هل فشلت مفاوضات إسطنبول في كبح التصعيد بالحرب الأوكرانية؟
تاريخ النشر: 3rd, June 2025 GMT
يترقب الجميع تطورات الحرب الروسية الأوكرانية بعد نهاية الجولة الثانية من مفاوضات إسطنبول من دون نتائج فارقة، وسط تساؤلات بشأن السيناريوهات المقبلة في ظل التصعيد المتبادل بين الجانبين.
وبشأن مفاوضات إسطنبول، قال وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف -الذي رأس وفد بلاده في مفاوضات إسطنبول- إن كييف طالبت بوقف كامل وغير مشروط لإطلاق النار لمدة 30 يوما على الأقل.
في المقابل، قال رئيس الوفد الروسي فلاديمير ميدينسكي إن موسكو سلمت الجانب الأوكراني مسودة مذكرة تتضمن اقتراحا محددا بوقف لإطلاق النار، مدته 3 أيام.
وفي هذا الإطار، يقول الكاتب والمحلل السياسي إيلكر سيزر إن مفاوضات إسطنبول "لم تشهد إنجازا أو اختراقا خاصة بالنظر إلى طبيعة الوفدين المشاركين فيها"، مشيرا إلى أنها اقتصرت على تبادل الأسرى وهو أمر معتاد.
ووفق حديث سيزر لبرنامج "ما وراء الخبر"، فإن مفاوضات إسطنبول ليست سوى البداية، ولا تزال بمرحلة مبكرة ولم تتعطل، خاصة أن المفاوضين من فرق فنية تقنية.
بدورها، أعربت المحللة السياسية الروسية إيلينا سوبونينا عن قناعتها بأن مفاوضات إسطنبول "لم تنجح سياسيا، لكنها لم تفشل في ظل التقدم بالأمور الإنسانية".
إعلانوأشارت سوبونينا إلى أن المفاوضات عُقدت في إسطنبول رغم الهجمات الأوكرانية "الاستفزازية"، لافتة إلى أن روسيا اقترحت أمورا إنسانية مثل تبادل الأسرى، إذ إن وقف إطلاق النار ليس سياسيا فحسب بل إنسانيا أيضا.
وقالت إن مقترح الهدنة الأوكراني لمدة شهر يعتبر "مُضرا"، إذ ستحصل كييف على أسلحة من دول أوروبا، وستعيد تموضع قواتها، وهو ليس مقبولا روسيًا.
ووفق هذا الطرح، فإن مفاوضات إسطنبول لم تغير قناعات روسيا بضرورة اعتراف أوكرانيا بشبه جزيرة القرم والأقاليم الأوكرانية الأربعة التي ضمتها روسيا، وحياد أوكرانيا.
أما الدبلوماسي الأوكراني السابق فولوديمير شوماكوف فقال إن روسيا لا تريد السلام أو الهدنة وإنما استمرار الحرب، مشيرا إلى أن شروط روسيا لوقف الحرب تعد بمثابة تنازلات، وهو ما ليس مقبولا أوكرانيًا.
الهجوم الأوكراني
وبشأن هجوم "شبكة العنكبوت" الأوكرانيّ، رأى سيزر أنه يبعث برسالة قوية للولايات المتحدة مفادها أنه "لدينا أوراق كبيرة وقوية نلعبها ضد روسيا، ولا تقللوا من قدراتنا".
واستدل بتصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي دأب على القول إن أوكرانيا خسرت الحرب، ولا تملك أوراقا لمواجهة الروس، وعليها الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
من جانبه، أكد شوماكوف أن العملية تم التخطيط لها منذ عام ونصف العام، معتبرا تدمير أوكرانيا مقاتلات وقاذفات إستراتيجية "يقلل من الإمكانيات النووية الروسية".
أما المحللة السياسية الروسية فقالت إنه لا توجد خسائر عسكرية روسية بالشكل الذي تصوره أوكرانيا للعالم، مشيرة إلى أن "التضخيم الأوكراني جزء من الحرب الإعلامية".
لكنها أقرت في الوقت نفسه بأن هجوم أوكرانيا يعد خطيرا استخباراتيا، كما أنه يبعث برسالة لأميركا مفادها أن كييف غير مستعدة لمفاوضات السلام.
وكانت أوكرانيا استبَقت الجولة الثانية من مفاوضاتها مع روسيا في إسطنبول بهجوم واسع النطاق بطائرات مسيرة على أهداف حيوية في روسيا، أعاد إلى الأذهان هجومها العام الماضي على مقاطعة كورسك.
إعلانفقد تعرضت مطارات عسكرية روسية في 5 مناطق بعمق البلاد لهجوم بطائرات مسيرة أوكرانية، وأكدت وزارة الدفاع الروسية رسميا الغارات الأوكرانية، واصفة إياها بـ"عمل إرهابي من قِبل نظام كييف".
التوقعات؟
وأعربت إيلينا سوبونينا عن قناعتها بأن روسيا متفوقة على أوكرانيا عسكريا، مما يضعها في موقف قوة لفرض شروطها، خاصة ضرورة حياد كييف، وضمان ألا تكون في الصف الغربي.
