أبرز الاتفاقيات بين باكستان والهند
تاريخ النشر: 21st, June 2025 GMT
منذ استقلال باكستان عن شبه القارة الهندية عام 1947، تولد العداء التقليدي بينها وبين الهند، واندلعت الحرب الأولى بينهما في العام نفسه، بسبب الخلاف على إقليم كشمير، وعرفت بحرب كشمير الأولى، وكانت نتيجتها تحديد المناطق التي يسيطر عليها كل من البلدين في الإقليم المتنازع عليه.
ومنذ ذلك الحين وقع الطرفان عديدا من الاتفاقيات التي تحدد مسار العلاقات بين البلدين، وتناولت عددا من القضايا التي كانت تثير الخلاف والتصعيد بينهما، وفي ما يلي أبرز تلك الاتفاقات:
اتفاقية كراتشي 1949وقعت بين الممثلين العسكريين لكل من الهند وباكستان في أعقاب الحرب الباكستانية الهندية الأولى، أو حرب كشمير الأولى، التي استمرت بين عامي 1947 و1948، ونصت على وقف الأعمال القتالية وتحديد خط وقف إطلاق النار في كشمير، الذي أصبح يسمى لاحقا خط السيطرة.
توقف القتال في كشمير في يناير/كانون الثاني 1949، ووقع الطرفان الاتفاق في مدينة كراتشي جنوبي باكستان في يوليو/تموز من العام نفسه برعاية الأمم المتحدة.
وتحدد الاتفاقية النقاط الدقيقة لخط وقف إطلاق النار بين باكستان والهند، ونصت على عدم زيادة القوات أو تعزيز الدفاعات في المناطق التي لا ينطوي فيها تحديد خط وقف إطلاق النار على تعديلات كبيرة، ومنحت كلا الجانبين حق نشر مراقبين حيثما كان الأمر ضروريا.
اتفاقية مياه نهر السند 1960
أُبرمت بين باكستان والهند عام 1960 بوساطة من البنك الدولي بهدف تقاسم مياه نهر السند وروافده بعد نزاعات أعقبت استقلال باكستان عن الهند.
وقد وقع الخلاف بين البلدين في السنوات الأولى من استقلال باكستان، إذ كانت منشآت التحكم الرئيسية تقع في نيودلهي، بينما كانت القنوات المائية تمر عبر باكستان، ومنعت الهند وصول المياه إلى باكستان، وتوصل الجانبان إلى اتفاق مؤقت عام 1948.
وبعد سنوات من المفاوضات الصعبة بوساطة من البنك الدولي، تم التوصل لمعاهدة مياه نهر السند يوم 19 سبتمبر/أيلول 1960، وقّعها رئيس وزراء الهند جواهر لال نهرو ورئيس باكستان محمد أيوب خان بمدينة كراتشي.
وأواخر أبريل/نيسان 2025، علق الجانب الهندي العمل بهذه الاتفاقية بعد توترات بين البلدين بسبب اتهام الهند جارتها بدعم هجوم شنته جماعات مسلحة في الجانب الهندي من إقليم كشمير يوم 11 من الشهر نفسه.
إعلانوينبع النهر من إقليم التبت جنوب غربي الصين بالقرب من بحيرة مابام، على ارتفاع نحو 5500 متر، ويتجه نحو الشمال الغربي مسافة 320 كيلومترا، وصولا إلى إقليم كشمير، وتصب فيه روافد من الجانب الهندي والجانب الباكستاني، وينتهي مصبه في بحر العرب.
منحت الاتفاقية باكستان حق استخدام مياه الأنهار الغربية، السند وتشيناب وجيلوم، في حين أعطت الهند حق استخدام مياه الأنهار الشرقية، رافي وبياس وسوتليج، بنسب متفاوتة لكلا الطرفين.
وتلزم الاتفاقية الطرفين بتبادل البيانات المتعلقة باستخدام مياه الأنهار بشكل شهري، كما نصت على إنشاء "لجنة السند الدائمة"، التي تضم مفوضا عن كل بلد، وتجتمع سنويا، بهدف ضمان استمرار قنوات الاتصال والعمل على حل أي قضايا تتعلق بتنفيذ الاتفاقية.
