الرياض

أعلنت هيئة تطوير محمية الملك عبدالعزيز الملكية عن اكتشافات أثرية استثنائية تعود إلى فترات تاريخية موغلة في القِدم، تتراوح بين القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي، عُثر عليها في منطقة روضة الخفس الواقعة جنوب المحمية، وشملت هذه الاكتشافات نقوشًا عربية مبكرة، إلى جانب رسومٍ صخرية تُجسد أشكالًا آدمية وحيوانية مما يبرز الأهمية البالغة للمحمية بوصفها معلمًا ثريًا بالتراث الإنساني والثقافي والتاريخي في المنطقة.

ويأتي الإعلان عن تلك الاكتشافات بالتزامن مع اليوم العالمي للتراث، الذي يُصادف في الثامن عشر من أبريل من كل عام ويُعد مناسبةً عالمية للاحتفاء بالمواقع التاريخية والثقافية حول العالم والتأكيد على أهمية صون التراث كجزءٍ من الهوية الإنسانية المشتركة، ليعكس ذلك التزام المملكة العربية السعودية بالحفاظ على مكتسباتها الحضارية، وإبراز تراثها الغني في المحافل الإقليمية والدولية.

وأشار الرئيس التنفيذي للهيئة المهندس ماهر بن عبدالله القثمي، أن هذه الاكتشافات الفريدة لم تكن وليدة الصدفة، بل جاءت ثمرة جهود بحث ومسح علمي دقيق، يقوده خبراء وطنيون ضمن إستراتيجيةٍ تهدف إلى توثيق التراث الثقافي والطبيعي للمحمية وضمان استدامته، انسجامًا مع مستهدفات رؤية المملكة 2030, وتم تحليل مراحل النقوش وتاريخها استنادًا إلى أنماط الحروف، التي أكدت استقرار الإنسان في هذه المنطقة بين القرن الرابع قبل الميلاد إلى القرن الأول الميلادي.
وكشفت نتائج المسح الأثري في منطقة روضة الخفس بالمحمية، عن توثيق أربع واجهات صخرية، تضمنت نقوشًا عربية مُبكرة، بالإضافة إلى رسومٍ صخرية آدمية وحيوانية ووسومٍ عُثر عليها جنوب جبل (خشم نفيخ) في المحمية، وتم تحليل المراحل التاريخية لهذه النقوش استنادًا إلى أشكال الحروف والنقوش التي عثر عليها.

وتضمنت الرسوم المكتشفة مشاهد صيد ورسومات تُصوّر فرسانًا يطاردون طائر النعام، ونقوشًا على أحد الأحجار لجملين معكوسين، بالإضافة إلى نقوشٍ عربية مبكرة تعود إلى مرحلتين تاريخيتين استنادًا إلى أشكال حروفها، أولهما المرحلة المتوسطة، وثانيهما المرحلة المتأخرة، وهي دليل على الاستقرار وإثبات للوجود البشري واستيطانهم في تلك المنطقة خلال الفترة التاريخية بين القرن الرابع قبل الميلاد إلى الأول الميلادي.

ولحماية تلك الكنوز الأثرية المكتشفة، تم تسجيل مواقعها في السجل الوطني للآثار بالتعاون مع “هيئة التراث”، لتنضم بذلك إلى المواقع الأثرية والتاريخية في المملكة العربية السعودية، وتم ربطها بخرائط رقمية تسهّل من إدارتها وحمايتها، مع بناء قاعدة بيانات مكانية تتيح الوصول إليها وتحليلها بفعالية.

وتُعَد تلك الاكتشافات إضافةً مهمةً إلى المخزون الأثري للمملكة، وداعمًا لمحاور السياحة البيئية والثقافية داخل المحمية، التي تستعد مستقبلًا لاستقبال الزوار، ويجسد هذا الإنجاز نموذجًا للتكامل بين الجهات الحكومية لحماية التراث واستثمار الكفاءات الوطنية في مختلف مجالات المسح والتوثيق الأثري.

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: قبل المیلاد نقوش ا

إقرأ أيضاً:

أمنحتب الثالث يعود للحياة.. فتح المقبرة الملكية بعد عشرين عاما من الترميم الدقيق

بعد أكثر من عقدين من العمل المتواصل والدراسة الدقيقة، التي تعاونت خلالها بعثات مصرية ودولية تحت إشراف منظمة اليونسكو، تشهد مدينة الأقصر حدثًا أثريًا استثنائيًا بإعادة افتتاح مقبرة الملك أمنحتب الثالث، أحد أعظم ملوك الأسرة الثامنة عشرة، الذي قاد مصر إلى واحدة من أزهى فتراتها حضارةً وفنًا.

يأتي هذا الافتتاح تتويجًا لجهود مضنية امتدت لأكثر من عشرين عامًا، خصصت لترميم الجدران والنقوش واستعادة الألوان الأصلية التي تعكس براعة الفنان المصري القديم.

ويعد هذا الحدث نقلة نوعية في مسيرة الحفاظ على التراث المصري، ليس فقط لما تمثله المقبرة من كنز أثري فريد يضم مشاهد نادرة توثق فلسفة الحكم والعقيدة في الدولة الحديثة، بل أيضًا لما يعكسه من نجاح تجربة التعاون الدولي في صون التراث الإنساني المشترك.

فالمقبرة التي كانت لسنوات طويلة مغلقة أمام الزوار بسبب تدهور حالتها، عادت اليوم لتفتح أبوابها.

حسين عبد البصير: مقبرة أمنحتب الثالث تعود للحياة بعد 20 عاما من الترميم

أكد الدكتور حسين عبد البصير، عالم الآثار أن مقبرة الملك أمنحتب الثالث تعرضت لتلف كبير على مدى سنوات طويلة، نتيجة عوامل متعددة مثل الرطوبة، والأملاح، وتكسر الصخور، وتلف بعض الرسوم والجدران.

وأوضح عبد البصير أن الترميم لم يكن مجرد عملية تنظيف أو تجميل، بل شمل إصلاحًا بنيويًا شاملًا للحفاظ على الاستقرار الإنشائي للمقبرة ومنع أي انهيارات مستقبلية، مشيرًا إلى أن المقبرة كبيرة الحجم وتضم غرفًا متعددة ورسومًا جدارية دقيقة تعد من أروع ما خلفته الحضارة المصرية القديمة.

وأضاف أن الفريق القائم على المشروع استخدم تقنيات حديثة في الترميم، من بينها المسح الثلاثي الأبعاد، ومراقبة الصخور، والحفاظ على ألوان الرسوم التي تأثرت بالعوامل الجوية على مر القرون.

وأشار إلى أن العمل تم على مراحل متقطعة بسبب طبيعة المشروع، إذ استلزم فترات توقف ثم إعادة انطلاق، نظرًا لأن التمويل والتنسيق مع الخبراء الأجانب ودراسة الوضع الإنشائي والبيئي احتاجت وقتًا طويلًا.

وبين عبد البصير أن المشروع جاء بقيادة أجنبية وبشراكة مع اليونسكو وجهات مصرية، ما تطلّب تنسيقًا دقيقًا والتزامًا بالمعايير الدولية والمحلية، خاصة أن الحفاظ على التراث العالمي يخضع لقوانين صارمة وإجراءات دقيقة.

وأوضح أن الاضطرابات السياسية والأمنية بعد ثورة 2011 اثرت على وتيرة العمل في كثير من المشروعات الأثرية، ومنها المقبرة، بسبب تراجع الاستقرار وتقلص التمويل والاهتمام السياحي مؤقتًا.

وأكد عبد البصير أن الفريق حرص على أن يكون افتتاح المقبرة آمنًا، وألا يؤدي الإقبال السياحي الكبير المتوقع إلى تعريضها لأي تلف جديد، مشيرًا إلى أن المشروع تضمن تجهيزات أمان وترتيبات تنظيمية دقيقة لضمان الحفاظ على المقبرة بعد فتحها للزوار.

وفيما يتعلق برمزية المقبرة التاريخية والثقافية، قال عبد البصير إن الملك أمنحتب الثالث يعد من أعظم فراعنة الأسرة الثامنة عشرة، ويمثل عصره ذروة الازدهار الفني والسياسي، موضحًا أن الرسوم والمناظر داخل المقبرة تعد من أرقى ما وصلنا من فنون ذلك العصر، وفتحها أمام الجمهور يمثل فرصة نادرة لرؤية هذا الإرث الإنساني الفريد عن قرب.

وأضاف أن الافتتاح يأتي في توقيت مناسب جدًا، بالتزامن مع استعداد مصر لافتتاح المتحف المصري الكبير، مما يخلق زخمًا ثقافيًا وسياحيًا عالميًا حول التراث المصري.

وشدد عبد البصير على أن إنجاز مشروع بهذا الحجم وبهذه الدقة يعكس كفاءة الدولة المصرية في مجال حفظ وصيانة التراث، ويؤكد أن مصر تستطيع منافسة كبرى المؤسسات الدولية في تنفيذ مشاريع ترميم عالية المستوى.

وختم حديثه قائلًا إن فتح المقبرة يمثل أيضًا فرصة علمية وبحثية كبيرة أمام علماء المصريات وخبراء الترميم، إذ يتيح لهم دراسة ميدانية أعمق، وربما اكتشاف تفاصيل جديدة لم ترصد من قبل داخل المقبرة الملكية.


 

طباعة شارك مقبرة الملك أمنحتب الثالث منظمة اليونسكو مصر المصري القديم الحضارة المصرية القديمة

مقالات مشابهة

  • ضبط 3 مواطنين لارتكابهم مخالفة الصيد في أماكن محظور الصيد فيها بمحمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • الرئيس التنفيذي لـ “هيئة تطوير محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد”: النظم البيئية الصحراوية في المملكة تتميز بتنوع أحيائي غني وإرث ثقافي فريد
  • ضبط مخالف بإشعال النار في محمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • ضبط مخالف لنظام البيئة لارتكابه مخالفة رعي في محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية
  • ضبط مخالف لنظام البيئة بعد شروعه في الصيد دون ترخيص في محمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • ضبط مواطن لارتكابه مخالفة التخييم في محمية الإمام فيصل بن تركي الملكية
  • ضبط مواطنين لارتكابهما مخالفة الشروع في الصيد دون ترخيص في محمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • مثقفون: فوز العناني بمنصب مدير عام اليونيسكو يؤكد مكانة مصر التاريخية
  • ضبط 3 مواطنين مخالفين في محمية الملك عبدالعزيز الملكية ومنطقة المدينة المنورة
  • أمنحتب الثالث يعود للحياة.. فتح المقبرة الملكية بعد عشرين عاما من الترميم الدقيق