بعد شهرين من حرب غزة.. إسرائيل لم تحقق أهدافها وحماس بعيدة عن الهزيمة
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
سلط المؤرخ والخبير في العلاقات الدولية، سيد ماركوس تينوريو، الضوء على ما وصفه بـ "فشل إسرائيل في غزة"، مشيرا إلى أن الأهداف المعلنة للعدوان الوحشي على القطاع، من جانب رئيس وزراء دولة الاحتلال، لم تتحقق.
وذكر تينوريو، في مقال نشره بموقع "ميدل إيست مونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن "دولة إسرائيل الإرهابية أكملت 60 يومًا من حرب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بهدف الاستيلاء على قطاع غزة المحاصر من أجل توسيع المستوطنات اليهودية غير القانونية، فيما تجاوز عدد الشهداء 16 ألفاً، منهم 7112 طفلاً، و4885 امرأة، ونحو 50 ألف جريح و10 آلاف مفقود تحت الأنقاض.
وأضاف أن "مجرم الحرب الصهيوني"، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، يكرر يوما بعد يوم أن إسرائيل ستستخدم كل قوتها لتدمير حماس، وهو الشعار الذي ظل الصهاينة يستخدمونه منذ عام 1987 عندما تأسست حركة المقاومة الإسلامية وبدأت في مواجهة احتلال فلسطين في الانتفاضة الأولى، ومنذ ذلك الحين فشلت إسرائيل في جميع محاولاتها لتدمير حماس.
وفي كل مناسبة، كانت قوى المقاومة الفلسطينية هي التي ظهرت أقوى وأكثر تجذراً في الشعب، وأفضل استعداداً عسكرياً وتحظى بدعم شعبي مهم في غزة والضفة الغربية والأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1948.
اقرأ أيضاً
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: فشلنا أمام طوفان الأقصى
وفي الوقت نفسه، يتزايد الشعور بأن الردع العسكري الإسرائيلي يضعف، مع عدم وجود انتصار وعجز واضح عن هزيمة حماس وجماعات المقاومة الفلسطينية الأخرى، وهو شعور يتنامى داخل الجمهور الإسرائيلي.
وتزايد هذا الشعور منذ الهزيمة المذلة التي مني بها الجيش الصهيوني في لبنان عام 2006، عندما طرد حزب الله جنود الاحتلال، بحسب تينوريو، مشيرا إلى أن القوة العسكرية للجيش الصهيوني تكمن في أنه يهاجم غزة من الجو وبالمدفعية الثقيلة والدبابات، رغم أن الفلسطينيين في القطاع ليس لديهم أنظمة دفاع جوي، أي أن قوات "الدفاع" الإسرائيلية، كما تصف نفسها، تجيد مهاجمة المدنيين العزل إلى حد كبير.
سيطرة المشاة
ومع ذلك، لكي تتمكن إسرائيل من احتلال المنطقة وإخضاعها، بغض النظر عن حجم الدمار وعدد الأشخاص الذين يقتلهم قصفها، فمن الضروري أن يكون مشاتها على الأرض ويقاتلون وجهاً لوجه مع مقاتلي المقاومة.
ولن تهزم القوات الإسرائيلية غزة بقضاء يومها في مركبات مدرعة يتم تبريدها بالهواء، إذ عليها أن تدخل إلى أراضي حماس، وهذا هو المكان الذي تتغير فيه الأمور، بحسب تينوريو، مشيرا إلى أن إسرائيل لا تملك أي معلومات عن عدد المقاومين وتدريباتهم القتالية ودفاعاتهم، بما في ذلك الأنفاق. ويجبر ذلك الصهاينة على اتخاذ احتياطات لم يعتادوا عليها، لكنها لا تمنع وقوع إصابات في صفوف القوات الإسرائيلية، التي تعاني من الإرهاق وعدم الثقة في قادتها. ويضاف إلى ذلك عدد ضحايا "النيران الصديقة".
وأكد تينوريو أن الجنود الصهاينة ليسوا خائفين فحسب، بل غير قادرين على مواجهة صراع من مسافة قريبة ضد المقاتلين الفلسطينيين دون زيادة تعاطي الكحول والمخدرات، وهو ما كشف عنه الجيش الإسرائيلي نفسه، عندما أبلغ عن حالات انتحار، إلى جانب الضغط النفسي والخوف من الموت أثناء القتال.
