يظل الاحتفال بميلاد أسطورة الإبداع وحيد حامد عادة سنوية لن تنتهى أبداً بوفاته، فالرحيل بالجسد فقط لكنه يظل خالدًا بأعماله وسيرته ومواقفه العالقة بالأذهان، لذا يظل احتفال العالم بعيد ميلاده، هو احتفاء بأسطورة إبداعية باقية رغم مرور الزمان.
رحل الكاتب الكبير وحيد حامد وترك إرثاً من الإبداع باقياً، كتبه بروحه وأخرج فيه فكره ورؤيته للحياة، فخرجت أعماله من واقع المجتمع ناطقة باسم الناس، فلمست قلوب الناس، وستظل باقية، فالمبدع لا يموت.
وعلى مدار مشوار وحيد حامد الفنى، ونحن نحتفى بميلاده الثمانين، كانت أعماله مثيرة للجدل، فهو دوماً ما يخوض فى أعماق مناطق صعبة، يصعب على غيره الخوض فيها، ما جعله مبدعاً يصعب تكراره، وهذه الأزمات التى خاضها كانت هى السبب فى نجوميته، التى جعلته باقياً وسيظل، فأعماله الفنية السينمائية كانت أو التليفزيونية لم تبتعد عن آثاره الجدل سواء مع مؤسسات الدولة المختلفة أو الرقابة على المصنفات الفنية، ولكنه وقف كحائط صد معلناً المواجهة أياً كانت جهة الصدام، ليرحل وتبقى أعماله مؤرخة لعهود زمنية كاملة.
أولى الأزمات التى واجهها الكاتب وحيد حامد كانت مع فيلم «الغول» والذى طلبت الرقابة من المخرج سمير سيف حذف المشهد الأخير من الفيلم وهو قتل عادل إمام لفريد شوقى بآلة حادة، وتدخل رئيس الرقابة على المصنفات الفنية وقتها حمدى سرور لحل الازمة، وبعد عرض الفيلم تم منعه داخل مصر وخارجها، بعد مطالب البعض باتهامه للدولة بالتواطؤ مع رجل الأعمال، وأن نهايته إسقاط على حادث اغتيال الرئيس السادات، وتم عرض الفيلم بعد توقيع 500 كاتب وفنان على وثيقة تفند آراء الرقباء.
الأزمة الثانية كانت مع فيلم "البرىء" الذى أُنتج عام 1986، وأخرجه عاطف الطيب، الفيلم منع من العرض على شاشة التليفزيون المصرى لمدة 20 عاماً، وأعاده للعرض وزير الاعلام الأسبق صفوت الشريف، خلال تفقده مدينة الإنتاج الاعلامى قابل الفنان احمد زكى وتزامن وقتها تصويره مشاهد فيلم اضحك الصورة تطلع حلوة، وسأله عن فيلم «البرىء» فأخبره «زكى» بأنه ممنوع من العرض، ليذاع مرة ثانية على شاشة التليفزيون المصرى فى أبريل 2005 بعد منعه من العرض 20 عاماً.
كما واجه «الأستاذ» مشكلات عدة مع البرلمان المصرى أولها مع فيلم «سوق المتعة» الذى انتج عام 1999 ووجه النقاد نقدًا شديدًا للفيلم لتضمنه مشاهد جنسية ساخنة اعتبروها مخلة بالآداب العامة، وتقدّموا بطلب إحاطة لسحب الفيلم من دور السينما، وأزمة جديدة مع البرلمان وفيلم «عمارة يعقوبيان»، حيث شكل مجلس الشعب عام 2006 لجنة برلمانية لتقييم الفيلم، وتقدم 112 نائبًا بطلب إحاطة، يطالبون فيه بوقف عرضه لاحتوائه على مشاهد جنسية صارخة تنافى القيم الأخلاقية للمجتمع المصرى.
فى مواجهة الجماعات الدينية المتطرفة، كان حامد على موعد مع العديد من الأزمات، بداية من فيلمه «طيور الظلام»، ووقف أمام القضاء عام 1995، بعد قيام أحد محامى الإخوان برفع قضية ضد العمل، واستكملها بمسلسل «الجماعة» الذى أثار الجدل فى جزئيه.
