دويلات بحجم الطوابع البريدية
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
بالاو – ميكرونيزيا – ناورو: هذه هي الدويلات التي أعلنت تضامنها الصريح مع الكيان المحتل، واعترضت على أحقية دولة فلسطين في العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، بخلاف 143 دولة صوتت لصالح القرار. .
لقد هرعت كل من دويلة (بالاو)، ودويلة (ميكرونيزيا)، ودويلة (ناورو) لدعم الموقف الإسرائيلي، وهي دويلات ميكروسكوبية بحجم الطوابع البريدية.
خذ على سبيل المثال دويلة (ناورو) المتقوقعة في جزيرة صغيرة واحدة لا تزيد مساحتها على 21 كيلومترا مربعا. أي بحجم أصغر حديقة عامة من الحدائق التي تجدها هنا أو هناك. وهي تبعد عن غزة بأكثر من عشرة آلاف كيلومترا. تسكنها اقليات من أصول هندو صينية، يعتمدون في معيشتهم على الثروة السمكية. يمكن شراء اصواتهم بمجموعة من الهواتف المحمولة، أو بمجموعة من القمصان الملونة وبعض علب السجائر. فالناس هناك لم يسمعوا بفلسطين، ولا يتابعون الاخبار، وليست لديهم ادنى فكرة عن حملات الابادة. .
ومع ذلك نرى ان هذه الدويلات الصغيرة، التي لا تضر ولا تنفع، أشرف مليون مرة من حكومات الأردن ومصر التي كرست جهودها لدعم الجسور البرية والبحرية، وكانت متفانية في تجهيز تل أبيب بما تحتاجه من مواد لضمان ديمومة الحرب المعلنة ضد غزة. وذلك على الرغم من علمهم المسبق ان تقييد وصول المساعدات إلى غزة مسألة حياة أو موت لمن يعانون من القصف المستمر وانعدام الأمن الغذائي. .
انظروا الآن إلى الإعلام المصري الذي تفوق على الإعلام الصهيوني في الإساءة إلى الشعب الفلسطيني. وفي تبرير الممارسات التعسفية داخل معبر رفح. .
وانظروا كيف استنفرت حكومات الأردن ومصر قواتها لحماية السفارات الاسرائيلية، ومنع التظاهرات والاعتصامات. .
كان السيسي وزبانيته يقولون أن محور فلادلفيا في رفح هو خط أحمر للسيادة المصرية، لكننا اليوم نشاهد دبابات العدو تجوب الأراضي المصرية، وترفع أعلاما كبيرة مستخفة بالسيسي ونظامه، وللأسف، اكتفى العملاء والجبناء بالتنديد فقط دون اتخاذ أي إجراء للذود عن السيادة الوطنية. .
كلمة اخيرة: أجمل ما قاله تشي جيفارا: إذا أردت تحرير وطنك ضع في مسدسك عشر رصاصات. تسعة للخونة، وواحدة للعدو. فلولا خونة الداخل ما تجرا عليك أعداء الخارج. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
ترامب يعيد صفقة القرن إلى الحياة من شرم الشيخ .. ومصر تمسك بخيوط السلام في غزة.. خبير يعلق
تتجه أنظار العالم نحو مدينة شرم الشيخ، التي تحولت إلى مسرحٍ دبلوماسي ساخن تُنسج فيه خيوط واحدة من أعقد المفاوضات في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
الحدث لم يعد محصورًا في الأطراف التقليدية، فالمشهد شهد عودة جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، يرافقه المبعوث الجديد ستيف ويتكوف، في إشارة واضحة إلى أن الإدارة الأمريكية أعادت فتح ملف التسوية بوجه جديد ولكن بفكر قديم.
ويصف المراقبون هذا التطور بأنه محاولة من واشنطن لإعادة تدوير صفقة القرن في ثوبٍ جديد، مستغلةً حالة الانهاك الميداني والسياسي التي تمر بها المنطقة لتفرض معادلة “سلام أمريكي بطابع ترامب”.
كوشنر يعود إلى المسرح... وترامب يُعيد إحياء مشروعه المؤجليؤكد الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل السيد أن عودة كوشنر إلى واجهة المشهد ليست خطوة عابرة، بل رسالة مدروسة من إدارة ترامب، مفادها أن واشنطن لا تزال تعتبر نفسها الوسيط المركزي وصاحبة القرار الأول في الشرق الأوسط.
ويضيف أن كوشنر، أحد مهندسي ما عُرف إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، يجسد الرؤية الترامبية التي تسعى إلى فرض السلام عبر القوة والتأثير الاقتصادي والسياسي، وليس عبر التوازنات التقليدية.
ويرى اللواء نبيل أن ترامب يسعى اليوم، من خلال هذه الخطوة، إلى تحقيق اختراق دبلوماسي يُضاف إلى سجله الرئاسي، وربما يمهّد للحصول على جائزة نوبل للسلام كإنجاز رمزي يرسّخ صورته كـ“رجل الصفقات الكبرى”.
يُشدد اللواء نبيل السيد على أن اختيار شرم الشيخ كمقر للمفاوضات يعكس إدراكًا دوليًا بأن مصر ما زالت رمانة الميزان في إدارة الأزمات الإقليمية، وخاصة الملف الفلسطيني.
