17 أبريل، 2025
بغداد/المسلة: رياض الفرطوسي
في زمنٍ تسيّده السرعة وتُدار فيه المعارف بضغطة زر، لم يعد الذكاء يقاس بمدى امتلاء الذهن بالمعلومات، بل بقدرة العقل على الخلق، وعلى التفاعل مع الواقع، وتجاوزه نحو آفاق غير مسبوقة. نحن لا نعيش فقط في عصر المعلومات، بل في قلب الشبكة العنكبوتية، حيث المعارف مؤرشفة، مبوّبة، جاهزة للاستدعاء الفوري.
كتب الفيلسوف الألماني “نيتشه” يوماً: “لا قيمة للمعرفة ما لم تتحوّل إلى قوة خلاقة”. ونحن، في مجتمعاتنا، لا نزال نغرق في بحر الحفظ والتكرار، نُعلّم أبناءنا كيف يحفظون لا كيف يفكرون، نُقمع السؤال بدلاً من أن نحتفي به، ونعيد اجترار ما قاله الأولون بدل أن نغامر في قول جديد.
إن أطفالهم، أدبائهم، فلاسفتهم… يبدون وكأنهم ينتمون إلى مستقبلٍ لم نصل إليه بعد، لا لأنهم يملكون “ذاكرة أقوى”، بل لأنهم حرروا أنفسهم من عبء التكديس، وذهبوا نحو التأسيس. نحن لا نفتقر إلى الذكاء، بل نفتقر إلى المنهج.
الإشكال في نظام التعليم، في الطريقة، في العقلية. مدارسنا لا تصنع مبدعين، بل تحفظةً مهذبين. نُقيم الطالب بعدد الصفحات التي حفظها، لا بعدد الأسئلة التي طرحها أو بعدد الأفكار التي تجرأ على تخيلها. كل من يحاول الخروج عن النسق يتهم بالبدعة أو يُخشى منه. وهكذا تتحول كل محاولة للخلق إلى تهديد، وكل شرارة إبداع إلى خطأ في المقرر.
يقول المفكر الفرنسي “ميشيل فوكو”: “المعرفة ليست بريئة، بل هي أداة للسلطة”. وهذه السلطة، حين تُوظف لقمع الخيال، تُحوّل العقل إلى آلة صامتة. التلميذ الذي يُربّى على التكرار، يكبر ليصبح “موسوعة متنقلة”، لكنه لا يكون أبداً عقلاً مبتكراً. والموسوعة، مهما بدت مدهشة، مكانها الرفوف لا المختبرات، لا ورشات الإبداع، لا المستقبل.
لقد أصبح الذهن الممتلئ بالمعلومات كالسفينة المُحملة فوق طاقتها: غير قادرة على الإبحار. وما لم نحرر أذهاننا من عبء الحشو، لن نحلق في سماء الابتكار.
لقد أشار المفكر “إدوارد سعيد” ذات مرة إلى أن الاستعمار الحقيقي يبدأ حين يتم احتلال العقل. ونحن، دون أن ندري، نعيش تحت استعمارٍ غير مرئي: استعمار التلقين والتكرار.
كل شيء في ثقافتنا يحث على إعادة القول، لا على اختراعه. نعيش في الماضي لا لأننا نحبه، بل لأننا لم نتعلم كيف نغادره.
لذلك، حان الوقت لأن نعيد التفكير في معنى “التعليم”، وأن ننتقل من عصر الذاكرة إلى عصر الخلق. أن نصنع جيلًا يجرؤ على السؤال، لا جيلًا يخاف من الامتحان. أن نعلّم أبناءنا كيف يصنعون المعلومة، لا كيف يستهلكونها. فكما قال “ألبير كامو”: “الثورة الحقيقية تبدأ في العقل”.
ولعل أولى بوادر هذه الثورة أن نتوقف عن تمجيد من يحفظ أكثر، ونبدأ بالاحتفاء بمن يبدع، ولو فكرة واحدة. ففي النهاية، الحضارة لا تُبنى بكمٍّ من المعلومات، بل بجرأة واحدة… على أن نفكر بأنفسنا.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
بالتفاصيل.. تاتش تطلق باقات انترنت جديدة
استكمالاً لإعلان شركة تاتش عن طرحها باقات انترنت جديدة للخطوط المدفوعة سلفاً، أكّدت الشركة أن أحد الأهداف الرئيسية لعملية تجديد باقات الانترنت، والتي أصرّ عليها وزير الاتصالات شارل الحاج، يكمن في زيادة سعة الانترنت مقابل خفضٍ ملموس لسعر الجيجابايت لذوي الدخل المنخفض والمتوسط. وبهذه المعادلة، يستفيد أكثر من 61% من مشتركي شركة تاتش الذين يستخدمون باقات الانترنت ما دون 10 دولار أميركي من زيادة في سعة الانترنت وانخفاض ملموس في سعر الجيجابايت. وفي غضون أيام فقط، ستكشف الشركة عن باقات الانترنت الخاصة بحاملي الخطوط الثابتة.
صمّمت شركة تاتش باقات الانترنت الجديدة لتتوافق مع أنماط الاستخدام الفعلية لمشتركيها، وعليه أصبحت العروض الجديدة الخاصة بحاملي الخطوط المدفوعة سلفاً على الشكل التالي:
- 1 GB بسعر 3،5 د.أ.
- 7 GB بسعر 9 د.أ.
- 22 GB بسعر 14.5 د.أ.
- 44 GB بسعر 21 د.أ.
- 77 GB بسعر 31 د.أ.
- 111 GB بسعر 40 د.أ.
- 444 GB بسعر 129 د.أ.
تتناغم هذه الباقات الجديدة مع عروض Web and Talk الحديثة التي تتوفّر لدى شركة تاتش حصراً، بحيث أصبحت مكمّلةً لها، سيما وأن حزمتين من أصل ثلاثة يتدنّى سعرها عن 10 د.أ.، كما وأنها البديل المثالي للحزمتين السابقتين HS2 و HS4.
فتوفّر باقة Web and Talk Mini2 3 جيجابايت، 60 دقيقة، و60 رسالة نصية قصيرة مقابل 6.9 د.أ. فقط، بينما كانت باقة HS2 توفر 1.75 جيجابايت مقابل 6 دولارات فقط!
أما باقة Web and Talk Maxi1 فتوفّر 9 جيجابايت، 90 دقيقة و 90 رسالة نصية قصيرة مقابل 9.9 د.أ. فيما كانت باقة HS4 تحتوي على 10 جيجابايت مقابل 11 د.أ..
من جهة أخرى، تعمل الشركة كذلك باستمرار على تعزيز تغطية شبكتها وتحسين جودة خدمة الانترنت تداركاً للازدياد المتوقّع في استخدام هذه الخدمة.
مواضيع ذات صلة وزارة الشؤون وشركة IDM أطلقتا مبادرة "إنترنت للكل" لذوي الاعاقة Lebanon 24 وزارة الشؤون وشركة IDM أطلقتا مبادرة "إنترنت للكل" لذوي الاعاقة