تصاعدت وتيرة الهجوم الإسرائيلي والتهديدات بشن عمليات عسكرية في جنوب لبنان، ردًا على الهجمات الأخيرة التي شنها حزب الله اللبناني على منطقة نهاريا شمال إسرائيل.

وقصف حزب الله، أول أمس، مواقع عسكرية شمال إسرائيل ردا على مقتل أحد قيادييه، إذ أطلق 4 مسيّرات نحو الجليل الغربي، استطاع جيش الاحتلال اعتراض 3 منها لكن الرابعة انفجرت بمبنى في نهاريا.

وسرعان ما رد جيش الاحتلال على الهجوم، إذ أعلن اليوم قصف نحو 30 هدفا لحزب الله في جنوب لبنان، استهدفت منصات إطلاق صواريخ وبنى تحتية تابعة لحزب الله، في مناطق الجبين والناقورة ودير سريان وزبقين، كما أطلقت المدفعية الإسرائيلية النار على منطقة الظهيرة في جنوب لبنان.

وكان رئيس الأركان الإسرائيلي هرتسي هليفي، قال إن الجيش يعمل بقوة في الشمال وفي حالة تأهب عالية مع خطط عملياتية جاهزة، وإنه مستعد لأي مهمة قد يطلب منه تنفيذها.

كما شن الاحتلال غارة قبل يومين استهدفت وادي الكفور في قضاء النبطية أسفرت عن قتل 10 أشخاص وإصابة ثلاثة.

ومع تصاعد العمليات العدائية بين إسرائيل وحزب الله، يبقى المتضرر الأكبر هو الجنوب اللبناني الذي بلغت خسائره المادية فقط نحو 3 مليارات دولار، ولا سيما في قطاع البناء والسياحة والسفر.

وقال حيدر، إن حجم الأضرار تجاوز 3 آلاف وحدة سكنية مهدمة بشكل كامل وجزئي، و12 ألف وحدة سكنية تعرضت لأضرار جسيمة، بخلاف الأضرار الطفيفة في 20 ألف منزل، وهو ما يمثل نحو 60% من مباني الجنوب نتيجة الغارات والقصف المدفعي.

ولفت إلى أن القطاع الزراعي خسر 17 مليون متر مربع حرقت بالكامل نتيجة القصف الإسرائيلي، كما لم يستطيع المزارعون جني محاصيلهم في 12 مليون متر مربع من أراضيهم.

في السياق، شدد عضو البرلمان اللبناني بلال عبد الله، أن لبنان غير جاهز لمواجهة شاملة لا سياسيًا ولا اقتصاديًا ولا اجتماعيًا، وليس لديه القدرة على تحمّل فترة حرب طويلة وشاملة مع إسرائيل.

المصدر: بوابة الفجر

إقرأ أيضاً:

عامان على طوفان الأقصى.. لبنان بين نار الجنوب وانقسام الداخل

بيروت- بعد مرور عامين على عملية "طوفان الأقصى" في الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما تزال ارتداداتها العميقة  في الداخل اللبناني، كزلزال سياسي وأمني واجتماعي أعاد اختبار توازنات هشة وكشف عمق الانقسام حول معنى المقاومة وحدود الدولة.

فالحرب التي بدأت كحدث فلسطيني، تحولت سريعا إلى محطة إقليمية فاصلة أعادت خلط الأوراق من البحر إلى الحدود، وكان لبنان إحدى ساحاتها الأكثر سخونة، فمن الجنوب لم تهدأ الجبهة بين حزب الله وإسرائيل، بل تصاعد التوتر تدريجيا حتى بلغ حافة المواجهة الشاملة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2حماس وإسرائيل بعد عامين من طوفان الأقصىlist 2 of 2فورين بوليسي: العالم بعد السابع من أكتوبرend of list

وفي الداخل، احتدم الجدل بين من يعتبرون الحزب ركيزة في معركة الرد على الاحتلال، وبين من يخشون أن يدفع لبنان المنهك ثمنا سياسيا واقتصاديا باهظا لا قدرة له على تحمله.

عامان مرا، تبدلت خلالهما أولويات الحكومة والبرلمان في لبنان تحت وطأة الأزمات المتلاحقة، من تشكيل سلطة تنفيذية جديدة إلى إعادة توزيع النفوذ بين القوى السياسية، لكن الملفات السيادية بقيت رهينة التجاذب والانقسام.

