اعتلوا خشبة مسرح دار الفنون الموسيقية بالأوبرا السلطانية مسقط بهدوء كسره تصفيق الجمهور المترقب للاستماع إلى موسيقى شرقية نابعة من أرض فلسطين الأبية، من أنامل ثلاثة شكلوا فرقة "الثلاثي جبران" منذ عام 2003 ليواصلوا مسيرة أسرة موسيقية ويكونوا الجيل الرابع من تاريخٍ ارتبط بآلة "العود" وأناشيد "الموشحات".

. إنهم الأخوة سمير ووسام وعدنان جبران، الذين كانوا ضيوفا على الأوبرا السلطانية يومي 2 و 3 فبراير الحالي قدموا خلالها للجمهور أروع المقطوعات الموسيقية.

انطلق الاحتفال باسم ارتبط بالفرقة ارتباطا وثيقا، وهو الراحل الأديب محمود درويش صوت النضال الفلسطيني، ليبدأ الأخوة الثلاثة بعزف مقطوعة "المسيرة الطويلة" بمقام نهاوند بينما يسترسل صوت محمود درويش بإلقائه العذب لأبيات من قصيدة "خطبة الهندي الأحمر: ما قبل الأخيرة، أمام الرحل الأبيض"، بعدها توالت معزوفات الثلاثي جبران من تأليف الأخوة الثلاثة، إذ قال سمير جبران مُرحّبا بالجمهور بعد المقطوعة الأولى: "نحن من أسرة موسيقية، والدنا هو الجيل الثالث من أسرة جبران الموسيقية وهو صانع أعواد، والوالدة منشدة موشحات، لم يكون لنا خيار إلى أن نكون تحت أجمل احتلال، وهو احتلال الموسيقى".

قدّم الثلاثي جبران معزوفاتهم المتعددة، منها معزوفة "أكثر من مرة" بمقام حجاز، ومعزوفة "مسار مع درويش" بمقام كرد، ومعزوفة "سما قرطبة" بمقام كرد، ومعزوفة "الأشجار التي نرتديها" بمقام "حجاز كار كرد"، ومعزوفة الأغنية الشهيرة "موطني" بمقام نهاوند، ومعزوفة "القمر المعلق" بمقام نهاوند التي أسرت الجمهور بروعة العزف والأداء الذي يرتبط بلوحة فنية سينوغرافية مبهرة؛ إذ تمثل القمر بصورة عملاقة من الولادة حتى الاكتمال، وكأنما يبحر العازفون في بحر الموسيقى لشهر كامل اكتمل خلاله القمر، وختاما بمعزوفة "زمن الصناعات" على مقام صبا التي امتزجت -كما بدأت- بأبيات محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحق الحياة" التي يقول فيها:

"علَى هَذِهِ الأَرْض مَا يَسْتَحِقُّ الحَياةْ: تَرَدُّدُ إبريلَ، رَائِحَةُ الخُبْزِ فِي الفجْرِ.. آراءُ امْرأَةٍ فِي الرِّجالِ، كِتَابَاتُ أَسْخِيْلِيوس، أوَّلُ الحُبِّ، عشبٌ

عَلَى حجرٍ.. أُمَّهاتٌ تَقِفْنَ عَلَى خَيْطِ نايٍ، وخوفُ الغُزَاةِ مِنَ الذِّكْرياتْ.

عَلَى هَذِهِ الأرْض ما يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: نِهَايَةُ أَيلُولَ، سَيِّدَةٌ تترُكُ الأَرْبَعِينَ بِكَامِلِ مشْمِشِهَا، ساعَةُ الشَّمْسِ فِي السَّجْنِ، غَيْمٌ يُقَلِّدُ سِرْبًا مِنَ الكَائِنَاتِ، هُتَافَاتُ شَعْبٍ لِمَنْ يَصْعَدُونَ إلى حَتْفِهِمْ بَاسِمينَ، وَخَوْفُ

الطُّغَاةِ مِنَ الأُغْنِيَاتْ.

عَلَى هَذِهِ الأرْضِ مَا يَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ: عَلَى هَذِهِ الأرضِ سَيَّدَةُ الأُرْضِ.. أُمُّ البِدَايَاتِ أُمَّ النِّهَايَاتِ. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى

فلسْطِين.. سَيِّدَتي: أَستحِقُّ، لأنَّكِ سيِّدَتِي، أَسْتَحِقُّ الحَيَاةْ".

كان العرض الموسيقى بالنسبة لي –وأعتقد للكثيرين إن لم يكن الجميع- مبهرًا وآسرًا إلى حد كبير، استعرض الأخوة الثلاثة مهارات عالية في العزف والأداء النابع من إحساس عميق، كان صوت الموسيقى هو المعبر بينهم، وكأنها حكايات النضال والكفاح والألم والوجع يتجسد على مسمع الجميع، وانتقالا إلى لمحات من الأمل والحلم بمستقبل حر يعيش فيه الأحرار، كان الثلاثي نجوما في سماء المسرح الذي تجسد تارة بالقمر وتارة بالنجوم وتارة بالغيوم، وزاد من روعة المعزوفات والدخول إلى أعماق وجدان الثلاثي اللوحات السينوغرافية التي تجسدت على المسرح لتعكس عمق الإحساس وتضيف للمتلقي أجواء أخاذة ليغوصوا أكثر نحو الروح فتُصنع الخيالات وروابط الانسجام.

