“كيكل” ..السياق وإعادة وسم التاريخ
تاريخ النشر: 5th, August 2025 GMT
التاريخ مؤثر كبير على الواقع، ويكفينا أن نتأمل في الأوضاع من حولنا على كامل خريطة السودان وتقلباتها، لا يسير التاريخ في خط واحد، إنما يسير بطريقة متعرجة في بعض الأوقات، صاعدة وهابطة، المهم كيف يستفيد اللاعبون من فرصه؟.
الأحداث التي تستحق العودة إليها في الأيام الماضية، لا حد لها، وأكثرها بطولات “درع السودان” في “كردفان” التي اطلع عليه السودانيين أجمع في وقتها، وأهمها : مسيرة معركة الطريق الى الفاشر”، ومواقف الحركات المسلحة تحت لواء “تأسيس”.
قرأت تصريحاً شنيعاً للدكتور “الهادي ادريس” الذي ينتحل شخصية حاكم إقليم دارفور بحكومة “تأسيس” المزعومة، يحض فيه “أهل الفاشر” إلى مغادرتها حتى يستولى عليها “الجنجويد”، فهو “عبد مطيع” لآل دقلو، منذ أن كان عضواً بمجلس السيادة، لا يجرؤ على الدفاع عن أرواح ذويه وعشيرته المحاصرون في “الفاشر” .
ولكنه قدم نموذجاً مبهراً لأنانية مفرطة، تدفعه للاغتباط بجنازات الأطفال الجوعى ، واستعمالهم لمستقبله ومشروعه الخاص، أو لنجوميّته المحضة، بوقت تكون فيه اسرهم في أوج حزنها وصدمتها.
والحدث الثاني، هو صراخ مليشيا “الدعم السريع” التي استيقظت على رؤية قوات “درع السودان” تشطب ما يسمونه الحدود المناطقية، وتقود معركة التحرير إلى الفاشر .
“كيكل” وهو على تخوم “كردفان” قدم عشرات الشهداء وابرزهم “أبناء شقيقه وشقيقته” وطاقم حراسته الشخصية، يقاتل بشراسة، يندفع بقوة، وكأنه يجلد ذاته.
الآن.. “ابو عاقلة كيكل” وجنود “درع السودان” يستفيدون من فرصة نادرة ليحملوا ذاكرة التاريخ أنبل نموذج في “نقد الذات” بطريقة عملية.
لم يستجب “كيكل” للاستفزازات، ولم يصعّد بخطاب مناطقي أو إثني، ولم يشحن السودانيين بخطابات عبثية كما فعل غيره من قادة المليشيات التي تتحالف مع القوات المسلحة ، بل أعلن عبر مواقفه الاخيرة بوضوح أن السودان منهك من الحروب، ويحتاج إلى إعادة إعمار سياسي بشراكة الجميع ، واستثمار الوجدان الوطني الذي شكلته معركة الكرامة.
ظللت انافح ضد تمدد المليشيات في بلادنا، وكنت من القلائل الذين حذروا من انفجارها على هذا النحو ، ولكن بعد التداعيات الاخيرة في مشهدنا الاجتماعي والسياسي ، نجد أن أول الحكمة القراءة الدقيقة في موازين القوى. لا بد منها إذا تعلق الأمر بتغييرات جذرية في بلد مثل السودان.
ميزان القوى حكم شبه مبرم يصعب شطبه من الحساب، تجاهله يقود غالباً إلى نتائج كارثية وهذا لا يعني ان القوة التي تصنع الانتصار قادرة بالضرورة على ضمان الاستقرار.
حين أطلقت مليشيا “الدعم السريع ” رصاصتَها الأولى في اليوم الخامس عشر من أبريل/٢٠٢٣، كان “حميدتي” يحلم بحكم كامل الأرض السودانية بفوهة رشاشه، معاركه الطويلة والمريرة شرحت له وبقسوة، حقيقة ميزان القوى الممتد من “البطانة” إلى “دارفور”.
قتال قوات “درع السودان” في سهول “كردفان” ، بلا غطاء سياسي او مشاركة سلطوية، قدم درساً بليغاً لذلك الذي يريد البقاء السياسي أكبر قدر ممكن، والهروب من النهاية المحتومة، ويتصرف على هذا الأساس، رغم ادعائه أنه يخدم القضية الوطنية في “الفاشر” ، ويتباهى قائلاً إنه من غيّر وجه المعركة بعد تحالفه مع الجيش .