اتفاقية طشقند 1965
أُبرمت لإنهاء حرب 1965 بين باكستان والهند في يناير/كانون الثاني 1966، برعاية الاتحاد السوفياتي، واتفق الطرفان بموجبها على انسحاب قواتهما إلى المواقع التي كانت تحتلها في الخامس من أغسطس/آب 1965، وعودة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وكانت قد بدأت الحرب بين الطرفين في أغسطس/آب 1965، بسبب النزاع المستمر على إقليم كشمير، وتوصل الطرفان إلى وقف لإطلاق النار يوم 23 سبتمبر/أيلول 1965. واستضافت المحادثات مدينة طشقند في أوزبكستان (إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقا).
وقد توفي رئيس وزراء الهند آنذاك لال بهادور شاستري بسبب أزمة قلبية بعد يوم واحد من توقيع الاتفاقية، وهو ما أثار تساؤلات عن ملابسات وفاته.
ونصت اتفاقية طشقند على انسحاب جميع القوات المسلحة التابعة لكلا الدولتين إلى مواقعهما قبل الخامس من أغسطس/آب 1965، على أن يحترم كلا الطرفين شروط وخط وقف إطلاق النار، ودعت لقيام العلاقات بين الهند وباكستان على أساس مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية لكل منهما.
واتفق البلدان على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما، وبحث إجراءات إعادة العلاقات الاقتصادية والتجارية، والاستمرار في بحث الموضوعات الخاصة بمشاكل اللاجئين والقضاء على الهجرة غير النظامية، كما اتفقا على إعادة الممتلكات والأموال التي استولى عليها كل طرف في أثناء الحرب.
اتفاقية شملا 1972
وقع عليها البلدان في الثاني من يوليو/تموز 1972 لإنهاء حرب 1971، التي كان من أبرز نتائجها انفصال باكستان الشرقية (بنغلاديش) عن باكستان الغربية (جمهورية باكستان).
وتنص الاتفاقية على إنهاء حالة الصراع الحدودي بين الطرفين، والعمل على إقامة سلام دائم بين البلدين، واعتماد الطرق الدبلوماسية والحوار أساسا للعلاقات بينهما.
ومن بنود الاتفاقية أن تكون المبادئ المنصوص عليها في ميثاق الأمم المتحدة هي التي تحكم العلاقات بين البلدين، كما نصت على تسوية الخلافات بالطرق السلمية، من خلال المفاوضات الثنائية أو أي طرق سلمية أخرى يتفق عليها الجانبان، ووقف الدعاية المعادية ضد بعضهما بعضا.
ودعا الاتفاق الطرفين إلى الشروع في إقامة سلام دائم، تكون أهم الخطوات فيه انسحاب القوات الباكستانية والقوات الهندية إلى الحدود الدولية، وأن يحترم الجانبان خط السيطرة الذي أسفر عنه وقف إطلاق النار في 17 ديسمبر/كانون الأول 1971 في كل من جامو وكشمير.
إعلان
اتفاقية عدم الاعتداء النووي 1988
وقعها البلدان عام 1988 وتعهدا بعدم مهاجمة أو مساعدة القوى الأجنبية على مهاجمة المنشآت والمرافق النووية لكل منهما، وتم التوقيع بين رئيسة وزراء باكستان بينظير بوتو ونظيرها الهندي راجيف غاندي، في 21 ديسمبر/كانون الأول 1988، ودخلت حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 1992.
وحسب ما تنص عليه المعاهدة، يمتنع كل طرف عن القيام بأي عمل يهدف إلى تدمير أو إتلاف أي منشأة نووية في البلد الآخر، أو تشجيعه أو المشاركة فيه، بشكل مباشر أو غير مباشر.
كما نصت على تبادل البيانات بين الطرفين في الأول من يناير/كانون الثاني من كل سنة ميلادية حول المنشآت النووية، والإخبار بأي تغيير يطرأ عليها.
اتفاقية لاهور 1999وقع الجاران الاتفاقية عام 1999 بعد أشهر قليلة على إجراء باكستان أول تجربة نووية ناجحة عام 1998، إذ وقعها رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف ونظيره الهندي أتال بيهاري فاجبايي.
