معهد البحوث البحرية بالغردقة.. رائد في دراسة أعماق البحار وثرواتها
تاريخ النشر: 27th, February 2024 GMT
في قلب منطقة الأحياء المائية في شمال مدينة الغردقة، يتألق فرع المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد كمحطة بحثية بارزة، حيث يعتبر أقدم مركز للأبحاث عن البحر الأحمر في الشرق الأوسط. وتبرز بجلاء مكتبته الفريدة التي تعود جذورها إلى عقود ماضية، فهي تحوي مقتنيات ثمينة من الكتب والمجلدات والمخطوطات النادرة.
يتميز المعهد بتقسيم مكتبته إلى ثلاثة أقسام رئيسية تتنوع في مضامينها، مما يجعلها مرجعاً أساسياً للباحثين والعلماء، وتحتفظ المكتبة بكنوز علمية نادرة، بما في ذلك مخطوطات تاريخية تعود لعهود سابقة، ككتاب وصف مصر خلال الحملة الفرنسية، وكتب تعود للقرون السابع عشر والثامن عشر.
وفي سياق تاريخي آخر، يعتبر معهد علوم البحار والمصايد بالغردقة الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، حيث شهد تأسيسه في عام 1928. وبتوجيه من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، يضم المعهد متحفاً بحرياً فريداً يعرض تشكيلة واسعة من الكائنات البحرية، ما يجعله مقصداً للزوار والباحثين على حد سواء.
يجسد الدكتور حامد جوهر، الذي قاد المحطة لأكثر من أربعة عقود، رمزاً للمعهد، حيث أضاف إسهامات علمية هامة في مجال علوم البحار، بالإضافة إلى تقديمه برنامجاً تلفزيونياً أسبوعياً معروفاً باسم "عالم البحار".
باعتباره موطناً لأقدم مكتبة في البحر الأحمر وأول معهد بحري بحثي في المنطقة، يظل معهد علوم البحار والمصايد بالغردقة نقطة انطلاق رئيسية للباحثين والعلماء الذين يسعون لاستكشاف أعماق البحار والمحيطات ودراسة تنوع الحياة البحرية في منطقة الشرق الأوسط.
واصل المعهد مسيرته في تقديم مساهماته القيمة في مجال علوم البحار، وسط آماله في المحافظة على مكانته كمرجع علمي مهم في المنطقة وعبر العالم.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: اعماق البحار البحار والمصايد الغردقة القومي لعلوم البحار والمصايد القومي لعلوم البحار المعهد القومى لعلوم البحار والمصايد علوم البحار
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط.. ضيف دائم على شريط الأخبار الساخنة
د. عبدالعزيز بن محمد الصوافي **
تتوالى الحروب الدموية والأحداث السياسية الساخنة على منطقة الشرق الأوسط، مما أفقدها، بشكل عام، ميزة الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي أسوةً بغيرها من مناطق العالم الأخرى. فلا يكاد يمر عام دون أن تشهد هذه المنطقة حربًا إقليمية أو توترًا سياسيًا أو حدثًا إرهابيًا أو مظاهراتٍ شعبية، أو حتى ظهور تنظيمٍ أيديولوجيٍّ مسلحٍ جديدٍ. وحسب التقرير الذي أعدته مجموعة الأزمات الدولية، فإن ستةً من بين أكبر عشرة صراعاتٍ رئيسيةٍ في العالم وقعت في منطقة الشرق الأوسط أو على حدودها؛ وهو ما يعكس توتر المنطقة وعدم استقرارها.
يؤكد أصحاب تيار نظرية المؤامرة أن هذه الأحداث ليست سوى نتاج مخططاتٍ مدبَّرةٍ من قوى خارجية، تسعى لاستنزاف موارد المنطقة وإبعادها عن التقدم والتطور. تعمل هذه القوى على إشغال المنطقة بأحداثٍ متجددةٍ تستنزف مقدراتها، مما يجعلها في دوامةٍ من الصراعات المستمرة. فمع انتهاء حربٍ، تندلع ثورة، ومع القضاء على تنظيمٍ، يظهر آخر، مما يزيد من معاناة الشعوب ويجعل دول المنطقة من الدول الأكثر شراءً للسلاح، والأكثر ديونًا، والأكثر تعرضًا للأزمات الاقتصادية والتدهور الأمني.
السؤال الملح الذي يطرح نفسه: ما هو المخرج من هذه الدائرة المغلقة والمتكررة؟ كيف يمكن كبح جماح تدخل القوى الكبرى في شؤون المنطقة؟ وهل يمكن للمنظمات الإقليمية، مثل مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، أن تلعب دورًا فاعلًا في إخراج هذه المنطقة من دوامة الصراعات والحروب والقلاقل التي لا تكاد تخفت؟ وهل هذه الكيانات السياسية في حد ذاتها جزءٌ من المشكلة أم جزءٌ من الحل؟!
وهل للشعوب التي تعاني حتى النخاع من هذه الأزمات دورٌ في تغيير مجرى الأحداث؟! أم أنه قد كُتب علينا أن نعيش جيلًا بعد جيلٍ في صراعاتٍ تستنزف مواردنا وأعمارنا ودماءنا، وأن نحل ضيفًا دائمًا على شريط الأخبار العاجلة على شاشات القنوات الإخبارية العالمية بشكلٍ شبه يومي، بينما ينعم الآخرون من حولنا بالتنمية والهدوء والاستقرار والازدهار؟!
إن التغيير يتطلب إرادةً ورغبةً جماعيةً من دول المنطقة وشعوبها لتحقيق رؤيةٍ جديدةٍ تُعيد للشرق الأوسط مكانته كمنطقةٍ مزدهرةٍ وآمنة. يحتاج هذا التغيير إلى إعادة غرس بذور الثقة التي تآكلت على مر العقود الماضية بين دول المنطقة. كما يجب أن نؤمن بأن حل أزمات المنطقة يجب أن ينبع من داخلها، ومن خلال منظماتها السياسية وقياداتها، وليس من الخارج. كما يجب علينا، حكوماتٍ وشعوبًا، أن نتحمل مسؤولية أخطائنا وألا نبحث عن شماعةٍ خارجيةٍ نلقي عليها اللوم.
ختامًا، على دول المنطقة أن تدرك أن التغيير يبدأ بالتحرر من طوق التبعية للغرب في مصادر غذائها وسلاحها ودوائها؛ حقيقةٌ جسدتها مقولة الراحل جبران خليل جبران عندما قال:
"الويل لأمةٍ تلبس مما لا تنسج، وتأكل مما لا تزرع، وتشرب مما لا تعصر".
** باحث أكاديمي