قدّمت مسابقة الكأس الغالية نفسها على أنها منافسة ذات ثقل معنوي كبير، وقيمة فنية عالية تؤثر في النفوس، ويملأ فرح الفوز بها قلوب أنصار كل فريق، ومضت المسابقة الغالية عبر محطات عديدة منذ انطلاق أول صافرة في ميدانها، وكانت ولا تزال تختلف قيمة الفوز بلقبها عن أي لقب آخر، ويمثل مضمارها سباقًا مثيرًا وجميلًا بين كل الأندية بمختلف درجاتها.

كما ظلت على مر السنين تمتلك الحيوية والجمال، ونجحت في أن تحافظ على بريقها وأن تظل حلم كل الأجيال، لما تمثّله من قيمة معنوية تعكس الولاء والوفاء لجلالة السلطان، الذي تتزين المنافسة باسمه. وفي مسيرة هذه المسابقة، هناك الكثير من الأسرار والأحداث والحقائق والمشاهد التي تؤكد أهميتها، والتي ارتبطت بها الأندية التي كانت رغبتها قوية في بلوغ المباراة النهائية. هنا نستخلص خمسة مشاهد من نهائيات الكأس.

ظفار الأكثر وصولا

يُعد نادي ظفار أكثر الأندية وصولًا لنهائي الكأس، حيث بلغ المباراة النهائية في 15 مناسبة، ونال اللقب 11 مرة، وخسر النهائي في أربع مناسبات، يليه نادي فنجاء، حيث وصل إلى المباراة النهائية 13 مرة، ونال اللقب 9 مرات، وخسر النهائي 4 مرات، ومن بعدهما يأتي النصر، الذي وصل إلى النهائي 12 مرة، وأحرز اللقب 5 مرات، وخسر النهائي في 7 مناسبات، ثم العروبة، الذي وصل إلى النهائي 9 مرات، وفاز باللقب 4 مرات، وخسر النهائي 5 مرات، والسيب أيضًا وصل إلى النهائي 9 مرات، ونال اللقب 4 مرات، وخسر النهائي 5 مرات.

أما صور، فقد وصل إلى النهائي 8 مرات، فاز في 4 منها، وخسر مثلها، وأهلي سداب وصل 9 مرات، وأحرز اللقب 5 مرات، وخسر 4 مرات في النهائي، بينما مسقط وصل 7 مرات، وفاز باللقب مرتين، وخسر 5 مرات، أما النهضة، فقد وصل 5 مرات، وفاز باللقب مرة واحدة، وخسر 4 مرات، والسويق وصل 4 مرات، فاز باللقب 3 مرات، وخسر مباراة واحدة. أما نادي عمان، فقد وصل 3 مرات، فاز باللقب مرتين، وخسر مرة واحدة، ونادي صحم وصل مرتين، وأحرز اللقب في كليهما، بينما وصل الاتحاد مرتين وخسرهما، كما وصل الطليعة للنهائي مرة واحدة، وأحرز اللقب، كما وصلت أندية مرباط، ومجيس، وصحار، والرستاق إلى النهائي، لكنها لم تفز باللقب.

129 هدفا

سُجِّل 129 هدفًا في جميع نهائيات مسابقة الكأس منذ انطلاقتها، دون احتساب الأهداف التي أُحرزت من ركلات الجزاء، ويتصدر هلال حميد، مهاجم فنجاء، قائمة أكثر اللاعبين إحرازًا للأهداف في المباريات النهائية، بعدما سجل 6 أهداف، يليه المرحوم غلام خميس، لاعب أهلي سداب، برصيد 5 أهداف، ثم يونس أمان ورشيد جابر من نادي ظفار، ومحمد ناصر من فنجاء، ولكل منهم 4 أهداف، وهاني الضابط وخالد الهاجري من نادي ظفار، وخلفان فيروز من صور، وحمد حارب وعبد الرحيم الحجري من فنجاء، ولكل منهم 3 أهداف، كما أحرز هدفين كل من عبدالله صالح وخالد مبارك (صور)، وعلي باقوير وحسين الحضري وعلي سالم (ظفار)، وخليل مراد (مسقط)، وأمين البرواني وعبد العزيز المقبالي (فنجاء)، ومحمد مبارك الهنائي (النصر)، وعيد الفارسي (العروبة)، وتشي تشي (السويق).

