مسؤول أممي: وضع سكان غزة لا يزال صعبا للغاية
تاريخ النشر: 14th, April 2024 GMT
أكد منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، "جيمي ماكغولدريك"، أن وضع سكان غزة لا يزال صعبا للغاية، على الرغم من الالتزامات الأخيرة التي أعلنتها إسرائيل لتعزيز عمليات الإغاثة الإنسانية .
وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، قال كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية الأمميين في فلسطين إن الوضع خطير في الشمال بشكل خاص.
وأضاف"جيمي ماكغولدريك"، أن عواقب العمليات الإغاثية "المحدودة للغاية" إلى شمال القطاع أصبحت واضحة بالفعل، بالنظر إلى نقص وزن الأطفال عند ولادتهم. ووصف زيارته لمستشفى كمال عدوان قبل أسبوعين، حيث رأى بنفسه أن جميع مرضى جناح الأطفال يواجهون الجوع وسوء التغذية .
ورد "ماكغولدريك" على تصريحات إسرائيلية بأن أكثر من ألف شاحنة دخلت غزة في الأيام القليلة الماضية، ولكن تم تسليم حوالي 800 فقط إلى الجانب الفلسطيني، وجدد نداءه للسلطات الإسرائيلية للاعتراف بمسؤوليتها كقوة قائمة بالاحتلال، وشدد على أن مسؤوليتها "لا تنتهي إلا عندما تصل المساعدات إلى المدنيين في غزة .
وأكد المسؤول الأممي أن نظام الإخطار والتنسيق - الذي يشارك في إطاره العاملون في المجال الإنساني إحداثياتهم مع الأطراف المتحاربة - غير دقيق باستمرار، وشدد على أن العاملين في مجال الإغاثة يخشون على سلامتهم بعد مقتل سبعة من العاملين في المجال الإنساني من المطبخ المركزي العالمي الذي "يتمتع بوضع أفضل بكثير من بعض الوكالات الأخرى" لدى السلطات الإسرائيلية .
وفي معرض وصفه للتأخيرات الطويلة للقوافل الإنسانية عند نقاط التفتيش، أشار المسؤول الأممي إلى أن فريق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) الذي أصيبت سيارته بالذخيرة الحية، ظل محتجزا "لساعات" عند نقطة تفتيش على طريق صلاح الدين.وأصر "ماكغولدريك" على أنه حتى الآن هذا الشهر، تم إهدار حوالي 60 ساعة بهذه الطريقة.
وقال "ماكغولدريك" هناك ثلاثة طرق فقط مفتوحة أمام قوافل الإغاثة الإنسانية إلى الشمال في غزة: الطريق الأوسط عبر طريق صلاح الدين، وطريق الرشيد الساحلي – والطريق العسكري على الجانب الشرقي من غزة. وأكد منسق المساعدات التابع للأمم المتحدة أنه "في أي وقت من الأوقات خلال الشهر الماضي وأكثر، لم يكن لدينا ثلاثة أو حتى اثنين من هذه الطرق تعمل في نفس الوقت " .
وشدد "ماكغولدريك" على أن العاملين في المجال الإنساني في غزة يواجهون مشكلة خطيرة تتعلق بالنظام وسيادة القانون مما يعيق قدرتهم على إيصال المساعدات إلى الأماكن التي تشتد الحاجة إليها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مسؤول أممي وضع سكان غزة تعهد إسرائيل الإغاثة الإنسانية إسرائيل عمليات الإغاثة الإنسانية غزة على أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
الدبلوماسية الإنسانية.. كيف تتحول الحلول إلى أدوات إطالة لأزمة غزة؟
بينما تتوالى مشاهد إسقاط المساعدات جوا فوق قطاع غزة، تتسع الفجوة بين ما يُروّج له دبلوماسيّا على أنه جهود إنسانية وبين واقع الغزيين المحاصر بالموت والجوع.
تلك المفارقة بين المشهد التلفزيوني وصورة الأطفال الذين ينهارون جوعا تختصر ملامح مقاربة إسرائيلية باتت تستخدم فيها "الدبلوماسية الإنسانية" كأداة سياسية لتخفيف الضغط الدولي من دون أي نية حقيقية لإنهاء الكارثة.
فالحكومة الإسرائيلية -وفق تحليل الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة في حديثه لبرنامج "مسار الأحداث"- لا تسعى فعليا إلى تخفيف معاناة الغزيين، بقدر ما توظف "بروباغندا" الإسقاطات الجوية لتنفيس الغضب الدولي والشعبي ضدها، لا سيما مع تفاقم الاتهامات بارتكاب جرائم إبادة جماعية.
هذه المسرحيات الإنسانية، التي تُنفّذ على مرأى العالم، لا تمثّل سوى "قطرة في بحر" الاحتياجات الأساسية لقطاع يتضور جوعا، ويحتاج إلى مئات الشاحنات يوميا وليس حفنات من المساعدات المتساقطة في مناطق خاضعة لسيطرة الاحتلال.
المقاربة الإسرائيلية لا تُقاس هنا بحجم المساعدات بل بغاياتها السياسية، فبدلا من فتح المعابر البرية وتمكين الأمم المتحدة من توزيع المساعدات بفعالية، تلجأ تل أبيب إلى منهج التفاف إنساني يمنحها مظلّة لمواصلة حربها، ويمنع عنها مزيدا من العزلة الدولية.
الخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور بلال الشوبكي يرى أن إسرائيل وجدت في هذه الخطوة وسيلة لتقديم "صورة مقابل صورة"، مقابل صور المجاعة التي حرّكت الضمير العالمي، خصوصا مع بروز مؤشرات على تململ حتى داخل إسرائيل.
وما يبدو ظاهريا مبادرة إنقاذية، يخفي -وفق تحليل الشوبكي- رسالة تفاوضية مزدوجة: مفادها أن إسرائيل ما زالت تمسك بزمام اللعبة، وأنها مستعدة للحديث مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فقط في سياق صفقات الأسرى، وليس لإدارة شؤون غزة أو رفع الحصار.
أدوات تكتيكية
بهذا المعنى تتحول المساعدات إلى أدوات تكتيكية في يد تل أبيب، تُستخدَم حين تشتد الضغوط، وتُسحب حين تنتفي الحاجة إليها.
إعلانولا تقف الازدواجية عند إسرائيل، بل تشمل أيضا الموقف الأميركي، الذي يتجلى في تصريحات الرئيس دونالد ترامب، إذ يعرب عن "قلقه" من المجاعة في قطاع غزة، ثم لا يتخذ أي خطوات ملموسة لتسهيل تدفق المساعدات.
ويذهب السفير الأميركي السابق بيتر غالبريث إلى أن الولايات المتحدة -بقيادة ترامب- تتصرف أحيانا بلا انتظام أو معنى، فتارة تشكك في وجود مجاعة، وتارة تطالب بإنهائها، بينما الواقع على الأرض يؤكد استمرار الحصار والتجويع بلا هوادة.
غالبريث اعتبر أن إسقاط المساعدات من الجو وسيلة غير فعالة، بل عبثية، خاصة إذا قورنت بوفرة المساعدات المخزنة خلف المعابر المغلقة، ويحمّل إسرائيل المسؤولية الكاملة عن تعقيد الوضع الإنساني لرفضها التعاون مع الأمم المتحدة وحرمان مسؤوليها من دخول القطاع.
كما أشار إلى أن الإصرار الأميركي على إبقاء ملف المساعدات خارج أيدي الأمم المتحدة يعكس تحالفا ضمنيا مع إسرائيل في إدارة التجويع كوسيلة ضغط سياسي.
وعلى وقع هذه الممارسات، تتنامى مؤشرات التغير في الرأي العام الغربي، فكما يلفت الشوبكي، باتت الصور الآتية من غزة تصنع رأيا عاما مستقرا، لا مجرد موجات غضب مؤقتة، وهو ما قد يؤثر على تشكيل نخب سياسية مستقبلية في دول غربية طالما وقفت خلف إسرائيل.
لكن هذا التحول -رغم أهميته- يفتقر حتى الآن إلى التأطير الفلسطيني والعربي الذي يترجمه إلى ضغط منظم وفعّال على مراكز القرار الدولية.
تعمق الانقسام الداخلي
وبدأت التقارير الأممية والحقوقية بدورها تكسر جدار الصمت داخل إسرائيل، فمنظمة "بتسيلم" ذاتها وصفت ما يجري بأنه إبادة جماعية، في سابقة بالغة الدلالة على عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي نفسه بشأن أخلاقيات الحرب.
واعتبر غالبريث أن هذا الموقف من داخل إسرائيل يعكس تصدعا في رواية تل أبيب الرسمية، ويضيف ثقلا أخلاقيا لحملة الاتهامات الدولية الموجهة لها.
ورغم كل هذا الزخم، فلا تزال العدالة الدولية في موقع المتفرج، فمحكمة الجنايات الدولية، ورغم إصدارها مذكرات اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، فلم تتمكن من المضي قدما في تنفيذها.
ويعزو الحيلة هذا العجز إلى المظلة الأميركية التي تمنح نتنياهو الحصانة السياسية، بل وتدفع الكونغرس إلى تقنين العقوبات ضد القضاة أنفسهم، وهذا السلوك، وفق المحلل ذاته، يفضح مدى انحراف واشنطن عن مبادئ العدالة، ويجعل من إسرائيل "دولة فوق القانون" قادرة على ارتكاب الجرائم من دون محاسبة.
وفي حين تبدو الدعوات إلى محاسبة إسرائيل مجرد تكرار لمواقف إعلامية مألوفة، يعكس حديث غالبريث شيئا من الأمل، مستشهدا بتجربة يوغوسلافيا السابقة، إذ تمكنت العدالة الدولية من ملاحقة مجرمي الحرب رغم التشكيك الواسع حينها، لكنه يقر بأن الطريق طويل، وأن النيات وحدها لا تصنع العدالة.
كل ذلك يعيد طرح سؤال أساسي: هل المساعدات فعلا إنقاذ للمدنيين أم غطاء لإطالة أمد المجزرة؟ وتتضح الإجابة مع استمرار القتل اليومي في غزة، فكما يرى الشوبكي، فإن النخب الإسرائيلية الحاكمة لا تكترث لصورتها، بل تؤمن أن "أهداف الحرب" تبرر كل الوسائل، بما في ذلك إدارة المجاعة بحنكة سياسية.
إعلانوعليه، فإن "الدبلوماسية الإنسانية" لم تعد تعبيرا عن التزام أخلاقي أو قانوني، بل باتت أداة ناعمة في خدمة أجندة عسكرية تواصل سحق قطاع بأكمله، وفق ما خلص إليه محللون في حديثهم للجزيرة.