محبتي واحترامي
رشان اوشي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: درع السودان
إقرأ أيضاً:
السودان: 12 في قصف لقوات الدعم السريع على مستشفى الفاشر
الأمم المتحدة: 80 % من العائلات تحتاج إلى الرعاية الصحية -
بورت سودان (السودان) "أ ف ب": قتل 12 شخص على الأقل بقصف لقوات الدعم السريع على مستشفى في مدينة الفاشر المحاصرة في إقليم دارفور بغرب السودان، بحسب ما أفاد مصدر طبي وكالة فرانس برس أمس.
وتشنّ قوات الدعم السريع هجومها الأعنف على الإطلاق على مدينة الفاشر في مسعى لانتزاعها من قبضة الجيش.
وأسفرت الحرب المتواصلة منذ أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص ودفعت الملايين إلى النزوح فيما بات حوالى 25 مليون شخص يعانون الجوع الحاد.
ويفيد ناشطون بأن الفاشر، آخر المدن الكبرى في إقليم دارفور الخارجة عن سيطرة قوات الدعم السريع، باتت "مشرحة مفتوحة تنزف من كل الجهات".
وقال المصدر الطبي الذي اشترط عدم الكشف عن هويته خوفا على سلامته "أصيب قسم النساء والتوليد في مستشفى الفاشر بقصف مسيرة أطلقها الدعم السريع، وأدى ذلك لسقوط ثمانية قتلى، وسبعة أصيبوا" بجروح، مشيرا الى أن الضربة أدت الى "تضرر المباني والمعدات".
يعد المستشفى من بين آخر المنشآت الطبية والصحية التي ما زالت تعمل في المدينة مع تعرّض معظمها لقصف متكرر أجبرها على الإغلاق.
وتفيد الأمم المتحدة بأن حوالى 80 في المئة من العائلات التي تحتاج إلى الرعاية الصحية في الفاشر غير قادرة على الوصول إليها.
وتحاول الفرق الطبية المنهكة جاهدة معالجة المصابين جراء الهجمات اليومية.
ويفيد أطباء يستخدمون اتصالات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للتحايل على انقطاع الاتصالات، أنهم اضطروا لاستخدام قطع قماش من الناموسيات كبديل للشاش لتغطية الجروح.
وبعد حوالى 18 شهرا من الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع، نفد كل شيء تقريبا من المدينة التي تعد 400 ألف نسمة.
وحتى علف الحيوانات الذي اعتمدت عليه عائلات كغذاء للبقاء على قيد الحياة نفد، وبات ثمن الكيس الواحد مئات الدولارات.
وأُجبرت معظم المطابخ العامة التي كانت توفر الغذاء للسكان على إغلاق أبوابها بسبب الشح في المواد، بحسب "لجان المقاومة المحلية" ومجموعات من المتطوعين ينسّقون المساعدات.
مليون شخص فرّوا
وبحسب أرقام نشرتها الأمم المتحدة الثلاثاء، فر أكثر من مليون شخص من الفاشر منذ اندلاع الحرب، أي ما يعادل 10 في المئة من إجمالي الأشخاص الذين نزحوا داخل السودان.
وتراجع عدد سكان المدينة الذي كان الأكبر في المنطقة في الماضي، بحوالى 62 في المئة، بحسب وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة.
ويفيد مدنيون بأن الضربات اليومية تجبرهم على قضاء معظم أوقاتهم تحت الأرض داخل مخابئ مؤقتة حفرتها العائلات في الباحات الخلفية لمنازلها.
وأظهرت صور بالأقمار الاصطناعية حللها مختبر البحوث الإنسانية (هيومانيتاريان ريسيرش لاب) في جامعة ييل الأميركية أن قوات الدعم السريع بنت جدارا بطول 68 كيلومترا حول الفاشر، بما يدع مخرجا وحيدا من المدينة يتعرض فيه المدنيون للابتزاز مقابل العبور.
وحذّرت الأمم المتحدة مرارا من "هجمات وفظاعات واسعة النطاق ومدفوعة عرقيا" في المدينة حيث سيطرت قوات الدعم السريع على عدة مخيّمات للنازحين ضربتها المجاعة، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى.
الفاشر على شفا كارثة
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك الخميس "بعد أكثر من 500 يوم من الحصار المتواصل والقتال المستمر، الفاشر على شفا كارثة أكبر إن لم تُتخذ إجراءات عاجلة لفك الطوق المسلّح عنها وحماية المدنيين".