عندما يتعلق الأمر بسلامة الطلبة، لا مجال للتهاون؛ فكل صباح وعند انتهاء اليوم الدراسي تتكرر مشاهد مقلقة للطلبة عند عبورهم للطرق المحاذية للمدارس الواقعة في الأحياء السكنية، وسط حركة مرور مزدحمة وغياب لوسائل الحماية الأساسية مثل خطوط المشاة والإشارات التحذيرية. الكثير من هؤلاء الطلبة يذهبون سيرًا على الأقدام من منازلهم القريبة، في مواجهة خطر يومي يزداد مع ازدحام المركبات في أوقات الذروة.

ومن هذا الواقع، كان لا بدّ من الاقتراب من الميدان وسماع المشهد من أطرافه المختلفة، من خلال آراء إدارات المدارس ومجالس أولياء الأمور، للحديث عن واقع السلامة المرورية أمام المدارس الواقعة في الأحياء السكنية، والبحث عن الحلول التي تضمن عبورًا آمنًا لأبنائنا الطلبة.

أوضح سالم بن سليم العبري، مدير مدرسة الشيخ إبراهيم بن سعيد العبري أن الموقع الحالي لكثير من المدارس يشكّل خطرًا على الطلبة، إذ تقع معظمها في مخططات سكنية مزدحمة أو بالقرب من طرق رئيسية تفتقر إلى معايير السلامة لعابري الطريق مثل خطوط المشاة والأرصفة، ولفت إلى أن مرور السيارات بسرعة في أوقات الذهاب أو العودة من وإلى العمل يزيد من احتمالات الخطر اليومي على الطلبة، في ظل غياب التنظيم الكافي أمام المدارس.

وبيّن أن إدارات المدارس تواجه يوميًّا ازدحامًا شديدًا وقت الصباح والظهيرة، مع توقف السيارات بطريقة غير مرتبة بالقرب من المدارس، ما يضطر بعض الطلبة إلى قطع الشارع من بين المركبات، وهو ما يزيد من احتمالية وقوع حوادث دهس.

دور المدارس

وأشار العبري إلى أن إدارات المدارس يمكن أن تسهم بشكل كبير في حماية الطلبة عبر توعيتهم بقواعد السلامة المرورية، وتحديد نقاط آمنة لعبورهم أمام المدرسة، إلى جانب تنظيم دخول وخروج الطلبة من بوابات أقل ازدحامًا، والتنسيق مع أولياء الأمور لتحقيق انسيابية أكبر للحركة.

كما دعا إلى دراسة تعديل توقيت اليوم الدراسي بحيث يبدأ عند الساعة الثامنة صباحًا وينتهي في الواحدة ظهرًا، حتى لا يتزامن مع ذهاب الموظفين إلى أعمالهم أو عودتهم منها، مما قد يقلل من الازدحام والمخاطر المرورية.

وأوضح أن في كل مدرسة مناوبين من المعلمين يشرفون يوميًّا على دخول وخروج الطلبة، مضيفًا أن هذا النظام يساهم في ضبط الحركة أمام المدارس ويحدّ من الحوادث.

وأكد على أهمية التنسيق بين إدارات المدارس وأعضاء المجلس البلدي ومجالس الآباء والمعلمين وممثلي مجلس الشورى لاقتراح الحلول المناسبة ومخاطبة الجهات المعنية لتنفيذها.

مساهمة المجتمع

وقال مدير المدرسة إن الأسرة والمجتمع المحلي يقع على عاتقهما دور كبير في نشر ثقافة العبور الآمن، من خلال توعية الأبناء بعدم التهور أثناء عبور الطريق وتنظيم مبادرات مجتمعية لتنظيم حركة المرور أمام المدارس. وأوضح أن مبادرات مثل "المرافقة الجماعية للطلاب" أو "حارس عبور" يمكن تنفيذها بالتعاون مع مجالس الآباء والمعلمين أو الفرق التطوعية في كل ولاية.

