وسط تحذيرات من انزلاق التوتر بين الطرفين من اشتباكات متقطعة إلى مواجهة أوسع، تم الإعلان عن التوصل إلى اتفاق بين الحكومة السورية وقيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد) يتضمن وقفا لإطلاق النار.

وجاء ذلك بالتزامن مع زيارة للمبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك وقائد القيادة المركزية الأميركية، الأميرال براد كوبر.

وأعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، اليوم الثلاثاء، أنه اتفق مع قائد قوات سوريا الديمقراطية، مظلوم عبدي على وقف فوري لإطلاق النار في شمال وشمال شرق سوريا، وذلك بعد اشتباكات عنيفة وقعت في حيي الأشرفية والشيخ مقصود بمدينة حلب.

ويحاول الطرفان (الحكومة السورية وقسد) احتواء الأوضاع وتجنب التصعيد، والمضي قدما في المسار الذي حدده اتفاق 10 مارس/آذار الذي وقّعه الرئيس أحمد الشرع ومظلوم عبدي برعاية أميركية، ويقضي باندماج البنى العسكرية والمدنية لقسد في الدولة السورية الجديدة، لكن تنفيذه تعثر لخلافات بين الطرفين.

وفي هذا السياق تأتي زيارة المبعوث الأميركي برّاك، حيث قال إن هدفه هو القيام بحوار وصفه بالجوهري مع قيادة "قسد" فيما يتعلق بمسألة الاندماج في الدولة السورية الجديدة.

وتشدد المقاربة الأميركية على ضرورة حل الخلافات بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية بطريقة سلمية.

ويقول كبير الباحثين بالمجلس الأميركي للسياسة الخارجية، جيمس روبنز لبرنامج "ما وراء الخبر" إن رؤية الولايات المتحدة هي أن تكون سوريا "مستقلة وموحدة"، وإنها -أي واشنطن- تدعم الاستقرار والسلام والتطبيع مع دول مجاورة، كما قال.

ويؤكد أن الولايات المتحدة ترى أهمية تطبيق اتفاق 10 مارس/آذار، وهو ما يشدد عليه المبعوث الأميركي في اجتماعاته في سوريا، مشيرا إلى أن بلاده لديها مصالح كثيرة في سوريا لاسيما في شمال شرق البلاد، وهي تضغط باتجاه حل المشاكل التي لا تزال عالقة دون اللجوء إلى العنف.

إعلان

وحسب الكاتب والمحلل السياسي، كمال عبدو، فإن قائد قوات سوريا الديمقراطية يوجد رفقة وفد في دمشق برعاية أميركية لمناقشة تنفيذ اتفاق 10 مارس/آذار، وهناك فرصة لتنفيذه، والجانب الأميركي -حسب المتحدث- هو القادر على تنفيذ الاتفاق.

وكشف مسؤولون أن المبعوث الأميركي إلى سوريا وقائد القيادة المركزية الأميركية التقيا في وقت سابق قائد قوات قسد ومسؤولين كبارا في شمال شرق سوريا. وركزت المحادثات على تسريع تنفيذ الاتفاق مع دمشق.

تحشيد عسكري

وبالعودة إلى الاشتباكات التي اندلعت في حلب، يقول عبدو -في حديثه لبرنامج "ما وراء الخبر"- إن هذه الاشتباكات سبقها تحشيد عسكري من قبل قوات سوريا الديمقراطية في بعض المناطق، ويقول إن عبدي يتبنى خطابا واقعيا، لكن التيار المطرف في "قسد" هو الذي يفجّر الأوضاع.

ومن جهة أخرى، يشكك الكاتب والباحث السياسي، شِفان الخابوري في الاتفاقات المبرمة بين "قسد" والحكومة السورية، ويقول إنها اتفاقات أمنية مؤقتة، ويتهم الحكومة بالتركيز على بند واحد وهو "ارموا سلاحكم واستسلموا لنا".

ويشير الخابوري إلى أن المطلوب هو أن تعترف الحكومة السورية بالقضية الكردية وبالشعب الكردي، وأن تكون جميع المكونات شريكة في سوريا المستقبل.

