كلمة الملكة رانيا في قمة الويب قطر
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
البوابة - الديوان الملكي
وظفت جلالة الملكة رانيا العبدالله مشاركتها اليوم في قمة الويب المنعقدة في قطر للتأكيد على ان الواقع الافتراضي على وسائل التواصل الاجتماعي نقل الحرب على غزة بتفاصيلها المرعبة ولحظاتها الدموية.
وأمام حشد كبير من الحضور قالت جلالتها "شاهدنا كيف انقلبت مساحاتنا على وسائط التواصل الاجتماعي وتحولت الصور الملونة التي كانت تعج بها حساباتنا إلى مشاهد أحادية اللون: أكفان بيضاء، أنقاض رمادية وشاشات بيضاء وسوداء تتوسطها تحذيرات من قسوة المحتوى".
وأضافت "أتردد مرات عديدة في مشاهدة ما وراء هذه التحذيرات. فبعد أكثر من 140 يوماً من الحرب أعلم تماماً ما ينتظرني: لقطات مروعة للحياة والموت من ذلك المكان الذي أصبح الأكثر بؤساً في عالمنا. رضع تغطي أجسامهم حروق موجعة، أطفال استبدلت أطرافهم بضمادات غارقة بالدماء، وأمهات يكشفن الأكفان عن وجوه ملائكية لقبلة وداع أخيرة".
وقالت "أعتقد لبرهة، وأنا أقلب مشاهد تلك الحرب التي خلت من الرحمة، أن الحال لن يزداد سوءاً... إلا أنه يتفاقم. يهوي مقياس الإنسانية إلى مستويات جديدة. أفعال لا يمكن تصورها... أصبحت أموراً اعتيادية: مستشفيات تتعرض للقصف، أماكن عبادة تُدمر، مدنيون يقتلون وبأيديهم الرايات البيضاء."
وأضافت جلالتها "سواء على الإنترنت أو أرض الواقع، لم تخدم المعايير المبهمة الفلسطينيين يوماً. انظر إلى الأسس العالمية لحقوق الإنسان، القانون الدولي، والقيم العالمية للمساواة والعدالة، ستجد ان بعض المبادئ الأساسية تُعرّف من جديد لتبرر مستوى من العنف لا يمكن تبريره إطلاقاً."
وأشارت إلى أسئلة يتردد صداها في أرجاء العالم، وتساءلت لماذا يُشجب قتل البعض لكن يبرر قتل آخرين؟ لماذا يعتبر حرمان طفل من الطعام جريمة، في حين يعتبر تجويع مليون طفل غزي نتيجة مقبولة للحرب؟ وما فائدة تغيير الاعتقادات ان لم نستطع تغيير الواقع؟ لماذا يجب اختبار إنسانية الفلسطينيين؟ لماذا على البعض ان يعمل على قدم وساق لنيل التعاطف، في حين يقدم للآخرين بلا مقابل؟ وما أهمية إيمان الملايين بأنك قد تعرضت للظلم، إذا سُمح للظلم بالاستمرار؟
وقالت "لم يكن أهل غزة يوماً أكثر ارتباطاً بالعالم من أي وقت مضى – لكنهم لم يكونوا أكثر عزلة في الوقت ذاته. قُطعت عنهم سبل الماء والغذاء والدواء والوقود وكل ما يلزم لاستمرار الحياة، لكنهم استمروا في استخدام هواتفهم للوصول إلينا."
وأضافت "قد حلم الفلسطينيون بذاك اليوم الذي سيخبرون فيه قصتهم للعالم. واليوم أصبح صوتهم مسموعاً بوضوح، لكن بأي كلفة؟" مشيرة الى أن "الدعم الجماعي جاء على حساب القتل الجماعي."
وشددت جلالتها "نحن بحاجة لوقف لإطلاق النار. وقف للدمار، وقف للنزوح.. ووقف للحرمان المتعمد. يجب على هذه الحرب ان تنتهي الآن. العرقلة المتعمدة لدخول المساعدات يجب ان تنتهي. وعلى الرهائن والمعتقلين من كلا الطرفين ان يعودوا إلى بيوتهم".
وقالت "لكن هذه هي البداية فقط. فالفلسطينيون يريدون ما يعتبره أغلبنا حقوقاً بديهية: حقهم في تقرير المصير، القدرة على حكم أنفسهم بكرامة وأمان. والتحرر من الاحتلال. ولا يمكن تحقيق أي من ذلك، دون دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل".
