهم. كاتب فلسطيني
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
دراسة جيولوجية: تركيا تنفصل عن شبه الجزيرة العربية في المستقبل
أنقرة (زمان التركية) – كشفت دراسة حديثة أجرتها جامعة توبنغن Tübingen الألمانية عن نتائج مذهلة تتعلق بالتغيرات التكتونية بين الصفيحتين التركية والعربية، حيث أظهرت أن تركيا وشبه الجزيرة العربية ستتفككان تدريجيًا، مما سيؤدي إلى انفصالهما الكامل في المستقبل البعيد.
وفقًا لفريق من أساتذة الجيولوجيا في الجامعة، كانت الصفيحة الأوراسية -التي تشمل تركيا- والصفيحة العربية مفصولتين بمحيط قبل حوالي 60 مليون سنة. لاحقًا، اصطدمت الكتلتان الأرضيتان، مما تسبب في ضغط قشرة الأرض وتكوين سلاسل جبلية في جنوب شرق تركيا.
وأوضح الدكتور ريناس كوشناو، أحد الباحثين، أن الوضع قد انقلب تمامًا مع مرور ملايين السنين. فقد لوحظ هبوط في قشرة الأرض وتكوّن حطام بعرض 3-4 كيلومترات تحت جبال زاغروس، مما يشير إلى أن الصفيحتين الأوراسية والعربية بدأتا في التمزق.
وأضاف أن هذه العملية قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تشكل محيط جديد في المنطقة.
وأشار الخبراء إلى أن هذا الانفصال يحدث بمعدل بضعة سنتيمترات سنويًا، لكنه سيؤدي بمرور الزمن إلى انسحاب تركيا بالكامل من شبه الجزيرة العربية.
هذه النتائج تسلط الضوء على التحولات الجيولوجية البطيئة والعميقة التي تعيد تشكيل سطح الأرض على مدى ملايين السنين.
Tags: Tübingenالشرق الأوسطتركياجيوبوجيا