ليست الحرب وحدها.. كارثة جديدة تواجه سكان غزة
تاريخ النشر: 20th, October 2023 GMT
يعاني قطاع غزة من أسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق، حيث فرضت إسرائيل حصارا كاملا على القطاع الذي يسكنه حوالي 2.3 مليون شخص بعد أن شنت حركة حماس هجوما كبيرا على اسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وفي المقابل ردت إسرائيل بقطع جميع الإمدادت عن القطاع وسبل الحياة، حيث تم قطع الكهرباء والمياه والوقود كما أن هناك أزمة كبرى في الغذاء، فضلا عن وقوع آلالاف من الضحايا والشهداء ، ويقال إن كمية ما استخدمته إسرائيل من أسلحة عند شن هجمات داخل غزة في أيام قليلة فاق ما استخدمته أمريكا خلال عام في أفغانستان.
وتجاوزت قوات الاحتلال الإسرائيلي كافة الأعراف والقوانين الدولية في العملية العسكرية التي تشنها داخل قطاع غزة، حيث تم تدمير أكثر من 4800 مبنى سكني، والحاق أضراراً بأكثر من 120 ألف وحدة سكنية حسبما يقول مسؤولون فلسطينيون بسبب الغارات الجوية المتواصلة ، ونزح حوالي مليون شخص من المناطق التي تشهد عمليات حربية شمال قطاع غزة إلى جنوب القطاع بحثاً عن ملاذ آمن.
يعاني سكان قطاع غزة من أزمة شح المياه النظيفة، فوفقاً للأونروا فإن 95% من سكان القطاع لا يستطيعون الوصول إلى المياه النظيفة، كما يؤدي نقص الكهرباء إلى توقف الحياة بشكل دوري، ويعتمد قطاع غزة بدرجة كبيرة على إسرائيل في الحصول على المياه والكهرباء والغذاء، وتحصل غزة على معظم ما تستهلكه من كهرباء من إسرائيل نظراً لأن القطاع لا يمتلك سوى محطة كهرباء قديمة واحدة وهي التي توقفت عن العمل منذ بداية الحرب بين حماس واسرائيل في 7 أكتوبر 2023.
وحذر مسؤولو الأمم المتحدة من أن ملايين الفلسطينيين يواجهون الجفاف ويتعرضون لخطر الإصابة بالأمراض المنقولة بالمياه في ظل أزمة المياه المتصاعدة مع استمرار إسرائيل في حجب الإمدادات الأساسية عن غزة بأعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر.
وأفادت الأمم المتحدة بأن آخر محطة لتحلية المياه العاملة أغلقت أبوابها، الأحد، بسبب نقص الوقود، وكذلك آخر محطة عاملة لمعالجة مياه الصرف الصحي، وقامت إسرائيل بفتح خط مياه واحد في جنوب قطاع غزة لمدة ثلاث ساعات، لكن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في غزة قالت إنه يخدم 14% فقط من السكان.
وباستثناء سكان خان يونس بغزة، حيث أعيدت المياه، قدرت الأمم المتحدة، أن متوسط استهلاك المياه في القطاع انخفض إلى ثلاث لترات للشخص الواحد يوميا.
وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن يحصل الأشخاص على ما لا يقل عن 50 إلى 100 لتر من الماء يوميًا للشخص الواحد، ولسنوات عديدة، لم يتمكن سكان غزة من الحصول على أكثر من الحد الأدنى، وفقا لسلطة المياه الفلسطينية.
وقال متحدث باسم منظمة الصحة العالمية إن بعض الناس لجأوا إلى شرب مياه البحر، وهي شديدة الملوحة وملوثة بمياه الصرف الصحي غير المعالجة.
كما أدى نقص الوقود والغارات الجوية الخطيرة إلى تعليق معظم شاحنات المياه لعملياتها، كما أن المياه المعبأة محدودة للغاية ولا يمكن تحمل تكاليفها، وفقًا للأمم المتحدة، ويحصل معظم الناس حاليًا على مياه الشرب من البائعين الخاصين الذين يديرون مرافق صغيرة لتحلية المياه تعمل في الغالب بالطاقة الشمسية.