كان الهدف الرئيسي من الاتفاقية خفض التوتر النووي بين البلدين، وشكلت علامة فارقة في العلاقات الهندية الباكستانية، إذ دعت إلى اتخاذ خطوات فورية للحد من خطر الاستخدام العرضي أو غير المصرح به للأسلحة النووية، ومناقشة المفاهيم والمبادئ بهدف وضع تدابير لبناء الثقة في المجالين النووي والتقليدي، بهدف منع نشوب النزاعات.
ونصت الاتفاقية على إخطار البلدين بعضهما بعضا مسبقا بشأن تجارب إطلاق الصواريخ الباليستية، وعلى أن يبرما اتفاقية ثنائية في هذا الصدد، ويواصلا الالتزام بوقفهما الاختياري الأحادي الجانب لإجراء مزيد من التفجيرات التجريبية النووية ما لم يقرر أي من الجانبين ذلك في إطار ممارسة سيادته الوطنية.
وأكد البلدان في الاتفاقية إدانتهما للإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره، وعزمهما مكافحة هذا الخطر وتعزيز الحوار بينهما بشأن كشمير.
اتفاق وقف إطلاق النار عام 2003
اتفاق وقف إطلاق النار وقعه البلدان في نوفمبر/تشرين الثاني 2003، لكنه اتفاق غير رسمي، إذ إنه لم يتم التوقيع على أي مذكرات، بل كان بموجب بيانات عسكرية من الطرفين، وتعهد كل منهما بالالتزام به.
وجاء الاتفاق بعد سنوات من الاشتباكات المتبادلة على خط السيطرة في كشمير، وبشكل خاص بعد عملية كارجيل التي أطلقها الجيش الباكستاني لاقتحام بعض المناطق داخل خط السيطرة من الجانب الهندي. وكان الاتفاق ينص على تعزيز آليات الاتصال بين القادة العسكريين والتمهيد لمحادثات دبلوماسية لاحقا.
اتفاقيات أخرىوبين البلدين تفاهمات أخرى حول عدد من القضايا، مثل خطوط الاتصال المباشر بين القادة العسكريين في باكستان والهند، وكذا التفاهم بشأن تبادل قوائم السجناء، والذي يتم في الأول من يناير/كانون الثاني والأول من يوليو/تموز من كل عام.
وتوصل الجانبان إلى هذا التفاهم عام 2008 تحت مسمى "الوصول القنصلي"، إضافة إلى اتفاقيات أخرى حول التجارة.
ويقول مدير قسم الدراسات الهندية في معهد الدراسات الإستراتيجية في إسلام آباد، خورام عباس، إن بعض الاتفاقيات بين البلدين يتم انتهاكها أو تعليقها عند أي توتر بين البلدين.
ويضيف -في حديث للجزيرة نت- أن اتفاقية شملا، التي تعتبر من أهم الاتفاقيات بين الطرفين والتي تضمن التعايش السلمي، لم يتم احترامها بسبب اتهامات كلا البلدين بعضهما بعضا بدعم الحركات المسلحة أو الانفصالية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات بین باکستان والهند ینایر کانون الثانی خط وقف إطلاق النار الجانب الهندی بین الطرفین بین البلدین إقلیم کشمیر خط السیطرة
إقرأ أيضاً:
فخ الاتفاقيات الإبراهيمية
هل كسبت حماس «الرهان» بعد هجومها الذى راح ضحيته 66 ألف شهيد من الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين، مقابل عدد قليل جدا من الجنود والضباط الإسرائيليين؟ هل تحقق هدفها فى إحباط خطة التطبيع أو ما يسمى بالاتفاقيات الإبراهيمية بين العرب وخاصة السعودية وبين إسرائيل؟!
الواقع يؤكد أنه على مدى عامين من الحرب بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وإسرائيل، فإن الحركة خسرت الكثير، وأدى اندفاعها وعدم تخطيطها الجيد لما أقدمت عليه إلى نشوء توازنات إقليمية ودولية جديدة فرضت فيها إسرائيل نفسها كقوة عسكرية مدعومة أمريكيًا، لبسط نفوذها فى المنطقة ومواجهة إيران عدوها التقليدى بجميع أذرعته وفروعه فى لبنان وسوريا واليمن.
