من غزة إلى أوكرانيا.. السلاح لا يضمن الانتصار العسكري
تاريخ النشر: 30th, December 2023 GMT
يودع العالم 2023 بعد أن شهد سلسلة من التطورات والأحداث ما يجعله يتوقف طويلاً ليستوعب دروسها قبل السنة الجديدة.
فمن الحرب الإسرائيلية في غزة، إلى طفرة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وضعت 2023 العالم أمام تحديات كبيرة في 2024.وفي تحليل نشرته وكالة بلومبرغ، يقدم المفكر الأمريكي تيلر كوين أستاذ كرسي هولبرت إل.
هاريس في قسم الاقتصاد بجامعة جورج ماسون الأمريكية، ثلاثة دروس يرى أنها جديرة بالتوقف عندها في السنة الجارية، التي كانت مليئة بالأحداث التي تحتم إعادة النظر في الكثير من وجهات النظر الاجتماعية العلمية.
ويتوقف كوين المدير المشارك لمدونة "الثورة الهامشية" على الإنترنت عند الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، والحرب الروسية في أوكرانيا، ويقول إن "الدرس الأوضح من هذه الحروب، هو أن القدرة على الردع لم تعد بنفس القوة التي كنا نتصورها، وأن الإصرار مع إيمان المرء بقضيته وتشبثه بالدفاع عنها يمكن أن يتفوق على القوة العسكرية الكاسحة للخصم".
هل أصبح هدف #إسرائيل بالقضاء على #حماس مستحيلاً؟ #تقارير24https://t.co/ywxJOBbjUc pic.twitter.com/7bCz3rL9N3
— 24.ae (@20fourMedia) December 28, 2023 ويضيف أن "الجيش الإسرائيلي أقوى كثيراً من حركة حماس وهو ما يظهر حالياً على الأرض، ومع ذلك لم تمنع قوة الجيش الإسرائيلي، حماس من مواصلة ضرباتها داخل إسرائيل، في الوقت نفسه، فإن أوكرانيا ومع كل الدعم الاقتصادي والعسكري من الولايات المتحدة، ودول حلف شمال الأطلسي، لم تمنع روسيا من مواصلة الحرب، رغم ما تتكبده من خسائر على الصعيد العسكري، و السمعة الدولية، وذلك ببساطة لأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يريد السيطرة على أوكرانيا ويؤمن بحق بلاده في السيطرة على مناطق عديدة فيها".ويتابع "لا يوجد في هذه التطورات ما يمثل نبأ ساراً للولايات المتحدة التي تعتمد على الردع لدعم العديد من حلفائها. كما أنها نبأ سيء للعالم ككل"، لأن الردع يدعم النتائج السلمية والحفاظ على الوضع القائم. وهذا ما جعل كوين يميل إلى رفض رؤية عالم النفس ستيفن بينكر، أن العالم الآن أصبح أكثر سلاماً، إذ أنه للأسف الدليل المتاح يقول إن الصراعات الدولية تتزايد الآن بعد فترة طويلة من التراجع. لذلك تحتاج نظريات دورية السلام والصراع العالميين، إلى تحديث، خاصة النظرية التي تقول إن السلام يخلق فيما بعد الظروف المواتية للحرب.
هل تستمر حرب روسيا وأوكرانيا إلى 2025؟ https://t.co/laaFI7Z6vA
— 24.ae (@20fourMedia) December 29, 2023أما الدرس الثاني الذي تناوله كوين في تحليله فعن بالمكاسب الهائلة التي يمكن تحقيقها في التكنولوجيا بسرعة، فقبل عام أو حتى أشهر قليلة لم يكن أغلب الناس يدركون أن الذكاء الاصطناعيخاصة منصة المحادثة الآلية شات جي.بي.تي4، سيؤدي إلى تحولات كبيرة متعددة الأبعاد بهذا الشكل.
والآن يتوقع الخبراء أن يتفوق الذكاء الاصطناعي على الإنسان في أغلب مجالات التفكير خلال أقل من 10 سنوات. وهناك الكثير من الخبراء الذين يتوقعون ذلك خلال أقل من 3 سنوات.
ويقول: "لذلك، تعلمنا أن أحد أهم التطورات في تاريخ البشرية يمكن أن يتسلل لحياة أغلب الناس ويؤثر عليها خلال أكثر قليلاً من عام. لذلك علينا تحديث فكرنا، وهل تأتي الابتكارات الكبرى، من العدم" بعد سنوات من الركود، ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك ما حدث في جائحة فيروس كورونا. ففي بداية الجائحة في أوائل 2020 كان الكثير من الخبراء يعتقدون أن تطوير لقاح فعال ضد الفيروس سيحتاج إلى سنوات، لكن ما حدث هو تطوير اللقاحات التي تعتمد على تكنولوجيا الحامض النووي الريبي المرسال، خلال أقل من عام. لذلك يجب أن ترتقي مكانة نظريات القفزات المفاجئة في العلوم".