ويرد الكاتب والمحلل السياسي، كمال عبدو بالقول، إن مسألة الاعتراف يقررها الشعب السوري كله عبر عملية استفتاء.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات قوات سوریا الدیمقراطیة المبعوث الأمیرکی الحکومة السوریة

إقرأ أيضاً:

كينشاسا وكيغالي.. اتفاق السلام الذي يواجه اختبار النوايا

يفاجئ رئيس الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسيكيدي المراقبين بتصريحات على خلاف المتوقع منذ بدء مسار السلام مع رواندا برعاية أميركية قطرية.

آخر تلك التصريحات كانت مع قناة "سكريبس نيوز" الأميركية، اعتبر فيها تشيسيكيدي "أن الولايات المتحدة بقيادة الرئيس دونالد ترامب، مهتمة بالمعادن الإستراتيجية، وبالتالي فإن أول اهتمام لها سيكون ضمان أمن تلك الاستثمارات".

تصريحات تشيسيكيدي تزامنت مع تغريدة مفاجئة هي الأخرى نشرها وزير الخارجية الرواندي أوليفييه ندوهونغيره وقال فيها إن تشيسيكيدي نفسه "أصدر تعليمات لوفد بلاده بعدم التوقيع على إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي".

رئيس الكونغو فيليكس تشيسيكيدي عادة ما يتهم رواندا بالتدخل في شؤون بلاده (رويترز)

وحتى لحظة إعداد هذا التقرير لم تكن كينشاسا قد علقت على كلام الوزير.

اقتصاد السلام

وكانت الجولة النهائية للتفاوض حول التكامل الاقتصادي التي يشير لها الوزير في تغريدته انطلقت في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الحالي، لمناقشة اتفاق التكامل الاقتصادي الذي وصفه آنذاك كبير مستشاري الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأفريقيا مسعد بولس بأنه "سيعزز السلام في منطقة البحيرات الكبرى".

والتكامل هو جزء من الشق الاقتصادي في اتفاق واشنطن للسلام الذي وقعه وزيرا خارجية رواندا والكونغو الديمقراطية في 27 من يونيو/حزيران الماضي بالعاصمة الأميركية.

بنود المسار

اعتمد مسار السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية منذ لحظاته الأولى على قاعدة "أن مستقبلا من الازدهار المشترك القائم على الاستثمارات الأميركية مسألة ممكنة لكنها تتطلب التزاما كاملا من جميع دول المنطقة" بحسب جوناثان برات أحد مسؤولي مكتب شؤون أفريقيا في الإدارة الأميركية.

رواندا تنفي دائما الاتهامات الموجهة لها بتأجيج الصراع في الكونغو الديمقراطية (وكالة الأناضول)

وتضمن الاتفاق بندا واضحا ينص على إطلاق إطار للتكامل الاقتصادي الإقليمي في غضون 90 يوما.

إعلان

ويهدف الإطار إلى اتخاذ مجموعة من التدابير بين الدولتين، أهمها تأمين سلاسل إمداد المعادن، وإنشاء أو الاستعانة بآليات مستقلة للتدقيق والرقابة على المشاريع الاقتصادية وسلاسل الإمداد، إضافة لربط اتفاقية الإطار بمبادرات التنمية الاقتصادية الدولية أو الإقليمية.

أما المسار الأمني وانطلاقا من "تعزيز نهاية مستدامة للنزاع وإطلاق الإمكانات الاقتصادية للمنطقة" فتطرق إلى مجموعة من البنود، أهمها تحييد قوات الجبهة الديمقراطية لتحرير رواندا (بقايا الجيش الرواندي السابق المدان بالمجازر 1994)، وفض الاشتباك الحدودي، ورفع رواندا الإجراءات الدفاعية، واحترام وحدة أراضي الدولتين.

مسار موازي

وفي الإطار عينه، أقر اتفاق السلام دعم جميع الأطراف "المفاوضات الجارية بين الكونغو وتحالف نهر الكونغو/حركة إم 23 تحت وساطة دولة قطر في الدوحة".

قطر توسطت في اتفاق وقف إطلاق النار بين الكونغو الديمقراطية ورواندا (الفرنسية)

فالطريق الفعلي لإنهاء أطول حروب أفريقيا أرسيت أسسه في 18 مارس/آذار الماضي في اجتماع وصف بالتاريخي حين جمع أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني الرئيسين الرواندي بول كاغامي والكونغولي فيليكس تشيسيكيدي وجها لوجه في الدوحة.

