لطالما شكّلت اليمن إحدى أبرز مراكز الحضارة في التاريخ العربي القديم، من سبأ إلى حمير، لم يكن الازدهار اليمني محصورًا في العمران أو التجارة، بل متجذرًا في وعي حضاري متقدم. واليوم، وفي ظل المتغيرات الإقليمية والدولية، تظهر المسيرة القرآنية كمشروع معاصر يعيد تعريف الإنسان اليمني، مستندًا إلى القرآن كمرجعية فكرية وعملية، وممتدًا من أعماق التاريخ اليمني الحضاري.

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

 

 

 من تاريخ الحضارة إلى مسيرة الوعي

 

المسيرة القرآنية ..  مشروع حياة

المسيرة القرآنية، التي انطلقت على يد الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي، تمثل تيارًا فكريًا ونهضويًا يسعى لبناء أمة قوية، مستقلة، ومرتبطة بالقرآن كمنهج حياة شامل، هي ليست حركة مذهبية أو طائفية، بل رؤية تعيد صياغة الواقع السياسي، والاقتصادي، والثقافي، وفق منطلقات إيمانية تستلهم القيم القرآنية وتربطها بالسياق اليمني المعاصر.

 

 ملامح الوعي الحضاري اليمني القديم

الوعي السياسي والإداري .. عرفت اليمن منذ آلاف السنين نظمًا إدارية متقدمة، كان أبرزها في مملكة سبأ، التي أُديرت بحنكة سياسية، وبنيت مؤسساتها على أساس المشاركة والتخطيط، ما يدل على وعي جماعي بدور الدولة وأهمية الاستقرار.

التنمية المستدامة .. سد مأرب الشهير لم يكن مجرد مشروع هندسي، بل تعبيرًا عن عقل حضاري قادر على فهم البيئة وإدارتها لصالح الإنسان، تكامل الزراعة، وإدارة المياه، والتنظيم الاقتصادي يعكس روح الابتكار والاعتماد على الذات.

الاستقلال والكرامة .. الممالك اليمنية القديمة لم تكن تابعة لقوى خارجية، بل حافظت على استقلال قرارها، وكانت فاعلة في محيطها، ما جعلها قوة إقليمية تحسب لها الحساب.

 

المسيرة القرآنية كامتداد طبيعي لهذا الوعي

الهوية الإيمانية الجامعة .. تسعى المسيرة القرآنية لإحياء الهوية اليمنية لا بالحنين إلى الماضي، بل ببناء حاضر مستند إلى الإيمان، ومتحرر من التبعية الفكرية والسياسية،  فاليمني، وفق هذا المشروع، ليس مجرد تابع، بل إنسان فاعل يحمل رسالة.

التحرر من الهيمنة .. على خطى الأسلاف الذين حافظوا على سيادة قرارهم، ترفض المسيرة اليوم كل أشكال الوصاية، وترى أن الاستقلال الحقيقي يبدأ بتحرير الفكر، ثم الاقتصاد، والسياسة.

الإنسان أولًا .. في صميم المسيرة القرآنية، يقف الإنسان كمرتكز أساسي، بناء الإنسان المؤمن، الواعي، الصابر، والمجاهد، هو مفتاح النهضة، وهو ما يربط المشروع القرآني الحديث بجذور الوعي الحضاري اليمني الأصيل.

 

تجليات المشروع القرآني في الواقع اليمني

الصمود في وجه العدوان .. أثبتت السنوات الأخيرة أن المسيرة القرآنية ليست مجرد خطاب، بل مشروع عملي قادر على الصمود السياسي والعسكري والفكري، في مواجهة تحالف دولي تقوده قوى الهيمنة.

بناء مؤسسات مستقلة .. تظهر ثمار المسيرة في محاولات بناء مؤسسات بعيدة عن التبعية للخارج، تقوم على مبدأ الاكتفاء الذاتي، والاعتماد على القدرات الوطنية.

التعليم والتثقيف الواعي .. تعتمد المسيرة المباركة على برامج تربوية وفكرية تستلهم القرآن لبناء وعي جماعي يرفض الظلم، ويعزز قيم العدالة والكرامة.

