العراق: مشهد أمني يُنذر بالخطر
تاريخ النشر: 31st, July 2025 GMT
آخر تحديث: 31 يوليوز 2025 - 9:49 ص بقلم:أدهم ابراهيم الخرق الأمني الخطير الذي شهدته العاصمة بغداد مؤخرًا ليس حادثة معزولة، بل هو حلقة جديدة في سلسلة ممتدة من أحداث تُجسّد تغوّل السلاح خارج إطار الدولة، وسيطرة الفصائل المسلحة على القرار الأمني والإداري في البلاد. ففي مشهد يعكس هشاشة مؤسسات الدولة أمام قوى موازية، اندلعت اشتباكات عنيفة في بغداد بين الشرطة الاتحادية ومسلحين تابعين لإحدى الفصائل الولائية، وذلك إثر قرار إداري في وزارة الزراعة، ما أدى إلى استشهاد ضابط برتبة عميد وإصابة عدد من المنتسبين والمدنيين.
وأكدت المصادر الأمنية أن السبب المباشر لهذا الاشتباك يعود إلى قرار اتخذه قائد فصيل مسلح بإقالة مدير الزراعة المقرّب من فصائل أخرى دون تنسيق مسبق، ما فجّر التوتر وأشعل الاشتباك. هذا التوتر يعكس بوضوح حجم الصراع على المناصب الإدارية ذات الطابع الاقتصادي بين الفصائل المسلحة، وهو مؤشر خطير على إمكانية توسّع رقعة المواجهة ما لم يتم احتواؤها سريعًا. إن أعظم خطر يواجه الدولة العراقية اليوم لا يتمثل في الإرهاب أو التدخلات الخارجية فحسب، بل في السلاح المنفلت وانتشار الفصائل المسلحة التي باتت تنافس الدولة في القرار السيادي، بل وتُشكّل كيانًا موازيًا، له مؤسساته وولاءاته، مدعومًا بنفوذ إيراني مستمر ومتزايد. فبدلاً من أن تُستثمر هذه الفصائل في الدفاع عن الدولة، أصبحت مصدر تهديد لها، وسببًا مباشرًا في تقويض سيادتها وقوانينها.
وفي هذا السياق، شدد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو خلال مكالمته مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، على أهمية حصر السلاح بيد الدولة ومحاسبة الفصائل المنفلتة، خصوصًا بعد تصاعد الهجمات على البنية التحتية للطاقة في إقليم كردستان عبر طائرات مسيّرة، ما تسبب في توقف الإنتاج في مواقع حيوية داخل أربيل ودهوك.
اللافت أن هذه الفصائل لا تزال تصف نفسها بـ”فصائل المقاومة”، رغم أن سلاحها لم يُستخدم اليوم إلا لتحقيق مصالح تجارية واستثمارية وشخصية، الأمر الذي أصبح يهدد حياة المواطنين، ويقوّض الاستقرار السياسي، بل وينسف شرعية نظام الحكم الذي تدّعي هذه الفصائل الانتماء إليه. إن سلاح الفصائل أضعف الدولة كثيرًا، حيث وجدت الحكومة نفسها في موقف حرج، عاجزة عن محاسبة هذه الفصائل، بل ومدافعة عنها أحيانًا تحت ضغط الواقع الأمني والسياسي. وقد كشفت الأحداث الأخيرة عن تصدّعات داخل التحالفات السياسية، أبرزها انشقاقات داخل “الإطار التنسيقي”، الأمر الذي استدعى تدخلاً مباشرًا من الجنرال إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، في مسعى لإعادة ترتيب المشهد السياسي بما يضمن وصول حكومة موالية لطهران في الانتخابات القادمة. تداول السلاح بشكل غير منضبط لم يعد شأنًا داخليًا، بل أصبح يهدد الأمن الإقليمي والدولي. فالعراق اليوم يواجه إرهابًا داخليًا مسلحًا، قد يدفع الدول الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى التدخل المباشر أو فرض عقوبات جديدة. النظام العراقي الحالي، الذي استنفد شرعيته بفعل الأزمات المتكررة وانفصاله عن الشعب، لم يعد قادرًا على إدارة البلاد بالطرق التقليدية. ومن هنا، فإن إعادة النظر في بنية النظام السياسي لم تعد مطلبًا شعبيًا فقط، بل أصبحت ضرورة دولية وإقليمية، تتطلب إعادة هيكلته بعيدًا عن القوى التقليدية المسيطرة، بما يُعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة وهيبتها، ويضع حدًا لفوضى السلاح والولاءات العابرة للحدود.المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: هذه الفصائل
إقرأ أيضاً:
وسط تأكيد الالتزام بالانتخابات.. لبنان: مداولات خطة الجيش بشأن السلاح «سرية»
البلاد (بيروت)
في خطوة تعكس حساسية المرحلة الأمنية والسياسية في لبنان، قررت الحكومة اللبنانية إبقاء مضمون خطة الجيش المتعلقة بحصر السلاح سرياً، في وقت تتابع فيه المؤسسة العسكرية تنفيذ مراحل الخطة الميدانية ضمن ما يُعرف ببرنامج “درع الوطن”، الهادف إلى بسط سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
وأعلن وزير الإعلام بول مرقص، عقب جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت برئاسة الرئيس جوزيف عون في القصر الجمهوري، أن الحكومة اطلعت على التقرير الشهري الأول للجيش بشأن تنفيذ الخطة، مؤكداً أن المجلس قرر الإبقاء على مضمونها وجميع المداولات سرّية، حفاظاً على دقة الإجراءات وسلامة المناطق التي تشملها.
وأضاف مرقص أن الجيش سيواصل رفع تقاريره الشهرية للحكومة بصورة منتظمة، مشيراً إلى تمسك الرئيسين عون وسلام بإجراء الانتخابات النيابية في موعدها، مع ترك مسألة تحديد القانون الانتخابي للمجلس النيابي، نافياً وجود أي نية لتأجيل الاستحقاق.
وتأتي هذه الخطوة بعد أسابيع من إعلان الحكومة في الخامس من سبتمبر الماضي موافقتها على خطة الجيش من خمس مراحل متكاملة تبدأ من جنوب الليطاني، مروراً بمناطق البقاع وبيروت وضواحيها، وصولاً إلى تعميم حصر السلاح على الأراضي اللبنانية كافة.
وكان قائد الجيش، العماد ردولف هيكل، قد أجرى قبل الجلسة جولة ميدانية في الجنوب، أكد خلالها أهمية إعادة انتشار الجيش لضمان بسط سلطة الدولة واستعادة الاستقرار في المناطق الحدودية، في ظل توتر متقطع مع إسرائيل وتنامي المخاوف من عودة المجموعات المسلحة غير الشرعية.
ويرى مراقبون أن إبقاء تفاصيل الخطة طي الكتمان يعكس حساسية الملف الأمني وتداخل العوامل الداخلية والإقليمية التي تواجهها بيروت، فيما يُعدّ نجاح الخطة اختباراً جدياً لقدرة الدولة اللبنانية على فرض سيادتها ونزع السلاح من خارج مؤسساتها الرسمية بعد سنوات من الجدل والانقسام السياسي حول هذا الملف المعقّد.