هل يستطيع ترامب الوفاء بوعده بإنهاء الحرب في أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 11th, February 2025 GMT
وسط عصفة من الأوامر التنفيذية والتعيينات والرسوم الجمركية والتهديدات والمبادرات الأخرى خلال الأسابيع القليلة الماضية، لا يزال دونالد ترامب يعد بالتفاوض على إنهاء سريع للحرب في أوكرانيا، وأعلن يوم الجمعة أنه تحدث بالفعل مع فلاديمير بوتين بشأن ذلك، وهذا ما يجب فعله. لدى ترامب استراتيجية قابلة للتطبيق، لكن تحقيق ذلك سيكون صعبا.
لقد دمرت الحرب اقتصاد كلا البلدين، وأضعفت جيشيهما، وأثرت على سكانهما. وتشير التقديرات إلى أن عدد القتلى قد وصل إلى مئات الآلاف. كما انخفض عدد سكان أوكرانيا بمقدار الربع، أي نحو 10 ملايين شخص، منذ الغزو الروسي. ووصف وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، الوضع مؤخرًا بأنه «مأزق وصراع طويل ودموي ثم يجب أن ينتهي».
يحتاج ترامب إلى إقناع الأطراف الرئيسية بالجلوس إلى طاولة المفاوضات ثم التوصل إلى اتفاق. الوضع المأساوي الذي تعيشه أوكرانيا يجعل كييف أكثر انفتاحا على المفاوضات مقارنة بأي وقت مضى منذ فشل آخر محاولة في ربيع عام 2022. لكن إقناع الأطراف الأخرى سيكون أكثر صعوبة، بدءا من روسيا.
قال ترامب في 20 يناير، عندما سُئل عن خطته لإنهاء الحرب: «عليّ أن أتحدث مع الرئيس بوتين»، وهو محق. هذه هي الطريقة الوحيدة لإنهاء إراقة الدماء. لكن لجلب موسكو إلى طاولة المفاوضات ودفعها نحو محادثات جادة، يحتاج ترامب إلى أوراق ضغط. ولهذا، هدد بفرض عقوبات اقتصادية أكثر صرامة على روسيا، كما سعى إلى استنزاف خزينة بوتين الحربية عبر خفض أسعار النفط. وفي الوقت نفسه، قدم حوافز مثل تخفيف العقوبات مقابل التعاون في تحقيق السلام.
من اللافت أن ترامب يريد أن تؤدي الصين دورا في المفاوضات، وهو تحرك ذكي. فقد دعمت الصين مجهود روسيا الحربي وتمتلك نفوذا على الكرملين، كما أنها أعلنت رغبتها في إنهاء الحرب. لكن هذه الفكرة قد تتعارض مع الموقف المعادي للصين الذي يتبناه بعض المسؤولين في إدارة ترامب، بمن فيهم روبيو، أكبر دبلوماسي في فريقه، ما قد يؤدي إلى إفشال الخطة.
سيتعين على ترامب أيضا إقناع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا بدعم مبادرة السلام، وإلا فقد يعمل بعضهم على تقويض جهوده. تدرك العديد من العواصم الأوروبية أن التوصل إلى تسوية للصراع سيكون في مصلحتها، لكنها دعمت أوكرانيا بقوة لدرجة قد تجعلها غير قادرة على دعم أي دبلوماسية قد تؤدي إلى تسوية غير مرضية لكييف. وقد يكون بعض القادة الأوروبيين، مثل كايا كالاس، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، متشككين في الفكرة، نظرا لمواقفهم السابقة تجاه الحرب.
وإذا نجح ترامب في جمع جميع هذه الأطراف إلى طاولة المفاوضات، فسيواجه مجموعة من القضايا الخلافية الشائكة. أحد أكبر هذه القضايا هو مستقبل التوجه الاستراتيجي لأوكرانيا. هل ستبقى محايدة، أم ستتوجه نحو الغرب، أم ستتبنى موقفًا وسطيًا؟ قد لا تقبل روسيا وقف إطلاق النار إذا كان يعني انجراف كييف نحو الغرب في المستقبل، في حين قد ترفض أوكرانيا أي اتفاق لا يمنحها هذا الأمل.
كما أن أوكرانيا سترفض على الأرجح أي اتفاق لا يتضمن ضمانات أمنية تمنع وقوع هجوم روسي جديد في المستقبل. هناك عدة خيارات لتقديم مثل هذه الضمانات، بدءا من انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو، إلى نشر قوة حماية متعددة الجنسيات، أو ببساطة تقديم وعود بزيادة المساعدات العسكرية لكييف في حال تعرضها لهجوم مجددا. لكن الاتفاق على الخيار الأفضل سيكون معقدا، نظرا لاختلاف مواقف أوروبا والولايات المتحدة وأوكرانيا وروسيا بشأن المسألة.