 

من حضارة سبأ إلى نهج القرآن .. الوعي مستمر

تربط المسيرة القرآنية بين الماضي العريق والحاضر المقاوم، فهي تعيد اليمني إلى دوره الطبيعي كمبادر لا تابع، وكمصنع للنهضة لا مستورد لها، إنها امتداد للحكمة اليمنية، وصدى معاصر لتلك الأصوات التي بنت السدود، وأقامت المدن، وأطلقت القوافل، واليوم ترفع راية الحرية والكرامة باسم القرآن ،

استطاع المشروع القرآني أن يبقى وفياً لجذوره الحضارية والإيمانية ، وهو مؤهل لأن يتحول إلى نموذج فريد في العالم الإسلامي، يُعيد للإنسان المسلم واليمني خصوصًا دوره التاريخي في صناعة الحضارة.

ولعل أبرز معالم هذا المستقبل، بناء دولة قرآنية مدنية حديثة، وتحقيق الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي، وإعادة تأهيل التعليم بمنهج قرآني

 نحو نهضة يمنية إيمانية

المسيرة القرآنية ليست عودة إلى الوراء، بل انطلاقة نحو المستقبل، تستلهم الماضي دون أن تحنط نفسها فيه، هي مشروع يمني خالص، لكنه بمضامين إنسانية شاملة، يقدم نموذجًا حضاريًا قائمًا على الإيمان، والوعي، والتحرر.

وفي ظل التحديات العالمية، تبقى هذه المسيرة أملًا كبيرًا في نهضة يمنية، متجذرة في الحضارة، ومتجهة نحو السيادة والكرامة.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: المسیرة القرآنیة

إقرأ أيضاً:

وزير الثقافة: معرض الزمالك الأول للكتاب يجسّد إيمان الدولة بدور الثقافة والإبداع في بناء الإنسان

أكد وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، "معرض الزمالك الأول للكتاب" يجسّد إيمان الدولة المصرية بدور الثقافة والإبداع في بناء الإنسان وتشكيل الوعي لدى مختلف فئات المجتمع.


جاء ذلك خلال افتتاح وزير الثقافة اليوم /الإثنين/، فعاليات الدورة الأولى من "معرض الزمالك الأول للكتاب"، والذي ينظمه المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية، بحضور هند عبدالحليم نائب محافظ الجيزة، وذلك في إطار برنامج احتفالات وزارة الثقافة بالذكرى الـ52 لانتصارات أكتوبر المجيدة.


وخلال الافتتاح، وجّه الدكتور أحمد فؤاد هنو بتفعيل خصم 50% على جميع إصدارات وزارة الثقافة لطلاب المدارس والجامعات، تشجيعًا على القراءة والاطلاع، ومساهمةً في تحقيق استراتيجية الدولة لبناء الإنسان.


وأشار وزير الثقافة إلى أن افتتاح الدورة الأولى من معرض الزمالك للكتاب يأتي متزامنًا مع احتفالات الشعب المصري بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة، ليمنح هذا الحدث الثقافي طابعًا وطنيًا مميزًا، كما يعكس حرص الوزارة على توسيع نطاق الوصول بالمنتج الثقافي والمعرفي في مختلف المواقع، وجعل الكتاب قريبًا من المواطن في كل المناطق.


وأوضح أن المعرض يُعد منصة فكرية وإبداعية تتيح لزوارها التعرف على أحدث إصدارات وزارة الثقافة في مختلف مجالات الفكر والفن والإبداع، بهدف إثراء المشهد الثقافي.


ويشارك في المعرض مجموعة من دور النشر المصرية إلى جانب قطاعات وزارة الثقافة المعنية بالنشر، ويتضمن برنامجًا ثقافيًا وفنيًا متنوعًا يشمل ندوات ثقافية وأمسيات فنية، بالإضافة إلى أنشطة خاصة بالأطفال، بما يعكس حرص الدولة على دعم التنوير وتعزيز دور الثقافة في المجتمع.