كما قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، إن المخاوف تتزايد من الجفاف وانتشار الأمراض؛ نظرا لانهيار خدمات المياه والصرف الصحي.
وأضافت في بيان أوردته وسائل إعلام محلية، أنه تم فُتح خط مياه واحد لـ3 ساعات فقط جنوب غزة، لكنه لا يلبي الاحتياجات، وبيّنت أن المياه في غزة قضية أساسية، وسيبدأ الناس بالموت دون ماء.
من جانبه، قال نائب مدير عام الرعاية الأولية للصحة العامة رامي العبادلة، إن نسبة تلوث المياه التي يستخدمها المواطنون في قطاع غزة عالية جداً، حيث كان يتم معالجة المياه قبل ضخها في الشبكات للمجتمع قبل العدوان.
وأضاف: «نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، يتم توزيع كميات مياه محددة من آبار عشوائية مياهها ملوثة».
وأشار إلى أن استخدام المياه الملوثة للشرب على مدار أسبوع كامل أدى إلى ظهور حالات اسهال لدى الأطفال في مراكز الإيواء وهي أعلى من المعدل السنوي.
ولفت إلى تسجيل حالات الأمراض الجلدية المختلفة ومنها حالات جدري ماء وهو مرض سريع الانتشار ينتقل عن طريق الهواء، وفي مراكز اللجوء سوف يتعرض مئات الآلاف من الأشخاص للإصابة.
كما حذر العبادلة من تبعات تراكم النفايات في قطاع غزة والذي ينتج عنه يوميا 2000 طن من النفايات، ولليوم العاشر على التوالي، تتراكم النفايات في المدن والأماكن السكانية ومراكز الإيواء وأصبحت تشكل مكاره صحية.
وتخوف العبادلة من ظهور أوبئة خطيرة مثل الكوليرا وأمراض أخرى خلال الأيام القادمة نتيجة هذه النفايات وعدم توفر مياه للنظافة الشخصية.
كما أشار إلى أنه لم يتم تقديم اللقاحات إلا لعدد بسيط من الأطفال بمعدل لا يتجاوز 5% وهذا يعرضهم للإصابة بأمراض معدية ويعرض حياتهم للخطر نتيجة وجودهم في أماكن مزدحمة وسط مكاره صحية.
وطبقا لسكان محليين في قطاع غزة، لجأ الفلسطينيون إلى سحب المياه من الآبار وتعبئتها في صهاريج، والتي تُنقل بدورها عبر شاحنات إلى أحياء القطاع المختلفة حيث توزّع المياه.
وزادت نُدرة المياه من صعوبة الحياة على العائلات، لا سيما تلك التي لديها أطفال صغار، حيث يُشكل قطاع غزة 1.33% من مساحة فلسطين ويعيش في القطاع نحو 2.23 مليون نسمة، وحسب تقديرات يونيسيف فهناك ما يقرب من مليون طفل يعيشون في قطاع غزة، ما يعني أن نصف سكان غزة تقريباً من الأطفال.
وذلك يعود لأنه لا يحصل العديد من الفلسطينيين ببساطة على فرصة التقدم في السن - حيث يموتون في بداية سن البلوغ إما في الصراعات أو بسبب نظام الرعاية الصحية المتعثر - مما يؤدي إلى انخفاض المعدلات، فتقول يارا عاصي - الأستاذة المساعدة في إدارة الصحة العالمية والمعلوماتية في جامعة سنترال فلوريدا، إن الحصار المستمر أعاق الوصول السريع إلى الرعاية الطبية وتسبب في نقص الإمدادات الأساسية مثل الشاش وأكياس الوريد، وقالت: “الرعاية الوقائية غير موجودة في الأساس.. إنهم يتعاملون باستمرار مع مشاكل صحية قصيرة المدى، وأولئك الذين يحتاجون إلى رعاية مزمنة إما لا يحصلون عليها أو يضطرون إلى المغادرة.. ولكي يتمكن السكان من المغادرة لتلقي العلاج الطبي، يتعين عليهم التقدم بطلب للحصول على تصريح يصعب الحصول عليه ”.