وأضافت "التضامن مع الفلسطينيين يجب ان لا يكون أمراً عابراً. فالملايين ممن رفعوا أصواتهم يجب ألا يسمحوا بتراجع قصة فلسطين إلى الهامش مرة أخرى". مشيرة إلى انه "حين نُخفق في الوقوف مع الحق، نُقر بلا منازع بكل ما هو باطل". "فكل صوت يحمل في مداه أمواجاً من الإمكانية. إن اتحدَت ستخلق واقعاً جديداً للشعب الفلسطيني."
وقالت "بلا شك، ما من قوة تفوق قوة جموعٍ عالمية واعية وممتعضة تطالب بنهاية ظلم تاريخي. بإمكان الضغط الشعبي ان يعيد رسم المستقبل. فالتضامن الجماعي أجبر قادة على اتخاذ خطوات اعتُقِد أنها مستحيلة... لزوال العبودية ... لإنهاء التفرقة العنصرية ... لإسقاط الجدران. فالتغيير ممكن، والظلم قابل للزوال".
وأكدت "علينا ان نُصر على عالم حيث السلام والكرامة والحرية هي حقوق بلا منازع. لأجلكم ولأجلنا... ولأجل شعب فلسطين. لأن قصتهم هي جزء من قصتنا. وفي وقوفنا معهم، نقف مع أنفسنا أيضاً."
وفي كلمتها رسمت جلالتها تدرجاً موضوعياً للقضية الفلسطينية حيث قالت "بالتأكيد، فتحت هجمات السابع من تشرين الأول فصلاً جديداً في صراع طويل. لكن القصة الأكبر امتدت لسنوات أطول من أعمار معظمنا: خمسة وسبعون عاماً لم ينعم الفلسطينيون خلالها يوماً بالسلام."
وقالت "لوقت طويل، تم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم ومصداقيتهم... وتم تحويلهم إلى شعب يمكن استباحته دون عواقب. تم تجاهل واقعهم كشعب تحت الاحتلال، وتشويه مجتمعهم المتنوع من أطباء وأساتذة وناشطين، وسحق وتجريم محاولاتهم العديدة للمقاومة غير المسلحة – من حملات الإضرابات والعصيان المدني التاريخية إلى مسيرة العودة الكبرى في غزة."
ونوهت إلى انه "تم اختزال الشعب الفلسطيني إلى أعداء في رواية لطرف آخر – صُوروا للعالم على أنهم تهديد للأمن أو إرهابيين. لكن اليوم، ولأقسى الأسباب، أصبح الفلسطينيون على مرأى العالم. فبعد ثلاثة أرباع قرن من بداية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، رأى الملايين حول العالم للمرة الأولى ما يعنيه أن تكون فلسطينياً."
وأضافت "أفعال الحرب لا تكون دائماً واضحة على هيئة قصف جوي أو كمين أو عملية اختطاف. أحياناً، يأتي العنف على صورة حصار مطبق يمتد لأكثر من سبعة عشر عاماً، أو عقود من عمليات القتل اليومية. يأتي على شكل نقاط تفتيش أو جدار عازل أو عنف من مستوطنين مسلحين أو اعتقالات بلا سبب واهانات لا تنتهي تحت وقع احتلال عسكري."
وقالت جلالتها ان "هذه هي مشكلة ما يسمى بحلقات العنف: لا يوجد اتفاق من أين تبدأ القصة، ويركز كل طرف على معاناة شعبه ويقلل من معاناة الآخرين – ودوائر الصدى الرقمي تشجع حالة التمترس بأن رأينا هو الوحيد الصائب".
وأضافت "دوائر الصدى في أذهاننا مبرمجة على رفض أي حقائق أو معلومات لا تؤكد قناعاتنا. ومع ذلك، الحرب في غزة والتي تبث للعالم مباشرةً، أظهرت بشكل واضح الاختلال في موازين القوى الذي أملى قصة هذا الصراع. وقد دُفع الكثيرون في الغرب للشك بمصداقية الصورة التي طُبعت في أذهانهم عن القضية الفلسطينية، وأنهم قد لا يمتلكون القصة الكاملة لها." مشيرة إلى انه "عندما يُسلب أحد أطراف الصراع من حقه في سرد الرواية، لا يبقى أمامنا إلا رواية منقوصة".
