أظهرت الأسابيع القليلة مدي تأثر السياسة الخارجية الأمريكية؛ وذلك عقب تنصيب دونالد ترامب، إذ أن منذ توليه الإدارة الثانية للولايات المتحدة الأمريكية، أثارت المسارات المتقلبة والتذبذبات السياسية التي انتهجها العديد من التساؤلات التي بدت تطفو على السطح في محاولة لفهم شخصيته بعد إعادة انتخابه وتأثيرها علي تفاهماته الخارجية خلال الأربع سنوات القادمة.


وفقًا لمقاربات التحليل السياسي، تتعدد الرؤى التحليلية المفسرة للسياسات الخارجية للدول، لكن لا يوجد اتفاق عام فيما بينها حول إشكالية العوامل النفسية والدوافع والسمات الشخصية للقادة ومدي تأثيرها في صنع قرارات السياسة الخارجية. 
وعليه، يمكن تفسير سلوك ترامب من خلال نظريات القيادة السياسية الشعبوية، التي تعتمد على إثارة الجدل، والتصعيد الخطابي، واتخاذ قرارات مفاجئة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية. كما أن أسلوبه غير التقليدي في إدارة العلاقات الدولية يعكس توجهًا شخصيًا يميل إلى كسر الأعراف الدبلوماسية، ما أدى إلى حالة من عدم الاستقرار في السياسة الخارجية الأميركية.
وعلي هذا الأساس تسعي هذه المقالة إلي تحليل النسق السياسي العقيدي للرئيس ترامب.
عند المقارنة بين ترامب خلال أدارته الأولي والثانية، يتبين أن هناك بعض الجوانب الثابتة التي تحمل في طياتها ذات المعتقدات والمغالطات وعليه، قد ارتكزت عقيدة ترامب فى السياسة الخارجية فى ولايته الأولى على مفهوم الصفقة، أى التعامل مع السياسة من منظور اقتصادى، نابع من خلفيته الاقتصادية كرجل أعمال ومن خارج المؤسسات التقليدية والأروقة السياسية، وهو ما ترُجم فى رفع شعار أمريكا أولاً وبيع الأمن للحلفاء، وهو ما تسبب فى توترات خاصة مع دول حلف الناتو، التى ضغط عليها لزيادة الانفاق العسكرى لأكثر من 2%، كما تبنى عقيدة الصفقة فى التعامل مع الخصوم مثل كوريا الشمالية والصين وإيران، عبر إبرام صفقات متعددة الابعاد، الانفتاح علي كوبا والشراكة مع المحيط الهادئ وهو المنحي ذاته الذي ينتهجه الرئيس الامريكي منذ تنصيبه في 2025.
علاوة على ذلك، سيستمر ترامب في الاعتقاد بأن عدم القدرة على التنبّؤ بتصرّفاته تُعد سمة مميزة، لانتهاج نظرية الرجل المجنون madman theory في العلاقات الدولية خلال فترة ولايته الثانية، والتي تنطلق افتراضاتها من أنّ الرئيس الذي يتصرّف كما لو أنه قادر على فعل أيّ شيء يمتلك فرصة أفضل لإقناع الجهات الفاعلة العالمية الأخرى بتقديم تنازلات لم تسع لتقدّمها لولا ذلك. ومع استقراء الملابسات التاريخية تبين أنه عادة ما ارتبطت بالسياسة الخارجية للرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وإدارته الذي ارتكز عليها في تعاطيه مع فيتنام الشمالية لتعتقد أنّه قادر على فعل أي شيء لإنهاء حرب فيتنام، بما في ذلك استخدام الأسلحة النووية.
أما يتعلق بالاختلاف عن أدارته الأولي، فهناك عدة محددات في هذا الإطار، تتمثل فى خريطة دولية وواقع سياسي مغاير على كافة الأصعدة، سواء بين تحولات الشرق الأوسط وتعقيدات المصالح الإقليمية والدولية، أو على مستوي التحالفات الجيوسياسية لدي الصين وروسيا.
أما المحدد الثاني، يتعلق بقدرته على التنفيذ على خلفية فوزه باكتساح في كلا الكتلتين التصويتيين سواء على مستوى الأصوات الشعبية او على مستوى المقاعد في المجمع الانتخابي.
وأخيرا ، بالنظر إلي انه أصبح لديه باع في الممارسة السياسية وخبرة موسعة لأنماط تبنى منهج الواقعية والمواءمات كونه يملك أسانيد اكثر وضوحا ولديه آليات و أوراق ضغط فهو تًعدي فترة استقراء الأوضاع واستكشاف الابعاد وطبيعة التفاعلات وذلك على خلاف فترته الأولى التي استمرت لأربع سنوات تتسم بالتحديات، بدءًا من تفاقم تبعات كوفيد-19, مرورًا بالملاحقات القانونية حيث خاض العديد من المعارك القانونية ، وصولًا إلى التحديات الجسدية المرتبطة بمحاولات تصفيته ؛ وهو ما انعكس بدوره فى تبني ترامب نهجًا احادياً دون التنسيق مع معاونيه برز من خلال أعلان المتحدثة باسم البيت الأبيض بأن المقصود ليس تهجيرا دائم خارج القطاع في حين ظهر وزير الخارجية مارك روبيو واكد انه مجرد اقتراح وان هناك عدد من الخيارات، إلي جانب اتخاذه عدة إجراءات من قبيل ، تقويض الاتفاقيات الدولية وفرض رسوم جمركية علي بعض الدول ورفعها ، الانسحاب من المنظمات الدولية وبالتالي ترك فراغ سياسي سوف تقوم روسيا والصين بإشغاله ، أستعداء بعض من الدول العربية
ومن ثم، ستُشكل الأربع سنوات القادمة ظواهر وأحداث دبلوماسية فارقة في المجتمع الدولي، ويعزي هذا إلى سلوك إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجاه الفاعلين الدوليين بشكل عام، ومرئياتها حول التعامل مع القضايا المعقدة في الأقاليم المحتضنة لبؤر التوتر.