إلى جانب ذلك، هناك العديد من القضايا الشائكة الأخرى، مثل وضع الأوكرانيين الذين يعيشون في الأراضي المحتلة من قبل روسيا، ووضع تلك الأراضي نفسها، بالإضافة إلى مطالب روسيا المستمرة، ولكن غير الواقعية، بإعادة هيكلة أمنية شاملة لأوروبا. هذه القضايا ستتطلب من ترامب مهارات دبلوماسية كبيرة للوصول إلى اتفاق. وما إذا كان لديه الصبر الكافي لإنجاز هذه المهمة الدبلوماسية المعقدة للغاية أمر غير مؤكد.
قد ينتهي الأمر بترامب إلى تبني سياسة «الإهمال المتعمد» تجاه أوكرانيا، لا سيما إذا تبنت كييف موقفا تفاوضيا متشددا، أو إذا شعر بأن بوتين في طريقه للفوز في الحرب ولم يرغب في أن يكون في صف الطرف الخاسر. في هذه الحالة، قد يندد ترامب بروسيا لفظيا بسبب العنف، لكنه لن يفعل الكثير لوقف تدميرها لبقية أوكرانيا.
هناك تهديد أكبر إذا تفاوض ترامب ثم خسر المواجهة أمام بوتين، على سبيل المثال، إذا رفض بوتين علنا خطة السلام الخاصة به أو شنّ هجوما واسع النطاق أثناء المفاوضات. لم يتردد ترامب في السابق في إصدار أوامر باغتيال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني، عام 2020، وليس من المستبعد أن يستخدم القوة ضد الروس في أوكرانيا إذا كان ذلك ضروريا لحفظ ماء وجهه. مثل هذا التصعيد قد يؤدي إلى مواجهة غير خاضعة للسيطرة بين قوتين نوويتين.
خلال الشهر أو الشهرين المقبلين، سيتحدد ما إذا كانت الحرب ستتجه نحو المفاوضات. ترامب يطمح إلى وقف إطلاق نار خلال تلك الفترة، لكن هذا يبدو غير مرجح. ومع ذلك، يجب أن يتضح قريبا ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة جادة في بدء العمل الدبلوماسي المضني الذي ستتطلبه أي محاولة ناجحة للسلام.
علينا جميعا أن نأمل ذلك. لقد آن الأوان لإنهاء هذه الحرب، من أجل مصلحة الولايات المتحدة، وأوكرانيا، والعالم بأسره.
كريستوفر إس تشيفيس هو زميل بارز ومدير برنامج السياسة الأمريكية في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي.
عن الجارديان البريطانية
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: ما إذا
إقرأ أيضاً:
الكرملين ردا على تعليقات ترامب: روسيا اكتسبت مناعة من العقوبات
عواصم " وكالات ": جدد الرئيس الامريكي دونالد ترامب تهديداته المباشرة الى روسيا من أجل إنهاء القتال في اوكرانيا أو مواجهة عقوبات جديدة.
وصرح ترامب لصحافيين ردا على سؤال عن هذه المهلة "عشرة أيام اعتبارا من امس".
وجاء كلام ترامب في طريق عودته من المملكة المتحدة الى واشنطن. وكان ترامب قد اعلن في وقت سابق من هذا الاسبوع أنه قلص مهلة سابقة منحها لموسكو من 50يوما الى ما بين عشرة و12 يوما لإنهاء حربها في أوكرانيا.
وأكد الرئيس الأمريكي أنه لم يسمع اي رد فعل من نظيره الروسي فلاديمير بوتين على هذا التهديد، وقال "لم اتلق أي رد..وهذا معيب".
واضاف "سنفرض رسوما جمركية وما إلى ذلك"، قبل أن يتدارك "لا أعلم ما إذا كان ذلك سيؤثر على روسيا لأن من الواضح أن (بوتين) يريد استمرار الحرب".
من جانبه، أثنى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على "تصميمه الصريح" في قراره بتقليص المهلة الزمنية لروسيا لإحراز تقدم نحو إنهاء الحرب الروسية مع أوكرانيا.
وكتب زيلينسكي على منصة إكس "موقف واضح وتصميم صريح من (ترامب) في الوقت المناسب، إذ يمكن أن يتغير الكثير من خلال القوة من أجل سلام حقيقي".
وأضاف "أشكر الرئيس ترامب على تركيزه على إنقاذ الأرواح ووقف هذه الحرب المروعة".
وفي السياق، قال الكرملين اليوم الأربعاء إن روسيا تواصل الأخذ في الاعتبار جميع التعليقات التي أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكنها اكتسبت مناعة من العقوبات لأنها خضعت لعدد كبير منها على مدى فترات طويلة.
وجدد الكرملين رفضه التعليق على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتقليص المهلة المحددة لموسكو للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا من 50 يوما إلى 12-10 يوما، واكتفى متحدث باسمه امس بالقول:"إن موسكو على علم بهذه الخطوة".
