الجزيرة:
2025-05-05@13:25:55 GMT

الاقتصاد الأفغاني.. الفرص والتحديات

تاريخ النشر: 8th, April 2024 GMT

الاقتصاد الأفغاني.. الفرص والتحديات

يبدو في الأفق البعيد ملامح لصعود الاقتصاد الأفغانيّ في ظلّ تقارير دولية متشائمة لا تعكس قراءة عميقة لواقع وطبيعة الاقتصاد الأفغانيّ، تنطلق هذه التقارير من المعطيات التي تطرحها التقارير الغربية التي تنطلق عادة من تراجع دور المرأة في المدن الأفغانية الكبرى، في ظل إصدار حكومة طالبان منذ العام 2021 أكثر من 140 مرسومًا، منها 90 تقيّد حركة المرأة وعملها في الحكومة.

لكن هذه التقارير لم تأخذ في حساباتها أن المرأة في الريف الأفغاني لم تتأثر بهذه القرارات، حيث إنها عماد البيت الأفغاني اقتصاديًا؛ بمساهماتها في الإنتاج الزراعي وممارستها العديد من الأنشطة الاقتصادية.

فضلًا عن أن تحجيم وجود المرأة في العمل في المدن في بعض المهن أدَّى – طبقًا لإفادة غرفة التجارة والصناعة الأفغانية – إلى أن هناك 2471 شركة مرخصة و5400 شركة غير مرخصة تملكها نساء، لكن غلق صالونات التجميل التي تمتلكها النساء في صيف 2023، ترك 60 ألف امرأة بلا عمل، فضلًا عن تفضيل أصحاب العمل الرجال على النساء؛ تفاديًا لمضايقات الشرطة.

كانت الحقبة السابقة على حكم طالبان، نجحت في بناء قوى عاملة في المدن الكبرى من النساء في مجالات القضاء والمحاماة والشرطة والجيش، فيما أحصت بيانات حكومية حوالي 10000 امرأة يعملن كطبيبات وممرضات، و68 ألفَ معلمة، منهن 800 كوادر علمية في الجامعات.

التكيف مع الظروف

من ملامح القراءة العميقة للواقع الأفغاني، يتبين التكيف تحت أقصى الظروف، هذا العامل لم يُؤخذ في الاعتبار لدى العديد من التقارير عن الاقتصاد الأفغاني، فمنذ الاحتلال الروسي، أفغانستانَ عام 1979 والمواطن الأفغاني كيّف نفسه على العيش تحت أقصى الظروف.

هذا العامل إذا جاء مع استقرار نسبي ومتزايد يومًا بعد يوم تحققه طالبان الآن، يوفر فرصة تعطي أفغانستان درجة من درجات الأمل المفقود في المستقبل، هذا ما يؤشّر على نجاح قد يقود طالبان إلى كسب أرضية متزايدة داخل أفغانستان.

إن الملمح الأساسي، هو أن طالبان الآن غير طالبان قبل الاحتلال الأميركي عام 2001، فاتّجاه طالبان نحو البراغماتية واضح، فضلًا عن إدراكها أن أمن حدود أفغانستان مع جيرانها، خاصة الصين، له تبعات إيجابية على الاقتصاد، فصرفت حكومة أفغانستان جهودها نحو ذلك، مما زاد في حصيلة الجمارك وتدفق المنتجات الزراعية الأفغانية، وغيرها إلى الخارج، لذا كانت طالبان بعيدة عن كل ما يثير جيرانها، فالمحيطُ الجغرافي يكفل لأفغانستان الكثير من الفرص الواعدة.

عوامل سلبية

إن العديد من العوامل السلبية تعصف بالاقتصاد الأفغاني، فالمساعدات الإنسانية تراجعت في عام 2023 إلى النصف، وكانت في عام 2022 تمثل 3 مليارات دولار. كما أدَّى حظر طالبان زراعةَ الأفيون إلى خفض دخول الأسر التي تعمل في زراعته، وكان دخْل البلاد منه يتجاوز المليار دولار.

فضلًا عن ترحيل باكستان لـ400 ألف أفغاني؛ مما أدى إلى مزيد من الضغوط على سوق العمل، مع تراجع نسبي مؤقت للصادرات الأفغانية، واكب تراجع أسعار الفحم، وهي السلعة التصديرية عالية القيمة، خاصة مع تراجع طلب باكستان له، وبلغت صادرات أفغانستان من يناير/كانون الثاني إلى سبتمبر/أيلول 2023، مليارًا و300 مليون دولار، مسجلة انخفاضًا قدره 0.5 % عن ذات الفترة من العام السابق.

