أعلن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، أمس الأربعاء، أنه خلال زيارته إلى روسيا نهاية هذا الأسبوع، سيحمل "رسالة نصية" من المرشد الأعلى علي خامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

 

وكان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي كشف أن عراقجي سيزور موسكو نهاية الأسبوع الجاري، وسيتشاور معها بشأن المحادثات التي جرت الآونة الأخيرة بين طهران والولايات المتحدة في سلطنة عُمان.

وأوضح أن الزيارة "كان من المخطط لها سلفا، لكن ستكون هناك مشاورات بشأن المحادثات مع واشنطن".

 

وتلعب روسيا، التي لها مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي وتتمتع بحق النقض (الفيتو)، دورا في المفاوضات النووية بين الغرب وإيران بصفتها حليفا لها ومن الموقعين على الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018.

 

دعم مشروط

 

ودعت روسيا إلى التركيز على الاتصالات الدبلوماسية بدلا من الإجراءات التي قد تؤدي إلى تصعيد. والأسبوع الماضي، أجرت مع الصين وإيران مشاورات على مستوى الخبراء بشأن البرنامج النووي الإيراني في موسكو.

 

وأعلن الكرملين أنه يعول على عقد جولة ثانية من المحادثات بين واشنطن وطهران. وأضاف أن موسكو مستعدة للمساعدة في حل القضية المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني بالطرق السياسية والدبلوماسية. وأشار إلى إمكانية أن تضمن روسيا والصين اتفاقا أميركيا إيرانيا محتملا يعتمد على المفاوضات بينهما.

 

من جانبه، قال ممثل روسيا لدى المنظمات الدولية في فيينا ميخائيل أوليانوف إنه التقى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافائيل غروسي، وناقشا المفاوضات المستقبلية بين الوكالة وإيران.

 

ويرى أستاذ العلوم السياسية مصطفى نجفي أن دعم روسيا للبرنامج النووي الإيراني مشروط بعدد من المتغيرات المهمة:

 

مدى تقدم البرنامج النووي الإيراني وأهدافه.

مستوى العلاقات بين البلدين.

مستوى العلاقات بين إيران والغرب.

مستوى العلاقات بين روسيا والغرب.

وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح نجفي أن برنامجا نوويا متقدما وخارجا عن السيطرة من جانب طهران، لا يحظى بدعم روسيا بأي حال من الأحوال. وفي هذا الصدد، هناك توافق في الآراء والمصالح بين موسكو والدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة. ومع ذلك، تدعم روسيا برنامجا نوويا محدودا ومراقبا من إيران أو لا تعارضه.

 

ويعتقد نجفي أن موسكو ستستمر في دعم طهران ضد الضغوط الأميركية والأوروبية ما دامت:

أولا: تتأكد من أن مفاوضات إيران مع الولايات المتحدة لا تؤدي إلى ابتعاد طهران عن موسكو.

ثانيا: لا تؤدي إلى تصعيد التوترات واصطفاف المصالح بشكل حاد مع الغرب.

ثالثا: لا تؤثر سلبا على شراكة روسيا مع دول عربية في المنطقة وإسرائيل.

رابعا: تُؤخذ مصالح موسكو في أي مفاوضات مع الغرب في الاعتبار.

ويرى أن دعم روسيا لإيران ازداد مقارنة بالماضي في مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية، و"هو في الغالب دعم ذو طابع سياسي، ومع ذلك في المجال العسكري، تدرك طهران جيدا أنه لا يمكنها الاعتماد على دعم موسكو بشكل خاص".

 

توافق المصالح

 

من جانبه، قال الباحث السياسي علي موسوي خلخالي للجزيرة نت إنه لا يمكن تحديد نوع الضمانات التي قد تقدمها روسيا، لكن من الطبيعي أن تأخذ إيران -بصفتها شريكا إستراتيجيا لها- مصالح موسكو بعين الاعتبار خلال أي مفاوضات مع أميركا أو مع الغرب عموما.

 

ووفقا له، فإن روسيا قادرة على المساهمة في تسهيل مسار المفاوضات، ويمكن لإيران أن تعتمد على دعمها، ما دام أن هناك مصلحة لموسكو يمكن تأمينها من خلال هذه المباحثات، وهو ما قد يجعلها عاملا مساعدا في نتائجها.