ولم تستبعد عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأميركي في ظل وجود أرضية مهيأة، لكنها استبعدت عقد لقاء بين الرئيسين الروسي والأوكراني، إذ لا توجد توافقات سياسية، كما أن التوافق الإنساني ليس كافيا.
لكن شوماكوف يؤكد أن روسيا "غرقت في مستنقع الحرب، ولا تستطيع تحقيق أهدافها خاصة في منطقة دونباس"، مشيرا إلى حصولها على مساعدات عسكرية من كوريا الشمالية.
ووفق الدبلوماسي السابق، فإن أوكرانيا مستعدة للدفاع عن نفسها ولديها الإمكانيات لاستهداف أسلحة نوعية روسية، معتبرا شروط موسكو لوقف الحرب "غير مقبولة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مفاوضات إسطنبول إلى أن
إقرأ أيضاً:
بين التصعيد الأوكراني والصمت الروسي| هل اقترب شبح الحرب العالمية الثالثة؟ خبير يوضح السيناريوهات المحتملة
ما بين دخان الطائرات المسيّرة وأصوات الانفجارات القادمة من العمق الروسي، بدأت تتضح ملامح فصل جديد في الصراع بين أوكرانيا وروسيا. الضربة العسكرية الأخيرة التي نفذتها كييف داخل الأراضي الروسية لم تكن مجرد هجوم عابر، بل مثّلت تحوّلًا استراتيجيًا عميقًا، يفتح الباب أمام سيناريوهات متعددة، ويثير قلق العواصم الكبرى.
ضربة موجعة لقلب القوة الجوية الروسيةاستهدفت أوكرانيا، في عملية نوعية وغير مسبوقة، خمس قواعد جوية روسية رئيسية، بعضها في سيبيريا، عبر استخدام 117 طائرة مسيّرة من نوع FPV، تم تهريبها داخل شاحنات بسقوف قابلة للسحب، وأُطلقت من داخل الأراضي الروسية نفسها. العملية أسفرت عن تدمير أو إعطاب أكثر من 40 قاذفة استراتيجية ونووية روسية، ما يعادل نحو 34% من أسطول روسيا الجوي بعيد المدى.
المتابعون يرون في هذا الهجوم ليس فقط ضربة عسكرية، بل فضيحة أمنية كبرى تكشف هشاشة الدفاعات الروسية، إذ تمكنت أوكرانيا من تنفيذ الهجوم من داخل الأراضي الروسية دون أن تُكتشف الطائرات المسيّرة حتى لحظة تنفيذ الهجوم.
خسائر اقتصادية ضخمةالضربة لم تكن عسكرية فقط، بل كانت اقتصادية كذلك. التقديرات الأولية تشير إلى أن حجم الأضرار بلغ نحو 7 مليارات دولار، في وقت تشهد فيه روسيا ضغوطات اقتصادية هائلة بسبب العقوبات الغربية وتكاليف الحرب المستمرة.
تلك الخسارة تؤثر بشكل مباشر على قدرة روسيا على شنّ أو دعم عمليات جوية واسعة في أوكرانيا أو في أي ساحة أخرى، ما قد يعيد حسابات موسكو الاستراتيجية.
هل اقترب شبح الحرب العالمية الثالثة؟الخبير الاستراتيجي اللواء نبيل السيد يرى أن التصعيد الأوكراني الأخير، رغم خطورته، لا يعني بالضرورة اقتراب نشوب حرب عالمية ثالثة.
وأكد في تصريحاته أن الأوضاع السياسية والاقتصادية والعسكرية الحالية لا تتيح مجالًا لمثل هذا السيناريو الكارثي، مشيرًا إلى أن الضربات الأخيرة تُعد تصعيدًا محسوبًا ومدروسًا.
وأضاف السيد أن أوكرانيا أصبحت أكثر جرأة في استهداف مناطق داخل العمق الروسي، مستعملةً طائرات بدون طيار وصواريخ دقيقة بعيدة المدى، ما يشير إلى تطور كبير في قدراتها الهجومية.
سباق التسلح النووي.. توازن الرعب مستمرفي خضم التصعيد العسكري، يبقى الملف النووي حاضرًا بقوة. أشار السيد إلى أن روسيا تمتلك أكبر ترسانة نووية في العالم، بعدد يصل إلى 5580 رأسًا نوويًا، تليها الولايات المتحدة بـ5044 رأسًا، ثم الصين بـ500 رأس. هذا التوازن المرعب يظل عامل ردع رئيسي يمنع انزلاق الأمور نحو حرب نووية، رغم التوترات المتصاعدة.
حذر دولي ومراقبة مستمرةالعملية الأوكرانية داخل العمق الروسي شكّلت ضربة موجعة وغير مسبوقة في سياق الصراع المستمر، لكنها في الوقت ذاته تطرح تساؤلات عديدة حول مستقبل الحرب وحدود التصعيد. وبينما يتجنب المجتمع الدولي الحديث عن حرب عالمية، فإن التحركات الأخيرة تستدعي مراقبة دقيقة، فكل خطوة خاطئة قد تؤدي إلى انفجار لا تحمد عقباه.