حالة من الذهول سيطرت على الرأي العام العالمي بعدما وقف المجتمع الدولي عاجزاً عن إدخال المساعدات الإنسانية لأيام طويلة منذ بداية العدوان على قطاع غزة في 7 أكتوبر الماضي، ليتسبب تخاذل قادة الدول المتقدمة، التي تنادي بالحريات والحقوق، والتي تأهبت قبل أشهر لإغاثة أوكرانيا، خلال الأزمة الروسية الأوكرانية، في جعلهم في مرمى الاتهامات من شعوبهم، الذين وصموهم بصفات الخزي والعار، لتقاعسهم عن تقديم خطوات جادة وسريعة لإنقاذ حياة المدنيين والأطفال والنساء في غزة، وتخفيف المعاناة عن كاهل هؤلاء المحرومين.

انتظار شاحنات المساعدات على بوابة معبر رفح البري لأيام طويلة، لم يكن المشهد المؤسف الوحيد، بعد أن تلا ذلك عدد من المشاهد التي انتهكت فيها قوات الاحتلال الإسرائيلي كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية، حيث تعنتت في إدخال بعض المساعدات دون غيرها، كالوقود اللازم للمستشفيات ولإعداد الطعام، وتوقف أجهزة الإنعاش نتيجة لذلك، ووفاة الأطفال الخدج واحداً تلو الآخر، وأفسدت بعض المساعدات فضلاً عن استهداف بعض منها بالقصف من قبل الطيران الإسرائيلي.

سلسلة من الجرائم المستمرة والمتواصلة يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، كالإبادة الجماعية والحصار والعقاب الجماعي والتجويع والتعطيش والتهجير القسري وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، إضافة إلى جريمة الاستيطان المتواصل على الأراضي الفلسطينية، بحسب الدكتور جهاد حرازين، الكاتب والمحلل السياسي، الذي أكد لـ«الوطن» أن «الاحتلال الإسرائيلي لم يترك جريمة من جرائم الحرب المصنفة بالقانون الدولي، إلا وقام بها بحق أبناء الشعب الفلسطيني».

قصف وحرق بعض المساعدات الإنسانية المقدمة للشعب الفلسطيني، والاستيلاء على البعض الآخر جريمة أخرى مخالفة لكافة القوانين والمعاهدات والمواثيق الدولية، تضاف لقائمة الانتهاكات والمخالفات وجرائم الحرب، التي يركبها جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفقاً لـ«حرازين»، الذي كشف عن توثيق عدد من الفيديوهات المصورة لحرق قوات الاحتلال شاحنات المساعدات القادمة من دول العالم لإغاثة سكان غزة، وهو ما يمكن استخدامه كدليل إدانة للاحتلال الإسرائيلي.

تدمير 75% من المباني بقطاع غزة والحياة لن تعود به قبل سنوات

استهداف المساعدات الإنسانية بالقصف والحرق والاستيلاء جريمة مكتملة الأركان، في ظل الحصار الكامل والمطبق على قطاع غزة، وتدمير قوات الاحتلال لكافة مقومات الحياة للشعب الفلسطيني، بعدما أستهدف البنية التحتية من شبكات مياه وشبكات الصرف الصحي والكهرباء والاتصالات والمواصلات والطرق، إضافة إلى استهداف المؤسسات الإنسانية كالمستشفيات المدارس والجامعات والجوامع والكنائس والمراكز الطبية والمراكز الثقافية، وفقاً للمحلل السياسي، كاشفاً عن أن أكثر من 75% من المباني بقطاع غزة تم تدميرها، وهو ما يعني أن القطاع لن يعود صالحاً للحياة قبل سنوات، كونه بحاجة إلى إعادة بنائه مرة أخرى.

«حرازين»: 80% من سكان قطاع غزة يعانون من نقص الغذاء

2.5 مليون مواطن فلسطيني بقطاع غزة في حاجة ماسة لوصول المساعدات الإغاثية، معظمهم من النساء والأطفال والشيوخ، بعد أن طال الاستهداف الإنساني والبشري لقوات الاحتلال سقوط أكثر من 20 ألف شهيد، وأكثر من 60 ألف مصاب، إضافة إلى أكثر من 8 آلاف مفقود، فضلا عن النزوح القصري الذي أرغم عليه آلاف الأسر والعائلات بغزة، بعدما قامت قوات الاحتلال بتدمير منازلهم، وحدوث 1650 مجزرة بحق الأهالي، بحسب المحلل السياسي، كاشفاً أن 80% من سكان غزة يعانون من نقص الغذاء، وتفشي عدد كبير من الأوبئة بين النازحين بسبب عدم وجود مياه صالحة للشرب.

