بغية الانتهاء من مشكلة التحويلات المادية التي تُعيق زيادة حجم التبادل التجاري مع النظام السوري، أعلنت إيران عن الانتهاء من الاستعدادات لافتتاح أول بنك إيراني في سوريا.

وقال محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين قبل يومين إن "أول بنك إيراني يبدأ عمله قريبا في سوريا".

وتابع فرزين بأن طهران ودمشق تهتمان بتعزيز العلاقات المصرفية والتجارية والاستثمارات المشتركة، معتبرا أن "من الضروري تطوير التعاون النقدي والمصرفي بين إيران وسوريا بما يتناسب مستوى العلاقات التجارية والاقتصادية والتبادلات الاقتصادية وحل القضايا المتعلقة بالمعاملات المصرفية لتجار البلدين".



وأضاف أن "إحدى الاستراتيجيات المهمة لإيران في تطوير التعاون التجاري مع الدول المجاورة هي استخدام العملات الوطنية في العلاقات النقدية وزيادة حجم التبادلات التجارية والاقتصادية".

وكانت إيران قد أعلنت في العامين 2019 و2021 عن رغبتها في افتتاح بنك إيراني- سوري مشترك، لكن لم يُترجم ذلك على الأرض، لتُعيد طهران اليوم الحديث مجددا عن البنك.


وعن ذلك، يقول الباحث المختص بالشأن الإيراني ضياء قدور، إن العديد من الاتفاقيات الاقتصادية ومذكرات التفاهم التي وقعتها إيران مع النظام السوري في السنوات الأخيرة لم تُنفذ، مشيرا إلى ضعف التبادل التجاري والاستثمارات الإيرانية في سوريا، وذلك رغم الشراكة السياسية والتحالف العسكري بينهما.

"في صالح إيران"
ومع ذلك، يرى قدور في حديثه لـ"عربي21"، أن البنك -إن تم تأسيسه فعلا- سيكون في صالح إيران، ويرجع ذلك إلى أن البنك يخدم تسيير النشاطات التجارية للشركات الإيرانية الخاصة في سوريا، والشركات الحكومية التي تتبع لمؤسسة "خاتم الأنبياء" التابعة للحرس الثوري الإيراني.

ويصف الباحث المختص بالشأن الإيراني تأثير النشاط الاقتصادي الإيراني في سوريا بـ"السلبي"، ويقول: "على سبيل إن الصادرات الإيرانية إلى سوريا تزيد بنحو 7 أضعاف عن الصادرات السورية إلى إيران، وهذا ما يجعل التبادل التجاري تقريبا باتجاه واحد".

وفي العام 2022، بلغ إجمالي التجارة بين إيران والنظام السوري نحو 270 مليونا و254 ألف دولار، وهي نسبة تزيد بنحو 9 في المئة عن العام السابق 2021، وعلقت وسائل إعلام إيرانية على الأرقام السابقة بقولها: إن "الميزان التجاري الإيراني مع سوريا بحسب إحصائيات الجمارك الإيرانية كان إيجابيا".

ويساعد البنك إيران على التحايل والالتفاف على العقوبات الأمريكية والأوروبية، كما يؤكد قدور، موضحا أن "طهران كانت تعاني من عدم وجود وسيلة لتبادل الأموال مع سوريا، وإنشاء مثل هذا البنك سيدعم النشاطات التجارية والاقتصادية الإيرانية في سوريا بعيدا عن العقوبات المفروضة عليها وعلى النظام السوري".

ويؤكد أن السوريين غير مستفيدين من زيادة النشاط الاقتصادي، لأن الصادرات السورية تكاد تكون معدومة باستثناء "الفوسفات" التي تذهب إلى إيران بصيغة اتفاقية اقتصادية، بمعنى أن النظام السوري لا يتقاضى المال مقابل الفوسفات.

تحصيل الديون
بدوره شكك الباحث والخبير الاقتصادي رضوان الدبس بقدرة إيران على ترجمة التصريحات المتكررة عن تأسيس بنك في سوريا، وقال: "لكن إن حدث وتم تأسيس البنك، فإن الهدف هو تحصيل الديون الإيرانية على النظام السوري، وضمان تحصيل الأموال التي تدفعها في سوريا، والتي يبدو أن طهران تواجه صعوبة في استردادها من البنوك والمصارف السورية بسبب فروقات صرف الليرة والفساد المالي".

وأضاف الدبس لـ"عربي21"، أن البنك الجديد يُمكن إيران من الإشراف على كل التعاملات التجارية مع النظام السوري.

وبحسب الخبير الاقتصادي، فإن البنك يسهل على إيران منح القروض للنظام وكذلك عقد شراكات تجارية مع حكومة النظام ومع الشركات الخاصة.

قراءة في التوقيت
وبما يخص التوقيت، يقول الدبس إن الانفتاح السياسي العربي على النظام السوري حفّز إيران على زيادة استثماراتها في سوريا، والأداة لذلك هي البنك.

