العلماء الروس يدرسون "الهاوية البحرية" وسط المحيط الأطلسي
تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT
أجرى العلماء الروس على متن سفينة "الأكاديمي مستيسلاف كيلدش" العلمية لأول مرة دراسة التيارات السفلية في قناة "فيدال" السحيقة على عمق يزيد عن 5 كيلومترات.
أعلنت الخدمة الصحفية لمعهد "شيرشوف" الروسي لعلم المحيطات التابع للأكاديمية العلوم الروسية أن الدراسات التي تم إجراؤها سمحت بالحصول على بيانات تجريبية حول دوران مياه المحيط ثلاثي الأبعاد، وهو أمر ضروري لفهم العمليات التي تجري في أعماق المحيط التي يصعب الوصول إليها.
وشارك في البعثة البحرية الطويلة الأمد إلى جانب علماء معهد علم المحيطات التابع لأكاديمية العلوم الروسية، خبراء معهد علوم المحيط الهادئ التابع لفرع الشرق الأقصى لدى أكاديمية العلوم الروسية ومعهد الديناميكا المائية التابع لفرع سيبيريا التابع للأكاديمية العلوم الروسية.
وأجرى العلماء الروس لأول مرة قياسات هيدرولوجية في قناة "فيدال" السحيقة (الهاوية البحرية) بشمال غرب صدع "فيما". وتم إجراء عمليات السبر باستخدام أجهزة قياس درجة الحرارة والملوحة وسرعة التيار.
وقد سجل في القناة المذكورة (الهاوية البحرية) تدفق المياه السفلية الواردة من القطب الجنوبي والتي تملأ حوض أمريكا الشمالية بأكمله ومنخفض أعماق البحار في بورتوريكو، حيث سجل أكبر عمق للمحيط الأطلسي. ولم يتم إجراء مثل هذه القياسات هيدرولوجية من قبل في هذه القناة.
وتراوح فرق العمق في القناة المدروسة، والتي يبلغ طولها حوالي 800 كيلومتر وعرضها 3 كيلومترات، بين 5.2 إلى 5.8 كيلومتر. وتم إجراء القياسات على طول القناة وعلى ثلاثة مقاطع عرضية. وبعد ذلك استمر العمل في صدع "فيما". بالإضافة إلى الدراسات التفصيلية أجريت القياسات أيضا في منطقة تتدفق عبرها مياه قاع القطب الجنوبي إلى الصدع، واستمرت القياسات أيضا على طول الصدع. وتتدفق المياه السفلية على طول صدع "فيما" الذي يبلغ طوله 800 كيلومتر ثم تملأ جميع أحواض البحار العميقة في شمال شرق المحيط الأطلسي.
وانتهت أعمال البعثة بدراسة التيار الاستوائي الشمالي. وتم تنفيذ 125 عملية سبر، منها 78 عملية على عمق يزيد عن 5 كيلومترات، فضلا عن قياس درجة الحرارة والملوحة وسرعة تيارات الماء. وقد عادت السفينة العلمية إلى ميناء كالينينغراد يوم الأحد الماضي.
المصدر: تاس
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: المحيط الأطلسي بحوث العلوم الروسیة
إقرأ أيضاً:
ليبيا تستعيد حضورها في قمة المحيطات في نيس… لكن ما الذي ينتظر صياديها؟
في ميناء مدينة الخمس يجلس فرج عبدالصادق على حافة قاربه الخشبي القديم بعد رحلة صيد طويلة بدأت مع أولى ساعات الصباح. لم تكن الحصيلة وفيرة هذه المرة، بضع سمكات صغيرة وعدة زجاجات بلاستيكية عالقة في شباكه المهترئة.
يجلس فرج على حافة قاربه الخشبي، يمد ساقيه في المياه الضحلة، وينظر إلى البحر الذي كان يومًا مصدر أمل وتحول اليوم إلى عبء يومي. “نشتغل أكثر ونصطاد أقل. تعب البحر صار مثل تعبنا، بلا نتيجة”، يقولها بنبرة هادئة تخفي غضبة الصامت.
