لندن تشهدة تخلقات الوعي الجديد
تاريخ النشر: 1st, November 2024 GMT
أن اللقاء الذي أقامته عضوية " تقدم" في لندن و تحدث فيه كل من حمدوك و خالد سلك، يكشف الإستراتيجية التي تبني عليها " تقدم" أطروحتها السياسية، و هي تزيف للحقائق، حيث أكد المتحدثان الإثنان " حمدوك – سلك" أن الصراع السياسي الدائر في البلاد محصور بين " تقدم" التي تمثل القطاع السياسي الذي يناضل من أجل تأسيس دولة ديمقراطية، و بين الإسلاميين الذين يريدون العودة للحكم مرة أخرى.
أن الحضور الجماهيري الذي شاهدته لندن أمس يؤكد أن أفتراضية " تقدم" تقوم على أفتراضية خاطئة .. و سرعان ما تكشفت لها و الذين يقفون معها على استحياء إنها معزولة جماهيريا.. و أن قيادتها التي تؤكد في خطاباتها أنها تقف مع تطلعات الجماهير..! تهرب من التجمعات الجماهيرية و تخاف من اللقاء معهم.. الأمر الذي يؤكد أن " تقدم" فئة معزولة هدفها هو الوصول للسلطة بأي ثمن لخدمة القوى التي تعتقد سوف تشكل لها رافعة للسلطة.. أن طوفان الجماهير الذي لبى دعوة الحضور لاستقبال حمدوك و الجوقة التي ترافقه، يؤكد أن "تقدم" تواجه الشعب السوداني كله و ليس الإسلاميين كما تدعي.. إذا كان كان حمدوك و من معه يخافون أن يلتقوا بالمواطنين الذين جاءوا إلي مقر تواجده يخاف أن يلتقي بهم و يخاطبهم و يتحاور معهم كيف يستطيع أن يحكمهم، أن جري حمدوك أمام الجماهير و التخبي منهم في لندن يؤكد للعالم كله حقيقة المجموعة المعزولة تماما جماهيريا. و أن مستقبلها السياسي تحفه كثيرا من العقبات...
أن المحاضرات و اللقاءات التي ترتبها الأمارات و بريطانيا و أمريكا لتحالف " تقدم" و تسندها بعض من الدول الغربية، هي لقاءات تزيد الهوة بينهم و بين الشعب السوداني، حيث الأغلبية تقف مع الجيش نصرة للوطن و المواطن الذي أزلته الميليشيا و نهبته و طردتهم من مساكنهم.. الأمر الذي يعسر مقصدهم.. أن دعوة حمدوك بحظر سلاح الطيران السوداني و التي كان قد أكدها في ندوة " تشاتام هاوس" تؤكد أن تقدم ذاهبة لنصرة الميليشيا و أنقاذ ما تبقى منها بهذا الحظر الذي كانت قد طالبت به الميليشيا من قبل..
أن دعوات التغبيش ،و العمل من أجل خلق وعي سياسي زائف لأجندة سياسية تتحكم فيها الأمارات و بريطانيا، و توظف فيها مجموعة من السياسيين و نخب كانت قد أبعدتها أحزاب اليسار و الحركات و أعلاميين و إسلامي الميليشيا أنها دعوات سوف تصطدم بالحائط الشعبي المتين الذي أكد أن الحرب هي نهاية للسودان ما قبله، و بداية لسودان جديد لن يحكمه إلا من تقبله الجماهير و تنتخبه.. و لن تكون هناك عودة للوراء.. عندما تستيقظ الأمة على صوت المدافع و رايات القتل لن تغفو مرة أخرى.. نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
إقرأ أيضاً:
عن الذين خاطروا بأنفسهم وأموالهم فلم يرجعوا من ذلك بشيء
مع إقبال أيام العشر من ذي الحجّة يبدأ الحديث عن فضائل هذه الأيّام وعن فضل العمل الصّالح فيها وأنّ العمل الصالح فيها أفضل من الجهاد في سبيل الله تعالى، وعمدة الاستشهاد على هذا المعنى هو الحديث الذي أخرجه البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم قال: "ما العَمَلُ في أيَّامٍ أفْضَلَ منها في هذه، قالوا: ولا الجِهادُ؟ قالَ: ولا الجِهادُ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ يُخاطِرُ بنَفْسِه ومالِه، فلَمْ يَرْجِعْ بشَيءٍ". وللحديث رواية قريبة عند الترمذي وغيره يقول فيها رسول الله صلى الله عليه وسلّم: "ما من أيَّامٍ العملُ الصَّالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ من هذه الأيَّامِ العشرِ. قالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلَّا رجل خرج بنفسِه ومالِه فلم يرجِعْ من ذلك بشيءٍ".
عادة ما ينصبّ الاستشهاد والاستدلال بهذا الحديث على أنّ العمل الصالح بمفهومه العام أفضل حتى من الجهاد في سبيل الله تعالى، وقلّة هم الذين يلتفتون ويتوقفون مليّا عند ذلك الرجل الذي خصّه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بالذكر؛ مبينا أنّه لا يفوقه أحد فضلا ولا يتفوق عليه مؤمن عملا، وهو الرجل المخاطر بنفسه والمخاطر بماله ملقيا بها في مواطن الواجب والجهاد والنصرة فلم يرجع من نفسه ولم يرجع من ماله بشيء.
إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم يلفت أنظار أمّته على مرّ الزمان إلى النّموذج الذي يصنع الفرق في الانتصار والتغيير، فكلّ الأعمال الصالحة جليلة، وكل الأعمال الصالحة خير وبركة، لكن عليكم أن تنتبهوا إلى أنّ أعظم الأعمال وأجلّ الأعمال التي لا يسبقها متسابق ولا يدرك شأوها مغامر؛ هي تلك التي تنطوي على إلقاء المرء نفسه في مواطن الخطر مقتحما ومضحيا وغير هيّاب بأحد.
