اتفاق حماس - إسرائيل بين نهاية الحرب وبداية الحساب: من الرابح ومن الخاسر؟
تاريخ النشر: 9th, October 2025 GMT
أجبر الهجومُ إسرائيل على إعادة تقييم حساباتها وأولوياتها على أكثر من صعيد، والتعامل مع المعركة بوصفها وجودية. اعلان
ربما لا يزال من المبكّر التعامل مع اتفاق حماس وإسرائيل، الذي جرى الإعلان عنه اليوم الخميس 9 أكتوبر 2025، بعد سنتين من بدء معركة 7 أكتوبر، على أنه نهاية حاسمة وشبهٍ مؤكدة للحرب في قطاع غزة.
فقد سبق للطرفين أن خاضا عدة جولات تفاوضية انتهت بالفشل المفاجئ، كما لم ينجُ وقف إطلاق النار الذي تم توقيعه بينهما في مارس/آذار الماضي. لكن حتى لو كان إعلان الرئيس ترامب اليوم اللحظة الحاسمة والمنتظرة التي ستنتهي فيها معاناة 734 يومًا من الحرب، فإن الأكيد أنه لن يكون نهاية للصراع بين الخصمين، اللذين خرجا من هذه الجولة بعدة نقاط.
أهداف الحرببعد الهجوم المباغت والمنظّم الذي شنته حركة حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، في لحظة دولية اعتبرت فيها قيادات الحركة، كَيحيى السنوار ومحمد الضيف، أن الفرصة سانحة لعملية ضخمة من هذا النوع، وجدت إسرائيل نفسها أمام حدث غير مسبوق في تاريخها، إذ كانت تلك المرّة الأولى التي تتعرّض فيها لهجوم عسكري وكبير من الداخل على يد الفلسطينيين، تمّ فيه قتل 1200 شخص وأسر 251 آخرين، خاصة وأن أجهزتها الاستخباراتية كانت، وفقًا لعدة تقارير، تصنّف جبهات الشمال، كحزب الله في لبنان وسوريا وحتى إيران، على أنها العدو الأخطر.
لذلك، فإن تلك اللحظة أجبرت الدولة العبرية على إعادة تقييم اعتباراتها وأولوياتها على أكثر من صعيد، وتطلب التعامل من، وجهة النظر الإسرائيلية، مع المعركة على أنها معركة وجود.
نتنياهو: ستكون حربًا طويلةألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عشية الهجوم، خطابًا قال فيه: "حركة حماس شرعت في حرب وحشية وشريرة، لكننا سننتصر في هذه الحرب رغم ثمنها الذي لا يُحتمل. ما وقع اليوم لم يَسَبِق له مثيل في إسرائيل - وسأحرص على ألا يتكرر. سنُدمرهم وسننال انتقامًا قاسياً لهذا اليوم المظلم الذي فرضته الحركة على مواطني إسرائيل". كما كتب (الشاعر اليهودي الروسي حاييم نحمان) بياليك: "الانتقام لدم طفل صغير لم يخطر ببال الشيطان بعد".
وتابع نتنياهو: "كل الأماكن التي تنتشر فيها حماس وتختبئ وتعمل فيها، تلك المدينة الشريرة، سنحوّلها إلى أنقاض. ستأخذ هذه الحرب وقتًا. ستكون صعبة. أيامًا تحدٍ أمامنا".
أعلن زعيم حزب الليكود بعد ذلك عن ثلاثة أهداف محورية لحربه: إعادة جميع الرهائن، والقضاء على حركة حماس، والوعد بأن غزة لن تشكّل تهديدًا لإسرائيل بعد الآن.
القسام: ردة فعل على "الجرائم" بحق الأقصىفي المقابل، قالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، إن العملية التي أسمتها "طوفان الأقصى" تأتي كردة فعل على "جرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى وفي القدس وضد أهلنا في الضفة وعموم فلسطين المحتلة"، وأشارت إلى أنها تهدف إلى "وقف المخططات الرامية إلى تهويد القدس وبناء الهيكل على أنقاض قبلة المسلمين الأولى، فضلًا عن تحرير الأسرى من السجون".
Related زيارة مرتقبة لترامب إلى إسرائيل.. ماذا نعرف عن "المرحلة الأولى" من اتفاق غزة؟فرحٌ وارتياح في تل أبيب بعد صفقة تعدُ بإطلاق سراح الرهائن في غزةاتفاق تاريخي يمهّد لنهاية الحرب في غزة.. وإسرائيل: دخوله حيّز التنفيذ مرهون بمصادقة مجلس الوزراء بماذا خرجت إسرائيل وحماس في هذه الجولة من الاتفاق؟إعلاميًا، يتعامل كلا الطرفين مع هذه المرحلة على أنهما خرجا منتصرين، لكن كما يقول الفيلسوف الألماني كارل فون كلاوزفيتز، فإن الحرب ليست سوى استمرار للسياسة بوسائل أخرى، وبالتالي فإن الإجابة عن سؤال الربح والخسارة بشكل محكم يتطلب نضوج معالم الاتفاق وما بعده.