ونقلت وكالة أنباء تاس الروسية الرسمية عن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف قوله: "لقد علمنا ببيان الرئيس ترامب اليوم".
وفي وقت سابق من هذا الشهر، هدد ترامب بفرض رسوم جمركية "صارمة" على الشركاء التجاريين لروسيا إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار في غضون 50 يوما، مانحا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مهلة حتى 2 سبتمبر المقبل.
لكن خلال اجتماع مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أمس، قال ترامب إنه خفض المهلة التي منحها لبوتين من 50 يوما "إلى عدد أقل"، قائلا إن هذا قد يكون "10 أو 12 يوما".
وبرر ترامب هذه الخطوة بالقول إنه شعر بخيبة أمل من بوتين، الذي لم يظهر أي استعداد للتسوية.
وقد أكد المتحدث باسم الكرملين مرارا أنه لن يرضخ للضغوط لإبرام صفقة، ومضى بيسكوف ليقول إن عملية تطبيع العلاقات المستمرة بين روسيا والولايات المتحدة قد تباطأت.
وأضاف أن موسكو لا تزال مهتمة بالحفاظ على العلاقات وتأمل أن تكتسب العملية زخما كبيرا.
كان الرئيس الروسي السابق ديمتري ميدفيديف ونائب رئيس مجلس الأمن القومي انتقد الرئيس ترامب أمس، لتقصير المهلة.
وكتب ميدفيديف على موقع "اكس" "كل إنذار نهائي جديد هو تهديد وخطوة نحو الحرب. ليس بين روسيا وأوكرانيا، بل مع بلاده".
في الاثناء، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن بلاده تقترب من التوصل إلى اتفاق تمويلي مع هولندا لإنتاج الطائرات المسيرة في أوكرانيا.
وفي خطابه المسائي للأمة، قال زيلينسكي إنه يتوقع إتمام الاتفاق هذا الأسبوع. وأضاف:"سيجري تحويل 400 مليون يورو (460 مليون دولار) إضافية لشركاتنا الأوكرانية، ولمنتجي المسيرات الأوكرانيين إلى حسابات المنتجين الأوكرانيين هذا الأسبوع".
وتوسع أوكرانيا حاليا إنتاجها الخاص من الطائرات المسيرة بمساعدة مالية غربية لتعزيز دفاعها ضد روسيا.
وعلى الارض، نقلت وكالات أنباء روسية اليوم الأربعاء عن وزارة الدفاع أن القوات الروسية شنت هجمات بصواريخ من طراز (إسكندر) على معسكر تدريب للقوات المسلحة الأوكرانية في منطقة تشيرنيهيف في أوكرانيا.
وفي سياق آخر، أعلنت الصين اليوم الأربعاء أنها ستجري مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا في اغسطس، بما في ذلك تدريبات بحرية وجوية قرب فلاديفوستوك ودوريات بحرية مشتركة في المحيط الهادئ.
وإلى جانب العلاقات الاقتصادية والسياسية، عمّقت موسكو وبكين أيضا التعاون العسكري بينهما في السنوات الأخيرة في وقت يسعى البلدان لموازنة ما يعتبرانه نظاما عالميا تقوده الولايات المتحدة.
وتعد المناورات التي أُطلق عليها "البحر المشترك-2025" جزءا من خطط دورية للتعاون الثنائي و"ليست موجّهة ضد أطراف ثالثة"، بحسب ما أكد الناطق باسم وزارة الدفاع الصينية جانغ شياوغانغ أثناء مؤتمر صحافي الأربعاء.
وأضاف أن البلدين سيسيّران بعد المناورات دوريات بحرية في المحيط الهادئ في مياههما.
وأُجريت مناورات "البحر المشترك-2024" العام الماضي على طول ساحل الصين الجنوبي.
وتجري المناورات هذا العام قبيل زيارة مقررة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الصين تبدأ أواخر اغسطس.
سيحضر بوتين قمة لمنظمة شنغهاي للتعاون واحتفالات في ذكرى مرور 80 عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية، تشمل عرضا عسكريا.
ومن المقرر أن يجري محادثات مع الرئيس الصيني شي جينبينغ.
وتعمّقت العلاقات بين البلدين منذ بداية الحرب الروسية الاوكرانية، ولم تندد الصين قط بالحرب العسكرية الروسية في أوكرانيا ولم تدع موسكو للانسحاب من أراضي جارتها، فيما يعتقد الكثير من حلفاء أوكرانيا أن بكين وفّرت الدعم لموسكو.
تصر الصين من جانبها على أنها طرف محايد وتدعو مرارا إلى وضع حد للقتال بينما تتهم البلدان الغربية بإطالة أمد النزاع عبر تسليح أوكرانيا.
وقال شي لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في وقت سابق في يوليو إن على البلدين "تعزيز الدعم المتبادل" أثناء اجتماع عقداه في بكين.