هناك قرائن ترتقي إلى مرتبة الدليل على أن الحرب على غزة توشك أن تضع أوزارها، وأهم هذه القرائن ما صرح به رئيس هيئة الاستعلامات المصرية بأن مصر (قررت)؛ إي وربي فقد قال إنها (قررت) فأضحك الثكالى!
فمصر (قررت) زيادة عدد شاحنات المساعدات لقطاع غزة إلى 300 شاحنة يومياً على الأقل بدءاً من اليوم. ولأننا استيقظنا من النوم اليوم الموافق 8 إبريل 2024، على هذا التصريح عبر منصات التواصل الاجتماعي، فلا نعرف إن كان اليوم بمعنى أمس الأحد 7 إبريل، أم اليوم بمعنى الإثنين 8 إبريل؟، فلا بأس فنحن لسنا أمام الكذبة الشهيرة لهذا الشهر غير الفضيل (إبريل)، وقد بدأ هذا العام دون الموشح الإعلامي في كل عام عن "كذبة إبريل" الشهيرة!
لو أخذنا كلام رئيس هيئة الاستعلامات على محمل الجد، بأن مصر (قررت)، لأمكننا سؤاله وما دامت تملك سلطة (القرار) فلماذا لم (تقرر) من قبل، ولماذا 300 شاحنة مع أن المعلن أن حاجة القطاع اليومية في الظروف العادية كانت 500 شاحنة كانت تدخل بالفعل من معبر رفح، وبالتأكيد فإن المطلوب الآن أكبر بعد هذه المجاعة التي يعيشها أهل القطاع!
إن مصر التي (قررت) الآن إدخال هذه الشاحنات عبر معبر رفح، كانت قد روجت من قبل بأنها لا تملك وحدها القرار بشأن المعبر، وعندما تم تفنيد هذا الادعاء وتأكيد مسؤوليتها الكاملة عنه وسيادتها الكاملة عليه، كان الرد هو الخوف من أن تقصف إسرائيل الشاحنات إن هي دخلت المعبر، وتجاوزت الحدود المصرية، إلى غزة، وعندما علق الدفاع الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية الاتهام بحصار غزة وتجويع شعبها في رقبة النظام المصري، تخطى رئيس هيئة الاستعلامات الرقاب بنفسه وبصفته، وقال إن الأمر خارج عن حدود الولاية المصرية، ودعا الصحفيين الأجانب إلى تشكيل وفد للذهاب إلى غزة عبر معبر رفح!
وكان واضحاً أنه يتصرف كغريق يتعلق في قشة، فالأمر ليس بحاجة لتشكيل وفد، فالرد الأكثر جدوى هو أنه في هذه اللحظة، وفي انعقاد المحكمة الدولية، يتم فتح المعبر لإدخال الشاحنات المرابطة أمامه في مظاهرة لرد الاعتبار، فإن تركتها إسرائيل فبها ونعمت، وإن قصفتها قدمت الدليل على صحة ادعاء دولة جنوب إفريقيا بأنها وحدها من تحاصر القطاع، لكن القوم في القاهرة لفوا وداروا، وأعلن الجنرال أن (القرار) ليس قراره، فأين يذهب من الله إن شارك في تجويع شعب غزة؟!
تحول الموقف الأمريكي
الآن اختلف الخطاب، وأعلن رئيس هيئة الاستعلامات ضياء رشوان، أن مصر (قررت) زيادة عدد شاحنات المساعدات لقطاع غزة الى 300 شاحنة يومياً على الأقل بدءاً من اليوم، ومما سبق يتضح أن القرار مرتبط بتحول الموقف الأمريكي، والحرب بدون أفاق، ونتنياهو بدأ يقود العالم منفرداً إلى حتفه، والانتخابات الأمريكية على الأبواب، وبسبب هذه الحرب فقد خسر بايدن كتلة تصويتية لا يستهان بها، تعزز من الوضع الانتخابي لمنافسه ترامب، وقد انتظر بالدعم والتمويل أن يحسم نتنياهو الحرب لكنه غرق في غزة، فكان شعار بايدن: نفسي.
ما كان هناك هو الخوف من إخراج معبر رفح من الخدمة، آخر ورقة نفوذ في يد مصر، وبدونه لن يرفع الرئيس الأمريكي سماعة الهاتف ليخاطب نظيره المصري، وما كان للجنرال أن يكون له دور في الحرب لولا المعبر، فترضخ لذلك المقاومة وتعيد وتزيد في الإشادة بالدور المصري، في وقف الحرب.. فما هو هذا الدور؟ الإجابة: إن المضطر يركب الصعب!لاسيما بعد جريمة مقتل العاملين في المطبخ العالمي، وبعد الخطوة المجنونة بقصف القنصلية الإيرانية في دمشق، ومع أننا ندرك أن الرد الإيراني لن يتجاوز "التهويش" المدروس بعناية، فقط لرد الاعتبار شكلاً، فإن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي في خوف من ردة الفعل الإيرانية هذه المرة، يبدو أنهما يعلمان مالا نعلم، وربما كان الخوف من باب تقدير كل السيناريوهات و" الاحتياط واجب"، فأغلقت إسرائيل عدداً من سفارتها بالخارج، وهي تخوض حرباً نالت من أسطورتها في العالم، وكشفتها على حقيقتها لأول مرة أمام المواطن الغربي!