وسجَّلت صادرات الفحم انخفاضًا قدره 17 %، ومن ناحية أخرى ارتفعت الصادرات الزراعية التي تشكل 63 % من إجمالي الصادرات بنسبة 11 %، وزادت صادرات المنسوجات التي تشكل 14 % من إجمالي الصادرات بنسبة 44%، وساعدت الزيادة في صادرات الخضراوات إلى الهند وباكستان في تعويض انخفاض الصادرات.

وتظل باكستان أكبر سوق لصادرات أفغانستان، حيث تمثل 55 % من إجمالي الصادرات، تليها الهند بنسبة 29%، مع الأخذ في الاعتبار أن الصادرات الأفغانية إلى باكستان انخفضت بنسبة 15 % في الشهور التسعة الأولى من عام 2023.

عوامل إيجابية

إن امكانات النمو المستقبلي في أفغانستان تتوقف على قوة رأس المال البشري، فافتقاد أفغانستان للأطباء والمهندسين والمعلمين، يعوق التنمية بمفهومها الشامل، لذا وجهت طالبان جهودها نحو الأمن الداخلي، مما أدى لتدفق الطلاب إلى المدارس الابتدائية، عكس الفترات السابقة. فالأولاد ما بين 13 و18 عامًا، 4.4 % منهم التحقوا بالمدارس، وهي نسبة عالية، مقارنة بالحقب السابقة، لكن يبقى نقطة ما زالت طالبان في حاجة إلى تداركها، وهي تدنّي نسبة التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي، مما قد يلحق أضرارًا بالغة بخطوات التنمية الشاملة.

تسبَّبت قوة العملة الأفغانية في انخفاض معدلات التضخم بشكل حادّ فقد بلغ في عام 2022، نسبة 18.3 %، هذا ما أدى إلى انتعاش لقيمة الأجور، كما تم استئناف مشروع خط نقل الطاقة من قرغيزستان إلى باكستان، وهو ما سيوفر عائدات جيدة للاقتصاد.

إن المصدر الأكثر قيمة للتنمية الاقتصادية في أفغانستان هو مناجم المعادن الغنية المتوفرة على نطاق واسع في البلاد، فيوجد بها 1400 من رواسب المعادن من الأحجار الكريمة والنحاس والحديد والذهب، قدّر خبراء أميركيون هذه الثروات بـ 3 تريليونات دولار، لكن الترجيحات الأخيرة تذهب إلى أن قيمتها تتجاوز هذا الرقم.

تعدّ رواسب الليثيوم في أفغانستان ثروة ضخمة إذ تقدر بتريليون دولار، وتزداد قيمتها لأهميتها في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية التي يتزايد الطلب عليها عامًا بعد عام، وأطلق بسبب هذا على أفغانستان (مملكة الليثيوم).

تعدُّ الاستثمارات الصينية هي الأهم في أفغانستان، فشركة تشانيا الأفغانية تضخّ حاليًا استثمارات قدرها 350 مليون دولار في عدد من مشاريع توليد الكهرباء، وتصنيع الإسمنت والرعاية الصحية.

كانت حكومة طالبان وقّعت اتفاقًا في عام 2023 مع شركة شيناغانغ آسيا الوسطى للبترول والغاز الصينية؛ لاستخراج النفط من حوض أموداريا في شمال أفغانستان باستثمارات قدرها 540 مليون دولار في ثلاث سنوات.

إن كل ما سبق يؤشر على أن أفغانستان لديها فرص ولديها مشكلات موروثة، وعلاجها يعتمد على معالجة مشكلة الفقر المستشري في البلاد، والذي جعلها لسنوات من أعلى معدلات الفقر في العالم.

لذا، فإن توجه طالبان نحو الاهتمام بالتعليم ومكافحة الفساد- حيث نجحت فيهما بشكل كبير في العامين الأخيرين- يقودان على المدى البعيد إلى تغير وجه أفغانستان، لكن هذا يعتمد على مدى نمو القطاع الخاص، مع التركيز على معالجة ضعف البنية التحتية في البلاد، والعديد من المؤشرات تشير إلى نجاح نسبي في هذين المجالين، ومما يساعد أفغانستان على ذلك، هو أن المجتمع الأفغاني ليس لديه نزعة استهلاكية حادة على النمط الغربيّ.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات فضل ا عن فی عام

إقرأ أيضاً:

ورش تدريبية للسيدات على الكروشية والمكرمية والخياطة في دمياط

أصدرت وحدة تكافؤ الفرص بدمياط برئاسة مروة نبيل تقريرًا جاء حول أنشطتها المُنفذة مؤخرًا التي تهدف لتحقيق مفهوم التكافؤ بين الجميع للوصول الى نفس الحقوق والمزايا بالمجتمع .

