انتشرت خلال الفترات الأخيرة حفلات التخرج فى المدارس الخاصة لاسيما لطلاب الثانوية، والتى أصبحت ظاهرة مجتمعية تمثل عبئًا جديدًا على الأسر المصرية، ورغم أنها كانت موجودة منذ سنوات، لكنها كانت تقتصر على المدارس الدولية حيث إنها تقليد أوروبى فى الأساس إلا أنها انتشرت الآن بشكل كبير، وعلى نطاق أوسع لتشمل المدارس الخاصة، وبعض المدارس التجريبية والحكومية أيضًا حيث أصبحت مصدر فخر وتباهٍ بين الطلاب الذين يسألون بعضهم عن المكان الذى ستنظم فيه المدرسة حفلات التخرج للطلاب.

البداية حينما تقوم المدرسة بحجز قاعة للطلاب فى أحد الفنادق الكبرى، والتكلفة يتحملها بالطبع ولى الأمر الذى يجد نفسه مضطرًا لدفع رسوم الحفلة، لأن عدم الدفع سيشكل ضغطًا نفسيًّا على الطلاب لا سيما عندما يرون زملاءهم يشاركون فى مثل هذه الحفلات، وتصل تكلفة رسوم الاشتراك ما بين ألف إلى ٣ آلاف جنيه للطالب الواحد، ويتوقف ذلك على شهرة المدرسة الخاصة، وثقلها بين المدارس فكل مدرسة تختار المكان الذى يتناسب مع وضعها.

وبخصوص رسوم الاشتراك بالمدارس الدولية فحدث ولا حرج، فالجديد خلال الفترة الأخيرة دخول بعض المدارس التجريبية والحكومية إلا أن هذه المدارس تقوم بعمل الحفلات داخل المدرسة، وبمبالغ صغيرة والمثير للجدل أنه بخلاف حفلات التخرج التى تنظمها المدارس هناك حفلات أخرى خاصة بالطلاب الذين يقومون بتنظيمها فيما بينهم ويطلق عليها اسم "البريمو"، ولا يحضرها أولياء الأمور ولا علاقة للمدرسة بمثل هذه الحفلات التى ينظمها الطلاب.

هذا ما أكد عليه أولياء الأمور كما تحكى دينا صلاح ولية أمر أنها على علم بهاتين الحفلتين منذ دخول ابنتها المرحلة الثانوية حيث إن الحديث عن حفلات التخرج لا ينتهى، ولكن الصدمة كانت فى رسوم كل حفلة حيث وصل سعر حفلة "البريمو"، وهى الحفلة الخاصة بالطلاب إلى ٣ آلاف جنيه لكل طالب، وتم الحجز فى شهر فبراير الماضى على أن تقام الحفلة بعد ظهور نتيجة الثانوية العامة، مضيفة أنها رفضت بشدة فى بداية الأمر نظرًا للمبالغة فى رسوم الاشتراك، وأن هذا ليس فى استطاعتها خاصة وأن الدروس الخصوصية حينذاك كانت تمتص كل ميزانية الأسرة.

وتابعت دينا: كانت النتيجة حالة من الانهيار والبكاء المستمر لابنتى، لأن كل زميلاتها قمن بدفع رسوم الحفلة، وتحت الضغط والخوف عليها من سوء حالتها النفسية التى قد تؤثر على مذاكرة دروسها لاسيما فى هذه السنة الفاصلة فى مستقبلها وافقت على دفع رسوم الحفلة، ولكن المشكلة الأخرى كانت فى رسوم حفلة التخرج التى تقوم بها المدرسة، والتى تم تحصيلها قبل بداية امتحانات الثانوية العامة بأيام قليلة على أن تقام الحفلة فى شهر أكتوبر القادم فى أحد الفنادق، وقمت بدفع رسوم هذه الحفلة أيضًا، والتى بلغت ألفي جنيه خوفًا على التأثير السلبى فى حالة الرفض خاصة وأن الامتحانات كانت قد اقترب موعد انعقادها.

والتقطت سماح عبد الكريم أطراف الحديث قائلة: إنها اشترطت على نجلها أن يختار واحدة من هاتين الحفلتين، واختار حفلة المدرسة ووصلت رسوم الاشتراك بها إلى ١٧٠٠ جنيه.

بينما تقول ريم خالد إنها اشتركت لابنتها فى حفلة التخرج التى تنظمها المدرسة، والمقرر لها منتصف شهر أكتوبر القادم، أما حفلة "البريمو" فقد رفضتها حيث لا يوجد مشرفون من المدرسة عليها مما قد يؤدى إلى حدوث تجاوزات بين الطلاب كما أن موعد حفلات البريمو تكون من الساعة العاشرة مساء حتى الثالثة صباحًا، وكان هذا أمرًا مرفوضًا.

