لجريدة عمان:
2025-10-08@23:07:13 GMT

نحو عالم متعدد الأقطاب

تاريخ النشر: 27th, August 2024 GMT

منذ انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفييتي عام ١٩٩١ وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بالقرار الدولي، والعالم يموج بصراعات وحروب لا تنتهي، ولا يزال بعضها مشتعلا كالحرب الروسية الأوكرانية والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة وعموم فلسطين والتوتر وعدم الاستقرار في منطقة الخليج والوضع في اليمن رغم هدوء الأزمة اليمنية.

الاقتصاد العالمي شهد خلال العقود الأخيرة تقلبات حادة بسبب تلك الحروب ما شكل ضغوطا كبيرة على الدول النامية، كما أن الصناديق الأمريكية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي لعبا دورا سلبيا في محاصرة عدد من الدول في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وعدد من الدول العربية بالقروض ذات المخاطر، وتبنت الدولة الأمريكية منهجية عدوانية في التعامل مع القضايا العادلة كالقضية الفلسطينية، والتي تعد الضحية الكبرى لسياسة الهيمنة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة، ومنذ انعقاد مؤتمر مدريد للسلام والذي لم يحقق الأهداف التي رسمت من أجله.

إذن العالم منذ عام ١٩٩١ وهو يعاني هيمنة القطب الواحد وهو نظام أقرب إلى الغطرسة وتنفيذ الأوامر ولا يراعي المصالح الوطنية للدول ولا المعايير الأخلاقية، خاصة خلال عدد من الإدارات الأمريكية حتى لا نقول جميعها، ولعل واشنطن لها أجندتها الوطنية ومصالحها وهذا أمز مفهوم، ولكن السيطرة السياسية والاقتصادية والإستراتيجية على مقدرات العالم وفق المنظور الأمريكي فهو منطق مرفوض ولا تقره مواثيق الأمم المتحدة، ومن خلال المنطق الأمريكي أصبح هناك اتجاه لمقاومة تلك الهيمنة الأمريكية وقاعدتها الصهيونية العالمية خاصة تجاه القضية الفلسطينية.

فالمرشح الجمهوري ترامب يقول ومن خلال حملته الانتخابية بأن مساحة الكيان الإسرائيلي تبدو صغيرة أنه يؤيد ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى الكيان الإسرائيلي علاوة على هضبة الجولان، ومن هنا تبرز عقلية الغطرسة حتى لو كان كلام ترامب يأتي في إطار المناكفات السياسية. ولقد أكدت سلطنة عمان أكثر من مرة على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في العالم وخاصة في المنطقة من خلال إقرار العدالة والإنصاف وحل الدولتين، بل دعت من خلال وزير الخارجية إلى إعادة هيكلة الأمم المتحدة وإلغاء موضوع الفيتو أو حق النقض الذي تمارسه الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن الدولي.

إن النظام الدولي الذي يقوم على القطبية الأحادية لم يعد صالحا لمواكبة التطورات السياسية والاقتصادية والإستراتيجية والثقافية، وأصبح العالم بحاجة إلى التوازن والموضوعية من خلال نظام دولي متعدد الأقطاب تناقش من خلاله قضايا العالم بشكل منصف ومن خلال الأمم المتحدة والتي تعد المكان الطبيعي لحل قضايا العالم وخلافاته كما ينص على ذلك ميثاق الأمم المتحدة منذ عام ١٩٤٥.

الولايات المتحدة الأمريكية أثبتت فشلها الذريع في قيادة العالم من خلال النظام الدولي الأحادي وهي تفتعل الأزمات الإقليمية للحفاظ على بريقها السياسي، الذي يعاني قانونيا وإنسانيا وأخلاقيا، خاصة تجاه العدوان الإسرائيلي الهمجي علي الشعب الفلسطيني. وخرجت الشعوب الغربية منددة بمواقف واشنطن المنحازة للعدوان، ولم تظهر واشنطن أي قيادة حكيمة لوقف المجازر وحرب الإبادة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدى يقترب من عام، حيث فقد أكثر من خمسين ألفا من الأطفال والنساء حياتهم، كما دمرت غزة على ساكنيها، والولايات المتحدة الأمريكية تقوم بتحركات شكلية لا ترقى إلى الضغط الحقيقي على حكومة نتانياهو المتطرفة.