فرج، البالغ من العمر 46 عامًا، لا يخفي خيبته من السنوات الأخيرة التي شهدت تدهورًا حادًا في الثروة السمكية قبالة السواحل الليبية. يقول: “أنا في البحر من عمري عشرين سنة، ولكن ما عمري شفت الوضع بهذا السوء. الأسماك قلّت، والجرافات تصيد بعمق ولم تترك شي، والنفايات في كل مكان”.
غير بعيد عن فرج، كان الصياد الشاب محمد سويسي، 29 عامًا، ينقل صناديق فارغة من قاربه إلى الرصيف. سُئل عن محصول يومه فأجاب مبتسمًا بسخرية: “محصولي؟ خيطان ممزقة وسمك لم يسد فطور طفل”.
وأشار بيده نحو البحر قائلاً: “كنا نصطاد هناك. اليوم هذا المكان ميت. أنواع كثيرة اختفت تمامًا”.
وبينما يعيش الصيادون في ليبيا هذا الواقع المتدهور يوميًا، كانت أنظار العالم البيئي تتجه إلى مدينة نيس الفرنسية، حيث انطلقت في 9 يونيو 2025 فعاليات قمة الأمم المتحدة الثالثة للمحيطات، بمشاركة أكثر من 15 ألف شخص، بينهم 55 رئيس دولة وحكومة.
و رغم أن ليبيا تمتلك أكثر من 1900 كيلومتر من السواحل على البحر المتوسط، إلا أن بنيتها التحتية البحرية تكاد تكون معدومة.
لا توجد محميات بحرية فعلية، ولا مرافئ مجهزة لدعم قطاع الصيد، ولا حتى برامج حكومية مستدامة لحماية الشعاب المرجانية أو لتنظيم الصيد. بينما تعتمد مجتمعات كاملة على البحر كمصدر دخل، يُترك الصيادون وحدهم في مواجهة التدهور البيئي.
حضور رمزيلأول مرة منذ سنوات، سجلت ليبيا حضورًا رسميًا على هذا المستوى، بوفد رفيع ضم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ووزير البيئة إبراهيم العربي. حضور بدأ مهمًا من حيث الشكل، لكنه لم يترجم إلى مضمون فعلي، بحسب المراقبين.
الخبير البيئي التونسي بسام إبراهيم، الذي حضر القمة ضمن الوفد التونسي قال لقناة ليبيا الأحرار،: “تابعت الوفود العربية والأجنبية، لاحظت حركة كثيفة من الجزائر، مصر، المغرب، وحتى موريتانيا. أما الوفد الليبي، فكان حضوره بروتوكوليًا لا أكثر. لم يُنظم جلسات نقاشية، لم يعلن عن شراكات، وغادر في اليوم الثاني بصمت”.
وأضاف إبراهيم: “أمضيت ساعات أبحث عن جلسة أو عرض أو حتى كتيب يتضمن رؤية بيئية ليبية. لم أجد. حتى التصريحات كانت محدودة وعامة، ولا تُغني المختصين بشيء يمكن البناء عليه دراسات حقيقية وكان مقعد ليبيا في كل الجلسات شاغرا”.
ورغم هذا الغياب عن المبادرات النوعية، خصّ رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي قناة ليبيا الأحرار بمقابلة، قال فيها: “طلبنا من ممثلي اليونسكو والاتحاد الأوروبي القيام بزيارات ميدانية إلى السواحل الليبية بهدف إعادة تفعيل الدراسات البيئية التي توقفت منذ أكثر من عشر سنوات”. وأضاف أن ليبيا تأمل بالحصول على دعم فني من أجل إعداد خارطة بيئية شاملة.
لكن التصريح، رغم أهميته الرمزية، لم يتضمّن أي جدول زمني أو خطة تنفيذ، ما جعله في نظر كثيرين مجرد وعد آخر غير مُنجز.
غزو بلاستيكيمن جانبه، قال القائم بالأعمال الليبي في باريس، فتحي أميمة، في تصريح لموفد قناة “ليبيا الأحرار”، بعد تمثيله للدولة الليبية في قمة إفريقيا من أجل المحيط، إن حماية المحيطات والبحار من التلوث الناتج عن النفايات البلاستيكية والصيد الجائر أصبحت ضرورة ملحّة، لما لهذه الظواهر من تأثيرات بيئية تهدد الحياة البشرية.
