موسكو- أكد البيان الختامي الصادر عن الاجتماع السابع لما سمي "صيغة موسكو" للمشاورات حول أفغانستان -أمس الثلاثاء- على أهمية تطوير التعاون السياسي والتجاري والاقتصادي بين كابل ودول المنطقة والمجتمع الدولي، واندماج هذا البلد بشكل فعال في النظم الاقتصادية الإقليمية.

وشدد بيان الاجتماع -الذي انعقد في العاصمة موسكو وحضره ممثلون خاصون ومسؤولون كبار من روسيا وأفغانستان والهند وإيران وكازاخستان وقرغيزستان والصين وباكستان وطاجيكستان وأوزبكستان- على دعم ظهور أفغانستان كدولة مستقلة وسلمية، خالية من الإرهاب والمخدرات، والاستعداد لمساعدتها في تعزيز الأمن الإقليمي.

كما أكد "صيغة موسكو" على ضرورة تقديم مساعدات إنسانية دولية لكابل، وعدم تسييسها، وعلى أهمية تطوير التبادلات التجارية والاقتصادية والتعاون الاستثماري معها.

موسكو أعلنت أن حركة طالبان أكدت لها أنها لن توافق على تسليم أي شبر من أراضيها (رويترز)فكرة عبثية

وشكل هذا الاجتماع مناسبة لإطلاق مجموعة من المواقف تجاه التطورات في أفغانستان، وخاصة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رغبة بلاده باستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية وتحذيره من أن كابل قد تواجه "عواقب وخيمة" إذا رفضت ذلك.

وقال الممثل الخاص للرئيس الروسي بأفغانستان زامير كابولوف إن بلاده تدين نشر قواعد عسكرية في هذا البلد، وإنه لا توجد عندها خطط لذلك. وكشف أن وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي أكد لنظيره الروسي سيرغي لافروف أن كابل لن تسمح بنشر أية قواعد أجنبية على أراضيها، وأن هذا يشمل قاعدة باغرام.

وفي وقت سابق، شددت حركة طالبان على أنها لن تسلّم باغرام للولايات المتحدة، على الرغم من تهديدات الرئيس الأميركي. وأكد المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد أن هذه القاعدة "لا تختلف عن أي جزء آخر من الأراضي الأفغانية، وأن طالبان لن تُوافق على تسليم أي شبر من أراضيها".

إعلان

ويأتي اللقاء التشاوري الحالي وسط رهان روسي على تغزيز العلاقات مع حكومة طالبان ودفعها إلى مديات أبعد في كافة المجالات. لكن تهديدات ترامب لكابل في حال رفضت عودة القوات الأميركية إلى قاعدة باغرام احتلت الجزء الأعظم من قراءات وتحليلات المراقبين الروس.

وحسب رأي الخبير في شؤون بلدان آسيا الوسطى سيرغي كورتوف، فمن غير المرجح أن تغزو الولايات المتحدة أفغانستان بسبب هذه القاعدة. وقال للجزيرة نت إن هذه الفكرة "عبثية" لأنه خلال الأشهر الثمانية التي انقضت منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض "اعتاد العالم على أفكاره المُبالغ فيها".

ويضيف كورتوف أن الرئيس الأميركي صاغ مطلبه بضرورة "إعادة أفغانستان باغرام لمن بنوها، متناسيا أن الخبراء السوفيات هم من فعلوا ذلك في خمسينيات القرن الماضي، في عهد الملك محمد ظاهر شاه".

كابوس

ويتابع الخبير كورتوف أنه حتى لو حصلت معجزة ووافقت حركة طالبان على تسليم قاعدتها الجوية الرئيسية للأميركيين، فسيكون ذلك بمثابة كابوس للبنتاغون من حيث التكاليف واللوجستيات والأمن ومنع الهجمات "الإرهابية" المحتملة.

واستشهد بتقديرات خبراء عسكريين بأن هناك حاجة إلى ما لا يقل عن 10 آلاف جندي لتشغيل المنشأة وحمايتها بالكامل، متسائلا "كيف يمكن نقلهم وتزويدهم بالعتاد وتناوبهم؟ وهل سيقومون بالتفاوض مع روسيا مجددا بشأن استخدام مطار القفز في أوليانوفسك، كما فعلوا عام 2001 عندما شن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن الحرب على طالبان؟".

