قائمة سلع المقاطعة في اليمن تتمدّد رغم ضعف البدائل
تاريخ النشر: 7th, December 2023 GMT
(عدن الغد)العربي الجديد:
بعد مرور شهرين على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، يواصل اليمنيون في مختلف المحافظات مقاطعة قائمة باتت طويلة جدا من المنتجات التابعة لشركات عالمية وبلدان دعمت أو أيدت الاحتلال، رغم شح المنتجات البديلة في الأسواق المحلية لهذا البلد الذي يعيش حرباً منذ نحو عشر سنوات ويستورد معظم احتياجاته من الخارج.
ولم تتوقف عملية المقاطعة في اليمن عند العزوف عن شراء البضائع الإسرائيلية ومنتجات البلدان والشركات العالمية الداعمة لإسرائيل والبحث عن منتجات بديلة في الأسواق اليمنية، بل ذهبت مكاتب الصناعة والتجارة في المحافظات الخاضعة لسيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) لحظر دخول منتجات الشركات التجارية والعلامات والوكالات الأميركية والأجنبية الداعمة للكيان الإسرائيلي وشطبها ومنع الترويج لمنتجاتها.
ورافقت عملية المقاطعة حملات إلكترونية وميدانية متواصلة تضمنت نشر أسماء وصور المنتجات المستهدفة من المقاطعة وأخرى للتوعية حول أهميتها وأسماء وصور المنتجات البديلة، كما تلفت الأنظار إلى دور الشركات الصناعية المحلية في تغطية فجوة الاحتياج وطمأنة المستهلك اليمني والتقليل من مخاوفه.
ونشر ناشطون في شوارع العاصمة صنعاء ملصقات على جدران المراكز والمحال التجارية ووسائل المواصلات تضمنت المنتجات التي تجري مقاطعتها، والبديلة لها في حين شهدت محافظات أخرى خاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية تحركات مشابهة.
وتفاعل الكثيرون مع تلك التحركات وتداولوا تفاصيلها على نطاق واسع في منصات وتطبيقات التواصل الاجتماعي كما استجاب لها الكثير من المواطنين وقرروا مواصلة عملية المقاطعة حتى إشعار آخر.
تحدث لـ"العربي الجديد" عدي الدخيني وهو ناشط من مدينة تعز وسط اليمن، بالقول: "المقاطعة واجب ديني من أجل أشقائنا في غزة وهناك تحركات مستمرة على مواقع التواصل الاجتماعي وأخرى تجري في الشوارع والأسواق والمدارس والجامعات الخاصة والحكومية وغيرها".
وتتضمن المنتجات التي قاطعها المجتمع اليمني قائمة طويلة من المشروبات الغازية والعصائر والأغذية والحلويات والشوكولاتة والأدوية ومستحضرات التجميل والأجهزة والمتطلبات المنزلية وغيرها.
وتسبب ذلك في ركود النشاط التجاري في المحلات والأسواق ما أضر بالتجار وزاد من مخاوفهم، وهو ما يلفت إليه التاجر فاروق حمود لـ"العربي الجديد"، بالقول إن "الإقبال قلّ بشكل ملحوظ على العديد من المنتجات ما قلل من العائدات".
ويشير ناشطون في تصريحات لـ"العربي الجديد" إلى أن هناك منتجات محلية لتغطية الاحتياج وشركات صناعية محلية يمكن الاعتماد على منتجاتها، كما لفتوا إلى وجود تطمينات رسمية من مكاتب التجارة والصناعة في المحافظات بهذا الخصوص.
ويذكر مواطنون يمنيون لـ"العربي الجديد" أن التزامهم بالمقاطعة كبير، معتبرين عدم المقاطعة تواطؤاً مع إسرائيل في أعمال قتل نساء وأطفال غزة وتدمير المساكن والأحياء السكنية والبنية التحتية في القطاع.
وتقول شيماء العريقي لـ"العربي الجديد": "بدأنا المقاطعة عندما عرفنا أن تلك الشركات تدعم وبقوة الكيان الإسرائيلي في حربه ضد الشعب الفلسطيني، ولذلك أوقفنا التعامل مع تلك المنتجات بما فيها مشروبا بيبسي وكوكاكولا وشوكولاتة كيندر والكثير من المنتجات".
وتشير العريقي إلى أن "هناك مقاطعة تامة للعديد من المنتجات وتوجها متزايدا نحو المنتجات المحلية. وهذا بدوره سيسهم في تشجيع شركات الصناعة المحلية وينعش حركة التصنيع ويوفر فرص عمل للعاطلين ويدفع بعجلة التنمية الاقتصادية نحو الأمام".
ويرتفع منسوب القناعة لدى المستهلك اليمني حول إمكانية مقاطعة تلك المنتجات في حين كانوا يرون في السابق أنه من الصعب الاستغناء عنها، حسب العريقي.
ويذكر الإعلامي عدي العوني لـ"العربي الجديد" أن المقاطعة مستمرة بالتزامن مع استمرار حملات التعبئة على مواقع التواصل الاجتماعي والمرافق العامة والخاصة للتوعية حول خطورة شراء منتجات الشركات والدول الداعمة لإسرائيل.
ويبدو أن المقاطعة بدأت تشكل الأسواق المحلية في اليمن من جديد عبر تغيير أنماط الاستهلاك وعدم انتظار وجود بدائل. ويأتي ذلك في وقت يواجه اليمن أزمات اقتصادية حادة أثرت سلبا على معيشة المواطنين وسط ارتفاع كبير في أسعار السلع.
وأورد تقرير سابق للبنك المركزي اليمني، أن التضخم المستورد، والذي يعتمد على السلع والخدمات المستوردة من الخارج، من العوامل الرئيسية التي أثرت سلباً على الأسعار، إلا أن العوامل الداخلية لعبت أيضاً دوراً في التأثير على الأوضاع التضخمية في البلاد.