وأكدت "ليس من السهل زعزعة القناعات الراسخة، لكن عندما نخرج من أريحية ما هو مألوف نجد الفرصة للفهم والتواصل والنمو". منوهة إلى انه "يمكن لأحدهم القبول بأن قيام دولة إسرائيل كان - بالنسبة للكثيرين - بمثابة رد على ظلم تاريخي، وفي الوقت ذاته يُقر أن ذلك أوجد ظلماً ما زال قائماً على شعب آخر".
وقالت " لكن العديدون ممن عبروا عن هذه المشاعر واجهوا رد فعل سلبي، وكأن المساواة بين قيمة حياة الفلسطينيين والإسرائيليين هي جريمة. وكأنما الفلسطينيون موجودون خارج حدود إنسانيتنا."
وتعد قمة الويب قطر الحدث الافتتاحي لقمة الويب العالمية في الشرق الأوسط، والتي تدير عدداً من الأحداث التكنولوجية في العالم. ويجمع المؤتمر الذي يستمر لأربعة أيام ألف شركة ناشئة من 80 دولة من بينها الأردن، وتستقطب القمة نحو 12 ألف مشارك من أكثر من 120 دولة.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: الملكة رانيا قمة الويب قطر إلى انه
إقرأ أيضاً:
اعلام صهيوني: لا يمكن القضاء على حماس أو نزع سلاحها
واعتبر المحلل، في مقال مطوّل، أن الحرب على غزة "التحدي الأكبر في تاريخ الجيش الإسرائيلي"، وفق تعبير أحد كبار قادة هيئة الأركان العامة في الجيش الإسرائيلي، مشيرا إلى أن القضاء على حركة حماس بشكل كامل لم يكن أصلا هدفا للحكومة الإسرائيلية ولا للمؤسسة الأمنية.
وقال إيال إن الاتفاق الجاري بحثه يُعَدّ في نظر كثيرين في إسرائيل إنجازا سياسيا وأمنيا، لكنه لا يحقق ما روّجت له حكومة بنيامين نتنياهو في بداية الحرب من "إزالة حكم حماس"، موضحا أن ما يمكن إنجازه بالقوة العسكرية تحقق فعلا، ولكن الحركة "لن تختفي".
ويؤكد المحلل السياسي أن تدمير القدرات العسكرية والإدارية لحماس تحقق بالفعل بحسب التقديرات الإسرائيلية، إلا أن تدميرها هو هدف غير واقعي لأنها "حركة شعبية متجذّرة في المجتمع الفلسطيني، لا يمكن تفكيكها كتنظيم إلا في حالة واحدة، وربما حتى هذه غير مضمونة".
ويضيف أن هذه الحالة تتمثل باحتلال عسكري شامل وطويل الأمد للقطاع يفرض سيطرة كاملة لإسرائيل، بما في ذلك الإدارة المدنية والأمنية. غير أنه يؤكد أنه حتى مع هذه الحالة، فإنه من المشكوك فيه أن تنجح إسرائيل في تحقيق ذلك، ويوضح أن هذا الخيار "لم يكن مطروحا أصلا على الطاولة، إذ لم تعلن الحكومة ولا الجيش نية احتلال غزة أو محو حماس بالكامل".
بل إنه يشير إلى أن نتنياهو ومعه قيادات في المؤسسة الأمنية رفضوا فكرة الإدارة العسكرية المباشرة، ولم يقدموا أي تصور سياسي لما بعد الحرب.
الصعوبات في غزة
ويسلط إيال الضوء على الصعوبات التي يواجهها جيش الاحتلال في قطاع غزة، حيث هناك "أسرى محتجزون ومعارك تحت الأرض في شبكة أنفاق معقّدة وكثافة سكانية مدنية تحول دون المناورة، وضغط دولي هائل للحد من الخسائر البشرية".
ويضيف أن الاحتلال الكامل لمدينة غزة لم يكن ليحسم الحرب حتى من وجهة نظر الجيش نفسه، لأن السيطرة العسكرية لا تعني القضاء على المقاومة.
ويوضح أن أي تقدم عسكري كان سيتطلب بعد ذلك "تطهير" مناطق الوسط ثم الجنوب، وهو ما يتجاوز الزمن الذي سمح به الأميركيون لإنهاء الحرب بنهاية العام، بينما لم تكن لدى إسرائيل خطة مدنية لإدارة القطاع أو التعامل مع سكانه بعد انسحاب حماس.
