السياسة السودانية تعاني من ثبات طفولة السياسيين والمثقفين السياسيين معا لانهم يشخصنون. وبالشخصنة أعني أن التقييم يتم للفاعل السياسي وليس للفعل المعين. وهذا مرض قاتل.
يصنف السياسي السوداني – ومعه المثقف التابع – الفاعلين ويقسمهم إلي فئتين أحدهما ملائكة لا تخطئ وأخري من أبالسة. فهؤلاء مدنيون رائعون دائما وأولئك كيزان ضالين علي طول وهناك ماركسيون دائما متكلسون.
في النقيض العقل الناضج لا يعرف الحق بالرجال ولا بالنساء، بل يعرف معدن الناس بقربهم وبعدهم عن الحق. العقل الناضج يحدد صحة الفعل من عدمه ويقبل ويرفض علي هذا الأساس. أما عقل الطفولة فانه يدين برنامج صندوق الدولي لو طبقه كيزان ويحرض علي مقاومته حتي يسقط مئات الشهداء ثم يزغرد لجرعة أكثر شراسة من نفس البرنامج لو طبقته حكومته الإنتقالية. عقل الطفولة يختار الإنحياز للغزاة وميليشيات العنف الجنسي أو الحياد تجاههما لمجرد أن كوز أو أنصار سنة رفضهما. هذا عقل يدوس علي مبادئ الوطنية لو ظن أن من صنفه سابقا كشيطان يقف الموقف الوطني. أما العقل السليم، فيقيم الفعل أو الظاهرة ويختار الموقف السليم فكريا وأخلاقيا ولا يهمه أين يقف ملاك أو شيطان آخر. لذلك فان أبلد عبارة تقال حين ينتاشك أحدهم بقوله “كلامك ده بيفيد الكيزان أو الشيطان”.
عقل الطفولة لو أبلس ترمب كان سيعارض توجهه لإنهاء الحرب الأكرانية التي تهدد البشرية بالفناء النووي. وسيعارض سعيه لإتفاق مع إيران يتجنب حرب لا تبقي ولا تزر معها. وكان سيعارض تهدئته للتوتر النووي مع كوريا الشمالية. وكان سيعارض إدانته للتدخل العسكري الأمريكي والغربي ألفظ في شئون الدول الأخري ومحاولة الإملاء الثقافي والسياسي علي شعوبها.
بينما العقل الناضج يقيم الفعل لا الشخص. وقد يرحب بمحاولة ترمب إطفاء حرب هنا أو هناك ويرحب بشجبه للهيمنة الغربية باسم الحقوق الليبرالية. ولكن نفس العقل الناضج قد يرفض ويدين سياسات ترمب في ملفات أخري مثل معاملة المهاجرين والتنمر علي دول أخري وإشعال الحروب التجارية أو تقويض مؤسسات الحوكمة الديمقراطية أو تهديد النظام الدولي متعدد الأطراف وفي غير ذلك من الملفات.
عقل الطفولة شمولي، عنده أن الشخص أو الجهة إما ملاك شامل أو شيطان شامل. وهذا ضعف فكري مخجل لا يليق بمن درس في روضة،
من المخجل أن تضطر لان تشرح لإنسان جاوز التاسعة من العمر أن هناك أشياء تظل صحيحة حتي لو تبناها أخوان وتظل سليمة حتي لو دعا لها ترمب.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
كهرباء العراق رهينة السياسة: الطاقة بين قبضة إيران وطموح أمريكا
2 يوليو، 2025
بغداد/المسلة: يتفاقم الوضع الكهربائي في العراق مع بدء موسم الصيف الحار، حيث تسبب تراجع إمدادات الغاز الإيراني في خسارة 4000 ميغاواط من الطاقة، مما أدى إلى إطفاء محطات توليد وانخفاض ساعات التغذية الكهربائية في محافظات مثل بغداد والفرات الأوسط.
وأرجع المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية، أحمد موسى، هذا التراجع إلى تقليص إيران لصادراتها بنسبة 50%، مشيراً إلى تشكيل غرفة عمليات لإدارة الأزمة وتأمين زيت الغاز كوقود بديل.
و تتجذر الأزمة الكهربائية في العراق في التوترات السياسية بين إيران والولايات المتحدة، حيث تعتمد بغداد بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطاتها الكهربائية.
وتسعى واشنطن، من خلال إلغاء إعفاءات استيراد الغاز في مارس 2025، إلى الحد من النفوذ الإيراني في العراق عبر الضغط الاقتصادي، مما يفاقم أزمة الطاقة.
وتواجه إيران، بدورها، تحديات في تلبية الطلب العراقي بسبب العقوبات الأمريكية التي تعيق صادراتها.
ويبرز هذا الصراع كجزء من استراتيجية أمريكية أوسع لتقليص الاعتماد العراقي على إيران، دافعة بغداد نحو تنويع مصادر الطاقة عبر مشاريع مع دول الخليج.
ويبقى العراق محاصراً بين ضغوط واشنطن واعتماده على طهران، مما يعقد حل الأزمة.
وأكدت الوزارة حرصها على استقرار المنظومة الكهربائية، رغم الاعتماد الحتمي على الغاز المستورد لتشغيل المحطات في ظل ارتفاع درجات الحرارة.
ووقع العراق عقودا مع شركتي “توتال إنرجي” الفرنسية وشركة بريطانية لتطوير حقول الغاز الوطني، مع توقعات بضخ كميات كبيرة بحلول 2027، لكن هذه المشاريع قد تستغرق عقوداً للوصول إلى مرحلة التصدير.
ويبرز في هذا السياق سعي العراق لتقليل اعتماده على إيران من خلال مشاريع ربط كهربائي مع دول الخليج، مثل السعودية، واستيراد الغاز المسال عبر منصات بحرية في خور الزبير.
وأعلن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني عن خطط لنقل الغاز الخليجي كبديل، فيما تستمر المحادثات مع إيران لتأمين إمدادات مؤقتة عبر مقايضة النفط بالغاز.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts