الشارقة - الرؤية

يواصل "الفاية" في الشارقة، أحد أقدم وأهم المواقع الأثرية في شبه الجزيرة العربية، ترسيخ مكانته كمركز عالمي في دراسات تطور الإنسان، من خلال تعاونه المستمر منذ 11 عاماً مع برنامج "التطور البشري: التكيف والانتشار والتطور الاجتماعي" (HEADS) التابع لليونسكو، إذ يقدّم الموقع، الذي يعود تاريخه إلى أكثر من 210 آلاف عام، سجلاً نادراً للوجود البشري المبكر في البيئات الصحراوية، ما يجعله مرجعاً رئيسياً لفهم الهجرات الأولى والتكيف مع المناخ القاسي.

ووضع هذا التعاون الطويل بين إمارة الشارقة وبرنامج اليونسكو موقع "الفاية" كأحد المراجع العلمية الدولية في علم الإنسان القديم والآثار، وقدّم دولة الإمارات من بين أبرز المساهمين في الجهود العالمية الرامية إلى إعادة رسم خريطة نشأة الإنسان وتطوره، إذ يُعد هذا السجل الأثري الاستثنائي أحد الركائز البارزة لتطوير الأدبيات العلمية المتعلقة بالحياة البشرية المبكرة في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية.

السرد المتطور لحياة الإنسان المبكر في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية
وقالت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح الدولي "المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية": "إن الاعتراف بأهمية (الفاية) في برنامج (التطور البشري) لأكثر من عقد، يعكس التزام دولة الإمارات، وإمارة الشارقة على وجه الخصوص، بالحفاظ على تراثها العريق وتعزيز حضورها العلمي والثقافي على الساحة الدولية".


وأكدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي أن "الشارقة لم تتعامل مع الآثار باعتبارها ماضياً فقط، بل كعنصر حي من عناصر هويتنا الوطنية، ومحور استراتيجي لبناء الجسور بين الثقافات والشعوب. ويُعد (الفاية) دليلاً على قدرة الإمارة على الجمع بين الرؤية الثقافية والبحث العلمي، حيث وظّفت الشارقة إمكاناتها ومؤسساتها البحثية والأثرية والأكاديمية لترسيخ مكانة هذا الموقع بوصفه شاهداً على إحدى أقدم المحطات في مسيرة الإنسان، إذ يعزز هذا الموقع هويتنا الثقافية، ويدعم البحوث العالمية، ويدعو العالم لاكتشاف عمق جذور منطقتنا الممتدة في قصة التاريخ البشري، ويؤكد أن الشارقة مركز حضاري معاصر، وفي الوقت نفسه، مرجع أساسي في دراسة بدايات الإنسان وتطور المجتمعات".

من جهته، قال سعادة عيسى يوسف، مدير عام هيئة الشارقة للآثار: "موقع (الفاية) لعب دوراً محورياً في الحوار العلمي حول تطور الإنسان، وقدّم دليلاً أثرياً استثنائياً يعيد تشكيل فهمنا لمراحل نشوء المجتمعات البشرية في البيئات الصحراوية".

وتابع  مدير عام هيئة الشارقة للآثار: "السجل الأثري الذي يمتد لأكثر من 210 آلاف عام يوثّق تفاعلات الإنسان مع المناخ القاسي، من خلال طبقات جيولوجية تكشف عن تطور الأدوات، وطقوس الدفن، وأنماط المعيشة. وتبرز هذه المكتشفات أن (الفاية) لا يعيد رسم خرائط الهجرات البشرية فقط، بل يتحدى الفرضيات السائدة منذ عقود، ويؤكد أن الجزيرة العربية لم تكن مجرد ممر للهجرات، بل مهداً للتطور البشري بحد ذاته، حيث كانت موطناً لمجتمعات نشأت وتطورت، وأسست لأساليب معيشية واجتماعية وثقافية تعكس عمق التجربة الإنسانية وقدرتها على التكيف والابتكار في وجه التحديات البيئية".

"الفاية" يربط التاريخ المحلي بالسجل العالمي للتطور

وكواحد من أندر المشاهد الصحراوية الموثقة من العصر الحجري على مستوى العالم، يقدّم "الفاية" دليلاً فريداً على قدرة الإنسان المبكر على التكيف مع البيئات القاحلة، عبر سجل أثري يمتد لعشرات آلاف السنين. ويكشف هذا السجل تطور المجتمعات البشرية من الصيد وجمع الثمار إلى الرعي والتنقل، ويوثق مراسم جنائزية وغيرها من الممارسات التي تعكس جوانب اجتماعية وروحية وتقنية متقدمة.