وتظهر إحصائيات البنك الدولي أن قطاع غزة يعاني أحد أعلى معدلات البطالة في العالم، فيما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن حوالي 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة والحصول على الخدمات الأساسية.
قالت المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي عبير عطيفة، إن البرنامج كان يعتمد على المخزون لدى البرنامج في غزة قبل وقوع الكارثة الإنسانية، وأوصل المساعدات لنصف مليون شخص، مشيرة إلى أن مخزون البضائع في غزة في تناقص شديد والوضع الإنساني صعب للغاية.
وأضافت خلال تصريحات إعلامية لقناة القاهرة الإخبارية، أن معظم قدرة المخابز على الإنتاج تأثرت بشدة، ومن بين 23 مخبز، يوجد 4 مخابز فقط مستمرة في تقديم الخبز بشكل يومي، بسبب نقص الكهرباء ونقص الوقود.
وأكدت أن فتح معبر رفح سيكون انفراجة كبيرة لأهالي قطاع غزة، مردفة: "لدينا 1000 طن من المواد الغذائية في مدينة العريش المصرية بانتظار الدخول إلى غزة، وهي تكفي نصف مليون شخص لمدة أسبوع".
وفي هذا الصدد دعا الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، إلى فتح معبر رفح أمام الشاحنات التي تحمل المساعدات الإنسانية لقطاع غزة بـ"أسرع وقت ممكن" وذلك بعد زيارته إلى المعبر اليوم الجمعة، وقال : "خلف هذه الجدران عناك مليوني شخص في غزة بلا ماء أو غذاء أو دواء أو وقود".
وتابع جوتيريش من أمام الجانب المصري من المعبر: "وعلى هذا الجانب، يوجد في هذه الشاحنات كل ما يحتاجونه..يجب أن ندفعهم للتحرك (الشاحنات)، بأسرع وقت ممكن، وبأي أعداد تتطلبها الحاجة.. وراء هذه الجدران لدينا مليوني شخص يعانون بشدة، لذا، هذه الشاحنات ليست مجرد شاحنات، بل هي شريان حياة، هم الفرق بين الحياة والموت".
وكان قد قال الرئيس الأمريكي جو بايدن الأربعاء أنه توصل إلى اتفاق مع نظيره المصري للسماح بدخول أول مجموعة من 20 شاحنة تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة، لكن الأمم المتحدة تريد ممراً إنسانياً مستداماً، وليس فقط تدفق 20 شاحنة.
ووفقاً للأمم المتحدة، هناك 219 شاحنة تنتظر حالياً عند معبر رفح الحدودي، 115 منها تنتمي إلى الهلال الأحمر المصري و104 منها تحمل مساعدات من دول أخرى.
وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك إن العقبة الرئيسية أمام فتح المعبر هي إنشاء آلية للتحقق من التسليم وتجنب التلاعب بها بشكل عشوائي مع دخول الشاحنات إلى غزة.
ويقول دوجاريك إن إنشاء آلية التحقق أثبت أنه أمر معقد للغاية، إذ يهدف الإسرائيليون إلى مراقبة البضائع التي تدخل غزة، لكن التحدي يكمن في تحديد أين وكيف يمكن ذلك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة قطاع غزة إسرائيل حماس نقص الوقود للأمم المتحدة الأمم المتحدة فی قطاع غزة ملیون شخص سکان غزة فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة: فرار أكثر من 4 ملايين لاجئ من السودان بسبب الحرب
جنيف"وكالات":
قال مسؤولون في المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم إن عدد الفارين من السودان منذ بداية الحرب الأهلية في 2023 تجاوز أربعة ملايين شخص، وأضافوا أن العديد من الناجين لم يجدوا المأوى المناسب بسبب نقص التمويل.
وذكرت يوجين بيون المتحدثة باسم المفوضية في مؤتمر صحفي في جنيف "وصول عدد اللاجئين إلى أربعة ملايين شخص بعد (دخول الحرب) عامها الثالث يعد علامة فارقة خطيرة في أكثر أزمات النزوح ضررا بالعالم في الوقت الحالي".