فهل دفعت الحرب الطبقة السياسية إلى إعادة تعريف مفهوم "الأمن الوطني" في ضوء تشابك الجبهات الإقليمية؟ وكيف أعادت التطورات الأخيرة رسم علاقة حزب الله ببقية القوى اللبنانية، بين من يراها شراكة اضطرارية في معادلة الردع، ومن يعتبرها هيمنة تعيق القرار الوطني المستقل؟.

إنها أسئلة تتجدد مع دخول لبنان عامه الثالث على وقع حرب لم تنته فعليا، بل تحولت إلى حالة استنفار سياسي وعسكري دائمة، تعيد رسم معالم الدولة وحدود دورها في بلد لم يعرف يوما استقرارا خارج دائرة الصراعات الإقليمية وتداعياتها.

الغارات الإسرائيلية تتواصل على جنوب لبنان منذ طوفان الأقصى (الجزيرة)تحول حاسم

يرى رئيس جهاز التواصل في حزب القوات اللبنانية شارل جبور، في حديثه إلى الجزيرة نت، أن حزب الله لا يدافع عن لبنان بقدر ما يدافع عن المشروع الإيراني في المنطقة، معتبرا أنه الذراع الأبرز لهذا المشروع.

إعلان

ويضيف جبور أن الحزب "لا يمت بصلة إلى الأولويات اللبنانية أو إلى مفهوم السيادة الوطنية"، بل "يقود مشروعا انقلابيا على الدستور والدولة وألحق أضرارا جسيمة بلبنان وبموقعه العربي والدولي".

واعتبر أن "القول إنه يدافع عن لبنان غير دقيق، لأنه جزء لا يتجزأ من الحرس الثوري الإيراني، ووجوده في لبنان قائم بفعل ما يشبه الاحتلال الإيراني عبره، إذ يتحرك وفق أجندة إيرانية لا علاقة لها بالمصلحة اللبنانية".

ويتابع أن الحزب "ورّط لبنان في نزاعات منذ عام 1996 مرورا بحرب يوليو/تموز 2006، وصولا إلى حرب الإسناد عام 2023، فضلا عن مشاركته في القتال بسوريا واحتلاله بيروت عام 2008″.

ويرى جبور أن الحرب الأخيرة شكلت نقطة تحول مفصلية، إذ "أضعفت حزب الله وفتحت الباب أمام الدولة اللبنانية -ممثلة بالحكومة- لاتخاذ قرار بنزع السلاح غير الشرعي للمرة الأولى منذ عام 1990″، معتبرا أن هذا السلاح "استبقي بفعل الانقلاب الذي قاده حافظ الأسد وآية الله الخميني على الدستور اللبناني واحتلالهما الفعلي للبنان".

ويؤكد أن "طوفان الأقصى" كان محطة فارقة على المستويات الفلسطينية واللبنانية والسورية، بل وعلى مستوى محور الممانعة ككل، إذ "تلقت قوى الممانعة صفعة قوية وتهاوت أذرعها تباعا" على حد رأيه.

ويختم بالقول إن قيام دولة لبنانية فعلية يبقى مستحيلا في ظل استمرار الدور العسكري لحزب الله، مضيفا أن "الجناح العسكري للحزب الذي كان يجب أن يحل منذ اتفاق الطائف عام 1990 يدخل اليوم فصله الأخير، والمسار الإقليمي الحالي سيسمح للبنان بتطبيق دستوره واحتكار الدولة وحدها للسلاح".

آثار الدمار جنوبي لبنان جراء القصف الإسرائيلي (الجزيرة)تداعيات الحرب

من جانبه، يرى الكاتب السياسي صلاح تقي الدين، في حديثه للجزيرة نت، أن الأمين العام الأسبق لحزب الله السيد حسن نصر الله عندما أعلن "حرب الإسناد لغزة"، سارع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط إلى التحذير من "جر لبنان إلى حرب مدمرة"، مؤكدا في الوقت نفسه على موقفه التاريخي الثابت في دعم القضية الفلسطينية.

ويشير تقي الدين إلى أن نتائج حرب الإسناد أظهرت عجز حزب الله عن مجاراة التفوق العسكري الإسرائيلي، إذ لم يتمكن من صد الغارات الكثيفة ولا الحد من دموية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مضيفا أن استهداف نصر الله شكل ضربة موجعة للحزب وأضعف تماسك قيادته، مما مهد الطريق أمام اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرم في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.