 

أما الخبير في الشؤون الدولية أشكان ممبيني، فيرى أنه خلافا لما تدّعيه الدول الغربية لا يوجد أي تعارض في المصالح بين إيران وروسيا، بل إن تعاونهما في مجالات مثل الطاقة، والتسليح، والبرنامج النووي الإيراني، يُظهر توافقا تاما في المصالح.

 

وأضاف للجزيرة نت أن روسيا لطالما دعمت موقف طهران في مواجهة الضغوط غير القانونية من الولايات المتحدة وأوروبا، وأكدت على حقها المشروع في امتلاك التكنولوجيا النووية السلمية. وأوضح أن موسكو ترى في البرنامج النووي الإيراني مكوّنا أساسيا من مكونات هذا التحالف، حيث تعتبره نشاطا سلميا بالكامل، وترفض العقوبات الغربية التي تعدّها سياسية وغير منصفة.

 

وشدد ممبيني على أن الضغوط الغربية لم تؤدِ إلى إضعاف العلاقات الإيرانية الروسية، بل زادت من متانتها، ورسّخت التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف بين البلدين، مؤكدا أن طهران وموسكو حليفتان إستراتيجيتان ولاعبتان رئيسيتان في تشكيل مستقبل المنطقة والعالم.

 

وساطة مفيدة

 

أما في موسكو، فيكاد يسود إجماع في أوساط المراقبين الروس على أن الوساطة الروسية في المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة مفيدة للجمهورية الإسلامية، وأن هذه الوساطة إضافة إلى تراجع التوتر -الذى بدأ مؤخرا بين واشنطن وموسكو- سيساهمان في تخفيف التوتر في العلاقات بين طهران وواشنطن، وسينقلان جوهر المصالح الإيرانية إلى الولايات المتحدة بشكل صحيح، حسب رأيهم.

 

كما أن أي اتفاق نووي بين طهران وواشنطن مفيد لروسيا، حسبما يرى الخبير في الشؤون الشرق أوسطية أندريه أونتيكوف، وذلك من أجل تركيز موسكو على ملفات أخرى كالحرب مع أوكرانيا، ويضيف للجزيرة نت أن حل "العقدة الإيرانية" من شأنه أن ينعكس إيجابا على مسار التقارب بين روسيا والولايات المتحدة الذي ظهر مؤخرا، خصوصا ما يتصل بالملف الأوكراني.

 

لكن المتحدث لا يستبعد أن يتسبب تكثيف الحوار بين واشنطن وموسكو منذ بداية رئاسة دونالد ترامب، وظهور أمل في حل الصراع في كييف مع توقعات بتقارب بين البلدين في مجالات أخرى، في أن يراقب الإيرانيون بقلق ما يحدث، خوفا من أن تصبح طهران ورقة مساومة في لعبة دبلوماسية.

 

ووفقا له، فإن عامل النقص في الثقة موجود كذلك لدى القيادة الروسية نظرا لوجود أنصار للغرب في إيران يريدون أن يتولى ممثلو الترويكا الأوروبية (بريطانيا وألمانيا وفرنسا) وليس موسكو دور الوساطة، على الرغم من أن هذه "الترويكا دأبت على خداع طهران وانتهجت سياسة عدائية تجاهها".

 

في كل الأحوال، يقول أونتيكوف إن سيناريو انتهاء المفاوضات الإيرانية الأميركية إلى تنازلات متبادلة والتخلي عن المطالب الصارمة، من شأنه أن يحيد الهواجس الروسية الإيرانية المتبادلة وينهي اختبار متانة العلاقات الإستراتيجية بين البلدين.

 

حليف إستراتيجي

 

من ناحيته، يقول محلل الشؤون الاقتصادية أندريه زايتسيف، للجزيرة نت، إنه إذا تم حل قضية البرنامج النووي الإيراني ورفع العقوبات، فإن حليف موسكو الإستراتيجي سوف "يتنفس الصعداء" أخيرا، ويبدأ في تطوير صادراته، بل والاقتصاد الإيراني بأكمله.

 

ويتابع أنه من الناحية الاقتصادية، فإن الاتفاق بين واشنطن وطهران ليس مفيدا لموسكو، فإيران -بوصفها واحدة من أكبر منتجي النفط- يمكنها زيادة صادراتها النفطية بسرعة، وبعدها منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) بأكملها، وهو ما يهدد بانخفاض أسعار النفط العالمية.