وأضافت "نتوقع في حالة استمرار الصراع في السودان أن يواصل آلاف الأشخاص الآخرين الفرار من البلاد مما يعرض الاستقرار الإقليمي والعالمي للخطر".
واندلع الصراع في السودان في أبريل نيسان 2023. والسودان له حدود مع سبع دول هي تشاد وجنوب السودان ومصر وإريتريا وإثيوبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا.
وقال دوسو باتريس أهوانسو من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في المؤتمر الصحفي ذاته إن أكثر من 800 ألف لاجئ وصلوا إلى تشاد حيث تتردى ظروف الإيواء بسبب نقص التمويل اللازم الذي لم يصل منه سوى 14 بالمئة.
وأضاف "نواجه أزمة ليس لها مثيل. إنها أزمة إنسانية. إنها أزمة ... حماية تنبع من العنف الذي يبلغ عنه اللاجئون".
وتابع أن العديد من الفارين أبلغوا عن تعرضهم للحظات من الرعب والعنف. وقال إنه التقى بفتاة تبلغ من العمر سبع سنوات في تشاد سردت له ما حدث لها ولعائلتها حيث أصيبت في هجوم على منزلها في مخيم زمزم للنازحين في السودان أدى إلى مقتل والدها وشقيقيها وبتر ساقها في أثناء هروبها. وقال إن والدتها قُتلت في هجوم سابق.
وذكر أن لاجئين آخرين رووا قصصا عن استيلاء جماعات مسلحة على خيولهم وحميرهم وإجبار البالغين على جر العربات التي تحمل عائلاتهم بأنفسهم خلال عملية الفرار.
م جهة أخرى استُهدفت قافلة مساعدات تابعة للأمم المتحدة في إقليم دارفور غرب السودان مساء أمس الاثنين ما تسبب في وقوع ضحايا بحسب التقارير الأولية، على ما أفادت متحدثة باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).
وقالت المتحدثة باسم يونيسف إيفا هيندز إن القافلة التي ضمت شاحنات مساعدات تابعة لليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي، "كانت تقف في مدينة الكومة بشمال دارفور في انتظار الموافقة للتوجه إلى الفاشر". ولم توضح هيندز أي من طرفي الحرب يقف خلف الهجوم.
وتقع مدينة الكومة، التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع، على بعد نحو 80 كيلومترا من مدينة الفاشر عاصمة شمال دارفور، التي يسيطر عليها الجيش وتحاصرها قوات الدعم السريع منذ أكثر من عام.
وفي إقليم دارفور ذي المساحة الشاسعة غربي البلاد تشتد المعارك بين طرفي الحرب حيث تسعى قوات الدعم السريع لإحكام سيطرتها على كامل الإقليم بعد خسارتها في العاصمة الخرطوم ومدن رئيسية في وسط وشرق السودان.
وفي بيان اتهمت الحكومة الموالية للجيش الدعم السريع باستهداف قافلة المساعدات التي كانت في طريقها لمدينة الفاشر التي أعلنتها الأمم المتحدة منطقة مجاعة، بينما تتهم الدعم السريع الجيش بقصف القافلة.
وقال المتحدث باسم الحكومة في بيان اليوم الثلاثاء إن "طائرات مسيّرة هجومية تتبع لميليشيا الدعم السريع" قصفت "سيارات إغاثة إنسانية تابعة للأمم المتحدة.. في محاولة متعمدة لقطع الطريق أمام الفرق الإنسانية وتعطيل مهمتها في إيصال المساعدات إلى المواطنين المحاصرين في مدينة الفاشر ومعسكرات النازحين".
وأشار البيان إلى وقوع قتلي وإصابات جراء الهجوم.
من جانبها اتهمت قوات الدعم السريع في بيان الجيش السوداني بشن هجوم الاثنين بطائرة على قافلة إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي"، مشيرة إلى أن الهجوم أسفر عن مقتل أربعة أشخاص وإصابة اثنين.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة، يعيش أكثر من مليون من سكان ولاية شمال دارفور وحدها على حافة المجاعة، فيما أُعلنت المجاعة في عدد من مخيمات النزوح.