كما يعزز الموقع فهمنا لكيفية إدارة الموارد والتأقلم مع التغيرات المناخية القاسية، بفضل الطبقات الرسوبية والخصائص البيئية التي وثّقت توافر المياه وتوزع النباتات والتحولات المناخية خلال العصر البليستوسيني المتأخر والهلوسيني. وتقدّم هذه الاكتشافات رؤى معمّقة حول نشأة الحضارات المبكرة.

ويُعد "الفاية" جزءاً من مجموعة محدودة من المواقع التي يتعاون معها برنامج "التطور البشري" التابع لليونسكو، إلى جانب مواقع مثل "كهوف نهر كلاسيس" التي تتضمن كهفي "بوردر" و"وندرورك" في جنوب إفريقيا، وصخور "تشيتوندو هولو" في أنغولا. لكن ما يميز "الفاية" هو موقعه في شبه الجزيرة العربية، المنطقة التي لطالما غابت عن الأدبيات المتعلقة بالهجرات البشرية. واليوم، يساهم في إعادة رسم تلك الأدبيات وترسيخ مكانة المنطقة في التاريخ المشترك للإنسانية.

وفي هذا الإطار، شارك الدكتور كنوت بريتسكي، أحد الباحثين الرئيسيين في موقع الفاية، في اجتماع برنامج "التطور البشري" لليونسكو الذي عقد في القاهرة مؤخراً، حيث قدّم عرضاً مفصلاً حول أهمية الموقع ونتائجه العلمية، مؤكداً الدور القيادي لإمارة الشارقة في مجال البحوث التراثية عالمياً.

ومع استمرار دعم ترشيحه للانضمام إلى قائمة مواقع التراث العالمي، يرسخ "الفاية" مكانته كمصدر أساسي للبحث العلمي، والتعاون الدولي، والاعتزاز الوطني، موفراً للعالم أدلة حية على بدايات الإنسان، محفوظة في طبقات هذه الأرض التي أصبحت موطننا.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

كلمات دلالية: شبه الجزیرة العربیة

إقرأ أيضاً:

"الأحرار": الاحتلال لا يأبه بالقانون الدولي ويواصل جرائمه في غزة

غزة - صفا

قالت حركة الأحرار الفلسطينية إن استمرار المجازر والجرائم اليومية في كافة مناطق قطاع غزة، وارتقاء عشرات الشهداء منذ فجر اليوم جراء الغارات المتواصلة من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي، يؤكد أنه غير ٱبه في مجتمع دولي ولا قوانين دوليه ولا العقوبات المترتبة على جرائم الحرب التي يرتكبها بالجملة.

وأدانت الأحرار في بيان لها، الثلاثاء،  الصمت العربي والعجز الدولي عن وقف شلال الدم المتدفق في قطاع غزة، والذي يحفز شهية نتنياهو وحكومته في استمرار حرب الإبادة الممنهجة بحق المدنيين العزل لا سيما أنه لا يرى أو يسمع اي إدانة أو استنكار دولي عن انتهاكاته للقوانين الدولية والإنسانية.

ودعت الأحرار الأمم المتحدة ومؤسساتها، وكل المؤسسات الحقوقية والإنسانية وذات الصلة، لأخذ موقف جريئ اتجاه حرب الإبادة والتطهير العرقي بحق القطاع والعمل على تطبيق القانون الدولي وقرارات المحاكم التي تقضي لإدانة وملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وعلى رأسهم نتنياهو وحكومته وضمان عدم إفلاتهم من العقاب.

مقالات مشابهة

  • ويندوز 10 يكمل عشر سنوات.. وإنفيديا تمدد دعمه حتى بعد انتهاء دعم مايكروسوفت
  • خبير أمني: الحملات التي تستهدف تشويه مصر في ملف غزة مخطط متكامل
  • وزير التعليم العالي يتفقد سير الامتحان الوطني لطلاب الطب البشري بجامعة دمشق
  • رئيس سلامة الغذاء: نتعاون مع الجامعات التكنولوجية لدعم تطوير الكفاءات البشرية
  • وزير “الموارد البشرية” يُشيد بتكامل الجهود الوطنية في مكافحة الإتجار بالأشخاص
  • الدبيبة يتابع انطلاق «البرنامج الوطني للإسكان والتعمير» ويؤكد على دوره كمحرّك اقتصادي وطني
  • "الأحرار": الاحتلال لا يأبه بالقانون الدولي ويواصل جرائمه في غزة
  • ليبيا والنيجر تبحثان سبل التعاون في ملف «الهجرة غير الشرعية»
  • استعدادات مكثفة لإنجاح الدورة الـ 62 من معرض دمشق الدولي التي تقام خلال الفترة من الـ 27 من شهر آب المقبل حتى الـ 5 من أيلول
  • وزير العدل : الإمارات تطور منظومة وطنية رقمية ترتكز على العدالة والشفافية وحماية حقوق الإنسان