وعقدت وحدة تكاقؤ الفرص ندوات عن التراحم الذاتي والحوار الفعال من أجل حياة تستحق أن تعاش بمجالس المدن ( دمياط ، رأس البر ، ميت أبو غالب ، كفر سعد ، عزبة البرج ) وتهدف الندوه الى التعرف على أهمية التراحم الذاتى و مع الآخرين وأهمية الحوار الفعال والدمج بينهما وتقبل الآخر وتحقيق أهداف التواصل اللاعنفي . همية استخدام التراحم الذاتى أثناء الحوار في تقليل الاحتراق النفسي وتقليل الصراع في بيئة العمل والبيئة الأسرية مما ينعكس على إنتاجية الفرد في أدواره المختلفة.

وشاركت الوحدة في البرنامج التدريبي ( التنمية المستدامة) الذي نظمه مركز التنمية البشرية بديوان عام المحافظة ، وشاركت بمعرض "المشغولات اليدوية للأشخاص ذوي الاعاقة" بنادى القوات المسلحة برأس البر.

وفي المدينة الصديقة للنساء ، نظمت وحدة تكافؤ الفرص ثلاث ورش تدريبية جديدة للسيدات والفتيات على فن المكرمية ورشتي كروشيه وتهدف تعليم السيدات الكروشية بطريقة بسيطة كنواة لصقل مهارتهن لفتح مشروعات صغيرة، وورشة آخرى للخياطة والتفصيل وتهدف تعليم السيدات الحياكة بطريقة بسيطة كنواة لصقل مهارتهن لفتح مشروعات صغيرة ، بالإضافة إلى ورشة الموضة المستدامة وتهدف لتعلم كيفية صنع مكملات ملابس واكسسوار من مواد معاد تدويرها ومواد صديقة للبيئة وإعادة تدوير الجينز وعمل وحدات مطرزة بالخيوط والخرز لإعادة استخدامها مرة أخري كمكملات واكسسوار ملابس وذلك للفتيات من ذوي الهمم.

ونظمت ورش ريادة الأعمال والتسويق الالكتروني وتهدف فتح آفاق تسويقية لمنتجات السيدات بعد تعلمهم الحرف اليدوية بالمدينة كنشاط استكمالي لتمكينهن إقتصاديا .

على صعيد آخر ، قدمت الوحدة ندوة " معا بالوعى نحميها" بمبرة فارسكور وتهدف الى التعريف باهداف الحملة وأهمية الوعي وطرق التواصل مع مكتب الشكاوي بالمجلس و أيضا خط نجدة الطفل في حالة التعرض للعنف وضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة عند الايذاء للطفل أو المرأة والاستفادة من الخدمات المقدمة من كافة الجهات التى تضمن وتساعد الأسر على الحماية ودور الخط الساخن ١٥١١٥في تقديم الدعم والمساعدة في حاله تعرض السيدات لأي مظهر من مظاهر العنف

طباعة شارك دمياط محافظ دمياط المدينة الامنة مشروعات

مقالات مشابهة

  • ورش تدريبية للسيدات على الكروشية والمكرمية والخياطة في دمياط
  • مأرب تحتضن اللقاء الإعلامي الموسع للمؤتمر الوطني للتعليم “التعليم.. الواقع والتحديات”
  • اليونيسف: ثلثا اللاجئين العائدين إلى أفغانستان من باكستان من الأطفال
  • ورشة عمل في حلب تناقش خارطة الاستثمار في المحافظة والفرص والتحديات
  • ورشة عمل في حلب تناقش خريطة الاستثمار في المحافظة والفرص والتحديات
  • بحضور محافظ حلب السيد عزام الغريب.. انطلاق ورشة عمل، بعنوان خارطة الاستثمار في محافظة حلب – الفرص والتحديات، في قاعة الأمويين بفندق شهبا حلب
  • ما انعكاسات التوتر الهندي الباكستاني على التجارة الأفغانية؟
  • حفر اسمه في تاريخ الموسيقي.. محمد عبد الوهاب ومسيرة فنية حافلة بالإنجازات والتحديات
  • مصرع طالبين إثر اصطدام قطار بهما بمزلقان الأزهر بأسيوط
  • تحقيق للجزيرة عن معادن أفغانستان النادرة وتحديات تعوق استغلالها