ويأتي المعرض ،الذي يستمر حتى 15 أكتوبر الجاري، بمشاركة عدد من قطاعات وهيئات وزارة الثقافة، منها: الهيئة المصرية العامة للكتاب، الهيئة العامة لقصور الثقافة، المركز القومي للترجمة، صندوق التنمية الثقافية، المجلس الأعلى للثقافة، أكاديمية الفنون، ودار الكتب والوثائق القومية، إلى جانب مشاركة عدد من دور النشر الخاصة، وذلك في إطار احتفالات الدولة بذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة.


ويشهد الجمهور برنامجًا ثريًا من الفعاليات الثقافية والفنية المتنوعة، من بينها ورش للأطفال بدعم من مؤسسة مصر الخير، حيث يقدم قطاع مناحي الحياة بالمؤسسة نشاط المكتبة المتنقلة التي تنظم ورشًا تفاعلية للأطفال تحت عنوان «حكايات على أربع عجلات»، وتشمل عروضًا للحكي التفاعلي، ومسرح العرائس، وفترات للقراءة الحرة، بإشراف الفنان ربيع زين.


كما تتضمن الفعاليات ورشة بعنوان «أنا فنان» بإشراف وتدريب الفنانة القديرة وفاء الحكيم، والموجهة للأطفال من ذوي الهمم، بهدف اكتشاف قدراتهم، والتعبير عن أنفسهم، وتعزيز الدمج المجتمعي من خلال الفن.


وفي إطار برنامج "مساحة حرة"، يستضيف المعرض مجموعة من اللقاءات والحوارات المفتوحة مع رموز فنية وثقافية بارزة، من بينهم: الفنان صبري فواز، والدكتور سيد علي إسماعيل، والدكتورة أمل جمال سليمان استشاري قطاع مناحي الحياة بمؤسسة مصر الخير، والكاتبة الصحفية شهيرة خليل رئيس تحرير مجلة سمير، والدكتورة منى الصبان.


وتشارك الهيئة العامة لقصور الثقافة ببرنامج فني مميز يضم عروضًا للغناء والموسيقى الشعبية تمثل التنوع الثقافي المصري، من خلال فرق: النيل للموسيقى والغناء الشعبي، الإسماعيلية للفنون الشعبية، الشرقية للفنون الشعبية، مجموعة النوبة والإنشاد الديني بفرقة النيل.


كما يقدم المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية مجموعة من الحفلات الموسيقية التي تتناول تراث الغناء المصري الأصيل على مدار أيام المعرض.


حضر الافتتاح المخرج خالد جلال رئيس قطاع الإنتاج الثقافي، واللواء خالد اللبان مساعد الوزير لشئون الهيئة العامة لقصور الثقافة، والدكتور خالد أبو الليل القائم بأعمال رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، والمخرج عادل حسان رئيس المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية،والدكتورة رشا صالح رئيس المركز القومي للترجمة.
 

طباعة شارك وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو معرض الزمالك الأول للكتاب دور الثقافة والإبداع في بناء الإنسان المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية هند عبدالحليم نائب محافظ الجيزة

مقالات مشابهة

  • مركز الملك عبدالعزيز للتواصل الحضاري يقيم لقاءً بمناسبة يوم المعلم
  • من تفكك الدولة إلى مشروع النهضة: قراءة في جوهر الأزمة الليبية
  • مفتي الجمهورية: الإعلام شريك أساسي في بناء وتعزيز الوعي المجتمعي
  • إطلاق مشروع مدرسة التلاوة المصرية بالجامع الأزهر.. رابط التسجيل
  • مصر ضمن الـ10 الكبار اقتصاديا: رؤية إسلامية لنهضة اقتصادية شاملة (16)
  • وزير الموارد البشرية: صحة الإنسان ركيزة التنمية المستدامة
  • علي الخصاونة يطلق حملة “بلادي بتستاهل” لنشر الوعي والسلوك الحضاري
  • وزيرة البيئة تهنئ خالد العناني لفوزه بمنصب مدير عام اليونسكو
  • القومي لحقوق الإنسان: فوز خالد العناني برئاسة اليونسكو تقدير لدور مصر الحضاري
  • وزير الثقافة: معرض الزمالك الأول للكتاب يجسّد إيمان الدولة بدور الثقافة والإبداع في بناء الإنسان