والجدير بالذكر أن حفلات التخرج لم يقتصر وجودها فى القاهرة الكبرى، وإنما امتد للمحافظات كما تؤكد هالة عبد الله ولية أمر بمحافظة المنوفية..

مضيفة أن الظاهرة انتشرت فى المحافظة منذ سنوات، ولم يكن يشترك بها سوى نسبة قليلة من الطلاب، ولكن منذ سنتين بدأت تنتشر وزاد عدد الطلاب المشتركين بها وتم اختيار عدد محدود من الأشخاص المشتركين فى الحفلة للقيام بمسئولية جمع رسوم الحفلة، واختيار المكان التى تقام فيه.

وتشير الأم إلى أن تكلفة الاشتراك كانت ٦٠٠ جنيه، ولكن تكلفة الزى التى حضرت به ابنتها الحفلة تكلفت أكثر من ذلك، والغريب كما تقول الأم أن من لا يشارك يتعرض للتنمر والسخرية من جانب أصحابه، وهو ما جعلها توفر من مصروف البيت مبلغ بسيط كل شهر حتى تستطيع أن توفر لابنتها رسوم الحفلة، وتكلفة الزى التى حضرت به الحفلة.

ومن جانبها تقول منى أبو غالى مؤسس ائتلاف تحيا مصر بالتعليم إن ظاهرة انتشار حفلات التخرج بالمدارس أصبحت عبئًا على ولي الأمر، لأنه يطالب بدفع مبلغ مالي لأولاده من أجل حضور الحفل، وللأسف يضطر ولى الأمر للموافقة بل وأحيانًا يستدين من أجل عدم شعور أولاده بالنقص، أو أنهم أقل من غيرهم.. والمشكلة كما تقول غالى أن المدارس لا يعنيها كل هذا، وأصبحت الحفلات بابًا من أبواب السبوبة لهم، والأكثر من هذا أن المدارس تقيم حفلاتها في قاعات أو حدائق مع فقرات فنية، وتوزيع جوائز وكل ذلك يكون على حساب ولي الأمر، وإذا رفض لضيق الحال أو للمبالغة في رسوم الحفلة يكون سببًا في سوء حالة أولاده النفسية.. وللأسف الطلاب مهما كان سنهم يتنمرون على زملائهم الذين لم يتمكنوا من حضور هذه الحفلات.

وتضيف إنها تتمنى إعادة النظر في كل هذا ولو أصبح الاحتفال شيئًا ضروريًّا تكون حفلة بسيطة بداخل المدارس حتى تكون مناسبة للجميع.

وتعترف دكتورة هالة منصور أستاذ علم الاجتماع بانتشار هذه الظاهرة اجتماعيًا، وانتقالها إلى السوشيال ميديا بينما فى الماضى كانت تقام فى المدارس والجامعات للأوائل من الطلاب، وتكون على حساب الجامعة أو المدرسة، ويحضرها جميع الطلاب، ويتم فيها تكريم الطلاب الأوائل، وبعد ذلك بدأت تنتشر فى صورة سبوبة فى الجامعات والمدارس الخاصة أما الجامعات الحكومية فيقوم الطلاب بتنظيمها من خلال متعهد حفلات فى شكل سبوبة أيضًا وبدأت المدارس والجامعات تبالغ فى رسوم الحفلات كنوع من أنواع السبوبة.

وتضيف منصور: ظاهرة بهذا الشكل تجعل من الضرورى وضعها فى إطار نظامى، وتكون ضمن المصروفات المدرسية، ولكن ليست بشكل مبالغ فيه حيث لا يمكن إلغاؤها لأنها تحقق للطالب رضى نفسيًّا واجتماعيًّا وتحقق له نوعًا من أنواع السعادة له ولأسرته، ولكن المشكلة فى الاستغلال المادى، وهذا ليس مطلوبًا ولكن إذا تم وضعه فى إطار نظامى ومنضبط ستكون مختلفة، ويكون هناك شكل للاحتفال بحيث لا تخرج عن النطاق الطبيعى كالرقص والتهريج، ويتم ذلك فى إطار من الأخلاقيات مع مراعاة قدسية المكان سواء كان جامعة أو مدرسة.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: المدارس الخاصة المدارس الدولية المدارس التجريبية حفلات التخرج رسوم الاشتراك المدارس الخاصة رسوم الاشتراک حفلات التخرج

إقرأ أيضاً:

كيف تعيد السعودية رسم التوازنات في سوريا؟.. تحولت لحلبة اقتصادية

نشر موقع "ليه ديبلوماتيه" تقريرًا سلّط فيه الضوء على تحوّل الساحة السورية من ميدان للصراع المسلح إلى حلبة للاستثمار الاقتصادي، مع عودة لافتة للسعودية عبر وفد ضخم زار دمشق وأبرم اتفاقات شراكة بقيمة 5.6 مليار دولار، ما يكرّس دور الرياض كلاعب محوري في إعادة إعمار سوريا.