ويضيف أن القاهرة تتحرك بمنطق الراعي المسؤول لا الوسيط العابر، فهي تنظر إلى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية أمن قومي مصري وعربي في آنٍ واحد.
ويتابع: "مصر ترفض أي تسوية مؤقتة أو جزئية، لأنها تدرك أن الحلول المؤقتة تعني عودة الحرب مجددًا، وأن الاستقرار لا يتحقق إلا بوقف دائم لإطلاق النار، وضمانات دولية، وآلية عربية لإعادة الإعمار."
ويرى اللواء نبيل أن مصر تمسك بخيوط اللعبة بدقة، موازنةً بين ضغوط واشنطن وطموحات الفلسطينيين، مع الحفاظ على موقعها كـ"صاحبة الكلمة الأخيرة" في مسار التسوية.
خطة ترامب المعدّلة... وعود براقة تخفي ألغامًا سياسيةيُحلّل اللواء نبيل السيد تفاصيل ما يُعرف بـ"خطة ترامب المعدّلة"، قائلاً إنها تبدو على السطح إنسانية ومنطقية، إذ تتحدث عن وقف لإطلاق النار ومنع التهجير وضمان وصول المساعدات الإنسانية، لكنها تحمل في جوهرها أبعادًا مقلقة تتعلق بخريطة الانسحاب الإسرائيلي وآلية إدارة غزة بعد الحرب.
ويؤكد أن البنود الخاصة بالانسحاب الإسرائيلي "غامضة وفضفاضة"، مما يمنح تل أبيب مساحة للاحتفاظ بنقاط نفوذ داخل القطاع بحجة “الأمن الميداني”.
ويصف اللواء تلك البنود بأنها انسحاب وهمي، أشبه بإعادة انتشار تُبقي غزة تحت السيطرة غير المباشرة لإسرائيل، وتؤجل الانفجار المقبل بدلًا من منعه.
يقول اللواء نبيل السيد إن الوفد الفلسطيني يتحرك في أجواء من الشك والحذر الشديدين، لا سيما وفد حركة حماس، الذي يستحضر تاريخًا طويلًا من التجارب التي تراجعت فيها إسرائيل عن التزاماتها بعد توقيع الاتفاقيات.
ويرى أن نتنياهو يواجه ضغوطًا داخلية عنيفة من اليمين المتطرف، تجعله أكثر ميلًا للمراوغة والتأجيل في تنفيذ البنود الحساسة، مثل تبادل الأسرى ورفع الحصار التدريجي عن غزة.
ويضيف أن حماس، رغم الضغوط، ترفض التسرع في التوقيع على أي اتفاق هش دون ضمانات دولية حقيقية، وتسعى عبر مشاوراتها مع القاهرة والدوحة وطهران إلى تأمين الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية قبل أي خطوة سياسية.
واشنطن تبحث عن "مشهد نصر".. أكثر من بحثها عن سلامبحسب تحليل اللواء نبيل السيد، فإن واشنطن لا تتحرك بدافع إنساني بقدر ما تتحرك بدافع صورة سياسية يريدها ترامب لنفسه.
فالبيت الأبيض يسعى إلى تسويق مشهد "الرئيس الأمريكي الذي أنهى حرب غزة" قبل الانتخابات المقبلة، في وقتٍ يتزايد فيه الانتقاد الدولي لتراجع الدور الأمريكي في المنطقة أمام تمدد موسكو وبكين.
ويضيف: "تحاول إدارة ترامب أن تُظهر للعالم أنها ما زالت تمسك بخيوط اللعبة، لكنها في الحقيقة تبحث عن انتصار إعلامي، لا عن سلام حقيقي."
مصر.. الثابت الوحيد وسط عواصف الشرق الأوسطيختتم اللواء نبيل السيد تحليله بالتأكيد على أن مصر تبقى الثابت الوحيد في معادلة الشرق الأوسط المتغيرة.
ففي الوقت الذي تتبدل فيه الإدارات الأمريكية وتتناوب العواصم على لعب أدوار الوساطة، تبقى القاهرة وحدها قادرة على الجمع بين المتناقضات، وتحويل الملفات المستعصية إلى اتفاقات قابلة للحياة.
ويقول اللواء نبيل:
"انضمام ويتكوف وكوشنر إلى مفاوضات شرم الشيخ هو اعتراف أمريكي ضمني بأن مفتاح الحل في الشرق الأوسط لا يزال في يد مصر، وأن أي تسوية لا تمر عبرها ستظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار."
في مشهدٍ تتقاطع فيه المصالح وتتصادم فيه الإرادات، تبقى شرم الشيخ اليوم أكثر من مجرد مدينة سياحية؛ إنها مركز الأعصاب السياسية للعالم العربي.
فبينما يسعى ترامب إلى تسجيل “انتصار للسلام” يحمل بصمته الشخصية، تواصل مصر دورها الثابت كحارسٍ للتوازن، ودرعٍ للعروبة، وصوتٍ للعقل وسط فوضى النار والدخان.
ووسط كل هذه التحركات، تبقى الحقيقة الأوضح أن القاهرة لا تفاوض فقط من أجل غزة.. بل من أجل استقرار المنطقة بأسرها.