ولا تنس أن تأثير هذه الحرب وصل إلى عقر دار الرئيس الأمريكي نفسه، فهتفت زوجته بضرورة وقفها، وبدا بايدين كما لو كان قد قرر ألا يكون دمية لتحقيق أهداف نتنياهو الانتخابية، دون أي قدرة على تحقيق أهداف حربه المجنونة!
قبل أن يحل مدير المخابرات الأمريكية على القاهرة كان التلويح باتفاق بين الجانبين الأمريكي والإسرائيلي على فتح معبر إيرز وميناء أسدود لإدخال المساعدات لأهالي غزة، وبدا نتنياهو مستسلماً للأمر الأمريكي، ولعلها كانت رسالة لمن في القاهرة، بأن الأمر لن يحتمل المناورات هذه المرة، وقد استقام أكثر مما ينبغي، وفي أحيان كثيرة قد لا يكون مطلوباً منه تضييق الخناق على الفلسطينيين لكنه يفعل لإثبات الحب العذري، ولكي يبدو أنه نتنياهو أكثر من نتنياهو، وله في ذلك مآرب أخرى تكشفت من تحول المعبر إلى سبوبة، وتجارة لا تبور!
وكان قد سبق هذا، الحديث عن ميناء أمريكي مؤقت لتقديم المساعدات لشعب غزة المحاصر، وكانت المرة الأولى التي يرتفع فيها الصوت المصري منذ بداية الحرب تنديداً بشيء مرتبط بتداعياتها حتى قال المراقب: ماذا هناك؟!
وما كان هناك هو الخوف من إخراج معبر رفح من الخدمة، آخر ورقة نفوذ في يد مصر، وبدونه لن يرفع الرئيس الأمريكي سماعة الهاتف ليخاطب نظيره المصري، وما كان للجنرال أن يكون له دور في الحرب لولا المعبر، فترضخ لذلك المقاومة وتعيد وتزيد في الإشادة بالدور المصري، في وقف الحرب.. فما هو هذا الدور؟ الإجابة: إن المضطر يركب الصعب!
إعادة الإعمار:
هذا فضلا عن أن المرحلة القادمة ستشهد تدفق المساعدات من أجل إعادة إعمار غزة، وإذا تم الاعتماد على منافذ أخرى، فسوف يفوت الجنرال خيراً كثيراً ومليارات كالأرز، ومع هذا التلويح بهذه المنافذ، تكون تسهيل مهمة الجانب الأمريكية في فتح معبر رفح، دون التماهي مع ما يتصور أنه رغبة إسرائيلية لا تفصح عنها بحصار غزة!
ومن هنا كان الإعلان عن (قرار) مصر بزيادة عدد شاحنات المساعدات لقطاع غزة، مع أن الدعاية التي تقوم بها الأبواق الإعلامية عن أن حماس تسرق المساعدات لصالح المنتمين لها لم تكن قد توقفت، فماذا جد يدفع لهذا (القرار) السريع بفتح المعبر، وعلى الجهة الأخرى تقف المقاومة المتهمة من جانب الإعلام المصري بسرقة المساعدات؟
إنها الحرب توشك أن تضع أوزارها، وما النصر إلا صبر ساعة!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الحرب غزة المصرية الفلسطينيين مصر فلسطين غزة مواقف حرب مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة رئیس هیئة الاستعلامات معبر رفح الخوف من
إقرأ أيضاً:
إسرائيل منفتحة على إنهاء الحرب في غزة بشروط
أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين بنتنياهو اليوم الأحد أن المفاوضات الجارية في الدوحة تتضمن مناقشات تشمل إنهاء الحرب، لكنه اشترط لتحقيق ذلك نزع السلاح من غزة.
وقبيل اجتماع للمجلس الوزاري المصغر، أصدر مكتب نتنياهو بيانا قال فيه إن فريق التفاوض الإسرائيلي يعمل في الدوحة لاستنفاد كل فرصة من أجل التوصل إلى اتفاق، سواء وفقا لخطة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف أو كجزء من إنهاء القتال.
وأضاف الاتفاق يجب أن يشمل الافراج عن كل المحتجزين، وإبعاد مقاتلي حركة حماس من غزة، وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح.
وبدأت الجولة الجديدة من مفاوضات الدوحة قبل أيام بالتزامن مع جولة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالمنطقة والتي شملت السعودية وقطر والإمارات.
وقال مسؤول إسرائيلي إن المحادثات لم تحرز تقدما بعد، بينما ذكر المبعوث الأميركي للرهائن آدم بولر إن المفاوضات بالدوحة متقلبة للغاية.