ووفق تأكيده، فإنه من المستحيل تكرار ذلك لأن العلاقات بين موسكو وواشنطن كانت مختلفة تماما آنذاك.

ومن جانبه، يقول محلل الشؤون الدولية سيرغي بيرسانوف "إذا صدقنا تقارير وسائل الإعلام الأميركية التي تفيد بأن واشنطن كانت تتفاوض سرا مع طالبان حول إمكانية استخدام باغرام، فإنه بعد إنذار ترامب تصبح فرص نجاح الحوار ضئيلة، لأنه لا يمكن للسياسيين أن يخسروا ماء الوجه أو يستسلموا أو يُظهروا ضعفا عندما يتعرضون لضغوط وتهديدات علنية".

ويوضح أنه ما إن تبدأ "دبلوماسية مكبرات الصوت، وبمجرد أن يبدؤوا في لي ذراعك علنا، يصبح التوصل إلى تسوية أمرا مستحيلا تماما كما حصل عندما طلب ترامب من الهند التوقف عن شراء النفط الروسي، لكن يبدو أن هذه القصة لم تعلّمه الكثير".

وفي حال تم أخذ كلام الرئيس الأميركي حرفيا وتهديده طالبان بـ"أمور سيئة" يتساءل بيرسانوف "فكيف سيتصرف إذا رفضوا عرضه؟

ويرى أن من غير الممكن الاستيلاء على قاعدة باغرام بالقوة ثم الاحتفاظ بها في بيئة معادية، مما يعيد فعليا الحرب في أفغانستان التي أنهاها الرئيس السابق جو بايدن.

وهذا ينطبق بشكل خاص في ظل انعدام طرق الإمداد اللوجستي، لا الطريق الشمالي عبر روسيا وجمهوريات آسيا الوسطى، ولا الطريق الجنوبي عبر باكستان؛ نظرا لأن إسلام آباد اليوم على عكس عام 2011 "أصبحت تحت نفوذ بكين" على حد قول المحلل بيرسانوف.

وزير الخارجية الأفغاني يبحث مع نظيره الروسي على هامش اجتماع صيغة موسكو

التقى وزير الخارجية الأفغاني مولوي أمير خان متقي نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش اجتماع #صيغة_موسكو، حيث بحث الجانبان سبل تعزيز العلاقات السياسية وتوسيع التعاون الاقتصادي، إلى جانب مناقشة عدد من القضايا… pic.twitter.com/QGVMnlEbuT

— Hurriyat Radio عربي (@HurriyaAR) October 7, 2025

غياب أميركي

وقد أنشئت "صيغة موسكو للمشاورات بشأن أفغانستان" عقب مشاورات ثلاثية بين روسيا والصين وباكستان في ديسمبر/كانون الأول 2016 بهدف دفع عملية المصالحة الوطنية في كابل وتسهيل إحلال السلام السريع في البلاد.

إعلان

وفي فبراير/شباط 2017، عُقدت مشاورات سداسية الأطراف بشأن أفغانستان في موسكو، ضمت موسكو وكابل وإسلام آباد وبكين وطهران ونيودلهي.

وفي أبريل/نيسان من العام ذاته، عُقد أول اجتماع للصيغة بالعاصمة موسكو وحضره نواب وزراء وممثلون خاصون من 11 دولة ضمت روسيا وأفغانستان والهند وإيران والصين وباكستان و5 جمهوريات في آسيا الوسطى.

وقد دُعيت الولايات المتحدة لحضور الاجتماعات الثلاثة الأولى للمشاورات، لكنها شاركت فقط في الاجتماع الثاني في نوفمبر/تشرين الثاني 2018 بصفة مراقب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات الرئیس الأمیرکی قاعدة باغرام صیغة موسکو

إقرأ أيضاً:

دونالد ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لمنع الولايات الأميركية من تطبيق لوائحها الخاصة بالذكاء الاصطناعي

طالب أعضاء في الكونغرس من الحزبين، ومعهم منظمات الحريات المدنية وحقوق المستهلك، بمزيد من تنظيم الذكاء الاصطناعي، مؤكدين أن الرقابة على هذه التكنولوجيا غير كافية.

وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يستهدف منع الولايات من صياغة لوائحها الخاصة بالذكاء الاصطناعي (AI)، قائلا إن هذه الصناعة المتنامية مهددة بأن يخنقها خليط من القواعد المرهِقة، بينما تخوض معركة على الصدارة مع منافسين صينيين.