وأضاف أن من الوسائل الفعّالة في التوعية استخدام نشرات وفيديوهات ومحاضرات توعوية تُنفذ بالتنسيق مع الجهات المختصة، بما يعزز الثقافة المرورية لدى الأهالي والطلاب على حد سواء.

حلول جذرية

واقترح سالم العبري تنفيذ حلول عملية عاجلة مثل إقامة مطبات أمام المدارس ووضع لوائح تحذيرية مرورية بالقرب منها، مع توثيق المخاطر اليومية التي يواجهها الطلبة عند عبورهم الشوارع ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي لرفع الوعي المجتمعي ودفع الجهات المختصة إلى التحرك السريع.

وأشار إلى أن الحملات الإعلامية يمكن أن تؤدي دورًا مهمًّا في تحريك الرأي العام وإيصال أصوات الأهالي والطلبة للجهات المسؤولة، خصوصًا إذا ما تم توثيق تلك المخاطر بالصور والفيديوهات التي تُبرز المعاناة اليومية للطلبة.

وفي السياق ذاته، ذكرت ميمونة بنت مبارك الهنائية، مديرة مدرسة رؤى المستقبل للتعليم الأساسي (1-4) أن مشكلة عبور الطلبة بين المركبات لا تزال قائمة وتشكل خطرًا حقيقيًّا في الأحياء السكنية القريبة من المدارس، حيث يُلاحظ يوميًّا عبور بعض الطلبة للشوارع بشكل عشوائي دون وعي كافٍ بقواعد السلامة المرورية.

وأشارت إلى أن قرب المنازل من المدارس يدفع بعض الطلبة إلى الذهاب بمفردهم دون مرافقة أسرهم، ما يجعلهم عرضة للحوادث خصوصًا عند استعجالهم في الوصول إلى المدرسة. وأكدت الهنائية على أهمية تكاتف الجهود التوعوية بين المدرسة والأسرة والجهات المعنية، من خلال غرس الوعي المروري لدى الطلبة وتفعيل دور أولياء الأمور في متابعة أبنائهم والتأكد من وصولهم الآمن إلى المدرسة يوميًّا.

ممرات آمنة

من جانبه ذكر الدكتور ناصر بن عبدالله العبري رئيس مجلس الآباء والمعلمين بمدرسة الشيخ أبي سعيد الكدمي أنه من الضروري توفير ممرات آمنة مخصصة لعبور الطلاب، خصوصًا في المدارس الواقعة على الطرق الرئيسية، مع الاهتمام بإنشاء مداخل ومخارج مخصصة تسهم في حماية الطلبة من الحوادث المرورية.

وأشار إلى أن الوعي المروري يختلف بين الطلاب باختلاف أعمارهم ومرحلتهم الدراسية، وكذلك باختلاف متابعة الأسرة وحرص المدرسة، مؤكدًا أن الطلاب الذين يستخدمون الدراجات النارية للحضور والعودة من المدرسة يمثلون الفئة الأكثر عرضة للمخاطر بسبب عدم التزام بعضهم بوسائل السلامة مثل ارتداء الخوذة أو القيادة بسرعة، لذلك منعت المدارس استخدام وإدخال الدراجات النارية إلى الحرم المدرسي.

دور المدرسة والأسرة

وبيّن الدكتور ناصر أن المدرسة والأسرة تمثلان أهم مؤسستين اجتماعيتين في حياة الطالب، فدورهما لا يقتصر على التعليم، بل يمتد إلى غرس السلوك السليم وتربية الوعي المروري منذ الصغر. وأضاف أن المدرسة تسعى إلى تحويل الوعي النظري إلى سلوك عملي يومي، بحيث يلتزم الطالب بالقوانين ويتجنب المخالفات أثناء الذهاب والعودة من المدرسة. وأشار إلى أن مدرسة الشيخ أبي سعيد الكدمي أدرجت ضمن خطتها للعام الدراسي الحالي حملة توعية لسائقي الحافلات وأولياء الأمور حول سلامة نقل الطلاب، بهدف دعم بيئة تعلم آمنة في المواصلات المدرسية، مؤكدًا أن تعزيز الوعي المروري بين الطلاب أنفسهم يمثل أحد أهم عوامل الوقاية من الحوادث.