مكاسب بالنسبة لإسرائيل
استطاعت تحويل هجوم 7 أكتوبر من تهديد إلى فرصة تحقق فيها أهدافًا على مستوى المنطقة، أو كما قال نتنياهو "السعي إلى تغيير الشرق الأوسط"، إذ يرى البعض أن رد الفعل على هجوم حماس، وتبعاته فيما يتعلق بالقتال على أكثر من جبهة، ضد حزب الله في لبنان أو الحوثيين في اليمن، وحتى إيران لاحقًا، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، خلق خللًا في ميزان القوى لصالح إسرائيل وساهم في إضعاف مستوى الردع لما يُعرف بـ"المحور".
تأمين إسرائيل لحدودها، والسعي إلى خلق منطقة عازلة في غزة وجنوب لبنان وجنوب سوريا أيضًا، وهو ما من شأنه منح الأمان لمواطنيها وتحسين استجابتها في المستقبل لردع أي هجوم محتمل.
التخلص من قادة الصف الأول ومؤسسي الحركات المسلحة التي تعمل ضدها والتي يُنظر إليها كتهديد استراتيجي، مثل زعيم حماس محمد الضيف، ورئيس المكتب السياسي في الحركة إسماعيل هنية، ومهندس عملية 7 أكتوبر يحيى السنوار وخليفته وشقيقه محمد السنوار، وأمين عام حزب الله والقائد الأبرز في مسيرته حسن نصر الله وخليفته هاشم صفي الدين، وكبار القادة في الحرس الثوري الإيراني والعلماء النوويين، وحتى اغتيال رموز إعلامية مثل المتحدث باسم القسام أبو عبيدة.
إثبات مدى التفوق العسكري والتكنولوجي ضد الخصم، لاسيما مع الجبهات الخارجية، والاستفادة من ذلك في خلق رادع نفسي لدى جمهور حماس وحزب الله والإيرانيين الموالين للنظام، بأن إسرائيل متفوقة تكنولوجيًا، وتثبيت ذلك من خلال عمليات استخباراتية وأمنية غير مسبوقة.
الاتفاق على إنهاء حكم حماس في قطاع غزة وتسليم الحكم إلى هيئة تكنوقراط من المستقلين، بالرغم من أن هذا البند لم يُحسم أو يُوضح بعد في خطة ترامب ذات العشرين بندًا.
إبقاء عدة مناطق في قطاع غزة تحت السيطرة الإسرائيلية.
خسائر بالنسبة لإسرائيل
غضب شعبي كبير من المعارضة عمومًا وعائلات الأسرى على الحكومة خصوصًا بسبب عدم قدرة الجيش على استعادة الرهائن، وتعزيز فكرة مفادها أن هذا الأمر مرتبط بقرار سياسي من نتنياهو المتهم "بالمقامرة" بحياة الرهائن لمصالح شخصية، خاصة مع موت 75 رهينة إسرائيلية على الأقل وطول المعركة.
عدم القضاء على حركة حماس بشكل كامل رغم أن مستقبلها غير معلوم، وهو ما يتعارض مع أهداف الحرب التي أعلن عنها نتنياهو؛ إذ يعتبر بعض الإسرائيليين أن نزع سلاح الحركة أمر غير مؤكد، فضلًا عن أن تنحيها عن السلطة ليس كافيًا. عن ذلك قال محلّل الشؤون العربية تسفي يحزكيلي إنّ "حماس لم تختفِ ولم تُدمَّر"، متسائلًا: "هل انتصرنا؟ هل حيّدنا أيديولوجية حماس القاتلة من تهديدنا؟".
تضرر صورتها في المجتمع الدولي ولدى شعوب وحكومات كانت تعد داعمة لها، مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت على خلفية اتهامات بارتكاب "جرائم حرب" في غزة والضفة الغربية، وذهاب قادة بعض الحكومات الغربية في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وكندا وأستراليا وغيرها إلى الضغط على إسرائيل على وقع غضب شعبي لإيقاف حربها، إما بفرض عقوبات على بعض الوزراء المتطرفين في الحكومة، أو مراجعة اتفاقيات تجارية وعسكرية معها، وصولًا إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية والتعامل مع "حل الدولتين" كخيار وحيد لوضع حد للصراع.
إلى جانب ما ذكر، يعتبر البعض أنه قد تكون هناك مكاسب غير معلنة بالنسبة لإسرائيل، خاصة وأن نتنياهو قدّم بعض التنازلات في الاتفاق الذي تم التوقيع عليه، لكن تبقى الإجابة عن هذه الأسئلة رهن المرحلة المقبلة.
مكاسب بالنسبة لحركة حماس
إثبات قدرتها على الصمود في مساحة ضيقة من القطاع ولفترة طويلة باعتبارها حركة مسلحة ومحاصرة، والتأقلم على المستوى العسكري مع تطورات المعركة، إذ بقي لدى القسام قدرة، وإن كانت محدودة جدًا، على الاستمرار في القتال وتجنيد مقاتلين.
