إيران وأمن البحر الأحمر… ما أهداف استعراض القوة؟
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
حذر وزير الدفاع الإيراني محمد رضا أشتياني من أن قوة العمل المتعددة الجنسيات المقترحة والمدعومة من الولايات المتحدة لحماية الملاحة في البحر الأحمر ستواجه مشكلات غير عادية، قائلاً إنه “لا يمكن لأحد أن يتحرك في منطقة نسيطر عليها”، في إشارة إلى البحر الأحمر.
وجاء التصريح بعد إعلان الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أنها تجري محادثات مع دول أخرى لتشكيل قوة عمل في أعقاب سلسلة من الهجمات التي نفذها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر خلال الأسابيع الماضية.
ولم يحدد أشتياني الإجراءات التي كانت إيران مستعدة لاتخاذها رداً على تشكيل قوة مهمات للبحر الأحمر تدعمها الولايات المتحدة، لكنها قد تكون دفع الحوثيين إلى مزيد من مهاجمة السفن في ممرات الشحن وإطلاق طائرات مسيّرة وصواريخ على إسرائيل على بعد 1000 ميل من مقر قوتهم في العاصمة اليمنية صنعاء، فخلال الأسابيع الماضية هاجم الحوثيون إسرائيل والسفن المارة في البحر الأحمر وقرب باب المندب عبر إطلاق الصواريخ الباليستية، بينما أسقطت سفينة حربية أميركية ثلاث طائرات من دون طيار رداً على تلك الهجمات، وأعلن الحوثيون مسؤوليتهم عن الهجمات حيث أعلن المتحدث العسكري هجومين قائلاً إن السفينة الأولى أصيبت بصاروخ والثانية بطائرة من دون طيار أثناء وجودها في مضيق باب المندب الذي يربط البحر الأحمر بخليج عدن، مهدداً بأن الحوثيين سيواصلون منع السفن الإسرائيلية من الإبحار في البحر الأحمر وخليج عدن حتى يتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وأن جميع السفن الإسرائيلية أو المرتبطة بها ستصبح هدفاً مشروعاً في حال مخالفة ما ورد في بيانهم.
وتمثل هذه الضربات تصعيداً في سلسلة من الهجمات البحرية في الشرق الأوسط المرتبطة بالحرب الدائرة في غزة، وتقول الولايات المتحدة إنها تفكر في الرد المناسب، إذ أعلنت القيادة المركزية للجيش الأميركي في بيان أن “هذه الهجمات تمثل تهديداً مباشرا للتجارة الدولية والأمن البحري”، لكن في الغالب فإن تقييد واشنطن الرد حتى تلك اللحظة في أضيق الحدود يأتي رغبة منها في عدم تصعيد الأوضاع بما يدفع المنطقة إلى حرب إقليمية شاملة في ظل ما يحدث في غزة.
ويأتي تصريح وزير الدفاع الإيراني في أعقاب إعلان الولايات المتحدة أنها تدرس إنشاء قوة عمل لحراسة السفن في البحر الأحمر، وقال مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، جيك سوليفان، إن مثل هذه الدوريات أو المرافقة يمكن أن تكون الرد المناسب على استهداف السفن في المنطقة.
لكن يبقى السؤال لماذا تهدد إيران حال تشكلت تلك القوة البحرية في البحر الأحمر؟
إنها من جهة تريد استعراض القوة في ممر بحري مهم واستعراض نفوذها باعتبارها، عبر الحوثيين، قادرة على تهديد الملاحة والشحن البحري الدولي بما يؤثر في التجارة العالمية، ومن جهة أخرى لا تريد زيادة القوى الدولية المتعددة العاملة في البحر الأحمر، إذ تستخدم مياهه لعمليات التهريب ونقل الأسلحة للحوثيين.
وتعمل إيران على توسيع أنشطتها في المجال البحري، إذ نشطت حرب الظل بينها وبين إسرائيل عبر حرب الناقلات خلال العام الماضي، فاستولت طهران على ناقلات دولية وهاجمت سفناً، فتعرضت السفن المرتبطة بكل منهما إلى هجوم في المياه المحيطة بالخليج العربي وخليج عُمان ضمن سلسلة من الهجمات المتبادلة.