أما اللاعبون الذين أحرزوا هدفًا واحدًا، فهم: صالح طه، وسعيد صالح، وصالح شنون، وعيسى جمعة، وسيف ناصر، ومحمد عزت، وداود سالم (نادي عُمان)، وأحمد سلطان، وديفي، ويعقوب سليم، وجمعة الجامعي، وأيمن إبراهيم (صور)، وسعيد حويت، وسالم عوض، وعبد اللطيف نصيب، وعلي مروى، وأحمد عمر، وهشام علولو، ولارسن بيكاي، وياسين الشيخ، وحسين الشحري (ظفار)، ومبارك خميس، ومحمد راشد (الطليعة)، وسلطان الطوقي، وبيتر جون، وأوليفيرا (مسقط)، وسليمان علي، وجعفر عبد الله، وعبد الله جمعة، وناصر محمد خميس، ورمضان خميس، وعادل خليفة، ومحمد النجاشي (فنجاء)، ومحمد علي، ورجب سنجور، وربيع الشاطري، ولطفي الصنهاجي، وأكرم حبريش، وجوفاني، ومحمد عكعاك، ورضوان سالم، ومجدي شعبان، وفوزي بشير، وحسن زاهر، وباولو مارسيل (النصر)، وسعيد فايل (مرباط)، وسعيد الفارسي، وديوف، ومحمد مبارك، وحمد حمدان (العروبة)، وناصر سليمان، ويونس الفهدي، ودونالد، ومحسن الغساني، وأمجد الحارثي (السيب)، وهاشم صالح، ومحمد الغساني، وحسن ربيع (السويق)، وبيتر جون، ومحسن جوهر، ومحمد مطر (صحم)، ومكليسيان، ومعتصم الشبلي (صحار)، وانترس جي (النهضة).

أهداف حاسمة

نهائيات مسابقة الكأس تحمل الكثير من الذكريات، خاصة في الأهداف الحاسمة التي منحت اللقب، والتي بدأها سعيد صالح في مباراة الأهلي ونادي عُمان، عندما أحرز هدف الفوز في نهائي 1971، وفي نهائي 1975، امتدت مباراة فنجاء والعروبة إلى الأوقات الإضافية، وحسم أمين البرواني النتيجة بهدف الفوز لفنجاء قبل نهاية الشوط الإضافي الأول، ولا يمكن أن ننسى هدف محمد عزت في مرمى صور قبل نهاية مباراة فريقه، نادي عُمان، في نهائي 1979.

وفي نهائي عام 1981، شكلت أهداف يونس أمان الثلاثة علامة فارقة في منح ظفار اللقب، بعد أن كان خاسرًا أمام النصر في الشوط الأول بهدفين، قبل أن يحرز يونس أمان هدفين، وفي الوقت الإضافي أحرز هدف الفوز الذي منح فريقه اللقب، كما منح مصطفى إسحاق الفوز لفريقه الأهلي في مرمى ظفار في نهائي 1983، بعد أن سجل هدف الفوز في الوقت الإضافي.

وفي نهائي 1988، ما زال هدف غلام خميس، الذي منح اللقب للأهلي، عالقًا في الأذهان، وكذلك هدف عبد اللطيف نصيب في مرمى العروبة في نهائي 1990، الذي منح اللقب لظفار، ورأسية اليوغسلافي ديفي في شباك السيب، التي منحت نادي عمان اللقب عام 1992، وهدف سعيد الفارسي الذي منح العروبة اللقب على حساب صور عام 1993، وهدف داود سالم، لاعب نادي عُمان، الذي منح فريقه اللقب على حساب السيب عام 1994، وهدفا ناصر سليمان في مرمى العروبة، ويونس الفهدي في مرمى سداب، اللذان توجا السيب بلقبين عامي 1997 و1998.

ويبقى هدف الكويتي علي مروي في مرمى النصر في الوقت الإضافي، الذي منح اللقب لظفار في نهائي 1999، عالقًا في الذاكرة، وكذلك هدف فوز ظفار باللقب عام 2004، الذي جاء بأقدام هاني الضابط في مرمى مسقط.

وقاد خالد صالح فريقه صور للفوز باللقب بركلات الجزاء الترجيحية، بعد أن أحرز هدف التعادل في الدقيقة الأخيرة في مرمى مسقط، قبل أن يحسم صور النتيجة بركلات الجزاء، ومن الأهداف الحاسمة أيضًا، هدف علي سالم في مرمى الاتحاد في نهائي 2011، الذي توج ظفار باللقب، وكذلك هدف محمد مطر في مرمى الخابورة في الوقت المحتسب بدل الضائع، ليمنح صحم اللقب عام 2016، وأخيرًا هدف أيمن إبراهيم في نهائي 2019، الذي منح اللقب لصور.

