لجريدة عمان:
2025-06-19@08:09:24 GMT

نحو عالم متعدد الأقطاب

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

منذ انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي عام ١٩٩١ وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقرار الدولي، والعالم يموج بصراعات وحروب لا تنتهي، ولا يزال بعضها مشتعلا كالحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعموم فلسطين والتوتر وعدم الاستقرار في منطقة الخليج والوضع في اليمن رغم هدوء الأزمة اليمنية.

الاقتصاد العالمي شهد خلال العقود الأخيرة تقلبات حادة بسبب تلك الحروب ما شكل ضغوطا كبيرة على الدول النامية، كما أن الصناديق الأمريكية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعبا دورا سلبيا في محاصرة عدد من الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وعدد من الدول العربية بالقروض ذات المخاطر، وتبنت الدولة الأمريكية منهجية عدوانية في التعامل مع القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية، والتي تعد الضحية الكبرى لسياسة الهيمنة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ومنذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام والذي لم يحقق الأهداف التي رسمت من أجله.

إذن العالم منذ عام ١٩٩١ وهو يعاني هيمنة القطب الواحد وهو نظام أقرب إلى الغطرسة وتنفيذ الأوامر ولا يراعي المصالح الوطنية للدول ولا المعايير الأخلاقية، خاصة خلال عدد من الإدارات الأمريكية حتى لا نقول جميعها، ولعل واشنطن لها أجندتها الوطنية ومصالحها وهذا أمز مفهوم، ولكن السيطرة السياسية والاقتصادية والإستراتيجية على مقدرات العالم وفق المنظور الأمريكي فهو منطق مرفوض ولا تقره مواثيق الأمم المتحدة، ومن خلال المنطق الأمريكي أصبح هناك اتجاه لمقاومة تلك الهيمنة الأمريكية وقاعدتها الصهيونية العالمية خاصة تجاه القضية الفلسطينية.

فالمرشح الجمهوري ترامب يقول ومن خلال حملته الانتخابية بأن مساحة الكيان الإسرائيلي تبدو صغيرة أنه يؤيد ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الكيان الإسرائيلي علاوة على هضبة الجولان، ومن هنا تبرز عقلية الغطرسة حتى لو كان كلام ترامب يأتي في إطار المناكفات السياسية. ولقد أكدت سلطنة عمان أكثر من مرة على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في العالم وخاصة في المنطقة من خلال إقرار العدالة والإنصاف وحل الدولتين، بل دعت من خلال وزير الخارجية إلى إعادة هيكلة الأمم المتحدة وإلغاء موضوع الفيتو أو حق النقض الذي تمارسه الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي.

إن النظام الدولي الذي يقوم على القطبية الأحادية لم يعد صالحا لمواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والثقافية، وأصبح العالم بحاجة إلى التوازن والموضوعية من خلال نظام دولي متعدد الأقطاب تناقش من خلاله قضايا العالم بشكل منصف ومن خلال الأمم المتحدة والتي تعد المكان الطبيعي لحل قضايا العالم وخلافاته كما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة منذ عام ١٩٤٥.

الولايات المتحدة الأمريكية أثبتت فشلها الذريع في قيادة العالم من خلال النظام الدولي الأحادي وهي تفتعل الأزمات الإقليمية للحفاظ على بريقها السياسي، الذي يعاني قانونيا وإنسانيا وأخلاقيا، خاصة تجاه العدوان الإسرائيلي الهمجي علي الشعب الفلسطيني. وخرجت الشعوب الغربية منددة بمواقف واشنطن المنحازة للعدوان، ولم تظهر واشنطن أي قيادة حكيمة لوقف المجازر وحرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدى يقترب من عام، حيث فقد أكثر من خمسين ألفا من الأطفال والنساء حياتهم، كما دمرت غزة على ساكنيها، والولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتحركات شكلية لا ترقى إلى الضغط الحقيقي على حكومة نتانياهو المتطرفة.

خرج عشرات الآلاف من الطلبة الأمريكيين احتجاجا على موقف بلادهم السلبي تجاه العدوان الصهيوني وتزويد الكيان الإسرائيلي بالأسلحة الفتاكة، ورغم ذلك ليس هناك شعور في الإدارة الأمريكية بأن تلك المآسي الإنسانية يجب أن تتوقف، وعلى ضوء ذلك سقطت منهجية القطب الأمريكي الأوحد في العالم لأن القيادة تحتاج إلى سلوك سياسي رشيد ينسجم مع مشاعر الملايين حول العالم بمن فيهم آلاف اليهود لوقف تلك المذابح اليومية.