إنّها المخاطرة بالنفس في زمن الخوف والركون وحب الدنيا وكراهية الموت وهيمنة الغثائيّة، والمخاطرة بالمال في زمن الملاحقة والاتهام، وتجفيف المنابع وتجريم الإنفاق في مواطن الحق والنصرة؛ المخاطرة وحدها التي ترهب العدو وتحرّر الأوطان وتصنع التغيير وتهدم الباطل وتحقّ الحقّ، وما أعظم تلك المخاطرة حين تبلغ منتهاها فيصل المال إلى موطن الواجب وتصل الرّوح إلى مستقرّها فتحطّ رحالها في الجنان التي طالما تاقت إليها، وهذا هو ما أشار له رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قيل له: "يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "مَنْ عُقِرَ جَوَادُهُ وَأُهْرِيقَ دَمُهُ".
وإنّ هذه المخاطرة بالنفس والمال منسجمة مع طبيعة هذه الأيّام التي هي أيّام التكبير المطلق ثم المقيّد، فمن عرف أنّ "الله أكبر" حقا وأيقن بذلك حق اليقين فإنّه لا يهاب ظالما ولا يخاف عدوا ولا يذل لمتغطرس ولا يتقهقر أمام عدوّ؛ وما أعظم الكلمات التي صدح بها الأستاذ والزعيم الإسلامي عصام العطار رحمه الله تعالى يوما على منبر مسجد جامعة دمشق وهو يهدر بمعاني "الله أكبر" في وجه الظالمين، وكان ممّا قاله يومها:
"اللهُ أكبـر رَمْزُ صُمودِنَا
اللهُ أكبـر روحُ جهَادِنا
اللهُ أكبـر سِـرُّ قُوّتِنا وانتصارِنا
اللهُ أكبـر بها صَدَعْنا كلَّ باطِل
اللهُ أكبـر بها قَصَمْنا كلَّ جَبّار
اللهُ أكبـر بها نُواجِهُ كلَّ طَاغُوت
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، لا إلهَ إلاّ الله
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، ولِله الحمد
اللهُ أكبـر نَشُـقُّ بها دَيَاجيرَ الظلامِ والْيَأْس
اللهُ أكبـر نُوقِدُ بها مَصَابيحَ الأَمَلِ والْفَجْر
اللهُ أكبـر نَطْرُدُ بها روحَ الهزيمةِ والْوَهْن
اللهُ أكبـر نُحْيي بها مَيِّتَ العَزَائِمِ والهِمَم
اللهُ أكبـر نُحَوِّلُ بها الضعيفَ قوِيّا، والجبانَ شُجاعا، ونُحَقِّقُ بها انتصارَ الحريَّةِ والكَرامَة، والحقِّ والعَدالَة، والإحسانِ والْخَيْر
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، لا إلهَ إلاّ الله
اللهُ أكبـر، اللهُ أكبـر، ولِله الحمد
يا إخْوَتي؛ يا أخواتي: امْلؤوا قُلوبَكُمْ وعُقولَكم، وحَنَاجرَكُمْ وَأَجْوَاءَكُم، وسَمْعَ الزَّمَانِ والمكانِ بهذه الكلمةِ العظيمةِ الخالدةِ: اللهُ أكبـر.
اللهُ أكبـر تُحَرِّرُكُمْ مِنْ أهوائكُمْ وشَهَوَاتِكُمْ وأخطائكُمْ، وظُلْمِكُمْ لأنفسِكُمْ وغَيْرِكم، كما تُحَرِّرُكم مِنْ كلِّ طاغيةٍ ظالمٍ آثِمٍ مُسـْتَكْبرٍ جَبّار.
اللهُ أكبـر تَرْفَعُكُمْ، عندما تُخالِطُ قُلُوبَكم وعُقولَكم وَدِمَاءَكُمْ، فَوْقَ هذه الدُّنْيا، فوقَ شـدائدِها وَمُغْرِياتِها، فوقَ صَغَائِرِها وَتَفَاهَاتِها، وتَصِلُكُمْ باللهِ عَزَّوَجَلّ وبالْخُلُود، وتَفْتَحُ لكُمْ أَبْوَابَ الجنّةِ، وأبوابَ المسـتقبلِ الزاهرِ المنشـود.
اللهُ أكبـر تجعلُ الحقَّ رَائِدَكُمْ، والعدلَ مَنْهَجَكم، والخيرَ بُغْيَتَكم، واللهَ قَصْدَكُمْ وغايَتَكُم، وتجعلُ قُوّتَكم مِنْ قُوَّةِ اللهِ عزَّ وجلّ".
فعندما تغدو القلوب والأرواح معجونة بهذا النداء العلويّ المهيب يُصنَع الرجل المخاطر بنفسه وماله الذي يقتحم مواطن الردى حاملا روحه على كفّه طالبا حياة حقيقيّة لا ذلّ فيها ولا هوان، وهذا الرّجل المخاطر هو أعظم العاملين في زمن الأعمال الصالحة والمواسم الفاضلة، فلا يسبقه حاجّ متبتّل، ولا يسبقه قائم لا يفتر، ولا يسبقه صائم لا يفطر؛ فهو الذي به يغدو الإسلام عزيز الجانب، ويجد المسلم معنى وجوده ومغزى بقائه؛ فطوبى للمخاطرين بأنفسهم وأموالهم في زمن الهزائم المرّة.
x.com/muhammadkhm