اقرأ أيضاً
75% من الإسرائيليين يحملون نتنياهو مسؤولية فشل الحرب على غزة
وأضاف أن الثقة في قوة التكنولوجيا العسكرية المتفوقة ليست كافية لتوفير الأمان عند التقدم داخل غزة، مؤكدا أن المقاتلين في كتائب القسام، الجناح العسكري لحماس، وسرايا القدس، الجناح العسكري للجهاد الإسلامي، مدربون جيداً على العمليات الفدائية في مناطق مثل غزة، وهي المواجهة التي يفقد فيها الدعم الجوي والمدفعية الإسرائيلية فعاليتهما، لأنه لا يمكن استخدامها دون تعريض جنودهما للخطر.
وفوق كل شيء، والأهم من ذلك، يتمتع مقاتلو المقاومة الفلسطينية بالشجاعة ويسعدهم "الاستشهاد"، ما يسمح لهم بالحفاظ على تفوقهم كمقاتلين في هذه الحرب، بحسب تينوريو، الذي نوه إلى أن الإنجازات العسكرية التي حققتها المقاومة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الذي حققته فاجأت إسرائيل والعالم.
صواريخ متطورة
ومن هذه الإنجازات، وصول المقاومة الفلسطينية إلى قدرة إنتاج صواريخ متطورة يصل مداها إلى 400 كيلومتر بدعم فني ومادي من حلفاء "محور المقاومة".
ويمكن لتلك الصواريخ تجاوز نظام القبة الحديدية للدفاع الصاروخي الإسرائيلي الشهير والوصول إلى مدن مثل حيفا والعاصمة تل أبيب.
كما أن إسرائيل خسرت معركة أخرى، بحسب تينوريو، هي معركة الرأي العام بممارستها الإبادة الجماعية ضد المدنيين الفلسطينيين. فقد شهدت شوارع المدن الكبرى حول العالم مظاهرات حاشدة دعما لفلسطين وضد دولة إسرائيل الإرهابية.
ومن بين من شاركوا في تلك المظاهرات العديد من اليهود المناهضين للصهيونية، بما في ذلك داخل إسرائيل نفسها، الذين يتبرأون من جرائم إسرائيل تحت شعار "ليس باسمنا".
وأجبرت الهدنة في غزة، التي استمرت 6 أيام، إسرائيل على إضفاء الشرعية على حماس كقوة محاربة وشهدت بأن دولة الفصل العنصري لم تحقق أيًا من أهدافها المتمثلة في تدمير حركة المقاومة وتحرير الأسرى بالقوة.
ويرى تينوريو أن المفاوضات أظهرت أن حماس ليست عدواً مهزوماً، بل هي خصم مرن يملي شروط المفاوضات مع أولئك الذين أقسموا على تدميرها، وتسبب مثل هذا الوضع في انقسام كبير في القيادة الصهيونية، التي تفتقر إلى التنسيق الجيد وتضعف في مواجهة الضغوط العسكرية من جانب، والضغوط الداخلية من أجل إنهاء الحرب والتبادل العاجل للأسرى، من جانب آخر.
وحتى في ظل الثمن الباهظ الذي تم دفعه من أرواح ودمار، دمرت جماعات المقاومة الفلسطينية أسطورة القوات المسلحة الصهيونية التي لا تقهر، ومن الواضح بشكل متزايد أنه من غير المرجح أن تتمكن إسرائيل من التغلب على المقاومة على أي أرض.
ويشكل الأسرى المفرج عنهم رمزا قويا لقدرة حماس على تحقيق نتائج ملموسة واستعدادها للنضال من أجل تحرير فلسطين، ولذا يرى تينوريو أن الحركة عادت إلى الظهور كأهم قوة سياسية وعسكرية فلسطينية في غزة والضفة الغربية والأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1948.
اقرأ أيضاً
فورين أفيرز: القوة الغاشمة فشلت في تحقيق الأمن لإسرائيل وليس أمامها سوى التنازلات
المصدر | سيد ماركوس تينوريو/ميدل إيست مونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة إسرائيل حماس المقاومة الفلسطينية الإبادة الجماعية المقاومة الفلسطینیة إسرائیل من فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
يديعوت: إسرائيل خسرت الحرب وحماس جرتها إلى حافة الانهيار
أشار الصحفي الإسرائيلي بن درور يميني، إلى أن إسرائيل "فازت في المعركة لكنها خسرت الحرب"، مشيرا إلى أن تل أبيب كان بإمكانها أن تبادر إلى وقف إطلاق النار مرات عديدة بدلا من أن يفرض عليها بالقوة، لتظهر للعالم أن حركة حماس هي الطرف الذي يسعى إلى استمرار الحرب وليس إسرائيل.