وظل رئيس الوزراء الإسرائيلي يرفض وقف الحرب على غزة قبل إحراز "نصر مطلق" و"تدمير حماس" واستعادة كل المحتجزين في القطاع.
وفي المقابل، أبدت حركة حماس استعدادها للتوصل إلى اتفاق يفضي إلى إطلاق سراح الأسرى لديها دفعة واحدة مقابل وقف الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وإعادة إعمارها.
وتعليقا على الشروط التي تضمنها بيان مكتب نتياهو، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني إبراهيم المدهون إن الحديث عن نزع السلاح في هذا التوقيت هو طرح إسرائيلي يهدف لإطالة أمد الحرب والهرب من الاستحقاقات، مؤكدا أن الجميع يدرك أن سلاح الشعب الفلسطيني بسيط ومحدود ولا يشكل تهديدا إستراتيجيا.
إعلانوأضاف المدهون -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- أن الهدف من هذا الطرح هو صرف الأنظار عن المجازر واستمرار الاحتلال، مشددا على أن المشكلة ليست في السلاح، بل في غياب الجدية الإسرائيلية للانسحاب ووقف الحرب.
ورأى المدهون أنه رغم ذلك، يمكن التفكير في حلول إبداعية تضمن تهدئة حقيقية، كتوافق فلسطيني داخلي على تنظيم الحالة الأمنية، أو ترتيبات عربية وإقليمية تضمن حقوق الشعب الفلسطيني ووقف العدوان.
وأكد المحلل الفلسطيني أن حماس والفصائل الأخرى تعتبر أن الأولوية الآن هي وقف الحرب، وهي منفتحة على أي حديث أو مبادرة يمكن أن تؤدي إلى ذلك، مشيرا إلى أن من الممكن التفكير في أفكار إبداعية، مثل توحيد السلاح ضمن توافق وطني، أو ترتيبات مشتركة مع العمق العربي.
"حوار حاسم"
ويعقد المجلس الوزراء الإسرائيلي المصغير اجتماعا اليوم سيناقش المفاوضات الجارية من أجل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، وإدخاع المساعدات إلى غظة.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن أعضاء بالمجلس المصغر أن المجلس سيجتمع ظهر اليوم لإجراء "حوار حاسم" بشأن مفاوضات الصفقة، وتحدثت المصادر عن محاولات حقيقية للتوصل إلى اختراق بالمفاوضات.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أمني كبير أنه لا خيار لإسرائيل إن أرادت استعادة عادة المحتجزين أحياء من غزة إلا التفاوض مع حماس والتوصل لاتفاق.
وقال مسؤولون كبار ليديعوت أحرونوت إن على إسرائيل الاختيار بين احتلال غزة وقتل المحتجزين أو الاتفاق مع حماس لوقف الحرب.
وفي مقابل ما يتردد عن استعداد نتنياهو لإنهاء الحرب ضمن صفقة محتملة، نقلت صحيفة هآرتس عن وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير أن أي مقترح لإنهاء الحرب دون "هزيمة حماس" لم ولن يتحقق، وفق تعبيره.
من جهة أخرى، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصادر مطلعة أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر سيبحث اليوم إدخال مساعدات لقطاع غزة بعد ضغوط أميركية.
إعلانونقلت هيئة البث عن وزير الدفاع يسرائيل كاتس قوله في جلسة مغلقة إن إسرائيل تنسّق مع شركة أميركية لتتمكن من البدء في توزيع المساعدات الإنسانية في غزة في 24 مايو/أيار الجاري.
وأشارت إلى أن مجلس الوزراء الأمني المصغر سيناقش الخيارات المتاحة لمنع وقوع مجاعة مستقبلية في غزة.
كما نقلت القناة 14 الإسرائيلية عن مسؤولين أنّ إسرائيل تتعرّض لضغوط داخلية وخارجية شديدة لإبداء مرونة وإبرام صفقة.
وأضاف المسؤولون أنّ واشنطن تضغط للتوصل لاتفاق يتضمن إدخال مساعدات كبيرة على المدى القريب.
في الأثناء، قال المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف إن الظروف على أرض الواقع في غزة خطيرة للغاية، وتحدث عن مبادرات عدة لإدخال المساعدات للقطاع.
وأضاف ويتكوف في تصريحات لشبكة "إيه بي سي" الأميركية أن واشنطن سترسل مطابخ متنقلة لغزة إضافة لشاحنات محملة بالدقيق، وأن الإسرائيليين سيسمحون بدخول عدد كبير منها.
وتابع أنه يتم العمل حاليا على المسائل اللوجستية الخاصة بتوزيع المساعدات وإدخال الشاحنات إلى القطاع، مشددا على أن واشنطن لا تريد أن ترى أزمة إنسانية في غزة، ولن تسمح بحدوثها في عهد الرئيس ترامب.
كما قال إنه ليس هناك اختلاف في موقف ترامب ونتنياهو من مسألة إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة.
يذكر أن إسرائيل استأنفت العدوان على قطاع غزة في 18 مارس/آذار الماضي بعد أن انقلبت على اتفاق وقف إطلاق النار.