الأرض مهددة بفقدان أنهارها الجليدية للأبد!
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
سويسرا – تحذر دراسة جديدة من أن أكثر من نصف الأنهار الجليدية في العالم قد تختفي بحلول نهاية هذا القرن بسبب تغير المناخ.
وأظهرت الدراسة، التي أجراها علماء من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا في زيورخ وجامعة بروكسل الحرة في بلجيكا، أن ذوبان الأنهار الجليدية سيشكل تهديدا كبيرا للبيئة والمجتمعات البشرية.
وللتنبؤ بمستقبل الأنهار الجليدية، استخدم الباحثون نماذج حاسوبية لدراسة تأثير تغير المناخ على أكثر من 200 ألف نهر جليدي حول العالم.
وفي سيناريو انبعاثات منخفضة، من المتوقع أن تفقد الأنهار الجليدية حوالي 25% إلى 29% من كتلتها بحلول عام 2100. أما في حال استمرار الانبعاثات العالية، فقد ترتفع هذه النسبة إلى 46% إلى 54%. ومن المتوقع أن تكون الأنهار الجليدية في جبال الألب الأوروبية من الأكثر تأثرا، حيث قد تفقد أكثر من 75% من كتلتها. بينما ستتمكن المناطق القطبية مثل أيسلندا والقطب الشمالي الكندي من الحفاظ على جزء أكبر من جليدها حتى نهاية القرن، رغم أنها ستواجه أيضا خسائر كبيرة.
وهذا التدهور السريع يتسبب في العديد من الآثار السلبية على البيئة، من بينها تغييرات جذرية في المشهد الطبيعي وإعادة رسم الحدود الجغرافية بين الدول، كما حدث مؤخرا في إيطاليا وسويسرا بسبب ذوبان الأنهار الجليدية.
وأكد البروفيسور هاري زيكولاري، عالم الجليد بجامعة فريجي في بروكسل، أن الأنهار الجليدية تلعب دورا حيويا في العديد من المناطق من حيث إمدادات المياه والطاقة، فضلا عن تأثيرها على المخاطر الطبيعية والسياحة.
وأضاف أن ذوبان الأنهار الجليدية يساهم أيضا في ارتفاع مستويات سطح البحر، ما يزيد من خطر الفيضانات في المدن الساحلية. كما أن فقدان الأنهار الجليدية يعني خسارة مصدر حيوي للمياه العذبة التي يعتمد عليها ملايين الأشخاص في حياتهم اليومية.
ويؤدي تغيّر الأنهار الجليدية أيضا إلى تغيرات كبيرة في القدرة على عكس ضوء الشمس. فبينما يعكس الجليد الأبيض أشعة الشمس، فإن النباتات والصخور المكشوفة تمتص المزيد من الطاقة الشمسية، ما يعزز من ظاهرة الاحترار العالمي. ونتيجة لذلك، تزداد درجات الحرارة العالمية، ما يؤدي إلى تسارع تغير المناخ.
ومنذ بداية الثورة الصناعية، ساهمت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في ارتفاع درجات الحرارة، ما أدى إلى ذوبان الأنهار الجليدية بشكل سريع.
وفي ورقتهم البحثية المنشورة في مجلة The Cryosphere، حذر الباحثون من أن هناك “عدم يقين” في التنبؤات المستقبلية لتطور الأنهار الجليدية، ولكن نتائجهم تتوافق مع الدراسات السابقة. وأكدوا أن هذه التنبؤات مهمة لفهم تأثير ارتفاع مستوى سطح البحر وتغيرات الأنهار التي تعتمد على الأنهار الجليدية.
كما أوضح الفريق أنه ركز في دراسته على الأنهار الجليدية فقط، وليس على الصفائح الجليدية التي تعد أكبر وأوسع من الأنهار الجليدية، وتشكل تهديدا طويل المدى للبيئة.