أما الباحث والخبير الاقتصادي يونس الكريم، فيربط بين الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وبين إعلان إيران مجددا عن تأسيس بنك في سوريا، ويوضح لـ"عربي21": أن "إيران تريد أن تُظهر قوة وجودها في سوريا، وأنها باقية في سوريا".


ويحذر الباحث من خطورة البنك الإيراني على الاقتصاد السوري، ويقول: "وجود البنك يسهل خروج الأرباح التي تحققها إيران من استثماراتها في سوريا بدون مراقبة، ويساعدها كذلك على تقوية طبقة التجار السوريين من الموالين لها من خلال منحهم القروض، وبالتالي سيطرتهم على المزيد من المنشآت السورية".

وخلال زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق مطلع أيار /مايو الماضي، جرى الاتفاق على خطوات اقتصادية منها تسريع الإجراءات الثنائية المطلوبة لتأسيس مصرف مشترك بهدف تسهيل التبادل التجاري.

وبحسب مصادر إيرانية، فإن البنك يساعد على زيادة الاستثمارات الإيرانية في مجالات النفط وصناعة السيارات في سوريا والسياحة الدينية، فضلا عن تمكين الشركات الإيرانية التي تتطلع إلى المشاركة في مرحلة "إعادة الإعمار".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إيران سوريا إيران سوريا نظام الأسد سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التبادل التجاری النظام السوری فی سوریا

إقرأ أيضاً:

بيان المسيرات اليمنية “لا أمن للكيان”.. قراءة في الأبعاد والدلالات السياسية والدينية والاستراتيجية

يمانيون / تحليل خاص

في مشهد شعبي غير اعتيادي، خرج اليمنيون بمسيرات مليونية عارمة، تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة والانتهاكات المتواصلة بحق المسجد الأقصى، تحت شعار صريح: “لا أمن للكيان.. وغزة والأقصى تحت العدوان”. وقد حمل البيان الصادر عن هذه المسيرات مضامين استراتيجية عميقة تتجاوز التنديد اللفظي، إلى خطاب تعبوي وتحريضي ذي أبعاد إقليمية واضحة ، هذا التحليل يسلط الضوء على أبرز الأبعاد والدلالات السياسية والدينية والاجتماعية والعسكرية التي تضمّنها البيان، ويستقرئ رسائله  في ظل احتدام المواجهة في غزة، وتنامي الوعي الشعبي المقاوم في عدد من الساحات العربية.

 البعد الديني –  المقدسات محرك شعبي جامع :
البيان يبدأ بصيغة إيمانية صريحة: “نجدد عهدنا ووفاءنا وولاءنا لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله…”

هذه العبارة ليست مجرد افتتاحية تقليدية، بل تعكس مركزية البعد الديني كرافعة سياسية وتعبوية. إذ يتم الربط مباشرة بين الإساءة للنبي محمد صلوات الله عليه وآله ، والانتهاكات التي تطال المسجد الأقصى، في محاولة لإعادة تمركز القضية الفلسطينية في وجدان المسلمين بوصفها قضية عقائدية غير قابلة للمساومة.
من خلال هذه الصياغة، يُراد كسر طوق التجاهل الذي فرضته بعض الأنظمة عبر التطبيع، والتأكيد على أن الأمة الإسلامية تملك قاسمًا دينيًا مشتركًا يتفجر عند المساس بمقدساتها.

 البعد السياسي – المواجهة مع المشروع الصهيوني والتحالف الغربي
البيان لا يكتفي بوصف العدوان الإسرائيلي على غزة باعتباره عملاً عدائيًا، بل يوسع المشهد ليضعه في سياق صراع دولي، من خلال وصف الدعم الغربي للعدو الإسرائيلي بأنه يأتي من “أمريكا والغرب الكافر وصهاينة العالم”.
هذا الخطاب يُعيد تفعيل مفردات “المواجهة الحضارية”، ويصور الصراع القائم بأنه ليس مجرد نزاع سياسي، بل صراع على القيم والهوية والوجود. كما أنه يبعث برسالة ضمنية إلى الأنظمة العربية التي تقيم علاقات مع العدو الإسرائيلي، بأن الموقف الشعبي المقاوم هو في وادٍ آخر، وهو ماضٍ في التصعيد.
إضافة إلى ذلك، فإن التأكيد على أن “فكرة تراجعنا عن موقفنا المساند لغزة هي من أفشل الأفكار” يُعدّ رسالة سياسية قوية بأن التحركات الشعبية في اليمن ليست ظرفية، بل تنطلق من موقف استراتيجي ثابت في مناهضة الاحتلال والوقوف مع المقاومة الفلسطينية.

