محمد مندور يكتب : خالد العناني ورمزية الانتصار الثقافي في اليونسكو
تاريخ النشر: 7th, October 2025 GMT
في السادس من أكتوبر 2025، لم يكن خبر فوز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) مجرد عنوان دبلوماسي عابر في نشرات الأخبار بل لحظة رمزية تعيد مصر إلى قلب المشهد الثقافي العالمي وتمنح العالم العربي وإفريقيا صوتا قويا في واحدة من أهم مؤسسات التراث الإنساني في العصر الحديث.
هنا أعني أهمية ورمزية هذا الفوز باعتباره انتصارا ثقافيا.. فلأول مرة منذ تأسيس اليونسكو عام 1945 يتولى عربي ومصري إدارة المنظمة التي تعني بحماية التراث العالمي ودعم أنظمة التعليم والثقافة والعلوم.
الحقيقة ان فوز العناني لم يكن مصادفة أو حسن حظ لهذا الرجل بل هو جهد دبلوماسي كبير ومسيرة علمية وإدارية طويلة للعناني جمع فيها بين المعرفة الأكاديمية العميقة بالجامعات والخبرة الميدانية في إدارة الآثار والسياحة.
تعرفت على العناني منذ كان وزيرا للآثار ثم وزيرا للسياحة والآثار ورأيت فيه شخصية المرشد السياحي من جانب وشخصية الأكاديمي من جانب اخر وفوق هذا كله رجل دولة يحمل على عاتقه ملفات كبرى مثل افتتاح المتحف المصري الكبير واستعادة مئات القطع الأثرية من الخارج وإطلاق مشروعات حماية التراث في ظل تحديات وتراكمات كثيرة . والآن مع توليه منصب عالمي رفيع أراه ينتقل بهذه الخبرة إلى منصة عالمية حيث تمتد مسؤولياته إلى أكثر من 190 دولة.. واثق انه أهل لهذا المنصب.
هذا الفوز أيضا له دلالة سياسية وثقافية.. فهو فوز لا يحسب لمصر وحدها بل هو رسالة سياسية وثقافية مفادها أن العالم العربي قادر على تقديم قيادات ثقافية وإدارية على أعلى مستوى. ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم صراعات على أوجه عدة تأتي قيادة مصرية لليونسكو لتعيد التذكير بأن الحضارة المصرية ليست ارثا جامدا بل جسر تواصل حي بين الشعوب.
اعتقد ان العناني من خلال موقعه الجديد يمكنه ان يسعى إلى الدفع بقوة بفكرة ليست جديدة لكنها شديدة الاهمية وهي انشاء صندوق دولي لحماية التراث من التغير المناخي بالتعاون مع مؤسسات مثل البنك الدولي وصندوق المناخ الأخضر فهي خطوة بات الدفع نحوها ضرورة لتحقيق مزيد من التقدم في ملف حماية التراث.
إلى جانب التراث أيضا أتوقع أن يكون التعليم حجر الزاوية في أجندة العناني الجديدة انطلاقا من إيمانه بأن بناء الإنسان هو أصل الحضارة. فضلا عن كونه استاذ جامعي تربوي بالأساس . فمع ما يشهده العالم من فجوة رقمية وتعليمية متسعة بين الدول والشعوب من مختلف الثقافات والامكانات الاقتصادية فيمكن لليونسكو أن تعيد التوازن بين التعليم والتكنولوجيا وأن تدعم برامج التعليم في مناطق النزاع والفقر وأن تعيد أيضا الاعتبار للغات الأم والثقافات المحلية كجزء من التنوع الإنساني لا كمجرد موروثات فولكلورية.
الحقيقة انني أثق ان العناني ومع منصبه الجديد لن يفوت فرصة لنقل رؤاه إلى المستوى العالمي من خلال دعم المبادرات المختلفة المعنية بدعم السياحة الثقافية وتشجيع الدول على الاستثمار في مشاريع مستدامة تعود بالنفع على البيئة والتراث والمجتمعات المحلية.