10 طرق صدم فيها "شات جي بي تي" العالم في 2023#حصاد_2023 #الذكاء_الاصطناعي https://t.co/pCm7NOdu2Q pic.twitter.com/b3O8CXxIJJ
— 24.ae | منوعات (@24Entertain) December 30, 2023 ويضيف "بالطبع تعتمد هذه الاختراقات التكنولوجية على التراكم البطيء للخبرة والممارسة، لكنها في لحظة تفرض نفسها على المشهد".وينتقل كوين كاتب عمود المشهد الاقتصادي في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية والذي يحتل المركز 72 في قائمة مجلة فورين أفيرز لأهم 100 مفكر عالمي، إلى الدرس الثالث المستفاد من 2023 وهو أن :الحوكمة غير مهمة حتى يثبت العكس.
ويقول إن دليله على ذلك هو الجامعات الأمريكية وخاصة النزاعات الأخيرة حول معاداة السامية في الحرم الجامعي والحرية الأكاديمية وسلامة الطلاب وغير ذلك.
ويضيف أنه لن يناقش كل هذه النقاط، لكنها كافية للقول إنها أصبحت كارثة لصورة التعليم الجامعي الأمريكي. فما يحدث في الجامعات الأمريكية حالياً يعني على الأقل أن أداءها سيء.
ويعود هذا جزئياً إلى أن آليات حوكمتها لم تتطور لتتعامل مع أزمة أو تحل مشاكل كبيرة. على سبيل المثال يضم مجلس معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، المرموق 74 عضواً، ويضم مجلس جامعة بنسلفانيا 48 عضواً لهم حق التصويت بالإضافة إلى 36 أعضاء شرف آخرين، يمكنهم حضور الاجتماعات، والتحدث أمامها. هذه المجالس الكبيرة تشكلت جزئياً، لتكريم المتبرعين أو منحهم صوتاً في صناعة القرار بالجامعة، لكن عندما احتاجت الجامعات إلى قرارات مهمة وعاجلة اتضح أن نظامها يتصرف بطريقة متقطعة ومترددة.
وأخيراً يقول تيلر كوين إنه إذا أراد تلخيص أهم ما ميز العام الحالي فسيقول إنه شهد مفاجآت أكثر مما يستطيع علماء الاجتماع توقعه. وإحدى هذه المفاجأت هي أن الردع الفاشل، يعتبر سلبياً، في حين أن طفرة الذكاء الاصطناعي يمكن اعتبارها إيجابية للغاية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: حصاد 2023 التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
التحديات التي تواجه المؤسسات الصغيرة بالبلاد
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
في رسالة مرئية قصيرة نشرها شاب عُماني من رواد الأعمال الصغار على إحدى المنصات كان يتساءل فيها حول إلزام إحدى الجهات العُمانية له بدفع مبلغ 275 ريالًا عُمانيًا (715 دولارا أمريكيا تقريبا) للحصول على شهادة الانتساب دون أن يذكر اسم تلك الجهة.
ومثل هذه الشهادات إما تصدر عن وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أو غرفة تجارة وصناعة عُمان، أو الجهة التي تُدير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في البلاد. وكان يُشير في رسالته بأنَّه وأمثاله من الباحثين عن العمل قد اضطرتهم الظروف للتوجه نحو العمل الحر والريادة، ولا يجب مقارنتهم بالتجار الكبار منتقدًا الجهات التي تتحدث عن "الريادة"، والتي تُعرقل أمور الراغبين في ممارسة أعمال الريادة والتجارة. ويقارن هذا الشاب بما تقوم به الدول الأخرى في المنطقة التي تقدّم كل الخدمات والتسهيلات لراغبي العمل التجاري من المواطنين وتحفيزهم للتوجه نحو هذا المسار، مؤكدًا أنَّ مثل هذه الإجراءات سوف تُنفِّر الراغبين من أبناء البلد في ممارسة العمل التجاري، في الوقت الذي نرى فيه صدور الكثير من القرارات التي تعرقل أعمال المؤسسات الصغيرة وتدفع أصحابها إلى ترك العمل التجاري.