ضغط أعضاء الكونغرس من الحزبين، إلى جانب جماعات الحريات المدنية وحقوق المستهلك، من أجل مزيد من التنظيم للذكاء الاصطناعي، قائلين إنه لا توجد رقابة كافية على هذه التقنية القوية.

لكن ترامب قال للصحفيين في المكتب البيضاوي يوم الخميس إن "سيكون هناك فائز واحد فقط" بينما تتسابق الدول للهيمنة على الذكاء الاصطناعي، وإن الحكومة المركزية في الصين توفر لشركاتها مكانا واحدا للحصول على الموافقات الحكومية.

قال ترامب: "لدينا استثمارات ضخمة في الطريق، لكن إذا كان عليهم الحصول على 50 موافقة مختلفة من 50 ولاية مختلفة، فانْسَ الأمر لأنه يستحيل فعل ذلك".

يوجه الأمر التنفيذي النائب العام إلى إنشاء فريق عمل جديد للطعن في قوانين الولايات، ويوجه وزارة التجارة لإعداد قائمة بالقواعد الإشكالية.

ويهدد أيضا بتقييد التمويل من برنامج نشر النطاق العريض وبرامج منح أخرى للولايات التي تعتمد قوانين للذكاء الاصطناعي.

قال ديفيد ساكس، وهو رأسمالي مخاطر لديه استثمارات واسعة في مجال الذكاء الاصطناعي ويتولى قيادة سياسات ترامب بشأن العملات المشفرة والذكاء الاصطناعي، إن إدارة ترامب ستقاوم فقط "أمثلة التنظيم الأكثر إرهاقا على مستوى الولايات" لكنها لن تعارض "إجراءات سلامة الأطفال".

ما الذي اقترحته الولايات؟

أربع ولايات هي كولورادو وكاليفورنيا ويوتا وتكساس، أقرّت قوانين تضع بعض القواعد للذكاء الاصطناعي عبر القطاع الخاص، بحسب الرابطة الدولية لمتخصصي الخصوصية.

تشمل تلك القوانين تقييد جمع بعض المعلومات الشخصية وفرض مزيد من الشفافية على الشركات.

تأتي هذه القوانين استجابةً لذكاء اصطناعي بات يتغلغل في الحياة اليومية بالفعل. فهذه التقنية تساعد في اتخاذ قرارات مؤثرة بالنسبة للأمريكيين، مثل من يحصل على مقابلة عمل، أو عقد إيجار شقة، أو قرض منزل، وحتى بعض أنواع الرعاية الطبية. لكن الأبحاث أظهرت أنها قد تخطئ في تلك القرارات، بما في ذلك عبر تفضيل جنس أو عرق بعينه.

وتلزم المقترحات الأكثر طموحا لتنظيم الذكاء الاصطناعي الشركات الخاصة بتوفير قدر من الشفافية وتقييم مخاطر التمييز المحتملة الناجمة عن برامجها القائمة على الذكاء الاصطناعي.

وعلاوة على تلك القواعد الأوسع، نظّمت ولايات كثيرة في البلاد جوانب محددة من الذكاء الاصطناعي؛ فمثلا حظرت استخدام التزييف العميق في الانتخابات وفي إنتاج الإباحية دون موافقة، كما وضعت ضوابط لاستخدام الحكومة نفسها للذكاء الاصطناعي.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • بسبب ارتداء ملابس مسلسل بيكي بليندرز.. طالبان توقف أربعة شبان في أفغانستان
  • تصعيد جوي بين روسيا وأوكرانيا وكييف تتهم موسكو بقصف سفينة تركية
  • واشنطن بوست: إلغاء مراسم منح الجنسية الأميركية عقاب جماعي يضر بسمعة البلاد
  • التوافق الوطني.. هل هو تحالف الفرصة الأخيرة لمعارضي طالبان؟
  • الرئيس التركي: السلام بين روسيا وأوكرانيا ليس ببعيد
  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • ألمانيا تتهم روسيا بتهمتين تعودان لصيف 2024 وتستدعي سفير موسكو
  • دونالد ترامب يوقع أمرا تنفيذيا لمنع الولايات الأميركية من تطبيق لوائحها الخاصة بالذكاء الاصطناعي
  • روسيا: اعتراض 90 مسيرة أوكرانية.. وإصابة 7 أشخاص قرب موسكو
  • النواب الأميركي يقر مشروع قانون التجارة مع أفريقيا