رحل الكاتب الكبير وحيد حامد عن عمر يناهز 77 عاماً تاركاً خلفه إرثاً فنياً لا ينضب، أرخ لتاريخ المجتمع المصرى منذ السبعينيات وحتى 2020، فهو كاتب شغله الوطن، وحمل هموم مجتمعه ليصل به إلى شاشات الدراما والسينما، فنقل أوجاع المواطن المصرى والعربى بكافة فئاته لتصبح أعماله تأريخاً حقيقياً للمجتمع المصرى فى 40 عاماً، واستطاع كشف عورات أنظمة سياسية واجتماعيه كانت سببا فى دخوله فى العديد من السجالات إعلامياً وقضائياً.
أضاف السيناريست الراحل إلى سجلات السينما والدراما المصرية العديد من الأعمال، أبرزها أفلام «طائر الليل الحزين» و«غريب فى بيتى» و«البرىء» و«الراقصة والسياسى» و«الغول» و«الهلفوت» و«الإرهاب والكباب» و«اللعب مع الكبار» و«اضحك الصورة تطلع حلوة» و«سوق المتعة» و«طيور الظلام» وغيرها، وجسد شخصيات أعماله أبرز نجوم السينما المصرية، وفى مقدمتهم عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكى ويسرا ومنى زكى وغيرهم.
ومن أبرز المسلسلات التى تحمل اسمه، «البشاير» و«العائلة» و«الدم والنار» و«أوان الورد» و«الجماعة»، و«بدون ذكر أسماء».
آخر ظهور للكاتب الراحل كان منذ أيام قليلة بمهرجان القاهرة السينمائى، حيث كرمه المهرجان واقيمت له ندوة، يمكن وصفها بندوة الوداع التى حظت لأول مره بحضور جماهيرى وفنى غير مسبوق، تسابق نجوم الفن جميعا لحضور ندوة «الأستاذ» وتحولت الندوة إلى «شهادات رد للجميل» من الفنانين الذين جسدوا أعمال الكاتب الكبير، ورغم انشغاله الدائم بتقديم الشكر لكل من سانده فى مشواره الفنى.
قالوا عنه
يسرا: مبدع لن يتكرر
قالت الفنانة يسرا، إنها كان لها الشرف العظيم والفخر أن تكون جزءًا ولو كان صغيرًا من حياة السيناريست والكاتب الراحل وحيد حامد، مؤكدة انه كانت تعتبره صديق واخ، وكان لديه رؤية عظيمة لعديد من الأمور، وتابعت الفنانة الكبيرة يسرا، كنت أتمنى ان اسجل كل لحظة لوحيد حامد وان اقوم بتدوينها، للاستفادة من خبراته العظيمة.
وأضافت: جلساتى مع وحيد حامد كان يسيطر عليها خوفه على البلد وحبه لها وتفانيه فى عمله كان غير طبيعى ولا يمكن وصفه، وكان أكبر حب فى حياة وحيد حامد هو مصر، ولا أعتقد أنه حالة من الممكن ان تتكرر بسهولة.
وأضافت: مع كل الزخم الفنى الذى قدمه وحيد حامد لم نستفد منه بشكل كاف، والكاتب الكبير كان ملىء بالحكايات، وكان لسة قدامه حاجات كتير يتكلم فيها.
درة: حبينا أيامنا مع افلامك
وكتبت الفنانة التونسية درة، عبر حسابها الشخصى على موقع تبادل الصور والفيديوهات «انستجرام»: قبل رحيلك قلت أثناء تكريمك «أنا حبّيت أيامى» ونحن أحببنا أيامك حتى التى لم نعيشها، عشناها فى أفلامك ومن خلال رؤياك الفنية، كان واحدًا ممن ساندوا بدايتى لن أنسى اللحظة التى اخترتى فيها لدور ونيسة وشرفت بالعمل معه فى «الأولة فى الغرام» وكان بمثابة أب ثانى وصديق وأستاذ ومعلم كبير، كنت قبل أن أعرفه وما زلت واحدة من عشاق فنه وكلماته، الله يرحمه ويسعده فى الجنة يا رب، ما يتعوضش وما يتنسيش.
وكتبت الفنانة راندا البحيرى: هو كان برج السرطان حبيبى علشان كده كان حنين أوى الله يرحمه قابلته مره واحده عاملنى بمنتهى الحنية والطيبة أقسم بالله.