ولفت «حرازين» إلى أن وزير الحرب في حكومة الاحتلال الإسرائيلي، يوآف غالانت، تحدث عن سياسة عقاب جماعي التي يتبعها الاحتلال واستهداف قوافل الإغاثة، حيث أكد معارضة الاحتلال لإدخال الغذاء والمياه والوقود والكهرباء والمواد الطبية، الأمر الذي فسره المحلل السياسي بأن الحياة في قطاع غزة تعاني من شلل كامل لتلبية بكافة احتياجات السكان، خاصة مع عدم توفير العلاج للمرضى، ونفاد الوقود الذي أثر على قدرة المستشفيات على العمل، فضلاً عن استهدافها.

وأشار إلى أنه عندما قام المدعي العام بمحكمة الجنايات الدولية بإقرار أن هناك جريمة تجويع تمارس ضد الشعب الفلسطيني، إضافة إلى جريمة العقاب الجماعي، تناسى بأن هناك جرائم أخرى، كالاستيطان والإبادة الجماعية وقتل الأطفال والنساء وهدم البيوت على رؤوس قاطنيها والدفع بالمواطنين إلى التهجير القسري، وهو ما يعد جريمة حرب، وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة.

وشدد «حرازين» على ضرورة التحرك على الصعيد المحكمة الجنائية الدولية والمدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، والبدء باستدعاء قادة الاحتلال ومحاسبتهم على تلك الجرائم الثابتة والموثقة، والتي ليست بحاجة إلى تحقيقات، لأن الصورة تتكلم أكثر من الكلمات.

وعلى الرغم من الغطاء الذي تمنحه الولايات المتحدة لدولة الاحتلال في المنظمات الدولية، إلا أن هناك صحوة لدى الرأي العام الدولي ودول العالم ضد ممارسات قوات الاحتلال وانتهاكها لحقوق الإنسان، وهو ما ظهر جلياً خلال تصويت 153 دولة على مشروع القرار الذي قدمته مصر، المتعلق بضرورة وقف إطلاق النار، وتصويت 172 دولة بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.

الصحوة الدولية لاتزال تواجه الفيتو الأمريكي الحاضر الدائم بمجلس الأمن، لتقديم الدعم لدولة الاحتلال، على تلك الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يدلل أن الاحتلال لا يلتزم بقوانين الحرب، مشيراً إلى أن جيش الاحتلال أقدم على قتل عدد من المحتحزين الإسرائيليين، رغم أنهم كانوا يرفعون الرايات البيضاء تعبيراً عن استسلامهم.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قوات الاحتلال شاحنات المساعدات الاتفاقيات الدولية الأطفال والنساء في غزة المساعدات الإنسانیة الاحتلال الإسرائیلی الشعب الفلسطینی قوات الاحتلال إضافة إلى قطاع غزة أکثر من وهو ما

إقرأ أيضاً:

الأمم المتحدة: استهداف الاحتلال مدنيين قرب مركز مساعدات في غزة “جريمة حرب”

البلاد – غزة

قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إن الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت مدنيين فلسطينيين كانوا يتجمعون قرب أحد مراكز توزيع المساعدات في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، قد ترقى إلى “جريمة حرب”، في وقت ارتفعت فيه حصيلة القتلى إلى 30 شخصاً، بحسب مصادر طبية محلية.

وأكد تورك في بيان أصدره اليوم (الثلاثاء)، أن “الهجمات القاتلة على مدنيين يائسين يحاولون الحصول على كميات زهيدة من المساعدات الغذائية في غزة غير مقبولة”، مشدداً على أن “الهجمات الموجهة ضد المدنيين تشكل خرقاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني، وقد تمثل جريمة حرب”.

في المقابل، قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق النار باتجاه محيط مجمع لتوزيع المساعدات، بعد أن رصد “تحركات مشبوهة” لأشخاص اقتربوا من القوات، مما عرّض الجنود للخطر، على حد تعبيره. وأضاف الجيش أنه على علم بسقوط ضحايا ويجري تحقيقاً في الواقعة، نافياً في الوقت نفسه أن تكون قواته تعيق وصول المدنيين إلى المساعدات.

لكن رواية شهود ومصادر محلية تتناقض مع البيان الإسرائيلي. وقال محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة، لوكالة “فرانس برس”، إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار “من الدبابات والطائرات المسيرة على آلاف المواطنين الذين تجمعوا منذ الفجر قرب دوار العلم في منطقة المواصي غرب رفح”، بينما كانوا في طريقهم إلى مركز توزيع مساعدات تابع للولايات المتحدة.