وقال الموقع، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه بعد أربعة عشر عامًا من الحرب الأهلية، تجد سوريا نفسها في قلب دينامية جديدة: لم تعد دينامية السلاح، بل دينامية الاستثمارات، فقد زارها وفد سعودي مكوّن من أكثر من 150 ممثلًا عن القطاعين العام والخاص دمشق، تحت قيادة وزير الاستثمار خالد الفالح.

وأوضح الموقع أن العنصر الأساسي يتألف من اتفاقيات شراكة بمجموع 5.6 مليارات دولار، وهو ليس بالأمر الهيّن، بل يمثل عودة الرياض إلى الساحة السورية، هذه المرة عبر بوابة إعادة الإعمار.

الدعم السعودي
فبعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر/كانون الاول 2024 وصعود أحمد الشرع إلى السلطة بدعم من الرياض، برزت السعودية كالدعامة الرئيسية للحكومة السورية الجديدة، وتستهدف الاستثمارات قطاعات حيوية: البنية التحتية، والطاقة، والطيران، وتقنيات الاتصالات، والصناعة الثقيلة، والسياحة والعقارات. ومن بين المشاريع البارزة: مصنع إسمنت في عدرا بقيمة 20 مليون دولار، ومشروع تجاري بقيمة تقارب 100 مليون دولار.


وقد عُقد منتدى دمشق للاستثمار رغم أعمال العنف الطائفية الأخيرة في السويداء، التي أسفرت عن مئات الضحايا. والهدف المعلن للسلطات السورية والسعودية واضح: جعل الاقتصاد الرافعة الرئيسية للاستقرار، حتى في سياق لا يزال هشًا، كما كانت لرفع العقوبات الأميركية دور حاسم. فقد قام دونالد ترامب، بعد لقائه مع الشرع في السعودية، بإضفاء الطابع الرسمي على إنهاء العقوبات ضد سوريا في شهر يوليو، استجابةً لطلبات الرياض وأنقرة. وقد أتاح ذلك تسديد الديون السورية للبنك الدولي، وجذب الشركات الأميركية، خصوصًا في قطاع الطاقة.

لفت الموقع إلى أنه يشارك كل من قطر والإمارات العربية المتحدة في هذه المبادرة، فقد وقّعت الدوحة اتفاقًا في مجال الطاقة بقيمة 7 مليارات دولار، بينما تعمل شركة "دي بي وورلد" ومقرها دبي، على تطوير البنى التحتية للموانئ. وهكذا بدأت تتبلور عملية إعادة اصطفاف إقليمي: إبعاد سوريا عن المدار الإيراني وربطها بنظام سني جديد تقوده الممالك الخليجية.

واختتم الموقع تقريره بالتأكيد على أنه حاليًا يجري تشكيل مجلس تجاري مشترك بين دمشق والرياض، بهدف تنظيم الاختراق الاقتصادي السعودي من خلال نهج مستدام ومؤسسي. لقد أصبحت عملية إعادة الإعمار ساحة معركة جيو-اقتصادية، وساحة تنافس بين القوى الإقليمية لتحديد المستقبل السياسي والاقتصادي والدبلوماسي لسوريا. إنها مرحلة انتقالية مهمة: من القنابل إلى الاستثمارات، ومن التحالفات العسكرية إلى الاتفاقيات الاقتصادية. فالشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة يُبنى فيها النفوذ من خلال المليارات، ومشاريع البناء، والاتفاقات الاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • مستشار تربوي: توفر الإسعافات الأولية أمر مهم في المدارس
  • كيف تعيد السعودية رسم التوازنات في سوريا؟.. تحولت لحلبة اقتصادية
  • الموسيقيين: راغب علامة لم يُمنع من الغناء.. القرار إجراء تنظيمي مؤقت
  • أين تذهب رسوم تظلمات الثانوية العامة التي تحصلها التعليم من الطلاب؟|توضيح عاجل
  • عراقجي: إيران لن تقبل بأن تمضي الأمور كما كانت عليه قبل حرب الـ12 يوم مع “إسرائيل”
  • رئيس رابطة المدارس الخاصة: لا يحق منع الطالب من التحويل إلا في حالة واحدة
  • التعليم العالي تحذر طلاب الثانوية العامة والشهادات المعادلة
  • اتحاد يطالب وزارة التربية بالتدخل فورًا لوضع حد لزيادات الأقساط في المدارس الخاصة
  • طالبوا بإخضاعها لرقابة «التعليم».. مواطنون لـ العرب: متطلبات «العودة للمدارس» تثقل كاهل أولياء الأمور
  • الدكتور احمد زياد الحجاج .. مبارك التخرج