السفير رشيد خطابي يدعو إلى وضع قواعد عربية للتعامل مع الذكاء الاصطناعي
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
دعا الأمين العام المساعد رئيس قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية السفير أحمد رشيد خطابي، إلى وضع قواعد عربية طموحة تتعامل مع الذكاء الاصطناعي بقدر عال من التوازن والواقعية، بما يسهم في كسب رهان التحول الرقمي للدول الأعضاء سيما منها التي تحتاج إلى البنية التحتية المعلوماتية والتأهيل الرقمي الشامل.
وأكد السفير خطابي، في افتتاحية العدد (23) لمجلة "بيت العرب"، ضرورة السير سويا نحو بناء مجتمعات المعرفة والابتكار في منطقتنا العربية مع الأخذ بالاعتبار الخصوصيات الثقافية والمجتمعية ومستلزمات التفاعل مع المبادرات المطروحة على صعيد الأمم المتحدة والهيئة الاستشارية المعنية التابعة لها ، ومنظمة " اليونسكو" والتي تهدف الاستفادة من التوظيفات الواعدة للذكاء الاصطناعي في تسريع مسارات التنمية الشاملة.
وأشار إلى أن الحضارة الإنسانية دخلت مع بروز تطبيقات الذكاء الاصطناعي مرحلة جديدة في نطاق ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة والتي أثارت نقاشا معمقا حول ما يتيحه هذا التطور من فرص وأدوات لتجويد الاستدامة وتجاوز تباطؤ تحقيق أهداف التنمية الشاملة ومواجهة التحديات التنموية المتعددة، دون إغفال ما يكتنف هذه التطبيقات من مخاطر على أنماط العيش وفقدان الوظائف والتهديدات الجسيمة للقيم الإنسانية المتعارف عليها.
وقال السفير خطابي إن طبيعة التطور البشري يجعل من التوجه نحو المستقبل خيارا حتميا لا محيد عنه، يستلزم الانخراط في هذا التحول بتملك التقنيات التكنولوجية الذكية وتعزيز القدرات والمهارات في هذا المجال واستغلالها في خدمة القطاعات الإنتاجية والاقتصادية والاجتماعية والإعلامية.
وأكد أن قطاع الإعلام والاتصال بجامعة الدول العربية ،يعمل على رصد واستقراء المستجدات المتصلة بالذكاء الاصطناعي في سياق هذا التطور التكنولوجي الذي أصبح يحظى باهتمام خاص في أجندة اجتماعات الأمانة العامة والمجالس الوزارية بما فيها مجلس وزراء الإعلام والمنظمات المتخصصة التي تعمل تحت مظلة الجامعة العربية.
واعتبر خطابي أن الهواجس التي يثيرها الذكاء الاصطناعي على المستويات المجتمعية والقانونية والأخلاقية التي تلقي بظلالها على الاستخدامات غير الآمنة بارتباط مع احترام حقوق الإنسان ولا سيما ما يتعلق بحماية البيانات الشخصية ،لا يمكن أن تشكل عائقا أمام هذا المسار الذي يفرض نفسه على الجميع من صناع قرار ومنظمات ومراكز بحوث بدءا بعمل تشاركي يهدف إلى نشر الثقافة الرقمية والسعي نحو تقليص الفجوة الرقمية، إذ أن 89 في المائة من سكان بلدان الشمال يستخدمون الإنترنت مقابل 21 في المائة فقط في بلدان الجنوب.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السفير أحمد رشيد خطابي جامعة الدول العربية الذكاء الاصطناعي خطابي بجامعة الدول العربية الذکاء الاصطناعی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي كمرآة للإنسان: هل نحن فعلًا بهذا القبح؟
محمد بن زاهر العبري
لطالما تغنّى الإنسان بتفوّقه العقلي وتفرده الأخلاقي بين الكائنات الحية، وظل يؤمن بأن عقله هو ما يميزه ويرفعه فوق سائر الموجودات، حتى جاءت حقبة الذكاء الاصطناعي لتطرح سؤالًا جديدًا مقلقًا لا يتعلق فقط بتفوق الآلة؛ بل بكيفية انعكاس الإنسان نفسه في تلك الآلة.
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية أو أداة حيادية، بل هو بناء إنساني يحمل في طياته القيم والميول والانحيازات التي يغرسها فيه الإنسان بشكل واع أو غير واع، لذلك فإن الذكاء الاصطناعي لا يكشف فقط عن قدرات الإنسان؛ بل يعرّي نواياه ونقاط ضعفه وصراعاته الأخلاقية.
فحين درّبنا الخوارزميات على التعرّف على الوجوه مثلًا اكتشفنا أنها أكثر ميلا مع الوجوه البيضاء عن الوجوه السمراء، وحين تركنا الذكاء الاصطناعي يطوّر نفسه اعتمادًا على المحتوى المتاح على الإنترنت صار عنصريًا وكارهًا للنساء ومليئًا بالتحيّزات ذاتها التي حاولنا نفيها عن أنفسنا.
الذكاء الاصطناعي إذًا لا يخترع القبح من فراغ، بل يعكس القبح الموجود فينا، في بياناتنا، في مواقفنا، وفي قراراتنا اليومية التي لم ننتبه أحيانًا إلى ظلمها وعدم عدالتها.
كل صورة نمطية ترسّخت في المجتمع ستجد طريقها إلى الخوارزمية، وكل تحيّز مرّ دون مراجعة سيتحوّل إلى منطق برمجي محايد ظاهريًا لكنه مشوّه جوهريًا، لدرجة أننا يوما قد نجده يقول لنا: فعلا ينبغي محو فلسطين من خارطة العالم!
نحن اليوم لا نقف فقط أمام مرآة تقنية؛ بل أمام مرآة أخلاقية تسألنا عمّا فعلناه في مجتمعاتنا، وتساءلنا ماذا فعلناه بأنفسنا. الذكاء الاصطناعي لا يبتكر الشر؛ بل يستعيره من الإنسان وهذا ما يجعل سؤال المستقبل سؤالًا أخلاقيًا قبل أن يكون تقنيًا، وهو:
كيف نمنع الذكاء الاصطناعي من أن يكون امتدادًا لقبحنا؟ وكيف نحوّله إلى فرصة لإعادة النظر في أنفسنا وفي ما نعتبره طبيعيًا أو مقبولًا؟
ربما لا يكون الذكاء الاصطناعي نقمة في حد ذاته؛ بل لعنة صادقة ومرآة تكشف ما نخجل من رؤيته في وجوهنا، وإن كانت هذه الحقيقة قاسية فهي البداية الضرورية لأية محاولة تصحيح أو تغيير فحين نعرف أننا نرسم القبح في خوارزمياتنا يمكننا أن نتعلّم كيف نرسم الجمال أيضا.
رسالة المقالة هذه هي: أيها الإنسان، ما لم تزرع في قلبك الجمال والمحبة والخير، لن تجد الذكاء الاصطناعي يوما سيقترحه عليك، لأنه وببساطة انعكاسك الأخلاقي.