وتكشف تقييمات الأمن الغذائي في حالات الطوارئ للأمم المتحدة عن تأثير تباطؤ النشاط الاقتصادي على مستوى الأسرة في اليمن في ظل معاناة معظم السكان من انخفاض كبير في مستويات المعيشة منذ بداية الصراع في البلاد عام 2015.
المصدر: عدن الغد
كلمات دلالية: العربی الجدید من المنتجات فی الیمن
إقرأ أيضاً:
العداء السعوديّ المُستمرّ للشعب اليمني
منذ تأسيس السعوديّة، كان العداء تجاه اليمن جزءًا من سياسات المملكة الممنهجة والمُستمرّة عبر العقود.. فقد سعت الرياض منذ البداية إلى زعزعة الاستقرار اليمني والتحكم بمصيره السياسي والاقتصادي، مستغلةً نفوذها وثرواتها لدعم أدواتها وعملائها في الداخل اليمني لتحقيق مصالحها الخَاصَّة وأجندات القوى الغربية والإسرائيلية.
هذا العداء لم يكن وليد اللحظة، بل امتد منذ أَيَّـام الملك المؤسّس عبدالعزيز آل سعود، الذي وضع اللبنات الأولى للتدخل السعوديّ المباشر وغير المباشر في الشؤون اليمنية، من خلال دعم بعض المشايخ والوجهاء بالرواتب لضمان الولاء وتشجيع الانقسامات، ومنع أي تقدم تنموي حقيقي في اليمن، مثل مشاريع التنقيب عن النفط والغاز، والتي كان يمكن أن تمنح اليمن استقلالًا اقتصاديًّا وقدرة على التنمية، إلا أن الرياض عملت على عرقلة هذه المشاريع لضمان تبعية الاقتصاد اليمني لأجندتها الإقليمية ومصالحها الشخصية.
ساهم هذا العداء السعوديّ عبر أدواتها وعملائها بشكل مباشر أَو غير مباشر في اغتيال عدد من القادة اليمنيين الوطنيين، ومن أبرزهم الشهيد الرئيس إبراهيم الحمدي وأخيه، حَيثُ كان الهدف من وراء هذه الاغتيالات وقف أي مشروع نهضوي أَو وطني يمكن أن يعزز وحدة واستقلال اليمن، سواء قبل الثورة اليمنية أَو بعدها.
ولم تتوقف سياسات السعوديّة عند هذا الحد، بل شنت حربًا عدوانية متواصلة على الشعب اليمني لمدة تسع سنوات، بزعم الحفاظ على العروبة ومحاربة التمدد الفارسي، بينما في الواقع تراجعت المملكة عن أي موقف عربي حين شن الاحتلال الإسرائيلي حربه العدوانية على غزة ولبنان، لتظهر للعالم أن شعارات العروبة لم تكن إلا غطاءً لأجندتها الخَاصَّة، بينما هدفها الحقيقي كان تدمير البنية التحتية والاقتصاد الوطني اليمني، والسيطرة على مقدرات الدولة عبر أدواتها المحلية، بما في ذلك الدعم السياسي والعسكري لجماعات الانتقالي في حضرموت والمهرة والمناطق الجنوبية، تحت ذرائع حماية مصالح اليمن أَو محاربة الإرهاب، في حين أن كُـلّ تدخلاتها كانت خدمةً لمصالح الغرب والكيان الصهيوني والاحتلال الأمريكي.
خلال هذه السنوات، ارتكبت المملكة حروبًا دموية طالت المدنيين الأبرياء، فقد تم اغتيال الشهيد الرئيس صالح الصماد ورفاقه، وراح ضحيتها مئات الأطفال والنساء والشيوخ، كما قصفت المدارس والجامعات والمعاهد، وصالات الأعراس والمناسبات، وتضررت البنية التحتية بشكل واسع، من طرق وأسواق ومطارات، تاركةً آثارًا مدمّـرةً على المجتمع اليمني ومقدراته الاقتصادية والتعليمية والصحية.
ولم تتوقف السعوديّة عند هذا الحد، بل واصلت سياساتها العدائية لتمزيق النسيج اليمني، محاولةً تقسيم اليمن إلى شمال وجنوب، ودعم أدواتها من العملاء المحليين لتحقيق السيطرة على المحافظات، وهو ما يكشف بوضوح أن تدخلها لم يكن لمصلحة اليمن كما تزعم، بل لخدمة مصالحها الإقليمية وأجندات القوى الخارجية.
اليمنيون اليوم يعرفون حقيقة هذا العداء التاريخي، ويدركون أن ما قامت به السعوديّة عبر عملائها وأدواتها لم يكن إلا محاولةً لفرض الهيمنة والسيطرة، وإعاقة أي مشروع تنموي أَو سياسي مستقل، وأن كُـلّ روايات الدعم أَو الحماية كانت مُجَـرّد غطاءً لسياسات توسعية ونهب لمقدرات البلاد.
العداء السعوديّ المُستمرّ، منذ الملك المؤسّس وحتى اليوم، لم يكن ضد الحكومة اليمنية فحسب، بل ضد الشعب اليمني بأسره، مستهدفًا كُـلّ ما يشكل تهديدًا لمصالح الكيان الإسرائيلي والأمريكي المحتلّ وحلفائها في المنطقة، مع استمرار محاولاتها تقسيم اليمن وإضعاف قدراته الوطنية، لتبقى البلاد رهينةً للتدخلات الخارجية وخاضعةً لأجندات القوى الكبرى التي لا تهتم إلا بمصالح الاحتلال على حساب دماء وأرواح اليمنيين الأبرياء والأمة العربية.