منى زكى: علمنى معايشة الحاضر
قالت الفنانة منى زكى، أن الكاتب وحيد حامد، أثر فى بشكل كبير فى حياتى، وتابعت: «زمان كنت ممكن اشوف الحاجة من زاوية واحدة بس دلوقتى لازم ألف الدايرة كلها، علشان افهمها كويس، تكوين الرأى محتاج تشوف كل الزوايا وان الزاوية الواحدة هى المتعلقة بربنا بس.
وأكملت منى زكى: «رؤيتك لنفسك بتتغير، أنا شخص بعيش الحاضر اللى هو يعتبر الصور الملونة فى حياتى، لكن الماضى مبيعديش يوم إلا وييجى فيه لمحات، لأشخاص أثرو فينا.
طارق الشناوى: حالة استثنائية
وقال الناقد طارق الشناوى، أن الكاتب وحيد حامد حالة استثنائية فى تاريخ الدراما المصرية، هكذا وصفه فى ذكرى ميلاده، لإبداعاته وكتاباته المتميزة التى جعلته يتحول إلى بطل للعمل الفنى، أو أحد أهم أبطاله، على عكس المفهوم السائد فى السينما العربية، حيث يكون البطل هو النجم الذى يقف أمام الكاميرا.
وأضاف الشناوى أنه قدم عن وحيد حامد كتاب بعنوان الفلاح الفصيح، لأنه لم يتنكر يوماً من جذوره كواحد من الريف، بل كان يتباهى بأنه يذهب إلى المدرسة فى المرحلة الابتدائية حافى القدمين، فوحيد صنع ذاته، لدرجة أن الناس حفظت بعض الحوارات له وأصبحوا يرددوها.
وأكد أن وحيد حامد كان مؤمن بقوة بفئة الشباب، ولو راجعنا أعماله على مستوى السينمائى والدرامى، كان دائما يشاور على الجيل الجديد، على سبيل المثال، عندما كان يعمل مع المخرج شريف عرفه، كان وقتها يبلغ من العمر 29 عاماً، فى اللعب مع الكبار، فكان دائما رهانه على الجيل الجديد.
محمود قاسم: قيمة إنسانية صعب تعويضها
وقال الناقد محمود قاسم، إنّ الكاتب الراحل وحيد حامد قيمة إنسانية فنية مثقفة وطنية صعب أن تعوض مهما ظهر من كتاب، فهو كان فنانا بدرجة إنسان، وكل أعماله الفنية ما زالت تعيش حتى سنوات طويلة بسبب سلاسة أحداثها وطبيعتها البسيطة.
أوضح أنه قدم عدداً كبيراً من الأعمال الفنية المهمة خلال مشواره الفنى، منها فيلم البرىء الذى أحدث وقت عرضه ضجة كبيرة، وشاهده ما يقرب من 4 وزراء حتى تتمكن الرقابة من عرضه، فكان السيناريو لديه بُعد متعدد الزوايا، والذى أصقل قوة الفيلم إجادة المخرج عاطف الطيب تقديمه بصورة متميزة.
وتابع: «كتابات وحيد حامد تميزت بأن كل حرف كتبه كان يخرج من قلبه، لذا أفلامه لديها القدرة على أن تظل صامدة لسنوات طويلة، فكان يتميز بالصدق والرؤية المستقبلية، فكثير من الأحداث عرضها خلال أفلامه قبل حدوثها».
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وحيد حامد البرىء عاطف الطيب
إقرأ أيضاً:
اللقاء الإنساني الموسع بصنعاء يختتم أعماله بالتأكيد على تعزيز التعاون مع الشركاء المحليين والدوليين
الثورة نت/..
اختتمت اليوم الخميس بصنعاء، أعمال اللقاء الإنساني الموسع، الذي نظمه قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية والمغتربين، بعقد جلسات اليوم الرابع مع المنظمات المحلية، تحت شعار “تنسيق – تعاون – ثقة”.
وفي الجلسة جددّ وكيل قطاع التعاون الدولي بالوزارة السفير إسماعيل المتوكل، تأكيد التزام الحكومة اليمنية بمواصلة توطين العمل الإنساني وكذا التزام قطاع التعاون الدولي بتقديم ما يمكن من الدعم للمنظمات المحلية بالتنسيق والتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والجهات الحكومية ذات العلاقة والمانحين.