خرج عشرات الآلاف من الطلبة الأمريكيين احتجاجا على موقف بلادهم السلبي تجاه العدوان الصهيوني وتزويد الكيان الإسرائيلي بالأسلحة الفتاكة، ورغم ذلك ليس هناك شعور في الإدارة الأمريكية بأن تلك المآسي الإنسانية يجب أن تتوقف، وعلى ضوء ذلك سقطت منهجية القطب الأمريكي الأوحد في العالم لأن القيادة تحتاج إلى سلوك سياسي رشيد ينسجم مع مشاعر الملايين حول العالم بمن فيهم آلاف اليهود لوقف تلك المذابح اليومية.

أمام هذا المشهد الدولي الخطير، والذي قد ينتهي بحرب إقليمية كبرى بين الكيان الإسرائيلي وإيران وساحات المقاومة، فإن العدوان الإسرائيلي متواصل ونتانياهو ينتظر نتيجة الانتخابات الأمريكية في السابع من نوفمبر القادم، وهي في تصوري سوف ترسم المشهد السياسي الدولي لأربع سنوات قادمة.

إن العالم كما أقول دوما هو في مفترق طرق وهذا العالم يحتاج إلى نظام متعدد الأقطاب يعيد التوازن للعلاقات الدولية على أسس ومعايير أخلاقية وسلوكيات قانونية تلتزم النظم وحل الخلافات والصراعات بالطرق السلمية ومناصرة القضايا العادلة وفقا للقانون الدولي، وهذا يحتاج إلى رؤية تبدأ بانتهاء الهيمنة الأمريكية، التي أضرت بقضايا العالم ومصالحه على مدى عقود. ومن هنا فإن أمام المجتمع الدولي فرصة من خلال حراك سياسي إقليمي ودولي لتصويب المعادلة حتى لا يتجه العالم إلى مخاطر انزلاق حرب كونية لا أحد يستطيع يتكهن بالتحولات الكبيرة التي سوف تحدثها، ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتانياهو يبحث عن حرب إقليمية تخرجه من أي محاكمة محتملة في إسرائيل، ليس بسبب إخفاقه يوم السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، ولكن لوجود تهم فساد ضده في المحاكم الإسرائيلية. وعلى ضوء ذلك فإن العالم يعيش أوضاعا غير مستقرة. كما أن الولايات المتحدة الأمريكية بدأت تستخدم قوتها الناعمة في الضغط على أي دولة ترفض سلوكها السياسي وهذا سلوك أمريكي غير مقبول. كما أن مصداقية السياسة الخارجية الأمريكية اصبح متدنيا ومتناقضا، ولكنه منطق القوة والذي سوف يتهاوى في نهاية المطاف كما هو الحال مع الإمبراطوريات في التاريخ الحديث والبعيد.. فهل نشهد خلال السنوات القادمة ظهور ملامح النظام الدولي المتعدد الأقطاب وتنتهي هيمنة القطب الأمريكي الأوحد؟ الكل يتطلع إلى ذلك لأنه لمصلحة العالم وشعوبه.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المتحدة الأمریکیة الکیان الإسرائیلی الأمم المتحدة من خلال

إقرأ أيضاً:

12 عالمًا من أبناء جامعة أسوان ضمن قائمة أفضل 2% من علماء العالم لعام 2025

واصلت جامعة أسوان في إنجاز علمي جديد يُضاف إلى سجل نجاحاتها الدولية، تألقها على الساحة البحثية العالمية بعد إدراج 12 من علمائها ضمن قائمة أفضل 2% من العلماء على مستوى العالم لعام 2025، وفقًا للتصنيف الدولي الصادر عن جامعة ستانفورد الأمريكية بالتعاون مع دار النشر العالمية "إلسيفير" (Elsevier)، والذي يُعد من أدق التصنيفات العالمية في قياس التأثير العلمي للباحثين.