كما تستهدف إيران إحداث قلاقل عند مصب خليج العقبة والبحر الأحمر إلى جانب ما يثيره الصراع في السودان من قلاقل، للتأثير سلباً في المشاريع الاقتصادية الطموحة التي تتبناها السعودية، أي إن إيران لا تسهم في إرساء الأمن والاستقرار الإقليمي ولا تزال تستهدف المصالح السعودية.
وتريد طهران كذلك، من خلال الحوثيين، رفع كلفة النقل البحري للدول عبر دفعها للمرور من طريق رأس الرجاء الصالح، أي دوران السفن حول أفريقيا للوصول إلى خليج إيلات أو الخروج من البحر الأحمر إلى المحيط الهندي عبر رأس الرجاء الصالح الواقع جنوب غربي أفريقيا، وفي حقيقة الأمر فقد لا تكون الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر لدعم غزة، والدليل أن الحرب في القطاع لم تتوقف حتى الآن، لكنها مجرد أفعال رمزية تستهدف من الحوثيين إثبات أن هناك ما يسمى محور مقاومة، ومن جهة أخرى استعراضاً لقوة امتلاك ورقة عند التفاوض، وهناك أمر آخر وهو اختبار للصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي تحصل عليها من إيران، أي اختبار للقدرات العسكرية في الميدان تحسباً لأي تصعيد إقليمي شامل قد يقع.
ويشكل البحر الأحمر أحد أهم الطرق البحرية في العالم إذ يعمل كحلقة وصل حيوية بين الشرق الأوسط والبحر المتوسط وأوروبا عبر قناة السويس، وقد أثرت الأنشطة الأخيرة في هذه المنطقة، إضافة إلى وجود الحوثيين في مضيق باب المندب، في أمن هذه الممرات البحرية وكذلك في الاقتصاد العالمي، إذ تريد إيران تحويل المجال البحري إلى ساحة صراع، ولذا فقد عززت القوات البحرية الأميركية والفرنسية وجودها في البحر الأحمر لحماية السفن من خطر الاستيلاء أو الهجوم عليها من قبل الحوثيين.
ومن خلال تهديد وزير الدفاع الإيراني فيمكن تصور المشكلات التي قد تواجهها الولايات المتحدة والقوة البحرية المعلن عنها، عبر تصعيد طهران من سلوكها العدواني في المجال البحري، مثل الهجمات على أهداف استراتيجية كمنصات النفط، والاعتداء على قوات الأمن البحرية أو الهجمات الساحلية، وكذلك التدخل في طرق التجارة البحرية والهجوم على السفن التجارية.
*نشر أولاً في “اندبندنت عربية“
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
شاهد أيضاً إغلاق آراء ومواقف
عملية عسكري او سياسية اتمنى مراجعة النص الاول...
انا لله وانا اليه راجعون ربنا يتقبله ويرحمه...
ان عملية الاحتقان الشعبي و القبلي الذين ينتمون اغلبيتهم الى...
مع احترامي و لكن أي طفل في المرحلة الابتدائية سيعرف أن قانتا...
مشاء الله تبارك الله دائمآ مبدع الكاتب والمؤلف يوسف الضباعي...
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی البحر الأحمر الحوثیین فی السفن فی من البحر فی الیمن
إقرأ أيضاً:
«بيئة أبوظبي» تستكمل مسحاً جوياً يغطي8000 كم2 من الموائل البحرية
استكملت هيئة البيئة – أبوظبي المسح الجوي الأحدث ضمن برنامجها للمسوحات الشاملة التي تنفِّذها بشكل دوري لرصد وتقييم الأنواع البحرية في الإمارة، بما يغطي أكثر من 8,000 كيلومتر مربع من الموائل البحرية. تأتي هذه الجهود في إطار سعي الهيئة لمراقبة وحماية الأنواع البحرية، ما يرسِّخ مكانة أبوظبي الرائدة في مجال حماية التنوُّع البيولوجي البحري، ومراقبة الأنظمة البيئية.