 

وبرأي زايتسيف، بما أن تصدير المواد الخام يُعد من الركائز الأساسية للاقتصاد الروسي، فإن زيادة إمدادات النفط إلى السوق يشكل تهديدا رئيسيا لموسكو كونه يرتبط بانخفاض أسعار النفط.

 

ويشرح بأن الحديث يدور عن فقدان جزء من عائدات النقد الأجنبي وانخفاض الطلب. ومن المتوقع أن تتقلص الصادرات والواردات والاستثمارات والاستهلاك والناتج المحلي الإجمالي الروسي بسرعة في حال حدوث ذلك، في حين سيرتفع معدل التضخم وسعر الفائدة الرئيسي.

 

وبما أن تطوير العلاقات مع الدول غير الغربية يظل أولوية بالنسبة للكرملين، كما يؤكد، فسوف يحتاج إلى إيران، ومن الممكن الوصول بشكل إضافي إلى الأسواق الدولية الآسيوية من خلال الأراضي الإيرانية، لا سيما عندما تجد روسيا نفسها في وضع يتم فيه إغلاق جميع طرق الإمداد الرئيسية في وقت واحد، فإنها لن ترفض الخيارات البديلة.

 

لذلك، يرى زايتسيف أن المفاوضات بين ترامب وبوتين لا تشكل تهديدا جديا للتعاون الروسي الإيراني، ولكن في المستقبل القريب قد تكون هناك تباينات طفيفة.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: البرنامج النووی الإیرانی الولایات المتحدة العلاقات بین بین البلدین بین واشنطن للجزیرة نت دعم روسیا

إقرأ أيضاً:

ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون

يشهد الإقليم توترا متصاعدا بعد الضربة الأميركية المفاجئة التي استهدفت منشآت نووية داخل إيران، مما أثار تساؤلات عديدة حول طبيعة الرد الإيراني، وحدود التصعيد المقبل، وإمكانية انزلاق المنطقة نحو مواجهة شاملة وطويلة الأمد.

وفي الوقت الذي تؤكد فيه إسرائيل أنها حققت الهدف المركزي من الحرب، تلتزم طهران الصمت وتدرك حساسية الموقف وتسعى إلى ردع موجه دون الانزلاق إلى مواجهة مفتوحة مع الولايات المتحدة.

ويعتقد محللون أن طهران تواجه مأزقا إستراتيجيا في تحديد شكل الرد المناسب، بينما تستمر إسرائيل في تصعيد الضغط العسكري، وتسابق الوقت لتقويض القدرات الصاروخية الإيرانية قبل أن تتحول المواجهة إلى معركة استنزاف.

تنسيق إسرائيلي أميركي محكم

يقول الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا -في تصريح للجزيرة نت- إن الضربة الأميركية لم تكن قرارا مفاجئا، بل تم الإعداد لها مسبقا، وجرت محاكاة سيناريوهاتها خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن، في إطار تنسيق وثيق بين القيادة المركزية الأميركية وإسرائيل.

ويشير العميد حنا إلى أن واشنطن دخلت المعركة لاستكمال أهداف إسرائيلية عالقة، ومنح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مخرجا من أزمته السياسية.

لكنه يؤكد أن هذا التدخل فتح بابا جديدا، حيث تواجه إيران -التي اعتمدت لعقود على مبدأ "الدفاع المتقدم" عبر وكلائها الإقليميين- واقعا جديدا بعد انتقال المواجهة إلى داخل أراضيها، مما يضعف دور وكلائها في حال استمرت الحرب على شكل استنزاف طويل الأمد.

حذر محسوب ورد محدود

ويرى الكاتب والباحث أسامة أبو أرشيد -من واشنطن- أن طهران حتى الآن حددت ردها العسكري باتجاه إسرائيل، متجنبة الصدام المباشر مع الولايات المتحدة، رغم التصريحات المتكررة لقادتها العسكريين التي تؤكد أن الرد على واشنطن قادم.

ويضيف أبو أرشيد -في تصريحات للجزيرة نت- أن أحد الاحتمالات المطروحة هو شن هجمات سيبرانية، وهو ما حذرت منه وزارة الأمن القومي الأميركية.

إعلان

لكنه يشير إلى أن أي رد مباشر على قواعد أميركية في العراق أو الخليج سيضع إيران أمام معادلة صعبة "بين ردع العدو وعدم الانجرار إلى حرب مفتوحة".