ويعتمد التصنيف على تحليلات دقيقة لقاعدة بيانات Scopus العالمية، وفق معايير صارمة تشمل عدد الاستشهادات العلمية، ومؤشر h-index، ومعامل التأليف المشترك، والتأثير النسبي، والمركّب البحثي (C-Score) الذي يقيس الأثر النوعي للبحث العلمي.

وفي هذا السياق، أعرب الدكتور لؤي سعد الدين نصرت، القائم بأعمال رئيس جامعة أسوان، عن فخره بهذا الإنجاز الذي وصفه بأنه «ترجمة حقيقية لحجم التطور الذي تشهده الجامعة في مجالات النشر الدولي، ودليل على اهتمامها برعاية الكفاءات العلمية ودعمها للوصول إلى مصاف الجامعات البحثية العالمية».

وقال رئيس الجامعة: «إن هذا التقدير العالمي يجسد ثمرة جهود علمائنا المتميزين، ويؤكد أن جامعة أسوان أصبحت منارة بحثية تضيء سماء العلم على المستوى الدولي، ونفخر بكل باحث وضع اسم الجامعة على خريطة التأثير العلمي العالمي»، مضيفاً أن الجامعة ماضية في تعزيز منظومتها البحثية من خلال تحفيز النشر في المجلات الدولية الرصينة، وتطوير البنية التحتية البحثية، إلى جانب تشجيع التعاون العلمي الدولي مع كبريات الجامعات والمؤسسات البحثية حول العالم.

ومن جانبه، أوضح الدكتور محمد عبد العزيز مهلل عرابي، نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، أن هذا الإنجاز يُعد «دليلًا قاطعًا على التحول النوعي في مستوى الأبحاث الصادرة عن جامعة أسوان»، مشيرًا إلى أن تصنيف ستانفورد لا يعتمد فقط على الكم، بل على جودة وتأثير الأبحاث، مما يعكس امتلاك الجامعة لعقول بحثية مصرية قادرة على تحقيق التميز العلمي الحقيقي.

واختتمت الجامعة بيانها بتقديم خالص التهاني والتقدير لعلمائها المدرجين ضمن قائمة الأفضل عالميًا، مؤكدة أن هذا التفوق ليس وليد الصدفة، بل ثمرة رؤية استراتيجية طموحة وجهود متواصلة، ودعت جميع منتسبيها إلى مواصلة مسيرة الريادة العلمية والبحثية لرفع اسم جامعة أسوان عاليًا في المحافل الدولية.

مقالات مشابهة

  • خالد أبو بكر: الجالية المصرية بأمريكا وكندا ستصنع ملحمة وطنية في كأس العالم
  • خالد أبو بكر: الجالية المصرية في أمريكا وكندا ستصنع ملحمة وطنية في كأس العالم
  • اليمن صمام أمان المنطقة أمام أطماع الكيان الصهيوني
  • مصر تودع أحمد عمر هاشم والسيسي ينعيه: عالم جليل وداعية كبير
  • 12 عالمًا من أبناء جامعة أسوان ضمن قائمة أفضل 2% من علماء العالم لعام 2025
  • جنى محمد زكي تسحق لاعبة الكيان الصهيوني في بطولة العالم للناشئين للشطرنج
  • عالم فذ من أعمدة الأزهر.. المؤسسات الدينية تنعى الدكتور أحمد عمر هاشم
  • الرئيس التايواني: سيطرة الصين على بلادنا تهدد المصالح الأمريكية
  • كل ما تريد معرفته عن «TRIONDA» كرة كأس العالم 2026
  • آلاف المتظاهرين في ساو باولو ينددون بجرائم الكيان الإسرائيلي ويدعمون أسطول الصمود