ويصف المحلل السياسي الاتفاق الجاري بلورته بأنه إنجاز لإسرائيل من حيث إنه يجبر حماس في مرحلته الأولى على التخلي عن أهم أوراقها: الأسرى، لكن في المرحلة الثانية، تنتقل إسرائيل إلى انسحاب تدريجي من القطاع، في حين لا تعود حماس إلى الحكم رسميا، غير أن الجيش الإسرائيلي لن يبقى أيضا.
وبحسب الصيغة المطروحة، فإن الإدارة في غزة ستكون فلسطينية، مع مشاركة محتملة لقوات أمنية من دول عربية أو إقليمية. ويعتبر إيال أن وجود هذه القوات سيقيد عمليا حرية تحرك الجيش الإسرائيلي في القطاع.
ومع ذلك، ينقل عن مسؤول إسرائيلي كبير قوله إن من المستحيل فرض نزع الأسلحة الخفيفة في قطاع غزة في مثل هذا الواقع، رغم أن خطة ترامب تنص صراحة على إلقاء السلاح.
تخوفات من عودة حماس للحكم
ويشير المحلل السياسي إلى أن النقاش داخل مجلس الوزراء الأمني منذ أكثر من عام انتهى إلى 3 خيارات فقط لغزة بعد الحرب: إما حماس، أو السلطة الفلسطينية (حركة فتح)، أو الاحتلال الإسرائيلي المباشر، لكن إسرائيل -كما يقول- لم تختر أيا من هذه البدائل، وفضّلت الإبقاء على "الفراغ"، الأمر الذي قد يتيح لحماس الاحتفاظ بتأثيرها غير المباشر في إدارة القطاع.
وفي أفضل الأحوال، يتوقع أن تتولى السلطة الفلسطينية إدارة شكلية بدعم دولي، مع إشراف من قوة إقليمية تحدّ من قدرات حماس العسكرية، أما في أسوأ السيناريوهات، فسيكون الحكم بيد "موظفين محليين يفعلون ما تريده حماس من وراء الستار"، على حد وصفه.
ويطرح إيال السؤال المركزي وهو: كيف يمكن ضمان ألا تعود حماس للسيطرة على القطاع؟، ويجيب بأن ذلك لن يتحقق إلا عبر ذكاء سياسي ونَفَس طويل، إضافة إلى استعداد دائم لاستخدام القوة العسكرية مجددا عند الحاجة، كما يجري مع حزب الله في لبنان.
ويحذر من أنه "طالما هناك فلسطينيون في غزة، ستظل حماس موجودة حتى يقرر الفلسطينيون أنفسهم غير ذلك"، مشيرا إلى أن المواجهة مع الحركة ستكون طويلة، ولا تُحسم بعملية عسكرية واحدة.
وبحسب إيال، فإن غالبية الإسرائيليين تؤيد اتفاق ترامب لإنهاء الحرب مقابل استعادة الأسرى.
ففي استطلاع نشرته القناة الـ13، قال أكثر من 70% من الإسرائيليين إنهم يدعمون الخطة، بينما أظهر استطلاع آخر أن 74% يؤيدون إنهاء الحرب مقابل عودة الأسرى، بما في ذلك غالبية من ناخبي الائتلاف الحاكم نفسه.
ويعلق على ذلك بالقول إن "الحروب الناجحة تحتاج إلى توافق شعبي واسع"، مشيرا إلى أن الرأي العام الإسرائيلي تعب من الحرب الطويلة ويريد عودة الأسرى، لكن ذلك لا يعني التخلي عن المبدأ القائل بعدم السماح لحماس بالعودة أو التعاظم مجددا.
ويخلص المحلل السياسي إلى أن كل شيء يمكن أن ينهار في أي لحظة، إذ ما زال هناك شك في أن حماس ستوافق فعلا على إطلاق جميع الأسرى في المرحلة الأولى من الاتفاق.
ويقول إن حماس وإسرائيل تسعيان لإقناع ترامب والعالم بأن المفاوضات لم تفشل بسببهما، مشيرا إلى أن الصفقة وخطة ترامب "لا تعتبر حماس جزءا من مستقبل غزة"، لكنها في الوقت ذاته لا تنهي الصراع معها، ويذهب إلى أن المواجهة مع حماس ستستمر سنوات طويلة حتى بعد تنفيذ أي اتفاق.