المصدر: ديلي ميل
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: ذوبان الأنهار الجلیدیة
إقرأ أيضاً:
سيدي جلالة الملك: هذا حل تحديات العطش والفقر والبطالة والطاقة والأمن الغذائي في المملكة، ولكي نستمر أيضا
صراحة نيوز ـ كتب أ.د. محمد الفرجات
في وطنٍ يضيق فيه الأمل على شباب طموح يُسابق الحياة بإمكانات متآكلة، نجد أنفسنا نطرح هذا السؤال الوجودي: إلى أين يتجه مستقبل الأجيال الأردنية؟
شبابنا اليوم يرزحون تحت أثقال لا تُطاق:
بطالة تتجاوز 22%، وأحيانًا أكثر في بعض المحافظات.
دخول شهرية لا تكفي لأدنى متطلبات الحياة، فكثير من الشباب وخريجي الجامعات إن وجدوا عملا، فلا يتجاوز دخلهم الشهري 300 دينار، بينما كل بيت فيه عدد من العاطلين عن العمل، وعزوف الشباب عن الزواج خطر يهدد الأمن القومي.
كلف السكن والإيجارات تُزاحم الراتب، والنقل يستنزف الجيب، وفواتير الكهرباء والماء تحوّلت من خدمات إلى عبء دائم.
وأمام هذا الواقع، يؤجل الشباب الزواج، وإن حصل، فيفشل كثيرون في الحفاظ عليه بسبب الفقر وتراكم الالتزامات، فينكسر الاستقرار الأسري وغالبا يحدث الطلاق، وقد بدأت ملامح أزمة ديموغرافية واجتماعية تلوح في الأفق، بجانب نمو معدلات العنف والجريمة.
نحن لا نواجه فقط أزمة دخل أو فرص عمل، بل أزمة وطنية تمسّ استقرار الأسرة والسلم المجتمعي والنمو السكاني الطبيعي، وبالتالي تهدد الأمن القومي بأكمله.
أزمة المياه والعطش وتهديد القطاعات التنموية:
فمن ناحية أخرى، تتفاقم أزمة المياه، فالسدود شبه فارغة، ومياهها لم تعد تكفي، والأمطار باتت تصبح شحيحة وتنحرف عن مساقط السدود، والتغير المناخي يضرب بشدة في موقعنا الجغرافي.
المياه الجوفية بالأغوار تهبط وتزداد ملوحة، والزراعة مهددة، ومصادر دخل المزارعين تقل، والأمن الغذائي الوطني مهدد كذلك.
كما وأن المزارعين والفلاحين ومربي المواشي باتوا يهجرون موائلهم من قرى وأرياف وبوادي، ويتركون الزراعة والفلاحة وتربية المواشي، ويتوجهون للمدن الكبرى بحثا عن الوظائف، وهذا بسبب التغير المناخي وهو أمر خطير جدا كذلك.
وهنا تبرز البادية الأردنية كخيار وطني استراتيجي، لا مجرد بديل:
المياه الجوفية العميقة في الصحراء الجنوبية والوسطى والشمالية الشرقية لا تزال موردًا واعدًا يمكن الاعتماد عليه في مياه الشرب والاستخدام المنزلي وتغذية القطاعات التنموية.
وبهذا، أصبح من الضروري توجيه المد السكاني نحو البادية، حيث تتوفر الأرض والماء والطاقة والشمس، ويمكن تأسيس حياة جديدة منتجة ومستقرة.
قرى إنتاجية ذكية: حلول وطنية ذكية تحفظ الكرامة وتبني المستقبل
فلنتخيل معًا 50 قرية إنتاجية ذكية موزعة على بوادي المملكة الثلاث، تنبض بالحياة وتؤسس لاقتصاد محلي مستدام، ومجتمعات شابة تعمل وتنتج وتعيش بكرامة، ومن ناحية أخرى تدعم المملكة بالمنتج المحلي للاعتماد على الذات، وتخفف الطلب على المياه في مدن وقرى المملكة سواءا للشرب أو لغايات الصناعة والزراعة وبقية القطاعات التنموية، والأمر ذاته بالنسبة للطاقة، حيث ستعتمد هذه القرى كليا على الطاقة الشمسية.
نماذج مقترحة لسبع قرى متخصصة:
1. قرية الزراعة الذكية في بادية الأزرق
تعتمد على الزراعة الرأسية والتقنيات المائية (Hydroponics)، باستخدام الطاقة الشمسية وتحلية المياه الجوفية.