وأعلن عن تصميم برنامج مشترك بالتنسيق مع مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، والجهات الحكومية المعنية لدعم مشاريع بناء القدرات وتمكين المجتمع المدني، داعياً المانحين إلى فتح آليات التمويل المباشر للمنظمات اليمنية المؤهلة، بعيداً عن الوصاية والبيروقراطية.
وقال “نلتقي في اليوم الرابع من اللقاء الإنساني الموسع، لنضع الكلمة الأخيرة في مسار بدأناه قبل أيام مع المنظمات الأممية، وواصلناه مع المنظمات الدولية، ونختتمه مع أصل الحكاية وركن الميدان الثابت: منظمات المجتمع المدني اليمنية”.
وخاطب السفير المتوكل العالم بالقول: “إن منظماتنا لم تنسحب ولم تتراجع ولم تخف لأنها لم تكن أداة لسياسة، بل كانت ضميراً للناس ونداءً للحق”، مشيراً إلى أنه وبعد ثلاثة أيام من الحوارات والعروض والنقاشات، نقف على عتبة جديدة ومسؤولية في بناء شراكة عادلة، حقيقية بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني، شراكة تنطلق من الثقة بالكفاءة وتحترم الاستقلالية وتضمن التمويل العادل وتكافؤ الفرص والتأهيل والدعم المؤسسي.
وأضاف: “حين نتحدث عن منظمات المجتمع المدني اليمني، لا نروي تاريخاً من عشر سنوات فقط، بل نحكي عن هوية وطنية مغروسة في الجبال والسهول والأحياء الشعبية، وفي القرى النائية، عن رجال ونساء وشباب وفتيات حملوا همّ الناس حين غاب الآخر، وسدوا الفجوة حين انسحب الشريك وبقوا في الميدان حين سقطت الموازنات وخذلتنا بعض العناوين الدولية”.
ولفت وكيل قطاع التعاون الدولي، إلى أن المنظمات المحلية برهنت خلال الجراح أن الإنسانية ليست وظيفة، بل موقف، والعمل الإنساني ليس مجرد مشاريع، بل قضية وقيم وانتماء، مبيناً أن الحاجة اليوم في ظل انسحاب بعض المنظمات الدولية وانخفاض التمويلات، تتأكد لتوطين العمل الإنساني وتعزيز قدرة المنظمات المحلية على أن تكون في قلب التنسيق وفي مقدمة التنفيذ، وفي صدارة الشراكة مع الدولة والمانحين.
وأكد حرص الحكومة ممثلة بوزارة الخارجية – قطاع التعاون الدولي، على فتح أبواب الدعم للمنظمات بإشراكها في التخطيط والطوارئ عبر اللجان المشتركة مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وعبر اجتماعات الكتل القطاعية والدفع بإحالة كثير من المشاريع للمنظمات الدولية وتقديم التسهيلات الإدارية والقانونية ودعم جهود بناء القدرات والسعي لربط تلك المنظمات مباشرة بالمانحين، وتقديم الاستشارات الفنية للوصول إلى بوابات التمويل الدولية.
واختتم السفير المتوكل كلمته بالقول “ندرك جيدًا أن هناك تحديات كبيرة منها: صعوبة الوصول للتمويلات وتعقيد المتطلبات الفنية للمانحين وضعف الاعتراف أحيانًا بجهوزيتكم المؤسسية، لكننا نؤمن أن هذه التحديات ليست قدراً بل يمكن تحويلها إلى فرص، ونحن في قطاع التعاون الدولي، نمد أيدينا لكم بكل ثقة لتكونوا في مركز الخطة لا في هامشها وثقتنا كبيرة ليس لأنكم الأقرب، بل لأنكم الأصدق ولأنكم صوت الناس ووجه الميدان وروح هذه الأرض التي ترفض الاستسلام”.
بدورها عبرت ممثلة مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” في اليمن، روزاريا برونو، عن شكرها لدعوة وزارة الخارجية لها لحضور اللقاء الإنساني الموسع مع المنظمات الدولية والأممية والمحلية لتعزيز التعاون والتنسيق والتكامل لحماية وإنقاذ الأرواح.