ويضيف أن المفارقة تكمن في أن إسرائيل، التي فشلت في تحقيق أي اختراق ميداني خلال الحرب، تمكنت بعد الاتفاق من احتلال 5 نقاط حدودية، واستمرت في تنفيذ اغتيالات داخل لبنان استهدفت من تشتبه بانتمائهم إلى الحزب، "من دون أي رد من حزب الله احتراما للاتفاق".

ويعتبر تقي الدين أن حرب الإسناد لم تحقق الردع، ولم توقف العدوان على غزة، في حين سقط آلاف الشهداء ودُمرت عشرات القرى وآلاف المنازل في بيئة الحزب الذي يواجه اليوم تحدي إعادة الإعمار.

أما في ما يتعلق بعلاقة الحزب التقدمي الاشتراكي بحزب الله، فيوضح تقي الدين أنها لم تتأثر سلبا بالحرب، بل على العكس، إذ بادر التقدمي إلى تنظيم عمليات إغاثة وإيواء لأبناء الجنوب الذين نزحوا إلى الجبل هربا من القصف الإسرائيلي، حيث قُدمت لهم المساعدات ولم تسجل أي حوادث بين الأهالي والنازحين.

إعلان

سياسيا، يشدد تقي الدين على أن الحزب التقدمي الاشتراكي ما يزال متمسكا بدعمه للعهد والحكومة، ويؤمن بـ"حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية"، موضحا أن هذا الموقف، رغم امتعاض حزب الله منه، لم يؤد إلى قطيعة، إذ لطالما دعا جنبلاط إلى معالجة مسألة سلاح الحزب بالحوار الوطني، باعتباره السبيل الوحيد للحفاظ على الاستقرار الداخلي.

مساندة فلسطين مستمرة

من جهته، يؤكد مسؤول العلاقات الفلسطينية في حزب الله النائب السابق حسن حب الله، أن عملية "7 أكتوبر" كانت خطوة نفذتها المقاومة الفلسطينية بهدف تحرير الأسرى وتسليط الضوء على معاناة الشعب الفلسطيني.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال حب الله إن حزب الله "وقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطيني وحقه في استعادة أرضه وإقامة دولته"، مضيفا "خضنا خلال العام الماضي مواجهة استمرت شهرين، تعرضنا خلالها لعدوان كبير وخسرنا الكثير، لكنها لم تكن مواجهة صهيونية فقط، بل حربا دولية شملت ضغوطا وهجمات إعلامية وسياسية، ومع ذلك صمدنا وواصلنا دعم الفلسطينيين".

ويتابع حب الله "التزمنا لاحقا بالاتفاق الذي أبرمته الدولة اللبنانية، مع استمرار دعمنا للقضية الفلسطينية، ولكن بعيدا عن أي دعم عسكري، احتراما لموقف الدولة والتزاماتها. وبعد مرور عامين، نؤكد مجددا التزامنا بمساندة الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة".

وفي تقييمه للمشهد اللبناني، يرى حب الله أن لبنان لم يشهد في تاريخه إجماعا وطنيا حتى في قضايا التحرير والمقاومة، مستذكرا الاجتياح الإسرائيلي حين وصلت الدبابات إلى بيروت، ويقول "لم يكن هناك اتفاق حول دور المقاومة أو سلاحها، لكننا تحملنا الأعباء الوطنية ودافعنا عن أرضنا وشعبنا دون انتظار إجماع لبناني حول هذا الدور".

مقالات مشابهة

  • رئيس مجلس النواب اللبناني يحذّر من انقلاب “إسرائيل” على اتفاق غزة
  • مخاوف من تصعيد عسكري إسرائيلي قريب ضدّ لبنان
  • وزير الخارجية اللبناني: لا مبرر لبقاء إسرائيل في لبنان
  • الاحتلال يفرض تصاريح وشروطًا على مزارعي الجنوب اللبناني لقطاف الزيتون
  • الرئيس اللبناني: نطالب الاتحاد الأوروبي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من المواقع التي تحتلها في الجنوب
  • قوات الاحتلال تشن عملية عسكرية واسعة برام الله والبيرة
  • الاحتلال يُنفّذ اقتحامات واعتقالات واسعة بالضفة والقدس
  • إسرائيل تغتال عنصرين من حزب الله جنوب لبنان
  • عامان على طوفان الأقصى.. لبنان بين نار الجنوب وانقسام الداخل
  • بعدما اعتقلتها إسرائيل... ما مصير اللبنانيّة لينا الطبّال؟