على الرغم من المؤشرات المبنية على رؤية ترامب وترشيحاته للمناصب الرئيسة في إدارته، فإن مزاجيته، وتقلباته، وعدم امتلاكه منظومة أفكار منسجمة ومعززة بالمنطق، كلّها عوامل ستجعل من الصعب التنبؤ بسياسته الخارجية؛ لذلك سيكون على العالم التعايش مع فترة من التقلب وعدم اليقين، قد يشوبها الكثير من التصادم، وإن كان ترامب يؤكد أنه يريد أن ينهي الحروب القائمة، لا أن يبدأ حروبًا جديدة.
وارتكازا علي ما سبق يُطرح التساؤل الآتي: ما هي حدود التغيير الاستراتيجية لأتجاهات السياسة الخارجية الأمريكية الأمريكية ؟ ما هي جوانب الاستمرار في تلك الاستراتيجية؟

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: ترامب دونالد ترامب السياسة الخارجية الأمريكية المزيد السیاسة الخارجیة

إقرأ أيضاً:

كامالا هاريس تكشف عن موقف لم تتوقعه في ولاية ترامب الثانية

(CNN)--   انتقدت نائب الرئيس الأمريكي السابقة، كامالا هاريس، ما تعتبره "استسلاما من قِبل المسؤولين عن حماية الديمقراطية" خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الثانية.

وتحدثت هاريس، في مقابلة مع برنامج "ذا ليت شو" على شبكة CBS، وهذه الأولى لها منذ خسارتها الانتخابات الرئاسية 2024، عن مسيرتها المهنية كموظفة عامة، مشيرة إلى أنها كانت تعتقد في شبابها أن من يرغب في تحسين أو تغيير نظام ما يجب ألا يفعل ذلك من الخارج فحسب، بل يجب أن يغيره من الداخل أيضا.

وقالت: "هذه هي مسيرتي المهنية، واتخذت مؤخرا قراًا بأنني، في الوقت الحالي فقط، لا أريد العودة إلى النظام، أعتقد أنه محطم".

وأضافت: "لطالما اعتقدتُ أنه على الرغم من هشاشة ديمقراطيتنا، ستكون أنظمتنا قوية بما يكفي للدفاع عن مبادئنا الأساسية، لكنني أعتقد الآن أنها ليست بالقوة اللازمة".

وتابعت: "في الوقت الحالي، لا أريد العودة إلى النظام، أريد أن أجوب البلاد، أريد أن أستمع إلى الناس، أريد أن أتحدث معهم، ولا أريد أن يكون الأمر معاملاتي حيث أطلب أصواتهم".

مقالات مشابهة

  • صحيفة أمريكية تُكذب ترامب وتكشف بالأرقام حقيقة أموال المساعدات التي أُرسلت لسكان غزة: ما يُنشر غير صحيح
  • ماريان جرجس تكتب: مجلس الشيوخ.. الغرفة الثانية الثرية
  • د. هبة عيد تكتب: من الطفولة تبدأ الرجولة.. كيف نُربي رجلًا لا شبه رجل
  • أبو علي خلال لقاء جمعية “انتاج”: نظام الفوترة الوطني خطوة إصلاحية جوهرية في مسار تطوير السياسة المالية والضريبية
  • كامالا هاريس تكشف عن موقف لم تتوقعه في ولاية ترامب الثانية
  • مفكر سياسي: ترامب أدخل حالة الفوضى التي حاول من خلالها التحكم بكل مفاصل الدولة
  • عبد المنعم سعيد: ترامب أحدث تغييرا جذريا في شكل السياسة الأمريكية
  • تصنيف الدول حسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب (إنفوغراف)
  • ما هي الدول التي تغيرت رسومها الجمركية منذ إعلان ترامب في يوم التحرير؟
  • ما هي نسب الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب؟