ومهد اللقاء إلى إطلاق مسار رديف للسلام بين كينشاسا وكيغالي برعاية أميركية في واشنطن، بالإضافة إلى مسار كونغولي كونغولي بين حكومة الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو/حركة إم 23 في الدوحة.

ونجحت دولة قطر في 19 من يوليو/تموز في مساعيها، حينما وقعت كل من حكومة جمهورية الكونغو الديمقراطية وتحالف نهر الكونغو/حركة إم 23، على إعلان مبادئ، في خطوة اعتبرت تطورا مهما ضمن المساعي الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في إقليم شرق الكونغو.

وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية الدكتور محمد الخليفي إن "هذا التطور يعكس حرص دولة قطر على دعم الجهود السلمية الرامية إلى إنهاء النزاع في شرق الكونغو والتزامها بدعم مسارات الحل السياسي"، واعتبر الخليفي أن إعلان المبادئ يعد مكملا لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا.

مستشار ترامب مسعد بولس، ووزير الدولة القطري للشؤون الخارجية، محمد بن عبد العزيز الخليفي في مؤتمر صحفي عقب توقيع إعلان المبادئ لإنهاء القتال شرق الكونغو (رويترز)

وتبع ذلك في سبتمبر/أيلول الماضي توقيع طرفي الصراع الكونغولي على آلية لإطلاق سراح المحتجزين المرتبطين بالنزاع بين الحكومة وتحالف نهر الكونغو /إم 23.

موقف وحيرة

وبين الدولتين الجارتين رواندا والكونغو الديمقراطية، يتضمن اتفاق السلام آليات تنفيذية منفصلة، منها ما يتعلق بالجوانب الأمنية وأخرى بالتكامل الاقتصادي، وبحسب وزير خارجية رواندا فإن "المفاوضات حول إطار التكامل الاقتصادي الإقليمي هي مفاوضات اقتصادية بحتة ولا تتناول القضايا الأمنية".

وبعد تراجع الطرف الكونغولي عن توقيع وثيقة التعاون الاقتصادي، قالت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية يولاند ماكولو إن بلادها "تشعر بالحيرة إزاء قرار الكونغو الديمقراطية في اللحظة الأخيرة بعدم التوقيع على الاتفاق".

بين الضفتين

وبين رغبات كينشاسا وكيغالي المعلنة، في السعي إلى إنهاء الصراع المزمن بينهما، وإحلال السلام في منطقة البحيرات، تأتي التصريحات التي تقاطع مسار تلك الرغبات، فيقول الرئيس الكونغولي مؤخرا "إن الحرب في بلاده لم تنته بعد" ويضيف "لقد تغيّر شكلها فحسب" لكنه يصر في الوقت عينه على نفي أن يكون اتفاق السلام بين بلاده ورواندا قد انتهى.

خريطة جمهورية الكونغو الديمقراطية (الجزيرة)

وبين النفي والتأكيد تسير مساعي السلام في حقل من ألغام ذلك الصراع الدامي، وتركة 3 عقود من خطاب الكراهية الذي يفضي كل حين إلى المزيد من القتل والتشريد، في مسارات تحتاج إلى بناء الثقة، وخفض حدة التصريحات، الذي يسبق خفض التصعيد، أملا بنجاح معجزة تحويل خصوم اليوم إلى شركاء الغد.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الشرع يبحث مع المبعوث الأميركي وقائد القيادة الوسطى تعزيز الأمن
  • اتفاق بين قسد والحكومة السورية على وقف شامل لإطلاق النار
  • هل تنهي اشتباكات حلب اتفاق الحكومة السورية مع “قسد”؟
  • الشرع يستقبل المبعوث الأمريكي وقائد القيادة المركزية.. صور
  • قائد قوات سوريا الديمقراطية يطالب بإقامة منطقة حكم ذاتي
  • هل تنهي اشتباكات حلب اتفاق الحكومة السورية مع قسد؟
  • وقف إطلاق نار في حلب بعد تصعيد بين قوات الأمن السورية والأكراد
  • كينشاسا وكيغالي.. اتفاق السلام الذي يواجه اختبار النوايا
  • الكونغو الديمقراطية تهدد بحظر دائم لمصدّري الكوبالت المخالفين للنظام الجديد