وأوضح أن المحيطات تولد نحو نصف كمية الأكسجين على كوكب الأرض، وتلعب دوراً محورياً في استقرار المناخ العالمي، حيث تعتمد الحياة على الأرض بشكل غير مباشر على هذا التوازن الحيوي. كما أشار إلى أن ما يزيد عن 80% من التجارة العالمية تمر عبر المحيطات والبحار، في وقت يُتوقع أن تتجاوز كمية البلاستيك في المياه حجم الأسماك خلال العقود القادمة، إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة.
بدوره، اعتبر الخبير البيئي عبدالمجيد مليطان مشاركة ليبيا في القمة خطوة رمزية لا أكثر، قائلاً: “ما جرى في نيس لم يتجاوز الحضور الشكلي. البحر لا تُنقذه المناسبات، بل السياسات الفعلية، والقرارات الجريئة، وبرامج الحماية والمحميات البحرية”. وأضاف: “ما تبقى من الحياة البحرية في ليبيا يتلاشى بوتيرة مقلقة، ونحن نقترب من نقطة لا عودة إذا استمر هذا الإهمال”.
وتابع: “المسألة ليست مجرد سمك أو ماء، بل مجتمعات بأكملها تعيش على البحر. الصياد اليوم لا يملك بديلاً، والبحر يُنهب أمام عينيه، دون رقابة أو محاسبة أو قوانين مُطبقة. نحن أمام كارثة بيئية صامتة”.
مبادرة 30×30ويشير الخبراء إلى أن ليبيا متأخرة كثيرًا عن جيرانها في الانضمام إلى المبادرات البيئية الدولية. فبينما تعمل تونس ومصر بجدية لتنفيذ التزام “30×30” العالمي، الذي يهدف لحماية 30% من المناطق الساحلية والبحرية بحلول 2030، لم تعلن ليبيا عن أي رؤية مشابهة أو حتى خطة أولية.
في قمة نيس، تمحورت النقاشات حول قضايا الصيد غير القانوني، والتلوث البحري، وتغير المناخ، وشهدت القمة طرح مبادرات من عدة دول تهدف إلى حماية النظم البيئية البحرية، وتنظيم عمليات الصيد، ووضع خرائط للمحميات البحرية. في المقابل، غابت ليبيا كليًا عن هذه الجهود، دون طرح أي رؤية أو التزام واضح يعكس مسؤوليتها كدولة متوسطية.
في الخمس، لا تعني فرج عبدالصادق تفاصيل المؤتمرات أو البيانات الرسمية، فكل ما يريده هو دعم حقيقي. يقول: “نحن نشتري الشباك من جيوبنا، ونصلّح القوارب بالديون. البحر لم يعد يعيلنا، وكل شيء أصبح غاليًا بشكل لا يُطاق. نريد فقط أن تنظر الدولة إلى حالنا”.
ويعتقد السويسي أن الأمل يكمن في إشراك الصيادين في اتخاذ القرار. “نحن نعرف البحر أكثر من أي مسؤول في مكتب. نستطيع أن نعيد له الحياة… فقط أعطونا الوسائل”.
ورغم إحباطه، لا يُخفي السويسي أمله بأن تكون هذه المشاركة، ولو رمزية، بداية لتحرك فعلي. ويختتم بقوله: “إذا كانت هناك نية حقيقية، فليبدأوا منّا. نحن نعرف البحر، ونعرف كيف نعيد له عافيته… فقط استمعوا إلينا”.
ومع نهاية النهار، تنخفض الشمس نحو الأفق، ويستعد الصيادون لطيّ شباكهم ليوم آخر لا يعدهم بالكثير.
تم إعداد هذه المادة ضمن زمالة قمة الأمم المتحدة للمحيطات 2025 بتنظيم من شبكة صحافة الأرض التابعة لمنظمة “إنترنيوز”
إسلام الأطرش – نيس، فرنسا Total 0 Shares Share 0 Tweet 0 Pin it 0