في السادس من أكتوبر 2025، لم يكن خبر فوز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مجرد عنوان دبلوماسي عابر في نشرات الأخبار بل لحظة رمزية تعيد مصر إلى قلب المشهد الثقافي العالمي وتمنح العالم العربي وإفريقيا صوتا قويا في واحدة من أهم مؤسسات التراث الإنساني في العصر الحديث.

هنا أعني أهمية ورمزية هذا الفوز باعتباره انتصارا ثقافيا.. فلأول مرة منذ تأسيس اليونسكو عام 1945 يتولى عربي ومصري إدارة المنظمة التي تعني بحماية التراث العالمي ودعم أنظمة التعليم والثقافة والعلوم.

الحقيقة ان فوز العناني لم يكن مصادفة أو حسن حظ لهذا الرجل بل هو جهد دبلوماسي كبير ومسيرة علمية وإدارية طويلة للعناني جمع فيها بين المعرفة الأكاديمية العميقة بالجامعات والخبرة الميدانية في إدارة الآثار والسياحة.

تعرفت على العناني منذ كان وزيرا للآثار ثم وزيرا للسياحة والآثار ورأيت فيه شخصية المرشد السياحي من جانب وشخصية الأكاديمي من جانب اخر وفوق هذا كله رجل دولة يحمل على عاتقه ملفات كبرى مثل افتتاح المتحف المصري الكبير واستعادة مئات القطع الأثرية من الخارج وإطلاق مشروعات حماية التراث في ظل تحديات وتراكمات كثيرة . والآن مع توليه منصب عالمي رفيع أراه ينتقل بهذه الخبرة إلى منصة عالمية حيث تمتد مسؤولياته إلى أكثر من 190 دولة.. واثق انه أهل لهذا المنصب.

هذا الفوز أيضا له دلالة سياسية وثقافية.. فهو فوز لا يحسب لمصر وحدها بل هو رسالة سياسية وثقافية مفادها أن العالم العربي قادر على تقديم قيادات ثقافية وإدارية على أعلى مستوى. ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم صراعات على أوجه عدة تأتي قيادة مصرية لليونسكو لتعيد التذكير بأن الحضارة المصرية ليست ارثا جامدا بل جسر تواصل حي بين الشعوب.

اعتقد ان العناني من خلال موقعه الجديد يمكنه ان يسعى إلى الدفع بقوة بفكرة ليست جديدة لكنها شديدة الاهمية وهي انشاء صندوق دولي لحماية التراث من التغير المناخي بالتعاون مع مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق المناخ الأخضر فهي خطوة بات الدفع نحوها ضرورة لتحقيق مزيد من التقدم في ملف حماية التراث.

إلى جانب التراث أيضا أتوقع أن يكون التعليم حجر الزاوية في أجندة العناني الجديدة انطلاقا من إيمانه بأن بناء الإنسان هو أصل الحضارة. فضلا عن كونه استاذ جامعي تربوي بالأساس . فمع ما يشهده العالم من فجوة رقمية وتعليمية متسعة بين الدول والشعوب من مختلف الثقافات والامكانات الاقتصادية فيمكن لليونسكو أن تعيد التوازن بين التعليم والتكنولوجيا وأن تدعم برامج التعليم في مناطق النزاع والفقر وأن تعيد أيضا الاعتبار للغات الأم والثقافات المحلية كجزء من التنوع الإنساني لا كمجرد موروثات فولكلورية.

الحقيقة انني أثق ان العناني ومع منصبه الجديد لن يفوت فرصة لنقل رؤاه إلى المستوى العالمي من خلال دعم المبادرات المختلفة المعنية بدعم السياحة الثقافية وتشجيع الدول على الاستثمار في مشاريع مستدامة تعود بالنفع على البيئة والتراث والمجتمعات المحلية.

مرة أخرى كل التقدير للقيادة السياسية التي وقفت ودعمت ترشيح مصري لهذا المنصب الرفيع .. ولا يفوتني الاشادة بفريق الدبلوماسية المصرية والتعاون الكبير مع مختلف المؤسسات الدولية المعنية لدعم المرشح المصري وعلى رأسها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الإيسيسكو وغيرها .. فقد كان لهم دور بارز في دعم مرشح مصر وتقديم صورة تضامن دولي كبير للعناني.

طباعة شارك السادس من أكتوبر خالد العناني اليونسكو

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السادس من أكتوبر خالد العناني اليونسكو

إقرأ أيضاً:

محمد خليفة المبارك: متحف التاريخ الطبيعي نقلة نوعية في مسيرة الاستثمار الثقافي والمعرفي

أكد معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي أن متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي بالمنطقة الثقافية في جزيرة السعديات يمثل نقلة نوعية في مسيرة الاستثمار الثقافي والمعرفي في الدولة.