17 لاعبا محترفا سجلوا في النهائيات

سجّل 17 لاعبًا محترفًا في نهائيات الكأس، بدأها اللبناني محمد عزت، لاعب نادي عُمان، في شباك صور في نهائي 1979، وجاء بعده السوداني مصطفى إسحاق، الذي أحرز هدفين لفريقه الأهلي في نهائي 1986، ثم التونسي لطفي الصنهاجي لاعب النصر، في نهائي 1987، ورمضان خميس لاعب فنجاء، في نهائي 1991، واليوغسلافي ديفي لاعب صور، في نهائي 1992.

أما في نهائي 1995، فقد أحرز الأهداف كل من جوفاني لاعب النصر، وإينوسنت لاعب الأهلي، وفي نهائي 1999، أحرز الكويتي علي مروي هدفًا لظفار، فيما سجل ديوف للعروبة في نهائي 2000، وباولو مارسيل لاعب النصر، وأحمد عمر لاعب ظفار، هدفين في نهائي 2002. كما سجل بيتر جون لاعب مسقط في نهائي 2003، ودونالد لاعب السيب في نهائي 2005، وهشام علولو لاعب ظفار في نهائي 2006، وأوليفيرا لاعب مسقط في نهائي 2007، وبيتر جون لاعب صحم في نهائي 2009، وتشي تشي لاعب السويق، الذي أحرز هدفين لصالح فريقه في نهائي 2017، وماكسمليان لاعب صحار في نهائي 2018، ولارسن بيكاي وياسين الشيخ لاعبي ظفار في نهائي 2021، وأخيرًا انترس جي لاعب النهضة في نهائي 2023.

حكام أجانب في النهائي

كان المصري عبد القادر فكري أول حكم غير عُماني يدير نهائي مسابقة الكأس، وكان ذلك في نهائي 1974 بين فنجاء وروي، وتبعه بعد ذلك الإنجليزي جون باتلر، الذي كان مساعدًا لأبو وحيد في نهائي 1978 بين فنجاء وروي، وقاد البحريني محمد عبد الرضا مباراة ظفار وسداب في نهائي 1980، فيما كان الباكستاني عبد الحميد البلوشي مساعدًا لحامد حمدان في نهائي 1981 بين ظفار والنصر، وأدار نهائي 1984 طاقم تحكيم بحريني بقيادة عبد الغفار العلوي، وساعده أحمد خلدون وأحمد تلفت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: وصل إلى النهائی ظفار فی نهائی مسابقة الکأس نادی ع مان هدف الفوز وفی نهائی أحرز هدف فی مرمى لاعب ا

إقرأ أيضاً:

جزء عم .. مشاهد من يوم القيامة

عند مراجعتنا لسور جزء عم التي حفظناها في مقتبل العمر في مدارس تعليم القرآن والمراكز الصيفية، نحاول الآن قراءتها والتأمل في معانيها بعين مختلفة، فذلك الحفظ الذي تلقيناه في الصغر كان حفظا تراكميا، لا يعنى كثيرا بالتأمل في الموضوعات والمعاني والدلالات، وبحكم الألفة والعادة في قراءتها منذ الطفولة، غابت عنا كثير من الإشارات العميقة التي تحتاج إلى إعادة نظر وتمعن وتفكر، فهذا الجزء، الذي معظم سوره مكية باستثناء سورة النصر المدنية التي تتحدث عن فتح مكة، يتسم بسمات السور المكية، حيث يركّز على قضايا التوحيد، والإيمان بالبعث والنشور، وتصوير مشاهد يوم القيامة وما فيه من أهوال، وتخلو سوره من الأحكام والتشريعات الفقهية، إذ تركز على بناء العقيدة وترسيخ الإيمان في القلوب.

وعند مراجعة هذه السور بهذه الطريقة الفاحصة تجد أن الكثير منها تبرز مشاهد مروعة ليوم القيامة فهذه المشاهد القرآنية ترسم بداية النهاية لهذا العالم، وتبثّ في النفس رعدة الخشية من يوم لا مفر منه، في صور مرعبة تتبدل فيها أحوال الكون وتتغير في وصف دقيق يجعلك مشدوها وأنت تعيد تلك المشاهد في مخيلتك من احتراق البحار وانشقاق السماء وانتثار الكواكب ودك الأرض.