 البعد التعبوي والاجتماعي – المسيرات كأداة ضغط ونفير شامل
يستعمل البيان مفردات قوية للدعوة إلى التعبئة الجماهيرية: “لن نكتفي أمام إساءة اليهود المتكررة ببيانات الإدانة، بل نرد بالنفير والخروج المليوني…”
في هذا الإطار، المسيرات ليست فقط استجابة عاطفية، بل تحولت إلى فعل سياسي منظم، يُستعمل كوسيلة ضغط داخلي وخارجي، ورسالة مفادها أن الشارع لا يزال حاضرًا وفاعلًا في معادلة الصراع، رغم كل الضغوط الاقتصادية والحصار.
كما يدعو البيان شعوب الأمة الأخرى للتحرك، في محاولة لتوسيع دائرة المقاومة الشعبية، والتأكيد على أن نضال غزة ليس نضالًا محصورًا بفصيل أو شعب، بل هو نضال أممي إسلامي جامع.

 البعد العسكري – رسائل نارية ومواقف غير تقليدية
البيان لم يخلُ من رسائل مباشرة موجهة إلى الميدان العسكري: “نقول لمجاهدينا في القوات المسلحة: لا تسمحوا للعدو الصهيوني أن يشعر بشيء من الأمان طالما وغزة تحت الإبادة…”
هذه العبارة تُعبّر عن تحول لافت، حيث يتم الربط بين التحركات الشعبية والخطاب العسكري المباشر، في إعلان ضمني أن اليمن، كجزء من محور المقاومة، يحتفظ بحقه في الرد العسكري إذا استدعت الحاجة، وأن “الأمن” الإسرائيلي أصبح مرهونًا بوقف العدوان على غزة.
البيان يضع “العدو الصهيوني” في حالة استنفار، ليس فقط داخل حدود فلسطين، بل على مستوى الجغرافيا الإقليمية، ويعيد التأكيد أن أي استهداف للبنية المدنية في غزة سيُقابل بمواقف عملية، وليس بمواقف إدانة تقليدية.

 البعد الإنساني والتضامني – دعم معنوي صلب للمقاومة 
يُختتم البيان برسالة إلى غزة وفلسطين: “اصبروا وصابروا فأنتم تجاهدون في سبيل الله ولن يضيع الله صبركم… ونحن معكم.”
في هذه الصيغة المزدوجة، يندمج الخطاب الإيماني بالسياسي. فهو من جهة يُطمئن أهل غزة بأن صبرهم في سبيل الله لن يذهب هدرًا، ومن جهة أخرى يؤكد لهم أنهم ليسوا وحدهم، وأن الظهير الشعبي في اليمن وكل ساحات المقاومة موجود وحاضر.

بهذه العبارات، يتجاوز البيان منطق التضامن الرمزي، إلى تعهد ميداني ومعنوي بالدعم والصمود، وهو ما يمنح فصائل المقاومة دفعة معنوية كبرى وسط حصار خانق وعدوان مستمر.

ختاماً : اليمن يُعيد التموضع في قلب معادلة الصراع
البيان الصادر عن المسيرات اليمنية لا يمكن قراءته بوصفه فقط موقفًا تضامنيًا تقليديًا، بل هو إعلان عن تموضع استراتيجي جديد، يحمل عدة رسائل إلى الكيان الإسرائيلي ’’لا أمان ما دام العدوان قائمًا’’ وإلى الأنظمة العربية ’’ لا تطبيع يغطي على جرائم الاحتلال’’  ، وإلى شعوب الأمة ’’ التحرك الشعبي ممكن وفاعل، والنفير الجماهيري واجب’’ وإلى غزة والمقاومة ’’ لستم وحدكم، والأمة لا تزال حية’’.
من هنا، فإن المسيرات المليونية، التي خرجت من بلد يعاني ويلات الحرب والحصار، تُعيد التأكيد أن القضية الفلسطينية لا تموت ما دام هناك من يعتبرها بوصلته الأخلاقية والعقائدية والسياسية.

مقالات مشابهة

  • مقداد فتيحة سفاح الساحل السوري وقائد مليشيا درع الساحل
  • سفاح الساحل يعلن التمرد: مقداد فتيحة يتحدى الدولة ويقود تمرداً دموياً في قلب سوريا!
  • إسرائيل تعلق على "ضربات" الساحل السوري.. وتكشف الأهداف
  • بيان المسيرات اليمنية “لا أمن للكيان”.. قراءة في الأبعاد والدلالات السياسية والدينية والاستراتيجية
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إلى العاملين في الجيش والقوات المسلحة، إن التزامكم بلوائح السلوك والانضباط -التي ستصدر بعد قليل- يعكس الصورة المشرقة التي نسعى لرسمها في جيش سوريا، بعدما شوّهه النظام البائد وجعله أداةً لقتل الشعب السوري، فيما نعم
  • اليابان تعلن رفع العقوبات عن سوريا
  • الأمن السوري يقبض على عميد طيار نفذ مئات الطلعات بالبراميل المتفجرة (شاهد)
  • وزير الإدارة المحلية والبيئة في سوريا : دور دولة قطر في دعم الشعب السوري يمتد إلى سنوات طويلة في مجالي الإغاثة والتنمية
  • وزير الخارجية يستقبل المبعوث الأمريكي إلى سوريا ويبحثان خطوات الدعم الشعب السوري
  • إيران تعلن استعدادها السماح بدخول مفتشين أميركيين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية إذا تم التوصل إلى اتفاق مع واشنطن