2. قرية الصناعات الغذائية في جنوب معان
تصنيع التمور، الفواكه المجففة، والمربيات، والتغليف والتصدير.
3. قرية الأعلاف وتربية المواشي في بادية الجفر
زراعة الأعلاف، تربية الأغنام والإبل، مصانع لإنتاج الأعلاف المركّبة.
4. قرية تصنيع منتجات الحليب في الموقر
إنتاج الحليب، الجبنة، اللبن، بمشاريع متوسطة محلية.
5. قرية الصناعات الصغيرة في البادية الشمالية (الصفاوي – الرويشد)
ملابس، أثاث معدني، بلاستيك، أدوات بناء خفيفة.
6. قرية الحوسبة والذكاء الاصطناعي في البادية الوسطى
مراكز تدريب رقمي، شركات ناشئة، أعمال عن بُعد.
7. قرية السياحة البيئية والتراثية في وادي رم أو الحميمة
بيوت طينية، مسارات سياحية، ضيافة بدوية بإدارة مجتمعية.
كيف يتحقق هذا المشروع؟
يُنفذ برعاية الدولة وصناديقها الاستثمارية (الضمان الاجتماعي، مخصصات اللامركزية، الصناديق السيادية… إلخ).
تُسكن هذه القرى عائلات شابة، تُمنح مساكن بسيطة وخدمات أساسية، ويُشغّلون في القطاعات الانتاجية المخصصة، بجانب إدارة وتشغيل الخدمات من تعليم وصحة ومجمعات تجارية ونقل وغيرها.
تُدار هذه المجتمعات بنظام إنتاجي تكافلي وليس ريعي.
تعتمد على الطاقة المتجددة والمياه الجوفية، وتُربط بوسائل نقل جماعية منخفضة الكلفة.
حسابات الكلفة والعائد
إذا شغّلت الدولة 100,000 شاب وشابة في هذه القرى، فإنها لا تُوفر لهم فقط العمل، بل تُخفف الضغط عن المدن، وتُعيد التوازن الديموغرافي، وتمنع دواعي العنف والجريمة، وتدفع باتجاه الأمن الغذائي، وتُعيد الأمل للأسر.
إن كلفة استمرار الوضع الحالي من بطالة، فقر، عنف مجتمعي، وانهيار اجتماعي، وعطش وشح مائي يهدد القطاعات التنموية، أعلى بكثير من كلفة هذه المشاريع الجذرية.
الدولة قادرة على تنفيذ هذا المشروع بالكامل على أراضيها، بواقع 50 قرية إنتاجية خلال 5 سنوات فقط.
ويكفي أن لا نُحمّل هذه القرى أكثر من طاقتها، بل نطلب منها فقط أن تشغّل نفسها، وتستمر، وتعتمد على ذاتها ماليا، وتنمو لتستوعب المزيد من الأجيال وتتطور من مواردها، وتمنح الأمان للمواطن الأردني. وهذا وحده إنجاز وطني عظيم.
ويمكن تمويل هذه المبادرة من خلال:
تبرعات ومساهمات الشركات الكبرى والبنوك.
استقطاب دعم مباشر من الدول الشقيقة والصديقة.
إعادة توجيه جزء بسيط من النفقات الجارية لصالح التنمية المستدامة.
صاحب الجلالة،
حين ننظر إلى البادية، لا نراها أرضًا مهجورة، بل نراها مهدًا للحلول، وموطنًا جديدًا للمستقبل الأردني.
منها يمكن أن يبدأ التوازن، ومنها يمكن أن يزدهر الأمن، ويعود الأمل، ويُبنى وطن لا يترك أبناءه خلفه.
هذه القرى الانتاجية والذكية بيئيا ومائيا وطاقيا، نحتاجها ونحن بأمس الحاجة إليها، وقد دعونا لنموذج مشابه منذ عام ٢٠١٣، وقدمنا أكثر من نموذج داعم، وما زال النداء مستمر، لكي تستمر الدولة الأردنية العتيدة.