من جهتها، دعت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى إجراء تحقيق سريع ونزيه في الأحداث، مشيرة إلى أن “العرقلة المتعمدة لوصول المدنيين إلى الغذاء وغيره من إمدادات الإغاثة الضرورية للحياة قد تشكل جريمة حرب”.

بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلقه البالغ إزاء تصاعد استهداف المدنيين، وطالب بـ”تحقيق مستقل” في تقارير تشير إلى سقوط قتلى وجرحى أثناء محاولتهم الوصول إلى مساعدات إنسانية.

غير أن تصريحات غوتيريش أثارت غضب الحكومة الإسرائيلية، حيث وصفها أورن مارمورشتاين، المتحدث باسم وزارة الخارجية، بأنها “وصمة عار”، متهماً الأمين العام بتجاهل دور حركة حماس، التي قال إنها “تطلق النار على المدنيين وتمنعهم من الوصول إلى المساعدات”.

ويأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه غزة أزمة إنسانية خانقة بعد شهور من الحصار والعمليات العسكرية. وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 54,400 فلسطيني قُتلوا منذ بداية الحرب في أكتوبر 2023، عقب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف أكثر من 250 آخرين.

وفي ظل الفشل في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه وسّع عملياته البرية في القطاع خلال الساعات الماضية، مستهدفاً مواقع يشتبه بانتمائها لحماس، ومخازن أسلحة وبنية تحتية تحت الأرض.

وفي خطوة لافتة، بدأت إسرائيل السماح لبعض المنظمات الإنسانية المحلية، مثل مؤسسة “غزة الإنسانية”، بتوزيع المساعدات بشكل مباشر، متجاوزةً وكالات الأمم المتحدة، في محاولة لتحريك ملف الإغاثة المتعثر بعد نحو ثلاثة أشهر من توقف شبه كامل في الإمدادات.

من جهة أخرى، بثت قناة “العربية” مقاطع فيديو تظهر مسلحين من حركة حماس وهم يلاحقون مدنيين فلسطينيين، اتهموهم بـ”سرقة المساعدات”، ما يعكس الفوضى المتزايدة في إدارة أزمة الغذاء داخل القطاع، ويطرح تساؤلات حول دور مختلف الأطراف في إيصال المساعدات للمحتاجين.

في هذا السياق، كتب غوتيريش على منصة “إكس”: “من غير المقبول أن يضطر الفلسطينيون إلى المخاطرة بحياتهم للحصول على الغذاء. على إسرائيل التزام قانوني بتسهيل إيصال المساعدات بموجب القانون الإنساني الدولي.”

مع ارتفاع أعداد القتلى وتزايد الاتهامات المتبادلة بين إسرائيل وحماس، تبقى المعاناة الإنسانية في غزة في صلب الأزمة، في وقت تتوالى فيه الدعوات الدولية لتحقيق العدالة وضمان إيصال المساعدات دون عوائق. وبينما يشتد القتال وتتسارع الأحداث، لا تزال الحلول السياسية بعيدة، وسط أفق مسدود لوقف إطلاق النار، وضغط متزايد على المدنيين العالقين بين نار الحرب وحصار الجوع.

مقالات مشابهة

  • لندن: نظام المساعدات الإسرائيلي لغزة غير إنساني
  • ألمانيا : يجب إيصال المساعدات الإنسانية لغزة دون قيود
  • مؤسسة غزة الإنسانية تعلن فتح مركزين لتوزيع المساعدات الخميس
  • المملكة المتحدة: نظام المساعدات الجديد لغزة غير إنساني ويجب رفع القيود فوراً
  • بدء محاكمة متهم في السويد بتورطه في جريمة أسر وحرق الشهيد معاذ الكساسبة
  • مراكز توزيع المساعدات الإنسانية.. «مصائد قاتلة» للمدنيين بغزة
  • "العفو الدولية": تجويع المدنيين بغزة جريمة حرب يتوجب إيقافها بسرعة
  • جيش الاحتلال يحذر سكان غزة: لا تقتربوا من مراكز توزيع المساعدات الإنسانية
  • الأمم المتحدة: استهداف الاحتلال مدنيين قرب مركز مساعدات في غزة “جريمة حرب”
  • الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني تُدين مجزرة الاحتلال في نقاط توزيع المساعدات الأمريكية الإسرائيلية