وأوضح يميني، في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أن النظر إلى العامين الماضيين من زاوية أوسع يظهر أن إسرائيل اقتربت في الأسابيع الأخيرة من الفشل التام، ليس عسكريا وإنما سياسيا واستراتيجيا، بعدما نجحت حماس في جرها نحو حافة الانهيار.
وأشار إلى أن المقاطعة الاقتصادية بدأت تؤثر على الواردات والصادرات، فيما لم يثبت الافتراض الإسرائيلي القائل بأن "الضغط العسكري سيؤدي إلى تنازلات" خلال العامين الماضيين.
وبين الكاتب أن الضغط الدولي، الذي غذته العمليات العسكرية، كاد يدفع بإسرائيل من حافة الانهيار إلى مرحلة الانفجار الكامل، مضيفا أن الاتفاق الذي جرى التوصل إليه جاء في لحظة حرجة، وأن مجرد إعلان إسرائيل وقف القتال، حتى وإن كان لأغراض دفاعية فقط، يعد "إنقاذا فعليا من الانهيار".
وأشار يميني في مقاله إلى أن الاتفاق، في حال نفذ فعليا، سيحقق لإسرائيل جميع أهداف الحرب، لكنه أوضح أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يوقع على اتفاق يتضمن "حق تقرير المصير" للفلسطينيين، أي إقامة دولة، بإرادته الحرة، بل "وُضع تحت تهديد السلاح رمزيا".
ومع ذلك، اعتبر أن "المشكلة الحقيقية تكمن في الأضرار المتراكمة"، قائلا إن إسرائيل "ربحت المعركة لكنها خسرت الحرب".
وأضاف الكاتب أن الإنجازات الاستراتيجية الكبرى التي حققتها إسرائيل ضد إيران وحزب الله بدأت تتلاشى بسبب الضرر المتزايد الذي لحق بمكانتها الدولية، مشيرا إلى أن الرفض المتزايد من عمّال الموانئ لشحن البضائع المتجهة إلى إسرائيل كان قد يؤدي إلى أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وأن معدات عسكرية حيوية لم تعد تصل إلى إسرائيل بالفعل.
وأكدت "يديعوت أحرونوت" على لسان يميني أن الاتفاق، إن ترسخ، لن ينهي العداء تجاه إسرائيل بشكل فوري، لكنه سيوقف التدهور الحاصل.
ورأى أن المهمة الصعبة الآن هي إعادة بناء مكانة إسرائيل الدبلوماسية، وهي مهمة يشك في قدرة الحكومة الحالية على إنجازها، معتبرا أنها "مهمة طويلة الأمد".
وقال الكاتب إن نتنياهو "وضع نفسه في موقع أصبح فيه الشيء الوحيد الذي يهم هو ما يقوله الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب"، وبين أن نتنياهو وافق على اتفاق وقف إطلاق النار لأن ترامب "وضع سلاحا رمزيا على رأسه وأجبره على التوقيع"، مشيرا إلى أن ترامب أعلن أن رد حماس على الاتفاق كان إيجابيا، بل وصل إلى حد تصوير الحركة كـ"حركة سلام"، وبعد ذلك بساعات "أجبر نتنياهو مجددا على إصدار أمر بوقف القتال".
وسأل يميني في مقاله: "لماذا لم تبادر إسرائيل من تلقاء نفسها إلى أي خطوة؟"، معتبرا أنه كان بإمكانها إعلان وقف لإطلاق النار مرات عدة لتوضيح أن حماس هي من يسعى للحرب.
وأضاف أن "أسلحة حماس لم تنتصر في جباليا أو رفح، بل في الساحة الدولية: في الجامعات، وعلى مواقع التواصل، وفي الصحف، وفي النقابات العمالية"، مشيرا إلى أن الرأي العام في الولايات المتحدة بدأ يتحول من دعم إسرائيل إلى دعم الفلسطينيين، وهو ما دفع ترامب إلى التدخل والضغط على نتنياهو.
وختم الكاتب مقاله بالقول إن نتنياهو كان يعاني من "العمى السياسي"، موضحا أن كل ما كان يجب على إسرائيل فعله لتسجيل نقاط سياسية، أجبرت على القيام به بعد أن خسرت تلك النقاط بالفعل، واحدة تلو الأخرى.
وأضاف أن من المشكوك فيه أن يكون ترامب "الشخص المناسب لإنقاذ إسرائيل من نفسها"، لكنه رأى أنه "في الوقت الحالي، ولحين إشعار آخر، هو الشخص المناسب".