ولو تتبعنا هذه المشاهد وفق أحداث يوم القيامة الواردة في هذا الجزء من آيات تمتاز بالقصر وقوة الأسلوب وإيقاعها المؤثر والموجز، لترسم لنا ملامح ذلك اليوم العظيم، فيبدأ بحدث كوني يتجاوز كل ما عرفناه من ظواهر طبيعية، «إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا» فنحن نعرف زلازل الدنيا التي نشاهدها على التلفاز، ولكن تلك الزلازل لا تساوي شيئا أمام الزلزال العظيم، فهي الزلزلة المصيرية، حيث تفقد الأرض ثباتها الذي طالما اعتاده الإنسان، وتمتزج فيه كل عناصرها بزلزلة تهز كل ذرة وكل حجر وكل روح، وتخرج الأرض كل ما فيها من أثقال، أي الأموات والأعمال، وكل ما احتوته طوال عمرها، الإنسان الذي كان يعيش على هذه الأرض يستغرب ويتساءل ويقول: ما لها؟ وهذا السؤال تعبير عن دهشة الإنسان من تغير كلي في واقعه، فقد غفل عن الحقائق طوال حياته، والآن يرى بأم عينيه هذا اليوم المخيف.

وتذهب سورة الانفطار لتصوير زاوية أخرى من أهوال يوم القيامة فبعد هذا الاهتزاز الأرضي، تبدأ السماء بالانفطار فيقول ربنا تبارك وتعالى: «إِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ (1) وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ (2) وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ (3) وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)» فيصور لنا القرآن الكريم أن هذه السماء الزرقاء الجميلة سوف تنشق وتتمزق والكواكب سوف تتناثر ويختل فلكها، وأن البحار تصبح نارا مستعرة، وتخرج الجثث من القبور في مشهد صادم مروع، وقد فصلت سورة التكوير تلك المشاهد البصرية الكونية، وبما أنها كانت تخاطب كفار قريش فأرادت أن تربط أحوالهم بتلك المشاهد الكونية التي ستكون يوم القيامة فقال تعالى: «إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» أي أُزيل ضياؤها وطُويت كأنها كرة، وهذا أول مشهد يدل على انتهاء العالم، حيث تغيب الشمس ويطفأ نورها، وقال جل وعلا: «وَإِذَا النُّجُومُ انكَدَرَتْ» أي تساقطت، وزال ضياؤها، بعد أن كانت منضبطة في مواقعها، «وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ» أي زلزلت وزحزحت من أماكنها، وصارت كالعهن المنفوش، فتتلاشى هيبة الأرض وثقلها، وقال تعالى: «وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ» والعشار هي النوق الحوامل في الشهر العاشر، وهي أعزّ ما يملك في الجاهلية فإذا تُركت ولم يُبال بها، دلّ على هول الحدث الذي صرف الأنظار عن أغلى ما يعتنى به، وهو تقريب صورة هول الموقف مع مراعاة أحوال المخاطبين وبيئاتهم، فذكر لهم النوق، وأكمل ربنا وصفه فقال: «وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ» أي جمعت من كل مكان، وخرجت من مخابئها مذعورة، كأنها تساق إلى المحشر، ثم أتى إلى وصف تحول الشيء إلى نقيضه من شدة تبدل الأحوال فقال: «وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ» قال المفسرون: إنها أُضرمت نارا، وهو مشهد مائي ناري يدل على الهيجان الكوني العام، وقال ربنا: «وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ» أي قرنت كل نفس بما يناسبها، الصالح مع الصالح، والفاجر مع الفاجر، ثم يعود القرآن لمخاطبة كفار قريش مرة أخرى، وتذكيرهم بأقبح أفعالهم وأنهم سيحاسبون عليها فقال عز وجل: «وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ» فهذه صورة من صور الظلم البشري، حين كانت البنت تدفن حية في الجاهلية، وفي يوم القيامة تسأل تلك البريئة ليظهر ظلم قاتلها، ويكمل وصف أحداث ذلك اليوم فيقول: «وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ» أي كشفت كتب الأعمال، وبدأ الحساب، وكل إنسان يواجه سجله مفتوحا، «وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ» أي كشفت وأزيلت كما يكشط الجلد عن الذبيحة، وهو منظر رهيب لنهاية السقف المحفوظ الذي طالما آوى البشرية.