مرة أخرى كل التقدير للقيادة السياسية التي وقفت ودعمت ترشيح مصري لهذا المنصب الرفيع .. ولا يفوتني الاشادة بفريق الدبلوماسية المصرية والتعاون الكبير مع مختلف المؤسسات الدولية المعنية لدعم المرشح المصري وعلى رأسها جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ومنظمة الإيسيسكو وغيرها .. فقد كان لهم دور بارز في دعم مرشح مصر وتقديم صورة تضامن دولي كبير للعناني.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: السادس من أكتوبر خالد العناني اليونسكو
إقرأ أيضاً:
حسين عبد البصير: فوز خالد العناني برئاسة اليونسكو تتويج لريادة مصر الثقافية عالميًا
في إنجاز تاريخي غير مسبوق، فاز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام الجديد لمنظمة اليونسكو، ليصبح بذلك أول مصري وعربي يتولى رئاسة المنظمة الأممية، وفقًا لما أعلنه السفير المصري لدى باريس.
وجاء فوز العناني بعد منافسة قوية خلال الدورة 222 للمجلس التنفيذي لليونسكو في العاصمة الفرنسية، حيث حسم التصويت لصالحه بأغلبية 55 صوتًا مقابل صوتين فقط لمنافسه الكونغولي فيرمين إدوار ماتوكو، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
ويخلف الدكتور خالد العناني المديرة العامة السابقة أودري أزولاي، ليتولى قيادة المنظمة في مرحلة دقيقة عالميًا، تتزايد فيها التحديات أمام التعليم والثقافة وصون التراث الإنساني، مستندًا إلى مسيرة علمية ومهنية حافلة بالإنجازات في مجالي الآثار والسياحة داخل مصر وخارجها.
ترشيح تاريخي يعكس ثقة العالم في الكفاءات المصريةأكد الدكتور حسين عبد البصير عالم الآثار في تصريحات صحفية خاصة لموقع صدى البلد أن ترشيح الدكتور خالد العناني لهذا المنصب الدولي الرفيع يعد حدثًا تاريخيًا وخطوة مهمة تعكس الحضور العربي والإفريقي داخل كبرى المنظمات العالمية، وتجسد في الوقت نفسه ثقة المجتمع الدولي في الكفاءات المصرية القادرة على الإسهام بفاعلية في حماية التراث الإنساني وتعزيز الحوار الثقافي بين الشعوب.
العناني قامة علمية تركت بصمة بارزة في مجالات الآثار والتراثوأوضح عبد البصير أن الدكتور خالد العناني يعد من أبرز الشخصيات العلمية والثقافية في مصر والعالم، لما يتمتع به من خبرة واسعة وإنجازات ملموسة في مجالات الآثار والتراث والسياحة، مشيرًا إلى أن فترة توليه وزارة السياحة والآثار شهدت طفرة كبيرة تمثلت في افتتاح المتحف القومي للحضارة المصرية وتفعيل التعاون الدولي في صون التراث الإنساني.
ترشيح يواصل الدور الريادي لمصر داخل اليونسكووأشار عبد البصير إلى أن هذا الترشيح يمثل استمرارية طبيعية للدور المصري الريادي في منظمة اليونسكو منذ عقود، بعد ترشيحات الوزير فاروق حسني والسفيرة مشيرة خطاب، مؤكدًا أن العناني يحظى بدعم عربي وإفريقي واسع لما يتمتع به من شخصية توافقية واحترام دولي كبير.
دعم القيادة السياسية أعاد لمصر مكانتها الثقافية عالمياًوشدد عبد البصير على أن هذا الإنجاز يأتي في إطار الدعم الكامل والرؤية الثاقبة لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعاد لمصر مكانتها الدولية في مجالات الآثار والسياحة والثقافة والفنون، وجعل من حماية التراث وتعزيز الهوية الحضارية ركائز أساسية في استراتيجية الدولة المصرية الحديثة.
ترشيح يعبر عن طموح المنطقة بأكملهاواختتم عبد البصير تصريحاته مؤكدًا أن ترشيح الدكتور خالد العناني لا يعبر فقط عن طموح مصر، بل عن طموح المنطقة العربية والإفريقية في أن يكون للثقافة صوت مؤثر في صياغة مستقبل التعليم والعلوم والثقافة على المستوى الدولي، بما يليق بتاريخ مصر العريق وريادتها الحضارية عبر العصور.