وقال معاليه، خلال جولة إعلامية نظمتها دائرة الثقافة والسياحة أبوظبي لعدد من ممثلي وسائل الإعلام المحلية والدولية للاطلاع على آخر مستجدات العمل في المتحف وللتعريف بأبرز معروضاته وتجاربه العلمية والابتكارية وجاهزيته قبيل افتتاحه، إن المتاحف ليست مجرد فضاءات للعرض بل مؤسسات تربوية واجتماعية تشكل ركيزة في بناء وعي الأجيال، مشيرا إلى أن المتحف لا يكتفي بعرض التاريخ الطبيعي، بل يقدم منصة تعليمية متقدمة تُسهم في نقل المعرفة إلى الأجيال القادمة وربطها بالعلوم والاكتشافات الحديثة.

وأضاف أن "متحف التاريخ الطبيعي يثبت أن الثقافة جزء من هويتنا وأننا قادرون على تقديم محتوى علمي عالمي المستوى ينطلق من المنطقة العربية إلى العالم، فنحن نريد لأبنائنا أن يروا تاريخ الأرض وأن تنشأ لديهم روح الاستكشاف والفضول العلمي وأن يدركوا أهمية حماية بيئتنا وكوكبنا".
وأشار معاليه إلى أن المتحف يقدم عروضا فريدة منها أول عرض عالمي لقطيع من الديناصورات العملاقة في القاعة الرئيسية إضافة إلى مختبرات علمية وتجارب تفاعلية تحفز التفكير العلمي لدى الطلاب والباحثين والزوار من مختلف الأعمار.

أخبار ذات صلة خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل الافتتاح الرسمي لمتحف التاريخ الطبيعي في أبوظبي حمدان بن محمد بن راشد: متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي إضافة نوعية للمشهد الثقافي والعلمي في الإمارات

وأكد معاليه أن إدراج محتوى المتحف في المبادرات التعليمية والمجتمعية سيُسهم في بناء جيل واعٍ بتاريخ المنطقة وتاريخ الأرض، وقال "نعمل مع شركائنا في المتاحف والمؤسسات العلمية في المنطقة لاكتشاف المزيد معًا، ونؤمن بأن الثقافة والمعرفة متى توفرت للأجيال فإنها تُطلق طاقاتهم وتُنمّي قدراتهم على التفكير والإبداع".

ويعكس متحف التاريخ الطبيعي رؤية إمارة أبوظبي في تعزيز المعرفة والبحث العلمي ويقدم منصات تعليمية تثري الفكر والإبداع واستكشاف وفهم العلاقة بين الإنسان والطبيعة.
ويمتد المتحف على مساحة تتجاوز 35 ألف متر مربع، ويعد الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، مستعرضًا 13.8 مليار عام من التاريخ الطبيعي وتطور الحياة على كوكب الأرض.

وسيفتح متحف التاريخ الطبيعي أبوظبي أبوابه للجمهور اعتباراً من 22 نوفمبر 2025، لينضم إلى مجموعة المؤسسات الثقافية العالمية في جزيرة السعديات، إلى جانب متحف اللوفر أبوظبي، ومتحف "تيم لاب فينومينا"، ومتحف زايد الوطني، ومتحف جوجنهايم أبوظبي المرتقب، بما يعزّز مكانة الإمارة وجهةً عالمية للمعرفة والإبداع والتبادل الثقافي.

المصدر: وام

مقالات مشابهة

  • يمن الانتصار للمستضعفين
  • محمد خليفة المبارك: متحف التاريخ الطبيعي نقلة نوعية في مسيرة الاستثمار الثقافي والمعرفي
  • وزير الخارجية الأسبق يحلل تعاون مصر مع كوريا الجنوبية.. ماذا قال؟
  • مهرجان روسي في الهند يعزز الحوار الثقافي بين الشعبين
  • بعد طول انتظار.. أسيوط تدرس إنشاء أول دار أوبرا في صعيد مصر بالتعاون مع "اليونسكو"
  • محمد ماهر يكتب: من خارج الخط
  • محمد مندور يكتب: ملتقى الثقافات.. لماذا نحب الإسكندرية؟
  • جمال حسين: مصر مركزاً للنجاح الثقافي بحضورها الإعلامي المميز في الدول العربية
  • سلام من مؤتمر بيروت 1: خطة الجيش تنصّ على احتواء السلاح ليس فقط في جنوب الليطاني إنما شماله أيضاً
  • 6 مطالب برلمانية لحصار سرقات الآثار وتأمين التراث المصري