في حين لو أتينا إلى سورة النازعات نجد أنها تركز على المشاهد السمعية ليوم القيامة القائمة على النفختين في الصور فقال تعالى: «يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ (6) تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ (7)» فالراجفة تشير إلى الزلزلة الأولى الكبرى، وهي النفخة الأولى في الصور، التي بها تبدأ أهوال القيامة، حيث تضطرب الأرض، وتقلب الجبال، وتتفكك البنى الكونية الراسخة، «تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ» وهي النفخة الثانية، التي تعيد الخلق من قبورهم ليقفوا للحساب، وتسمى بالرادفة لأنها تأتي مباشرة بعد الأولى، وتدفع الخلق إلى المحشر، وتكون أعظم هولًا من الأولى لأنها بداية اللقاء مع المصير الأبدي.

ومن المشاهد السمعية لأهوال يوم القيامة التي في جزء عم، نجدها في سورة عبس قال تعالى: «فَإِذَا جَاءَتِ ٱلصَّآخَّةُ» والصاخّة كما يقول المفسرون اسم من أسماء يوم القيامة، مشتق من الصَّخّ، أي: الصوت الشديد البالغ الذي يُصمّ الآذان من شدّته، ويقع على الخلق فجأة، فيفزعهم، ويجعلهم في ذهول مطبق، وهو صوت النفخة الثانية في الصور عند البعث، أو ما يتبعها من أهوال العرض على الله، وتعبر الصاخة عن صدمة الحقيقة، حين تنكشف القيامة بكل رعبها، فيصير الإنسان في حال من لا يملك حيلة، ولا يرجع إلى أحد، ولا يفكر في سواه.

وفي مشهد من أعظم مشاهد العظمة والرهبة ما ورد في سورة النبأ في قوله تعالى: «يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا ۖ لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَٰنُ وَقَالَ صَوَابًا» والروح هو جبريل عليه السلام، عظيم الملائكة وسيدهم، ويذكر وحده تمييزا لمقامه ومكانته، والملائكة يصطفون في مشهد مهيب، صفًا بعد صف، منتظرين أمر الله، والكل في سكون، لا أحد يجرؤ أن ينطق، فلا يسمع في ذلك اليوم صوت إلا بإذن الرحمن، ولا يقال إلا حق خالص، فهو الصمت المطلق بعد ضجيج الحياة، وهو صمت المخلوقات أمام خالقها، لا صوت إلا لصوت الحق، ولا كلام إلا لمن سمح له الله، وفيه بيان لرهبة الموقف، وتمام العدل، وأن ميزان القول في ذلك اليوم ليس بكثرة الكلام بل بصوابه، وأن الصواب لا يقال إلا بإذن، وكأن اللسان لا يطلق إلا بعد أن يشهد الله له بالصحة، فما أحوجنا اليوم إلى تأمل تلك المشاهد والاستعداد لها بالعمل الصالح والتقرب إلى الله لكي تحصل لنا النجاة.

مقالات مشابهة

  • جامعة طيبة تُكرم الكفاءات الصحية والتعليمية بألقاب مهنية وإكلينيكية
  • تعلن محكمة جنوب غرب الأمانة بأن الأخ/ عبدالله مكرد تقدم إليها بطلب إضافة اللقب
  • السوبر البرتغالي.. بنفيكا يحرز اللقب على حساب سبورتينج
  • جزء عم .. مشاهد من يوم القيامة
  • الاتحاد السعودي يبدأ حملة الدفاع عن اللقب بمواجهة الخلود.. والأهلي يلاقي نيوم الصاعد حديثا
  • ناد إنجليزي يقدم لجماهيره تجربة مشاهدة المباريات بالواقع الافتراضي
  • كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. أربعة يتأهلون إلى ربع نهائي بطولة الشطرنج
  • صاروخ يمني يشلّ كيان الاحتلال.. تعطيل الرحلات وإيقاف المباريات وفرار ملايين الصهاينة إلى الملاجئ
  • مطلق النار الذي قتل 4 في مانهاتن لاعب سابق كان يستهدف رابطة كرة القدم الأميركية
  • أذكار المساء مكتوبة.. اللهـم أنت ربي لا إله إلا أنت