منع مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وتحويله إلى منتج سياحي ووجهة دولية كما كان ترامب قد اقترح سابقًا، ومنع الاستيطان في شمال قطاع غزة، بالرغم من عدم وضوح مستقبل المنطقة العازلة أو ماهية الهيئة الدولية التي ستتولى الرقابة عليها.
دفع إسرائيل حتى اللحظة الأخيرة إلى اللجوء نحو مفاوضات لإيقاف الحرب واستعادة الرهائن وفق صفقة تبادل بدل أخذهم بالقوة العسكرية.
خسائر الحركة
خسارة كبار قادتها وكوادرها العسكريين والمؤسسين.
السيطرة الإسرائيلية على أجزاء من قطاع غزة.
فقدان الزخم في الدعم العسكري من حلفائها في "المحور" ومقبوليتها الدولية لدى حلفاء مثل قطر وتركيا.
حتى وإن منعت مخطط التهجير، فإن 90% من البنى التحتية في القطاع قد دُمّرت، وإعادة الإعمار ستأخذ وقتًا طويلًا مما يرجح أن تشهد غزة في السنوات المقبلة هجرة طوعية.
فقدان بعض النفوذ مع ظهور جماعات متمردة مثل "أبو الشباب" وظهور نقمة شعبية بسبب التكلفة العالية التي مني بها الفلسطينيون.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: إسرائيل دراسة حركة حماس غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني إسرائيل دراسة حركة حماس غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني حركة حماس دونالد ترامب حروب غزة وقف إطلاق النار بنيامين نتنياهو إسرائيل دراسة حركة حماس غزة دونالد ترامب الصراع الإسرائيلي الفلسطيني سرطان الصحة قتل بحث علمي سوريا ضحايا حرکة حماس قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
معاريف تفضح نتنياهو.. رئيس حكومة الاحتلال يتعمد إفشال خطة ترامب للسلام في غزة
تتجه الأنظار إلى واشنطن حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في 29 ديسمبر الجاري.
ويأتي هذا اللقاء في ظل حالة من الغموض تكتنف مصير المرحلة الثانية من خطة ترامب للسلام وإعادة الإعمار في قطاع غزة.
وتكشف المحللة السياسية الإسرائيلية آنا برسكي في تقرير لصحيفة "معاريف" عن استراتيجية "الانتظار" التي تتبناها حكومة نتنياهو إزاء الخطة الأمريكية. وتقوم هذه الاستراتيجية على "عدم الرفض المباشر" للمبادرة لتجنب إحراق الجسور مع واشنطن، ولكن في الوقت ذاته، "عدم الاندفاع إلى الأمام".
وتراهن الحكومة الإسرائيلية على أن "الواقع في المنطقة سيفعل ما يفعله"، وتترك المبادرة الأمريكية تنطلق دون أن تظهر كمن يُفشلها عمداً.
وتؤكد برسكي أن الأطراف الفاعلة تتبنى ثلاث رؤى متباينة بشكل جوهري حول ترتيب الخطوات في غزة:
تطالب الرؤية الإسرائيلية بترتيب واضح يبدأ بـ "نزع سلاح حماس وإزالة سيطرتها" أولاً، ثم يلي ذلك فقط إعادة الإعمار ودخول القوة الدولية والانسحاب الإسرائيلي.
تقترح رؤية الوسطاء (دول الخليج ومصر والولايات المتحدة) ترتيباً معاكساً يبدأ بـ "بدء الإعمار"، وتشكيل حكومة تكنوقراط، ودخول القوة الدولية، ومن ثم معالجة ملف حماس "بالتدريج".
رؤية ترامب المتوقعة يدرك نتنياهو أن ترامب لن يقبل بالشرط الإسرائيلي المسبق، ويتوقع أن يطالب البيت الأبيض بـ "تقدم متواز" يشمل فتح معبر رفح، والبدء بإنشاء قوة الاستقرار، وتعيين حكومة تكنوقراط، وبدء نقاش عملي حول نزع سلاح حماس بشكل متزامن.
ويواجه نتنياهو ما تصفه برسكي بـ “كابوس مزدوج”، أمنياً: تخشى المؤسسة الإسرائيلية أن أي ترتيبات جديدة قد تسمح للطرف الآخر بالنمو والتقوّي، استناداً إلى التجارب السابقة، وسياسياً فإن أي خطوة قد تُفسر على أنها موافقة ضمنية على بقاء حماس أو إعادة الإعمار، قد "تفجر المعسكر اليميني" داخل إسرائيل، مهددة الائتلاف الحكومي لنتنياهو.
وتشير "معاريف" إلى صعوبة إيجاد دول توافق على إرسال جنود لقوة حفظ الاستقرار، حيث من المتوقع أن "دول أوروبا ستكتفي بالشعارات، ولن ترسل جنودها إلى غزة".