هذه الرسالة المرئية في بعض المنصات تداولتها الكثير من المواقع، وتدفعنا للوقوف عليها والتحدث قليلًا عن أهمية المؤسسات الصغيرة في العالم، وأهميتها للاقتصادات العالمية؛ فهذه المؤسسات (SMEs) تؤدي دورًا محوريًا في اقتصادات العالم، وتمثل ركيزة استراتيجية للتنويع الاقتصادي في كثير من دول العالم، وتعد العمود الفقري للاقتصاد العالمي؛ حيث تُشكل غالبية الشركات حول العالم، وتسهم بنصيب كبير من الوظائف؛ حيث يُقدّر أن حوالي 90% من الأعمال التجارية في العالم تدار من قبل المؤسسات الصغيرة وفق بيانات منظمات الأمم المتحدة، وتوفر ملايين فرص العمل للمواطنين. كما إنَّ لها دورًا كبيرًا في المساهمة في القيمة المضافة للكثير من القطاعات الاقصادية أيضًا. وبسبب صغر حجمها نسبيًا فإنه يمكنها التكيف سريعًا مع التغيرات السوقية، واحتضان ابتكارات أو أفكار جديدة في مختلف الأعمال؛ مما يجعلها محركًا للابتكار والتنويع الاقتصادي، وخاصة في مثل دولنا التي تعتمد على مصدر ريعي واحد للدخل.
والحقيقة أن المؤسسات الصغيرة تمنح الاقتصادات قدرة على النمو المستدام، ولديها قدرة في توظيف أوسع، وتتسم بالتنويع الاقتصادي.
وفي سلطنة عُمان فإن الحكومة تعمل على جعل هذا القطاع ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني في إطار رؤية "عُمان 2040"؛ بهدف تنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على النفط، وتقدّم لها الدعم من خلال برامج التمويل بجانب تقديم حوافز وتسهيلات؛ الأمر الذي يتطلب ضرورة تسهيل إجراءات التأسيس للراغبين في بدء مشاريعهم التجارية دون تحملهم المبالغ الكبيرة عند التأسيس. الحكومة تعتبر هذه المؤسسات الصغيرة ركيزة أساسية في خطة الدولة للاستدامة، وتوظيف الشباب، والاستمرار في التنويع الاقتصادي، وفتح آفاق تصدير المنتجات والخدمات.
هذا الأمر يتطلب ضرورة القضاء على التحديات والصعوبات التي تواجه هذه المؤسسات، والتي تتمثل بعضها في صعوبة الحصول على التمويل؛ باعتبار أن الكثير من الداخلين في هذه المشاريع لا يملكون ضمانات كافية مثل (رهن عقاري أو أصول)؛ مما يجعل البنوك مترددة في منح القروض لهم. كما إن هناك إجراءات بيروقراطية مطولة في عملية التأسيس أو التقديم للتمويل تتسم بالتعقيد والبطء؛ الأمر الذي يقلل من جاذبية الاستثمار أو المرونة في الاستجابة. في الوقت نفسه نجد أن بعض رواد الأعمال العُمانيين حديثي العمل في هذه المؤسسات تنقصهم الخبرة الإدارية والتخطيط والمهارات في إدارة الأعمال، وخاصة في مجالات التخطيط والتسويق وغيرها؛ مما يؤدي بهم إلى ضعف في الأداء والتعثر والفشل مبكرًا في بعض الأحيان.
وهناك أيضًا منافسة تجاه هذه المؤسسات الصغيرة من شركات دولية أكبر من حجمها بعشرات المرات بسبب قيامها باستيراد أدوات وسلع أجنبية أرخص منها لتوزيعها في الأسواق. كما إن بعض المؤسسات الصغيرة تُعاني من محدودية الطلب وتتميز بقلة الربحية في العمل اليومي؛ الأمر الذي يشكّل تحديًا لها في التوسع أو الاستدامة وتتعثر أو تنهار، فيما تعاني بعضها من ضعف البنية الأساسية في مجالات التقنيات والمهارات الرقيمة.
وجميع هذه التحديات يمكن حلها من خلال العمل على تقديم تمويل ودعم أكبر للمؤسسات الصغيرة والتسهيل في تقديم القروض والضمانات لها، بجانب تعزيز برامج التدريب وإدارة المعرفة لأصحابها من خلال تنظيم ورش عمل في مجالات الإدارة، والتخطيط والتسويق والرقمنة، لمساعدهم في التنافس والبقاء. إضافة إلى ذلك يتطلب تبسيط الإجراءات الإدارية لأصحابها وتقليل البيروقراطية، والإسراع في منح التصاريح لهم ببدء أعمالهم التجارية دون تحملهم مبالغ مالية كبيرة، بجانب تشجيع ثقافة الريادة وتعزيزها من خلال الجامعات، ووسائل الإعلام والمجتمع المدني، إضافة إلى تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مختلف المجالات التي تهم المؤسسات الصغيرة.
رابط مختصر