وقالت “إذا كان هناك شيء واحد استذكره من صعدة وحجة وعبس، فإني وجدت العديد من اليمنيين الشجعان والمنظمات المحلية التي نعتبرها أصدقاء وزملاء في التعامل والتعاون لرفع المعاناة عن الشعب اليمني نتيجة الصراع”.
وتطرقت برونو إلى الوضع الإنساني باليمن وأسباب التدهور الاقتصادي والتأثير على الوضع الاقتصادي بسبب الحرب على البلاد، مبينة أن عدداً من المنظمات المحلية تقدّم مساعدات للمجتمع، وترحب بالنازحين ومساعدة النساء وتقديم الخدمات للأطفال، سيما في المناطق التي يصعب الوصول لها والتعاون وتحقيق الهدف المشترك المتمثل في “الإنسانية”.
وأضافت “النظام الإنساني والفريق القطري الإنساني الذي يقوم به المنسق المقيم للأمم المتحدة – منسق الشؤون الإنسانية جوليان هارنيس، هو من أجل تضمين عكس الواقع اليمني وما يجري في أنحاء البلاد، ما يتطلب أن يكون التعاون مهم وفاعل، والجميع يلعب أدوارًا مهمة في المحافظات والمناطق اليمنية”.
وشددت ممثلة مكتب “أوتشا” على ضرورة التنسيق والعمل المشترك للاضطلاع بالأدوار الإنسانية، لافتة إلى أن التحديات كبيرة وتكون أحيانًا معقدة نتيجة نقص التمويلات المقدمة للفاعلين المحليين والذي يُعد تحديًا كبيرًا بالنسبة لهم.
ونوهت بدور القطاع الخاص اليمني في دعم المنظمات المحلية في ظل الوضع الإنساني الذي أصبح أكثر صعوبة في اليمن، مضيفة “أن وزارة الخارجية ذكرت أن الوضع الإنساني أكثر صعوبة لأن العديد من الشركاء يواجهون التخفيض في النفقات والأوتشا تقوم بجهود كبيرة في زيادة التمويلات لمساعدة اليمنيين”.
وجددت برونو التأكيد على مواصلة الجهود والحوار مع الجهات المعنية في اليمن من خلال فريق متكامل من الأوتشا للعمل من أجل تغطية الفجوات الكبيرة، خاصة والجميع لن يستطيع تغطيتها في الكثير من التحديات وكذا في ظل تخفيض الدعم والتمويلات.
وثمنت جهود السلطات اليمنية التي تقدّم التسهيلات ومساعدة الشركاء، سيما وهناك كثير من الطلبات المقدمة للمشاريع والأنشطة الإنسانية من الصعب التعامل معها في ظل تعقيدات العمل الإنساني نتيجة عدم وجود التمويلات الكافية.
فيما قالت مديرة البرامج في اتحاد نساء اليمن إيمان الحمزي، في كلمة منظمات المجتمع المدني: “في لحظة إنسانية يمر بها اليمن، تتشابك الأزمات وتتضاعف التحديات، نقف اليوم لنعبر عن صوت المعاناة التي نعيشها كمنظمات ويمر بها المجتمع في ظل استمرار العدوان، وتزايد التحديات الإنسانية والاقتصادية والبيئية التي أثقلت كاهل المواطن خاصة الفئات الأشد ضعفاً من نساء وأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة”.
وأوضحت أن المنظمات المحلية واجهت خلال الفترة الماضية انخفاضاً غير مسبوق في التمويل الإنساني خاصة لعامي 2024 – 2025م، ما انعكس مباشرة على قدرتها في تنفيذ المشاريع الإنسانية وتقديم الخدمات الإنسانية، وانسحاب تدريجي لمعظم المنظمات الدولية والأممية، سيما في مناطق شمال اليمن ما شكل فجوة كبيرة في الاستجابة الإنسانية.
وأشارت الحمزي، إلى أن انسحاب المنظمات، ساهم في تفاقم معاناة الفئات الضعيفة وزادت الاحتياجات مع تدهور الأوضاع، وارتفاع معدلات النزوح الداخلي والفقر والبطالة، وأدى إلى تراجع في تلقي المنظمات المحلية الدعم لبرامجها وخدماتها الأساسية.