وتُعَدُّ الهيئة الجهة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تنفِّذ عمليات مراقبة طويلة الأمد للأنواع البحرية على فترات منتظمة؛ إذ بدأت بإجراء هذه المسوحات الجوية الشاملة منذ عام 2004، ما يتماشى مع رؤية الإمارة، ويعزِّز قاعدة بياناتها لدعم استراتيجيات الحفاظ على البيئة وضمان الإدارة المُثلى للموارد البحرية.
وقال أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوُّع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي: «تعكس نتائج هذا المسح جهودنا والتزامنا بتسخير إمكانات التكنولوجيا الحديثة لتعزيز صدارة أبوظبي في الحفاظ على البيئة، وتشكِّل زيادة أعداد أبقار البحر بنسبة تزيد على 20%، وارتفاع أعداد السلاحف البحرية بنسبة تزيد على 30% دليلاً ملموساً على نجاح استراتيجيتنا القائمة على العلم، ما يجعلنا نفخر بهذا التقدُّم، ونواصل مسيرتنا لحماية إرثنا الطبيعي».
وأجرت الهيئة المسح الجوي بفريق مكوَّن من ستة باحثين قطعوا مسافة 1,630 كيلومتراً لجمع بيانات حيوية على مدى 26 ساعة، برصد أعداد أبقار البحر والسلاحف البحرية وتوزيعها الجغرافي وأنماط حركتها و هجرتها الموسمية، إضافة إلى تتبُّع أوضاع الدلافين والحيتان وأسماك القرش والراي والطيور، بأفضل الممارسات العالمية في المجال، حيث تُعَدُّ المسوحات أداة منهجية فعّالة لرصد الأنواع البحرية، ومراقبة التغيُّرات البيئية المحيطة، ما يدعم اتخاذ القرارات القائمة على البيانات، ويسهم في مراقبة الأنشطة البشرية التي تؤثِّر في الحياة البحرية، ويمكِّن من اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية البيئة والتنوُّع البيولوجي.
وأكَّدت نتائج المسح الجوي ازدهار الحياة البحرية في الإمارة، حيث ارتفعت أعداد أبقار البحر التي قُدِّر عددها بأكثر من 3,500 بقرة بحر في عام 2024، وبلغت نسبة وجود أمهات أبقار البحر مع صغارها 20%. وتعزِّز هذه النتائج ريادة أبوظبي كثاني أكبر موطن لأبقار البحر في العالم بعد أستراليا، ما يؤكِّد نجاح التدابير التي اتخذتها هيئة البيئة – أبوظبي لحماية هذا النوع المهدَّد بالانقراض، ومنها حظر استخدام شباك صيد الأسماك في مياه الإمارة لتجنُّب الصيد العرضي لأبقار البحر.
وكشف المسح ارتفاع أعداد السلاحف البحرية في مياه الإمارة، ليبلغ 8,000 سلحفاة بحرية في عام 2024، ما يشكل زيادة بنسبة 30% مقارنة بالمسح الذي أجرى في عام 2015، ويعكس نجاح إجراءات الحفاظ على مواقع تعشيشها، والإدارة الفعّالة للمناطق البحرية المحمية في الإمارة. ورصدت الهيئة حوت «برايد» بالقرب من منطقة براكة، وأسماك قرش المطرقة في منطقة الظفرة، إضافة إلى مشاهدة أنواع مختلفة من أسماك القرش والراي والدلافين، ما يُظهر التنوُّع البيولوجي الغني للنُّظم البيئية البحرية في أبوظبي.
وترى الهيئة أنَّ المسح الجوي الذي تنفِّذه الهيئة للمناطق البحرية يُعَدُّ أداة أساسية مهمة لدعم أهدافها في تعزيز مكانة أبوظبي الرائدة عالمياً في مجال المحافظة على البيئة، ويُرسي معياراً جديداً لمبادرات حماية البيئة على المستوى الإقليمي.