اختتمت الأمسية التي كانت قصيرة نسبيا، فهذا الجمال لا يكفيه 70 دقيقة أو أكثر بقليل، لتصنع الأمسية ذكريات من الجمال والإبداع ستبقى بكل تأكيد لفترة طويلة وتكون محور حديث عن روعة مولودة من رحم الوجع.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

صراع داخل مايكروسوفت.. حظر كلمات «فلسطين وغزة» يشعل غضب الموظفين

أفاد تقرير صحفي بأن شركة “مايكروسوفت” فرضت قيودًا على استخدام كلمات مثل “فلسطين”، “غزة”، و”إبادة جماعية” في نظام بريدها الإلكتروني الداخلي “إكسشينج”، في خطوة قالت الشركة إنها تهدف إلى الحد من الاضطرابات الداخلية بعد تصاعد الاحتجاجات بين موظفيها على خلفية الحرب الإسرائيلية على غزة.

ووفقًا لتقرير نشره موقع “دروبسايت نيوز”، فقد تم تطبيق نظام تصفية بصمت لمنع الرسائل التي تحتوي على هذه الكلمات، دون إخطار المرسل أو المتلقي، وهو ما أثار انتقادات داخلية واتهامات للشركة بإسكات طرف واحد في النقاش السياسي الدائر.

وأكد متحدث باسم مايكروسوفت لصحيفة “ذا بوست” أن الخطوة جاءت بعد إرسال عدد من الرسائل إلى عشرات الآلاف من الموظفين دون رغبتهم، مشيرًا إلى أن “إرسال رسائل غير مرغوب فيها إلى أعداد كبيرة من الموظفين أثناء العمل ليس أمرًا مناسبًا”، وأضاف: “لدينا منصة مخصصة لمن يرغب بالمشاركة في هذه النقاشات”.

وتزامنت هذه الإجراءات مع احتجاجات متزايدة من موظفين داخل الشركة يتعاطفون مع الفلسطينيين، لا سيما من مجموعة “لا لأزور من أجل الفصل العنصري”، التي تطالب إدارة مايكروسوفت بإنهاء علاقاتها مع الحكومة والجيش الإسرائيليين.

وأظهرت وثائق إعلامية وتحقيقات صحفية أن منصة “أزور” التابعة لمايكروسوفت، والتي تقدم خدمات سحابية تشمل الذكاء الاصطناعي، استُخدمت من قبل الجيش الإسرائيلي في العمليات القتالية وجمع المعلومات الاستخبارية، فيما أبرمت الشركة صفقات بقيمة تقارب 10 ملايين دولار لدعم تلك الأنشطة خلال الحرب على غزة.

المجموعة الناشطة داخل الشركة أكدت أنها رصدت بدء تطبيق نظام التصفية يوم الأربعاء، بعد احتجاج علني عطل مؤتمر “بيلد” السنوي للمطورين الذي تنظمه مايكروسوفت، ولفتت إلى أن كلمات مثل “إسرائيل” أو تهجئات بديلة لـ”فلسطين” لا تزال تمر دون حظر، مما عزز مخاوف من “تحيز ممنهج” في سياسات الشركة.

وعلى الرغم من تصاعد الجدل، شدد مسؤول في مايكروسوفت على التزام الشركة بشراكاتها الدولية، قائلاً: “نعمل مع حكومات حول العالم لتقديم خدمات سحابية آمنة وموثوقة، وتخضع هذه الشراكات لمراجعات قانونية وأخلاقية وأمنية”.

وفي محاولة لتهدئة التوترات، أصدرت الشركة قبل أيام من مؤتمر “بيلد” تقريرًا داخليًا أكدت فيه عدم وجود “أدلة على استخدام تقنيات أزور أو الذكاء الاصطناعي لإلحاق الأذى بالأشخاص”.

مقالات مشابهة

  • غزة: كيف يوظف الحنين كآلية للتكيف النفسي؟
  • «رولينج كورت» لجودلفين يبحث عن «التاج الثلاثي»
  • والدة الشهيد غياث مطر.. حكاية تضحية ممزوجة بالآلام والفخر
  • فصل لتضامنه مع فلسطين.. موظف سابق يقاضي أرسنال الإنجليزي
  • بدء توافد قوافل حجاج فلسطين من المدينة المنورة إلى مكة المكرمة
  • جريمة مروعة.. هندي يحرق زوجته طلبت منه خفض صوت الموسيقى!
  • قصة أميركي أشعلته نار العراق.. وانطفأ على عتبة فلسطين
  • روائع بليغ ووردة وعظماء الموسيقى تضئ المسرح الكبير.. الجمعة
  • صراع داخل مايكروسوفت.. حظر كلمات «فلسطين وغزة» يشعل غضب الموظفين
  • مايكروسوف تحظر رسائل البريد التي تحتوي على كلمات فلسطين وغزة