وبينت أن الاستهداف الصهيوني الممنهج للموانئ والمطارات والمنشآت المدنية، فاقم من معاناة السكان وعرقل دخول المساعدات الإنسانية ورفع من معدلات النزوح وزاد من عزلة المجتمعات الأشد تضرراً في وقت تتآكل فيه قدرة المنظمات المحلية على الاستجابة الفورية.
وأضافت “لا يمكن أن نغفل التحديات المتعلقة بتوطين العمل الإنساني، إذ تواجه عراقيل كبيرة أبرزها قلة الدعم في بناء قدرات المنظمات المحلية وعدم نقل الخبرات بالشكل الكافي في وقت تؤمن فيه أن توطين العمل الإنساني بات ضرورة ملحة لضمان استمرار تقديم الخدمات وتعزيز الاستجابة في الظروف الطارئة والكوارث الطبيعية”.
واستعرضت مديرة البرامج في اتحاد نساء اليمن، أبرز التحديات التي تواجه منظمات المجتمع المدني المتمثلة في شحة السيولة المالية وتجميد مبالغ معظم الشركاء في البنك الدولي والذي جعل من المنظمات عاجزة عن الإيفاء بالتزاماتها تجاه المستفيدين والمستحقين.
وشددت على ضرورة إعادة النظر في آليات التمويل لضمان الشفافية والعدالة في التوزيع وربط التمويل بحجم الاحتياج الفعلي وليس بالتوجهات السياسية والجغرافية، وتبني سياسات واضحة وفعالة لتوطين العمل الإنساني بتمكين منظمات المجتمع المدني المحلية وتعزيز دورها في التخطيط والتنفيذ والتقييم لضمان استمرار تقديم الخدمات الإنسانية.
وتم في الختام عرض مادة فيلمية حول العدوان الإسرائيلي على غزة وفلسطين والعدوان والحصار الأمريكي، السعودي والإماراتي على اليمن وما يرتكبه كيان العدو من جرائم إبادة وتجويع متعمد بحق سكان قطاع غزة منذ 22 شهراً.
كما تم عرض، ما تضمنه اليومين الأول والثاني من اللقاء الإنساني الموسع، من نقاشات ومقترحات وملاحظات وعروض للوزارات والمؤسسات الحكومية والمنظمات الأممية والدولية حول الأنشطة والتحديات والتدخلات الإنسانية المنفذة خلال السنوات الماضية.
وقدّم وليد الجبري من قطاع التعاون الدولي بوزارة الخارجية، عرضًا شاملًا عن القطاع “تنسيق – تعاون”، وأبرز التسهيلات المقدمة لشركاء المنظمات الأممية والدولية من المنظمات المحلية غير الحكومية، المتمثلة في خطيط الاستجابة وترتيب الأولويات ودعم وتشجيع أنشطة توطين العمل الإنساني وغيرها.
وتناول في سياق العرض، أهداف ومهام إدارة الحماية والدعم القانوني، بقطاع التعاون الدولي، وكذا الأهداف الفرعية لرفع الوعي القانوني لموظفي المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية العاملة في الجمهورية اليمنية وتقديم الدعم والاستشارات القانونية اللازمة لهم.
وجرى عرض مبادرة تقديم الدعم والاستشارات لمنظمات المجتمع المدني المؤهلة للوصول إلى المانحين بشكل مباشر “صندوق اليمن الإنساني YHF، الوكالات والصناديق والمؤسسات التمويلية الدولية المانحة الأخرى” للحصول على تمويل لتنفيذ مشاريع “إنسانية، إغاثية، تموينية”، بالتنسيق مع مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا”، في ظل التحديات الراهنة المتمثلة في شح التمويلات وانسحاب عدد من المنظمات الدولية العاملة باليمن.
وكان اللقاء الإنساني الموسع، ناقش في أربعة أيام، بمشاركة ممثلي المنظمات الأممية والدولية والمحلية الفاعلة، “تعزيز تنسيق جهود العمل الإنساني في اليمن ومناقشة التحديات وتداعيات انخفاض التمويلات”.
وتم خلال اللقاء تقديم عروض شاملة لمختلف الوزارات والمؤسسات الحكومية والمنظمات الأممية والدولية والمحلية حول الأنشطة والتحديات والتدخلات الإنسانية المنفذة خلال السنوات الماضية.