إشراك أولياء الأمور

وفي السياق ذاته، قال عاصم بن محمد الحديدي، عضو مجلس أولياء الأمور بمدرسة حفص بن راشد إن حماية الطلاب من أخطار الطريق تتطلب تعاونًا حقيقيًّا بين المدرسة والأسر والمجتمع المحلي من خلال مبادرات ميدانية، وتنظيم أوقات الذهاب والعودة، وتفعيل الرقابة المجتمعية أمام المدارس. وأشار إلى أن سلامة الطلبة مسؤولية جماعية تتكامل فيها أدوار الجهات الحكومية

والمدارس وأولياء الأمور، داعيًا إلى تسريع تنفيذ مشاريع خطوط المشاة والإشارات الضوئية في الأحياء السكنية القريبة من المدارس.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: فی الأحیاء السکنیة إدارات المدارس أولیاء الأمور الوعی المروری أمام المدارس وأشار إلى أن من المدارس من خلال عبور ا

إقرأ أيضاً:

تهيئة نفسية للطلاب واستعدادات بالمدارس لاختبارات المنتصف

تنطلق اليوم الثلاثاء اختبارات منتصف الفصل الدراسي الأول بالمدارس الحكومية والخاصة التي تطبق المعايير الوطنية من الصف الأول حتى الصف الحادي عشر حيث ستستمر حتى 25 أكتوبر الحالي.
وأكد مديرو مدارس لـ«العرب» أن المدارس أنهت استعداداتها كافة لضمان سير الاختبارات في أجواء هادئة ومنظمة تراعي الجوانب النفسية والصحية للطلبة، وتوفر بيئة مثالية تساعدهم على التركيز والأداء الأمثل، في إطار تنفيذ توجيهات وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي الرامية إلى تعزيز جودة العملية التعليمية وتحقيق مبدأ العدالة في التقييم.
وأضاف مديرو المدارس أن الإدارات التعليمية والهيئات التدريسية وضعت خططا تفصيلية لتوزيع لجان الاختبارات، وتنظيم حركة الطلبة داخل المباني المدرسية بما يضمن الانضباط والهدوء، مع اتخاذ كل التدابير التي تضمن سلامة الطلبة وراحتهم أثناء تأدية الاختبارات. وأشاروا إلى أن المدارس كثفت جهودها خلال الأسابيع الماضية عبر حصص مراجعة ودعم أكاديمي مستهدف، خاصة في المواد الأساسية، لضمان جاهزية جميع الطلبة للامتحانات.

إرشاد نفسي
وبينوا أن الكوادر التعليمية حرصت على تقديم جلسات توجيه وإرشاد نفسي داخل الفصول، بهدف تخفيف القلق والضغط المصاحب لفترة الاختبارات، مؤكدين أن الطالب يحتاج إلى طمأنينة وتهيئة نفسية بقدر حاجته إلى التحصيل العلمي. كما تم توجيه المعلمين إلى استخدام أساليب تشجيعية وتحفيزية لبث الثقة في نفوس الطلبة، ومساعدتهم على تجاوز أي توتر قد ينعكس على أدائهم.
وأكد مديرو المدارس أن البيئة المدرسية أصبحت مهيأة بشكل متكامل لاستقبال هذه المرحلة، حيث جرى التأكد من جاهزية القاعات وتوفير الإضاءة والتهوية المناسبة، بالإضافة إلى توفير مياه الشرب ووسائل الراحة، وتخصيص فرق إشرافية لمتابعة سير الامتحانات منذ دخول الطلبة إلى القاعات وحتى مغادرتهم.
وأشار مديرو المدارس إلى أن التواصل مع أولياء الأمور مستمر عبر المنصات الإلكترونية والرسائل الرسمية، لإحاطتهم بمواعيد الاختبارات وتعليمات الحضور والانصراف، مع تقديم إرشادات حول كيفية دعم الأبناء نفسيا وتنظيم أوقات المذاكرة والراحة في المنزل.
وشددوا على أن هذه الفترة تمثل محطة مهمة في تقييم مستوى التحصيل الدراسي، وأن الهدف منها ليس فقط قياس أداء الطالب، بل مساعدته على معرفة نقاط القوة والضعف، تمهيدًا لتطوير أدائه خلال النصف الثاني من الفصل.