ورغم أن حماس نجحت فى تقويض الموجة الأولى من الاتفاقيات الإبراهيمية التى ترعاها أمريكا لصالح إسرائيل، إلا أنها حتما ستخسر وجودها وفقا للخطة الترامبية العشرينية التى لو تحققت على أرض الواقع سيختفى اسم حماس من الوجود بعد أن يحل السلام فى المنطقة، وتبدأ الخطوات الفعلية لمسار حل الدولتين، الذى سيستغرق العديد من السنوات كى يصبح واقعًا ملموسًا.
هذا المسار غير المضمون والمحفوف بالمخاطر والتحديات والعقبات، سيظل دومًا رهين ألاعيب «ترامب» ورغبته فى الإعلان عن الصفقات قبل دراستها أو بحثها جيدا، وكذلك رهانات «نتنياهو» على بقائه فى السلطة والقضاء على حماس نهائيا وحصوله على عفو عام من تهم الفساد بعد استعادة الرهائن وترميم الداخل الإسرائيلى، إضافة إلى رهان حماس والمناورة بما تملكه من أدوات ضغط للخروج من أزمة خلقتها دون أن تخسر كل شىء، ويكفيها هنا أنها أعادت الضوء إلى القضية الفلسطينية التى كانت مهددة بالزوال بعقد بالاتفاقيات الإبراهيمية.
لقد ناورت حماس عندما تعاملت مع الخطة الترامبية بذكاء شديد، فهى لم ترفض ولم تقبل بكل الشروط، ولم تقف عند تفاصيل كثيرة مهمة كانت سببًا فى تعثر المفاوضات، ولكنها تعلن فى الوقت نفسه عن عدم تخليها تماما عن السلاح إلا بعد تحقيق حل الدولتين وإعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم، وليس تهجير المقيمين، مستغلة فى ذلك تحرك المجتمع الدولى بشكل أكبر واقوى، ضد جرائم نتنياهو الذى يعيش فى عزلة سياسية دولية أجبرته على قبول خطة ترامب أملًا فى التطبيع وتنفيذ الاتفاقية الإبراهيمية الموعودة مع السعودية.
وبغض النظر عن حلم ترامب بجائزة نوبل للسلام بعد وقف حرب الإبادة الجماعية فى غزة، كهدف أول من كل ضغوطه على نتنياهو، فإن هذه الاتفاقيات ستعود بقوة مجددًا للمنطقة، وهذا حلم آخر لـ«الصهيوأمريكية» لن تستطيع حماس مقاومته فى ظل العلاقة المتينة بين واشنطن والرياض العاصمة الأقرب للتطبيع مع تل أبيب بعد الإمارات.
والاتفاقيات الإبراهيمية فخ أمريكى إسرائيلى، وفكرة تم طرحها للعزف على وتر الجانب الدينى، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى نبى الله إبراهيم التى تنتسب إليه الديانات الثلاث (الإسلامية والمسيحية واليهودية)، وهدفها تحقيق التطبيع والشراكة الاقتصادية والثقافية والسياسية بين العرب وإسرائيل مقابل تحقيق السلام والتعايش فى أمان.
ورغم أن مصر نفذت التطبيع (1978) والأردن (1994)، إلا أن هذا التطبيع يختلف عن «الاتفاقيات الإبراهيمية» كون الأخيرة لم تُبرَم نتيجة حرب مع العدو، وإنما نتيجة «مواءمة سياسية» شاملة لا تخلو من تعاون عسكرى واستراتيجى يدعم النفوذ الامريكى فى الشرق الأوسط.
ويراهن ترامب على ضم إيران إلى الدول العربية والخليجية إلى هذه الاتفاقيات مستقبلا، بعد حسم ملفها النووى، وإجبارها على الرضوخ للإملاءات الأمريكية بفرض المزيد من العقوبات الدولية والأوربية.
إن الأيام القادمة ستكشف إلى أى مدى خسرت حماس القضية والسلاح معا؟ وإلى أى دولة خليجية سيتوقف عندها قطار التطبيع الإبراهيمى غير المشروط مع تل أبيب، الذى يراه البعض خطوة مضادة تتناقض وكل المواقف السياسية والعسكرية المرتبطة بالقضية الفلسطينية.
[email protected]