ويستذكر تجربة عام 2020، حين ردت طهران على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني بضرب قاعدة عين الأسد، بعد إنذار غير مباشر لتجنب سقوط قتلى، لكن الوضع اليوم أكثر تعقيدا في ظل ضغوط انتخابية على واشنطن.

تصريحات نتنياهو

دعت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نتنياهو إلى اتخاذ القرار الصعب، واغتنام الفرصة التي أتاحتها الضربة الأميركية الأخيرة عبر الانخراط في تسوية سياسية تقود إلى وقف إطلاق النار.

ومن جانبه، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن إسرائيل تعتبر الضربة الأميركية فرصة إستراتيجية دفعتها لاستثمار اللحظة بكل قوة.

ويشير مصطفى إلى إعلان نتنياهو أن الهدف المركزي للحرب، وهو تدمير المشروع النووي الإيراني، قد تحقق. لكنه يعترف بوجود فسحة زمنية محدودة لاستكمال ضرب القدرات الصاروخية الإيرانية.

ويضيف أن إسرائيل تسعى لإنهاء الحرب بقرار إسرائيلي، مع محاولة إقناع واشنطن بتوجيه ضربة ثانية لضمان تدمير المنشآت النووية بالكامل، وتتبنى إسرائيل سياسة "الهدوء مقابل الهدوء والتصعيد مقابل التصعيد" مع الحفاظ على مسار جوي آمن لضرب أهداف إيرانية، إلى أن تفرض تسوية دبلوماسية أو تضعف قدرة إيران على الرد.

حسابات مفتوحة

يشير أبو أرشيد إلى أن الحسابات العسكرية والسياسية التي سبقت الضربة الأميركية تتسم بتعقيدات كبيرة، إذ كشفت تقارير أميركية عن قيام إسرائيل بقصف منصات دفاع جوي إيرانية لتأمين أجواء العمليات لطائرات "بي-2" الأميركية التي نفذت الهجمات.

ويؤكد أن طهران تدرك أن الضربة الأميركية لم تكن ممكنة لولا التحريض الإسرائيلي، مشيرا إلى تبني واشنطن رواية استخباراتية إسرائيلية تتعارض مع تقييمات وكالاتها بأن إيران لم تسع لتطوير سلاح نووي منذ 2003.

ويحذر أبو أرشيد من احتمال لجوء طهران إلى تأزيم الملاحة في مضيق باب المندب بدلا من إغلاق مضيق هرمز، لما لذلك من كلفة عالية على إيران.

ويتفق المحللون على أن الأزمة تتجاوز المنشآت النووية التي استهدفتها الضربات، وتمتد إلى ما يقارب 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب الذي يبدو أن إيران نقلته قبل الهجمات، إضافة إلى المعرفة النووية المتقدمة، والصواريخ الباليستية، والدور الإقليمي لطهران.

وتشن إسرائيل حربا مفتوحة على إيران منذ 13 يونيو/حزيران الجاري، تستهدف منشآت نووية ومواقع عسكرية ومدنية، كما اغتالت خلال أيام قيادات بارزة في الحرس الثوري، بينهم رئيس هيئة الأركان، إلى جانب عدد من العلماء النوويين.

ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة الإسرائيلية الإيرانية -عبر ضربات مباشرة على منشآت تخصيب اليورانيوم في فوردو ونطنز وأصفهان- ارتقى التصعيد إلى مستوى غير مسبوق.

مقالات مشابهة

  • روسيا : معاهدة منع الانتشار النووي مهددة
  • ما حدود الرد الإيراني بعد الضربة الأميركية؟ الخبراء يجيبون
  • روسيا تدين الضربات الأمريكية على طهران.. بوتين: غير مبررة وسنساعد شعب إيران
  • ضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟
  • سر زيارة وزير خارجية إيران لروسيا.. هل تتدخل موسكو في الوقت الحرج؟ فيديو
  • روسيا تخشى توماهوك الأمريكي.. اللواء مرزوق يكشف سر تخوف موسكو وتفوق الصواريخ الأمريكية
  • «فوكس نيوز»: نجل شاه إيران يبحث مع الكونجرس الأمريكي سيناريوهات ما بعد سقوط النظام الإيراني
  • وزير خارجية إيران في موسكو غدا للقاء بوتين
  • ستارمر: واشنطن اتخذت إجراءات لاحتواء تهديد البرنامج النووي الإيراني وندعو طهران للمفاوضات
  • محلل استراتيجي: البرنامج النووي الإيراني انتهى ضمنياً