أمام هذا المشهد الدولي الخطير، والذي قد ينتهي بحرب إقليمية كبرى بين الكيان الإسرائيلي وإيران وساحات المقاومة، فإن العدوان الإسرائيلي متواصل ونتانياهو ينتظر نتيجة الانتخابات الأمريكية في السابع من نوفمبر القادم، وهي في تصوري سوف ترسم المشهد السياسي الدولي لأربع سنوات قادمة.

إن العالم كما أقول دوما هو في مفترق طرق وهذا العالم يحتاج إلى نظام متعدد الأقطاب يعيد التوازن للعلاقات الدولية على أسس ومعايير أخلاقية وسلوكيات قانونية تلتزم النظم وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي، وهذا يحتاج إلى رؤية تبدأ بانتهاء الهيمنة الأمريكية، التي أضرت بقضايا العالم ومصالحه على مدى عقود. ومن هنا فإن أمام المجتمع الدولي فرصة من خلال حراك سياسي إقليمي ودولي لتصويب المعادلة حتى لا يتجه العالم إلى مخاطر انزلاق حرب كونية لا أحد يستطيع يتكهن بالتحولات الكبيرة التي سوف تحدثها، ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتانياهو يبحث عن حرب إقليمية تخرجه من أي محاكمة محتملة في إسرائيل، ليس بسبب إخفاقه يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ولكن لوجود تهم فساد ضده في المحاكم الإسرائيلية. وعلى ضوء ذلك فإن العالم يعيش أوضاعا غير مستقرة. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تستخدم قوتها الناعمة في الضغط على أي دولة ترفض سلوكها السياسي وهذا سلوك أمريكي غير مقبول. كما أن مصداقية السياسة الخارجية الأمريكية اصبح متدنيا ومتناقضا، ولكنه منطق القوة والذي سوف يتهاوى في نهاية المطاف كما هو الحال مع الإمبراطوريات في التاريخ الحديث والبعيد.. فهل نشهد خلال السنوات القادمة ظهور ملامح النظام الدولي المتعدد الأقطاب وتنتهي هيمنة القطب الأمريكي الأوحد؟ الكل يتطلع إلى ذلك لأنه لمصلحة العالم وشعوبه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة الکیان الإسرائیلی الأمم المتحدة من خلال

إقرأ أيضاً:

مقتل 3 إسرائيليين جراء القصف الإيراني على مناطق داخل الكيان الإسرائيلي

قُتل ثلاثة إسرائيليين، جراء موجة جديدة من الصواريخ الإيرانية التي استهدفت مناطق مختلفة داخل الكيان الإسرائيلي.

ونقلت وسائل إعلام عبرية عن هيئة الإسعاف الإسرائيلية أن القصف الصاروخي الإيراني استهدف عدة مناطق خاصة تل أبيب، وأسفر عن مقتل 3 إسرائيليين وإصابة 67 آخرين.

وكان الحرس الثوري الإيراني أعلن في بيان أنه "نفذ موجة جديدة من الهجمات ضد الكيان الإسرائيلي أقوى وأكثر تدميرا من سابقاتها"، مؤكدا أن "العمليات الصاروخية استهدفت منظومات القيادة والسيطرة لإسرائيل، بحسب وكالة الأنباء الايرانية /إرنا/ .

وأضاف البيان أن "الحرس الثوري استخدم في العملية أساليب مبتكرة وتقنيات معلوماتية ومعدات متطورة، وأن الصواريخ أصابت أهدافها بنجاح.

يذكر أن الكيان الإسرائيلي شن فجر يوم الجمعة الماضي هجوما جويا واسعا على مواقع عسكرية ونووية ومدنية في إيران، استهدف منشآت بارزة مثل /نطنز وأصفهان وفوردو/، فيما ردت إيران بإطلاق موجات من الهجمات الصاروخية، مستهدفة عشرات الأهداف والمراكز العسكرية والقواعد الجوية التابعة للكيان الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • عالم آثار العالم القديم.. كتاب جديد لعيد مرعي
  • المشهداني يدعو الأمم المتحدة لوضع حد لـتجاوزات الكيان
  • الملك عبدالله الثاني… صوت العقل في عالم يضج بالحروب
  • إيلون ماسك معاون دجال.. عالم: الشركات تستغنى عن الإنسان وتستعين بالروبتات
  • الكيان الصهيوني ... مشروع غير قابل للبقاء !
  • عاجل : هيئة الأركان الإيرانية تحذّر أمريكا من الاستمرار في دعم الكيان الصهيوني
  • مقتل 3 إسرائيليين جراء القصف الإيراني على مناطق داخل الكيان الإسرائيلي
  • المشاط: نقف إلى جانب إيران في الدفاع عن سيادتها.. وغبار المعركة سينقشع عن عالم جديد
  • حزب المصريين: الصمت الدولي تجاه غطرسة الكيان الصهيوني سيؤدي إلى عواقب وخيمة
  • الصواريخ الإيرانية تواصل دك قلب الكيان الإسرائيلي