لمواجهة العقوبات الأميركية.. كيف ينظر الإيرانيون إلى مقايضة النفط العراقي بالغاز؟
تاريخ النشر: 13th, July 2023 GMT
طهران- بعد مفاوضات ماراثونية استمرت عدة أيام، توصلت لجان فنية من طهران وبغداد إلى اتفاق لمقايضة النفط الأسود العراقي بالغاز الإيراني، لضمان تشغيل محطات إنتاج الكهرباء العراقية من جهة ومواجهة مشكلة العقوبات الأميركية على إيران من جهة أخرى.
وبعد مرور أيام معدودة على خفض طهران إمدادات الغاز إلى بغداد بسبب تأخرها عن سداد الديون المتراكمة عليها، وقّع إحسان ياسين العوادي مدير مكتب رئيس مجلس الوزراء العراقي، والسفير الإيراني لدى بغداد محمد كاظم آل صادق، على الاتفاق لتفادي مشكلات التمويل بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على إيران.
في غضون ذلك، أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني -يوم الثلاثاء- أن اتفاق المقايضة جاء "لإنهاء مشكلة الموافقة الأميركية على المدفوعات لطهران"، موضحا -في خطاب متلفز- أن إجراءات الخزانة الأميركية عرقلت اتفاق 2018 الذي يتضمن آلية لتقديم مواد إنسانية وغذائية للجانب الإيراني مقابل ثمن الغاز.
سداد جميع المستحقات الإيرانية
وشدد السوداني على أن بغداد سددت جميع مستحقاتها الخاصة بالغاز الإيراني البالغة 11 مليار دولار، وأودعتها في حساب الشركات الإيرانية، في حين أوضح المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد موسى أن اتفاق المقايضة يؤمّن حصول إيران على مستحقات الغاز عبر مقايضته بالنفط الأسود.
يأتي ذلك بعد نحو شهر من موافقة واشنطن على طلب بغداد الإفراج عن 3 مليارات دولار من المستحقات المالية لإيران عن صادراتها من الغاز والكهرباء إلى العراق، بيد أن اتفاق المقايضة يظهر نسف الاتفاق السابق بين البلدين من أجل استيراد طهران الغذاء والدواء عبر أموالها المفرج عنها.
ويرى مراقبون إيرانيون أن الاتفاق يساعد الجانب العراقي على تجاوز أزمة الكهرباء الراهنة، لكنه لا ينفع الاقتصاد الإيراني المحاصر بفعل العقوبات الأميركية.
انتقادات وتشاؤمفي السياق، يرى الخبير الاقتصادي بهمن آرمان صعوبة بالغة في تنفيذ الاتفاق بحذافيره، لأن عملية مدّ أنابيب بين البلدين غير مجدية، ونقل كميات كبيرة جدا من النفط العراقي عبر الشاحنات إلى إيران سيستغرق زمنا طويلا.
وفي حديثه للجزيرة نت، يتذكر آرمان تهديد شحنات النفط الإيراني بالتوقيف في أعالي البحار بسبب العقوبات الأميركية المفروضة على صادرات النفط الإيراني، مؤكدا أن إنتاج طهران من النفط يفوق صادراتها التي تتدفق إلى مشترين بأسعار أقل من الأسواق العالمية. كما تعاني طهران من تراكم كميات نفط ضخمة لديها، ومن غير المعقول استيراد النفط العراقي لتكديسه داخل البلاد.
وكان حرس السواحل الإندونيسي أعلن -مساء الثلاثاء- احتجازه ناقلة ترفع علم إيران؛ للاشتباه في نقلها نفطا بطريقة غير قانونية، موضحا أنه احتجز السفينة "آرمان 114" التي كانت تحمل 272 ألفا و569 طنا من النفط الخام الخفيف، بعد أن شوهدت وهي تنقل النفط بدون تصريح إلى السفينة "ستينوس" التي ترفع علم الكاميرون في بحر ناتونا شمالي البلاد.
ضرورة رفع العقوبات الأميركيةورأى آرمان أن الاتفاق يرمي إلى طمأنة الرأي العام الإيراني بشأن حصول طهران على مستحقاتها عن صادرات الغاز، بانتظار الوصول إلى حل عملي تتمكن عبره إيران من إعادة أموالها أو سداد المستحقات المرتبة عليها جراء استيراد الدواء والسلع الأساسية.