تنظيم اليوم
وكانت وزارة التربية أعلنت عن تنظيم اليوم الدراسي خلال فترتي اختبارات المنتصف للعام الأكاديمي 2025- 2026، وذلك في إطار حرصها على دعم جودة العملية التعليمية وتوفير بيئة مدرسية آمنة ومساندة تراعي الصحة النفسية والجسدية للطلبة، وتحقق التوازن بين متطلبات العمل والحياة الشخصية للمعلمين دون الإخلال بسير العملية التعليمية.
وأكدت السيدة مها زايد القعقاع الرويلي، وكيل الوزارة المساعد للشؤون التعليمية، في تعميم للمدارس الحكومية، أن القرار يهدف إلى تعزيز مرونة اليوم الدراسي خلال فترة الاختبارات، وتوفير أجواء مريحة للطلبة والمعلمين على حد سواء بما يسهم في تحقيق أفضل النتائج الأكاديمية والمحافظة على استقرار الميدان التربوي. وبحسب التعميم الصادر، فقد تم تحديد تنظيم الجدول الدراسي ليشمل أربع حصص يوميًا، بواقع حصتين دراسيتين وفق الجدول المعتاد، تليهما حصتان مخصصتان لأداء الاختبار، مؤكدا على ضرورة إنجاز عمليات تصحيح الاختبارات ورصد الدرجات ضمن المواعيد المحددة لفتح وإغلاق النظام الإلكتروني المعتمد.
وفيما يتعلق بمواعيد الانصراف، نص التعميم على أن يكون انصراف الطلبة فور انتهاء الحصة الرابعة، مع الالتزام بمواعيد الاستراحة والاستقبال، فيما يسمح لموظفي المدارس بالمغادرة قبل ساعتين من انتهاء الدوام الرسمي، مع مراعاة عدم الجمع بين هذه الساعات وساعات الرضاعة أو تخفيف الدوام، وألا يتجاوز مجموع ساعات المغادرة اليومية ساعتين كحد أقصى.
ودعت الوزارة جميع الإدارات المدرسية إلى الالتزام الكامل بما ورد في التعميم، بما يضمن انسيابية العمل واستقراره، ويعكس التزام الميدان التربوي بأعلى معايير المهنية التعليمية وجودة الأداء خلال فترات الاختبارات.

قطر اختبارات منتصف الفصل

مقالات مشابهة

  • حماية لـ«أطفالنا».. ديرمواس تُؤمّن محيط المدارس بـ«صدادات مرورية» لمنع تجاوز الموتوسيكلات والسيارات
  • تعليم وثقافة القليوبية يبحثان التعاون المشترك لتعزيز الوعي لدى الطلاب
  • أدّى لانخفاض الغياب .. مدرسة تنشر أسماء الطلبة المتغيبين يومياً عبر فيسبوك
  • مدير مدرسة ينشر أسماء الطلبة المتغيبين على فيس بوك
  • خدمات مرورية لمنع تكدس السيارات بشوارع القاهرة والجيزة
  • وزير التربية والتعليم يجري زيارة مفاجئة في عدد من المدارس بالفيوم
  • معلمة تتعرض للرشق بالحجارة.. ومسؤولة ترد: (عادي)
  • تهيئة نفسية للطلاب واستعدادات بالمدارس لاختبارات المنتصف
  • تعليمات عاجلة بتسجيل الغياب بالمدارس يوميًا واتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه المتغيبين