ويرى الخبير الاقتصادي الإيراني في عدم مصادقة بلاده على قوانين مجموعة العمل المالي "فاتف" المتعلقة بمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب معضلة أساسية تضيّق على اقتصادها، مؤكدا أن مساعي طهران لتعزيز علاقاتها مع دول الجوار لن تجدي نفعا إلا برفع العقوبات الأميركية وخروج طهران من القائمة السوداء.
خطوة محسوبة
من جانبه، يرجع الخبير الاقتصاد الإيراني سعيد ليلاز سبب قبول طهران بمقايضة غازها بالنفط العراقي إلى حرصها على مساعدة الحكومة العراقية على توفير خدمة الكهرباء لشعبها، واصفا الاتفاق بأنه يمثل الحل الأمثل في ظل عدم موافقة واشنطن على تحويل المبالغ لإيران.
ورأى -في حديثه للجزيرة نت- أنه بإمكان طهران أن توظف النفط المستورد من العراق من أجل تصديره إلى دولة أخرى، أو تكريره في المصافي الإيرانية القريبة من الحدود العراقية، أو استيراده على شكل مشتقات نفطية مثل البنزين والديزل.
وخلص إلى أن مقايضة النفط العراقي بالغاز الإيراني خطوة إيجابية لتجاوز المشكلات الطارئة على العلاقات السياسية والاقتصادية بين طهران وبغداد، مؤكدا أن الاقتصاد الإيراني أضحى أكبر من أن يتأثر سلبا أو إيجابا بمبلغ 11 مليار دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: النفط العراقی
إقرأ أيضاً:
النقد الدولي: تراجع الإنتاج النفطي العراقي نتيجة العقوبات
آخر تحديث: 1 ماي 2025 - 2:18 م بغداد/ شبكة أخبار العراق- كشف تقرير لصندوق النقد الدولي، اليوم الخميس، أن العراق وبعض الدول المصدرة للنفط خارج مجلس التعاون، ستواجه ضغوطاً مزدوجة تتمثل في تراجع الإنتاج النفطي نتيجة العقوبات وتقلص الإنفاق العام، مما يؤدي إلى مراجعة توقعات النمو بشكل حاد نحو الانخفاض.ووفقاً لتقرير صندوق النقد الدولي الصادر في أيار/مايو 2025، أنه على الرغم من تراجع التوقعات الاقتصادية العالمية، تظهر دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى تفاوتاً واضحاً في الأداء.ويشير التقرير الصندوق النقد الدولي إلى أن تصاعد التوترات التجارية العالمية، وارتفاع الرسوم الجمركية إلى مستويات لم تُشهد منذ قرن، إلى جانب تصاعد النزاعات الإقليمية، كلّها عوامل أثّرت سلباً في آفاق النمو في المنطقة.ومن المتوقع أن يبلغ النمو في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى 2.6 بالمئة عام 2025، منخفضاً من 2.9 بالمئة في 2024، وسط ضغوط ناتجة عن تباطؤ إنتاج النفط وتزايد حالة عدم اليقين العالمية.بالنسبة للدول المصدّرة للنفط، يُتوقّع أن يتراجع النمو إلى 2.4 بالمائة ، مدفوعاً بتباطؤ تعافي الإنتاج رغم بدء تخفيف تخفيضات “أوبك+” تدريجياً، وانخفاض أسعار النفط إلى نحو 66 دولاراً للبرميل.ومع ذلك، من المتوقع أن يظل النمو في القطاعات غير النفطية قوياً خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي، مدعوماً بالاستثمار الحكومي والاصلاحات.في الدول المصدرة للنفط خارج مجلس التعاون، مثل الجزائر والعراق وإيران، فتواجه ضغوطاً مزدوجة تتمثل في تراجع الإنتاج النفطي نتيجة العقوبات وتقلص الإنفاق العام، مما أدى إلى مراجعة توقعات النمو بشكل حاد نحو الانخفاض.النسبة للدول المستوردة للنفط مثل مصر والأردن وتونس، يُتوقّع تحسن طفيف في النمو، لكنه سيبقى محدوداً بسبب ضعف الطلب الخارجي، تراجع المساعدات، وارتفاع تكلفة التمويل. أمّا في آسيا الوسطى، فالنمو سيتأثر بتباطؤ الاستثمارات وتراجع الطلب من الشركاء التجاريين الرئيسيين.ورغم هذه التحديات، فإن بعض الدول مثل السعودية وقطر تواصل تحقيق مكاسب من تنوع مصادر الدخل وجذب الاستثمارات الأجنبية.